“كعب أخيل” أسطورة أغريقية تضرب مثلا على ضعف من نعتقد أنه لا يمكن المساس به وتتلخص تلك الاسطورة في أن المحارب أخيل الذي لم يكن باستطاعة أي ضربة أن تؤثر فيه أو أي سيف أن يخترق جسده، قامت أمه بوضعه في ماء نهر ستايكس السحري عندما كان طفلا حيث أكسبه ذلك مناعة ضد أي أخطار، ولكن عندما وضع الطفل أخيل في الماء كانت أمه تمسكه من كعبه حتى لا يجرفه التيار، وبالتالي لم تغطي الماء السحرية ذلك الجزء الصغير من جسده. وعندما كبر أخيل ظهر أمام الجميع بمناعته ضد أسلحة الأعداء، ولكن في حرب طروادة، قام أحد الجنود الأعداء الذي عمل بناء على تعليمات من شخص عرف بنقطة ضعف أخيل بتوجيه سهمه على كعب أخيل، وهو المكان الوحيد الذي يمكن اصابته فيه. كانت ضربة قاتلة. ومازال التعبير “كعب أخيل” يستخدم حتى ومنا هذا ليدل على نقطة ضعف شخص ما أو خطة أو نظام..الخ. (نقلا عن كتاب من الديكتاتورية الى الديمواقراطية لـ”جين شارب”).
في استعارة رمزية تلك الاسطورة واسقاطها على نظام كالنظام السوري يبرز سؤال على غاية من الأهمية: على كثرة “كعوب أخيل” التي تستوطن جسد وبنية ذلك النظام، كيف لايزال واقفا على قدميه؟!
تتفاوت وتتعدد القراءات والتحليلات انطلاقا من السؤال الانف الذكر حول نقاط القوة التي يحوزها النظام ونقاط الضعف التي تعتريه، ويستنتج البعض من جردة الحساب تلك أن النظام السوري نظام قوي والدليل أنه مستمر منذ أكثر من أربعة عقود ويضيف ذلك البعض في معرض استعراض نقاط قوة النظام، جملة من الأوراق يحوزها، مكنته من احتلال مقعد وثير. في تعداد تلك الأوراق يبرز حلفاء النظام في لبنان ربما الأبرز بين تلك الأوراق، اضافة الى امساكه بجزء من خيوط الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، أضف الى ذلك ما رتّبه احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والبريطانية من ازياد الطلب عليه.
على الضفة الأخرى، ماذا يقول منتقدو النظام السوري؟
يشبهون سورية بقطار سائقه أعمى زائد أنه أضاع الفرامل وستكون الهاوية هي محطة التوقف الأكيدة. وهم لايجادلون في نقاط القوة التي يبرزها مؤيدوه لا بل أنهم يضيفون عليها أخرى خارجية برع النظام في استثمارها. ولكن، وهنا تبرز ” لكن ” قوية، ما نفع تلك الأوراق عندما يكون السرطان ينهش الجسم من الداخل؟ ماذا استفاد الاتحاد السوفيتي السابق من كل ترسانته التقليدية والنووية ؟ ما قيمة السلاح النووي الكوري الشمالي عندما يتخلف دخل المواطن السنوي عن شقيقه الجنوبي ب 27 مرة؟ ما قيمة كل الترسانة العسكرية التي جمعها صدام حسين عندما وقفت أكثرية الشعب العراقي تفاضل بينه وبين المحتل في ثنائية مريعة تفرضها دائما أنظمة الاستبداد؟
ويعددون “كعوب أخيل” النظام في الداخل من جوع وفقر واقتصاد متردي ودخل متدني وتعليم متخلف وايديولوجية تتآكل ودستور بال يمايز ويفاضل بين مواطنيه والتنافس بين المؤسسات والتنافس بين الأشخاص وضياع القانون وسيادة الفساد في كل المجالات وو..، وما ينتج عن ذلك، انعدام الأمل، وضياع المستقبل لدى المجتمع السوري الذي يشكّل الشباب فيه أكثر من نصفه.
أيضا لا يجادلن كثيرا أنصار النظام في ذلك التوصيف، ويسألون ويتساءلون: كيف اذا يقف على قدميه؟
كعب النظام السوري وقبلها أصابعه وساقيه وركبتيه، بطنه وسرته الى الرأس أو الرؤوس، يستدرك منتقدوه، لم توضع كلها لا في نهر ستايكس ولا في بردى ولا العاصي ولا الفرات.
اذا، لماذا لايزال يقف على قدميه؟
الخوف وفائضه، الورقة الرابحة – حتى أن هناك من يقول بأن الرئيس الراحل حافظ الأسد لايزال يحكم من قبره – ثم شعاراته وبطولاته القومية التي لازالت تلقى رواجا حتى عند بعض معارضيه.
ولايوجد لا رام ولا سهم يوجه الى كعبه أو كعوبه، فالجوع ومسلسل البحث عن الخبز يستغرق جلّ وقت المواطن السوري، والمعارضة لا زالت تضع فاصلة هنا وتختلف على نقطة هناك وجملة خارج السياق أم ضمنه تستلزم طاقات جبارة وزمن يهدر لتثبيتها أو ازاحتها، ولايزال الجدل حاميا ومستعرا وكرّس “حرد وزعل” حول أيهما أهم الوحدة الوطنية أم الوحدة العربية، والكردي السوري أقرب أم الصومالي العربي و”اعلان دمشق” الغربلة فيه على قدم وساق حول علي العبدالله الليبرالي المتوحش وهيثم مناع اليساري المتعفف، ونقاشات صاخبة وسجالات عقيمة وظيفتها إلهائية وبيدرها تغييب لقضايا مهمة تستحق أن يدار النقاش العام حولها.
لهذه الأسباب سيظل حتى اشعار آخر واقفا على قدميه وسورية تقف على رأسها.
ahmadtayar90@hotmail.com
• كاتب سوري
كعوب أخيل النظام السوري: ويقف على قدميه!!
النص ضعيف ويدل على سذاجة وقصر نظر صاحبه