أسبوع مرّ على لقاء رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وأعضاء الأمانة العامة لقوى 14 آذار في منزل الأول في كليمونصو في بيروت. هذا اللقاء كان للمصارحة العميقة في بعض القضايا التي ناقشها جنبلاط يوم 2 آب / اغسطس امام الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي في اوتيل البوريفاج، لم يكن حدثاً عابراً في الحياة السياسية اللبنانية، ولا يشبه أيضاً اللقاءات العادية التي كان يقوم بها في السابق فرسان الأمانة العامة الأربعة، فارس سعيد ونصير الأسعد والياس عطالله وسمير فرنجيه مع وليد جنبلاط.
ففي هذا اللقاء الذي حضره وائل ابو فاعور واكرم شهيب ورامي الريس عن الحزب الاشتراكي، فتحت بعض القضايا النقاشية، بشكل هاديء سمح للطرفين ابداء وجهات نظرهم، والتعليق على النقاط المختلف عليها، وابراز الأجزاء التي تعتبر صدامية مع التعاطي معها بهدوء لمنع تكرار الوقوع فيها.
مواقف الطرفين نوقشت، والسهرة لم يتم احتساب الوقت فيها، فركزت الأحاديث على الدوافع التي ادت الى التطورات الاخيرة وشملت مراجعة طويلة للتطورات السابقة. هذا اللقاء الجدي شكل بداية ينتظر ان تستكمل في جلسات قريبة جداً، أو لنقل خلال اليومين المقبلين ان لم يكن هناك مستجدات تمنعه.
خلال الجلسة أسهب جنبلاط في شرح حركته السياسية الأخيرة. بداية أبدى تخوفه من الاستنفار المذهبي في المناطق كافة، هذا والاستنفار الذي يؤدي إلى الغاء الدولة ويفتح المجال أمام «حروب صغيرة» تمنع قيام مشروع الدولة بل تسمح بتنامي العصبيات المناطقية الصغيرة، وهو الخبير بما يمكن ان ينتج عنها، مما يفتح الأفق أمام انهيار ما تم انجازه خلال الأعوام السابقة من مشروع حماية الدولة. وبرأي جنبلاط فإن تعديل لهجة الخطاب السياسي والانفتاح الداخلي وكذلك فتح باب الحوار مع القوى السياسية، وخصوصاً مع حزب الله، القوة الأساسية في 8 اذار، يسمح بتلافي المعارك غير المفيدة ويفتح الباب على سلم داخلي أقوى، في ظل أوضاع اقليمية تقف على حدود الانفجار أو المفاوضات الطويلة في المرحلة المقبلة. وبرأي جنبلاط فأي من الأمرين يؤثران بشكل كبير على الوضع الداخلي، وخصوصاً في مرحلة التفاوض حيث يتحول لبنان ان لم تتم حمايته إلى مستودع كبير للفعل وردود الفعل التي تحصل عادة خلال مراحل الرسائل المتبادلة.
المشاركون في اللقاء من الأمانة العامة والذين يعرفون جنبلاط جيداً وشاركوا معه في الكثير من المراحل النضالية التي لم يكن أولها انتفاضة الاستقلال في العام 2005، كانوا متفهمين للرؤية التي قدمها جنبلاط للوضع الداخلي والاقليمي، فوجهة نظره في كثير من القضايا متفق عليها، ولكن الاختلاف هو على طريقة تظهيرها.
اللقاء دخل أكثر في تفاصيل بعض القضايا التي تم التطرّق إليها، حيث اتفق على متابعة هذا الحوار بشكل جدي يمنح مجالا أوسع للحديث عما حدث في 7 أيار / مايو 2008، والتأثيرات الاقليمية التي يمكن تلافيها في الأشهر القريبة القادمة.
تم الإتفاق على عقد سلسلة لقاءات بين النائب جنبلاط والأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار، وانشاء لجنة مشتركة لمتابعة البحث في القضايا ذات الإختلاف بين الطرفين والعمل بالتالي على تذليلها.
في نهاية الاجتماع اتفق الطرفان على فتح نقاش واسع يبدأ بوضع ورقة عمل لبحث التوجهات المستقبلية التي سيتم الحوار حولها، وتم طرح فكرة ان يعقد اجتماع يضم نواب الاكثرية لدعم الرئيس المكلف سعد الحريري في ظل التعقيدات التي تحاول محاصرته.
في اللقاء لم يتم التطرق نهائياً إلى فكرة عودة أعضاء الأمانة العامة من الحزب الاشتراكي إلى حضور الاجتماعات، فهذا الموضوع يصير تذليل عقباته كلما توصل المتحاورون إلى نقاط مشتركة، وهي كثيرة كما يقول البعض.
اذاً اللقاء بدأ من حيث يجب ان يبدأ، ولجنبلاط الكثير من القضايا التي سيتناولها ويضعها على طاولة البحث، وكذلك للأمانة العامة أيضاً الكثير من النقاط التي تريد بحثها مع الرجل الذي واجه لسنوات طويلة دفاعاً عن رفاقه في انتفاضة الاستقلال. اللقاء المرتقب سيغيب عنه هذه المرة فارس سعيد بسبب حادث تعرض له واضطره لدخول المستشفى واجراء عملية جراحية. ولكن لا شيء يمنع الأمانة العامة من اكمال حوارها مع رفيقها في أقسى الأزمات وأصعبها.
oharkous@gmail.com
* بيروت
لقاء جنبلاط و14 آذار: عقدة 7 أيار والإستنفار المذهبي تحكم النقاش النظام الإيراني يستفيد من التجربتين العراقية والليبية عندما أثقل مجلس الأمن الدولي ليبيا بعقوبات مفتوحة الأفق بتهمة تبني الإرهاب سياسة لها والقيام بعملية «لوكربي»، قامت حفنة من الليبيين بالعمل الدؤوب داخل ليبيا ومع الدول الكبرى – وفي طليعتها بريطانيا والولايات المتحدة – لشراء استمرارية النظام بمباركة الدول الغربية، من خلال صفقة متكاملة شملت التعويضات لأهالي ضحايا طائرة «بان اميركان» التي تفجرت فوق لوكربي وشملت التعاون التام في ملف الإرهاب، وكذلك تخلي ليبيا عن اية طموحات نووية وتفكيك المنشآت إنما من دون الإقرار بدور ليبي في لوكربي ومع الإصرار دوماً… قراءة المزيد ..