“فتحت الزيارات على سجن صيدنايا”
هكذا وردنا الخبر يوم أمس.. أربعة كلمات دون تفاصيل.
ما قصة سجن صيدنايا؟
ما لا تقوله الكلمات الأربع هي أن سجن صيدنايا مقفل منذ سنة وأسبوعين! أي أن الزيارات ممنوعة، والأهالي لا يعرفون مصير أبنائهم بعد التمرّد الذي وقع في السجن في تموز (يوليو) 2008، ثم استمرّ بصورة متقطّعة حتى نهاية العام الماضي. وبصورة خاصة، بين 6 و31 ديسمبر 2008. وبعدها، انقطعت الأخبار..
أهالي المعتقلين لا يعرفون حتى الآن من قُتِل ومن لا يزال على قيد الحياة بعد أكثر من سنة من تمرّد المساجين. وهذا في القرن الواحد والعشرين، وفي ظل نظام “محترم” مثل النظام السوري يستعد لاستقبال سفير أميركي في عاصمته، ويطالب رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف بزيارة دمشق حتى يسمح له بتأليف حكومة.. لبنانية!
يقع سجن صيدنايا العسكري شمال العاصمة السورية دمشق ويحوي مابين 2500 إلى 3000 سجين مجهولي المصير ومحسوبين بعداد المفقودين حتى اللحظة. وكانت منظمات حقوقية قد أِشارت سابقاً الى تجدد حصول الإضطرابات داخل السجن وذلك في يوم السبت 13 كانون الاول/ديسمبر 2008، وكذلك أكدت على مشاهدة بعض التعزيزات العسكرية الواصلة إلى السجن في اليوم ذاته. ويندرج التعريف غير الإسلاميين على معتقلي الحركات الكردية والمنظمات اليسارية والمدونيين والصحافيين وهم بالمئات.
ويضم السجن العشرات من المدونيين الإلكترونيين الشباب عرف منهم الشاعر فراس سعد، المدون طارق البياسي، المدون كريم أنطوان عربجي، المدون والشاعر حسام ملحم، المدون ماهر أسبر، المدون طارق الغوراني، المدون عمر العبدالله، المدون دياب سرية، رسام الكاريكاتور والمدون أيهم صقر، الفنان التشكيلي والمدون علام فاخور.
آخر ما ورد عن سجن صيدنا كان في كانون الثاني (يناير) 2008، وكان عبارة عن بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” نشرناه في “الشفاف” بعنوان هيومن رايتس ووتش: إضطرابات “صيدنايا” مستمرة منذ يوليو 2008 ومصير 1500 سجين يظل مجهولا!
وتحت عنوان: “يجب الكشف عن أوضاع النزلاء”، جاء في بيان “هيومان رايتس ووتش”:
(نيويورك،27 يناير/كانون الثاني 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السورية أن تكشف مصير السجناء الذين استخدمت بحقهم الشرطة العسكرية القوة المميتة أثناء أحداث الشغب في مطلع يوليو/تموز 2008 في سجن صيدنايا.
وقد استخدمت سلطات السجن والشرطة العسكرية الأسلحة النارية لوقف أحداث شغب نشبت في الخامس من يوليو/تموز في سجن صيدنايا، الواقع على مسافة 30 كيلومتراً شمالي دمشق.وحصلت هيومن رايتس ووتش على أسماء تسعة نزلاء يُعتقد أنهم قُتلوا في مواجهة تناقلت التقارير أنها استغرقت عدة أيام، وقد أفادت منظمات حقوق الإنسان السورية بوقوع ما يُقدر بـ 25 حالة وفاة في صفوف النزلاء. لكن الحكومة لم تُصدر أي بيان بشأن الحادث ولا هي أمدت أسر النزلاء بأية معلومات.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن تعتيم سوريا المطول على مصير 1500 محتجز على الأقل لا يمكن اعتباره إلا عمل مروع على أفضل تقدير”. وتابعت قائلة: “ولأسر الضحايا كامل الحق في معرفة ما أصاب أقاربهم”.
وأفاد سكان مدينة صيدنايا بأن تغطية الهواتف النقالة حول السجن لا تزال مقطوعة منذ أحداث يوليو/تموز. وقد حظرت السلطات السورية جميع الاتصالات بنزلاء سجن صيدنايا وفرضت حظراً شاملاً على تداول المعلومات حول السجن. وأفاد سكان المدينة سماعهم أعيرة نارية ورؤية دخان يتصاعد من السجن مجدداً في الشهر الماضي.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول طلبت 17 أماً لنزلاء في صيدنايا من بلدة قطنا علناً من الرئيس بشار الأسد أن يمدهن بمعلومات عن أبنائهن وأن يسمح للأمهات بالزيارة. وقمن بتقديم الطلب بعد عدة محاولات فاشلة للحصول على معلومات من وزارة العدل. وفي طلبهن ألمحن إلى أنهن يعرفن بـ “دفن جثامين في بلدة قطنا ليلاً” وأنهن قلقات من أن تكون هذه الجثث تخص أبنائهن.
وقالت إحدى الأمهات لـ هيومن رايتس ووتش إنها تلقت معلومات مفادها دفن 5 جثث سراً في بلدة قطنا بناء على طلب من الأجهزة الأمنية السورية. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من دفن أي من سجناء صيدنايا هناك أو إن كانت قد تمت عملية الدفن من الأساس.
……….
وفي ديسمبر/كانون الأول تلقت هيومن رايتس ووتش عدة تقارير مفادها استخدام القوة المميتة مجدداً ضد النزلاء في سجن صيدنايا. وقال أحد سكان مدينة صيدنايا لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 6 ديسمبر/كانون الأول سمع أصوات أعيرة نارية من السجن طيلة 30 دقيقة، وفيما بعد شاهد دخاناً كثيفاً يتصاعد من القسم الأوسط من السجن. وقال إن السلطات أغلقت الطريق الواصلة بين البلدة والسجن وإنه شاهد عربات عسكرية تتجه إلى السجن. وقال إن الوضع بدأ يعود إلى الحال الطبيعي في اليوم التالي.
وفي 18 ديسمبر/كانون الأول قال ناشط حقوقي سوري لـ هيومن رايتس ووتش إنه تلقى معلومات عن العنف في السجن ذلك اليوم، وأنه تم إرسال سيارات إسعاف إلى هناك، لكنه ليس لديه معلومات إضافية. فيما أكد أحد سكان مدينة صيدنايا رؤية سيارات الإسعاف وعربات الإطفاء المتجهة إلى السجن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول.
وقال شخص آخر من دمشق لـ هيومن رايتس ووتش وطلب عدم ذكر اسمه، إنه تلقى تقارير جديدة بشأن حوادث في سجن صيدنايا وقعت يومي 27 و31 ديسمبر/كانون الأول، وأن النيران في 31 ديسمبر/كانون الأول قد أتت على جزء من الجدار في مبنى داخلي بالسجن. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من صدق هذه التقارير بصورة مستقلة.
وكان “الشفّاف” قد نشر في 1 أكتوبر 2008 رسالة من أمهات المعتقلين إلى “السيد رئيس الجمهورية د. بشار الأسد المحترم”، جاء فيها:
نحن أمهات معتقلين في سجن صيدنايا – ومن أهالي قطنا، الموقعات على هذا النداء نبين ما يلي:
حُكم أبناؤنا بأحكام جائرة من قبل محكمة أمن الدولة العليا التي لا ترقى محاكماتها إلى المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، بمدد متفاوتة وقد مضى عليهم في سجن صيدنايا بضع سنوات.
منذ أشهر وقعت أحداث مؤسفة في هذا السجن ذهب ضحيتها فيما علمنا عدد غير قليل من المساجين وغيرهم، وجرى التعتيم على هذه الأحداث دون أن تعمد السلطة المختصة حتى الآن لإذاعة أي بيان أو تسليم جثث الضحايا إلى ذويهم.
….
منذ أيام علمنا بعمليات دفن جثث في قطنا تجري ليلاً وبتعتيم شديد، ونحن لا ندري هل أضحت جثث المواطنين رخيصة إلى هذا الحد؟ وليس عنا ببعيد تبادل الجثث الذي جرى بين حزب الله في لبنان ودولة العدوان إسرائيل.
فبغض النظر عما أسند للسجين من قبل القضاء، فهو إنسان وله حقوق كفلها الدستور والقوانين المحلية والمعاهدات الدولية.
إننا – من موقعنا أمهات- نناشدكم ياسيادة الرئيس أن تضعوا أنفسكم مكاننا وتقدروا مدى شعور الأمهات تجاه أبنائهم، ونطالبكم بالأمر بالكشف عن مصير أبنائنا وفي حال كونهم أحياء الأمر لنا بالسماح لنا بزيارتهم، وفي ذلك حق وعدل.
مرة أخرى، السلطات السورية مطالبة بكشف عدد القتلى والمصابين في تمرّد سجن صيدنايا، ومطالبة بكشف مواقع دفن المساجين الذين قتلتهم الشرطة العسكرية داخل السجن، ومطالبة بكشف أسباب محاصرة السجن ومنع الزيارات لمدة سنة وأسبوعين.
“الغولاغ” السوري متى ينتهي؟