بيروت- “الشفاف”
اعرب مراقبون متابعون للوضع اللبناني عن ترقبهم لتطورات الوضع الايراني ومدى انعكاس هذه التطورات على الساحة اللبنانية خصوصا في ضوء الخطاب التهدوي الذي بدأ حزب الله يعتمده بعد الانتخابات النيابية اللبنانية وتأكيد الاغلبية النيابية فوزها الشعبي والبرلماني.
ويشير المراقبون الى جملة تطورات انطلاقا من أن الوضع في لبنان بعد السابع من حزيران لن يكون ابدا كما كان عليه قبل هذا التاريخ.
– ان حزب الله مستعد اليوم، وبعد ان اشاع في لبنان وخارج لبنان قدرته وميشال عون على إحراز انتصار نيابي في لبنان، لاعتماد نهج وتكتيك داخلي ينطلق من مفهوم الحد من الخسائر بعد ان اسقط في يده انتخابيا.
– ان اشاعات الحزب تم استخدامها لبناء استراتيجية ايرانية شرق اوسطية تم إبلاغ الفرنسيين بها ووضعهم في صورة الانتصار الحزب الهي في لبنان وضرورة عدم استنساخ تجربة حكومة حماس والسلطة الفلسطينية في لبنان بعد ان يفرض حزب الله انتخابيا حضوره في لبنان.
– هذه الاشاعات تركت آثارها السلبية على مجريات العملية الانتخابية في ايران، حيث بادرت السلطات الايرانية الى التحضير لإنجاح محمود احمدي نجاد في مسعى لتأمين استمرار السياسة الايرانية ومد اذرع الثورة الى خارج الحدود واستخدام هذه الاذرع في المفاوضات الايرانية مع مجموعة الخمسة زائد واحد والولايات المتحدة وتقديمها قرابين على مذبح الملف النووي والمصالح الايرانية افي الاقاليم المجاورة.
– وبالعودة الى الشأن اللبناني استشعر حزب الله خطورة التطورات الايرانية الميدانية، وبدأ خطابا تهدويا يحمل سمة التراجع عن الشروط التعجيزية من ثلث معطل او ضامن وصولا الى الاكتفاء بضمانات او حتى تطمينات بشأن سلاحه في ما يمكن ان يتضمنه البيان الوزاري. مع استعداد الحزب الى تقديم مزيد من التنازلات الداخلية للحد من الخسائر التي قد يمنى بها اذا ما سار الوضع الايراني نحو مزيد من التأزيم الداخلي، الأمر الذي سوف ينعكس حتما على الدعم الذي يناله الحزب معنويا وماديا في الداخل اللبناني.
– المراقبون يضيفون ان الجنرال عون وحليفه الجديد القديم سليمان فرنجية وحدهما يغردان خارج السرب. فالاول طالب بنصف حصة المسيحيين من الوزراء وانتقل من الحديث عن اغلبية وهمية الى اغلبية شعبية من دون ان يذكر حصة الشيعة في هذه الاغلبية. وفي إغفال متعمد لمنطق المناصفة للتعمية على التراجع الذي اصاب شعبيته على المستوى المسيحي، في حين ان الثاني يريد الثلث المعطل تحت طائلة عدم مشاركة المعارضة او الاقلية في الحكومة.
ويعزو المراقبون السبب في تغريد عون وفرنجية خارج سرب المعارضة الى اسباب مختلفة لدى كل منهما.
فعون لطالما كان “يذهب الى الى الحج والناس راجعة”. فهو لا يتقن قراءة المتحولات الاقليمية ولا يتعاطى السياسة إلا من منظوره الشخصي وشبقه الى السلطة. فهو تحالف مع صدام حسين في آخر ايامه، وحالف ياسر عرفات عندما تراجع نفوذ عرفات في لبنان، وهو اليوم يحارب بسلاح حزب الله في حين ان الحزب بدأ البحث عن حل لسلاحه.
اما فرنجية فوضعه يختلف. فرنجية هو علبة البريد السورية في لبنان. وهو ينطلق في مواقفه الاخيرة من الحكومة من قناعة راسخة لديه بأن امكان توزيره في اي حكومة يرأسها سعد الحريري، كما هو متوقع، معدوم. وتاليا هو يدفع عون الى الوقوف معه في الاعتراض على تولي حقائب وزارية بشروط الاكثرية من دون ثلث معطل، فيخرج هو وعون من الحكومة مما يعطي فرنجية زخما افتقده في الانتخابات وبعدا مسيحيا يقربه اكثر من عون الذي هو في رأيه مشروع الى أفول، ويعتبر نفسه الاكثر تأهيلا لخلافته بعد هزيمة صهر الجنرال الوزير جبران باسيل في الانتخابات.
ولا يستبعد المراقبون ان تكون سوريا استنفدت ورقة عون ولم تعد في حاجة اليه، وهي تاليا تريد اغراقه في التطرف بواسطة فرنجية سعيا الى الانتهاء منه، على ان يكون فرنجية الذراع السوري في السلطة المقبلة على جري العادة. فسوريا التي قدمت الكثير للمجتمع الدولي على ومن حساب اللبنانيين، وآخر تقديماتها كان الهدوء الذي رافق الانتخابات، تريد من المجتمع الدولي عموما ومن الولايات المتحدة خصوصا ان ترفع عنها العقوبات الدولية كما طالب وزير خارجيتها وليد المعلم اليوم، بعد ان سحبت جيشها من لبنان وفتحت سفارتها فيه كما قال المعلم.
وفي السياق نفسه يبدو ان البطريركية المارونية التي عادت الى تزخيم حضورها السياسي من خلال خطب سيدها البطريرك نصرالله صفير وضعت الاصبع على الجرح. وقال صفير ان الديمقراطيات تستوجب ان تحكم الاكثرية وان تبقى الاقلية خارج الحكم تعارض وتراقب. وهو كان اعلن سابقا ان انتقال الغالبية من 14 الى 8 آذار كان سيغير وجه الحكم في لبنان ويصبح السوري والايراني هما وجه الحكم اللبناني.