يبدو أن الحرس الثوري الإيراني استطاع أن يلحق هزيمة “نكراء” بالشعب الإيراني بعد أن أطاح بـ”الثورة المخملية” الشعبية التي رافقت الانتخابات الرئاسية. وتتمثل الهزيمة في النتائج “العجيبة” للانتخابات، التي جاءت بالمتشدد وصاحب السياسات الاقتصادية والاجتماعية المثيرة للجدل والمنعوتة بالفاشلة، محمود أحمدي نجاد، مجددا إلى سدة الرئاسة، في ظل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العويصة التي يعاني منها الإيرانيون، وفي ظل الكم الكبير من دعاوى “التجاوزات” التي شابت عملية الاقتراع والأجواء السياسية المرافقة بشكل عام، مما فرض واقعا خطيرا ومريرا في إيران. لذلك تبدو تصريحات يد الله جواني رئيس المكتب السياسي في الحرس الثوري الايراني، الذي هدد قبل يوم من الانتخابات معارضي الرئيس نجاد من القيام بـ”ثورة مخملية”، قد أتت أكلها. وقد قال جواني في هذا الإطار إن استخدام أحد المرشحين (مير حسين موسوي) لونا محددا (الأخضر) في الانتخابات هو “بداية لمشروع ثورة مخملية”.
لقد أرسل الحرس الثوري، وهو اليد القوية للنظام الإسلامي في إيران، رسالة للغرب وللأطراف المعارضة في الداخل، مفادها أن أجواء “الحرية” التي توفرت لأنصار المرشحين وسبقت الاقتراع، وكانت محل تعجب المراقبين، لايمكن أن تؤدي إلى ثورة مخملية تغييرية في الداخل.
إن نسبة المشاركة الشعبية الكبيرة في الانتخابات، ثم انتصار المتشدد أحمدي نجاد مجددا، حيث كان الإصلاحيون يهدفون إلى تغييره وصولا إلى تغيير الواقع السياسي والاجتماعي الداخلي في إطار خطوات مدنية مدروسة، لايمكن أن تتحقق. لذلك لخص الحرس الثوري رسالته في الانتخابات بالتالي: أن الشعب الإيراني حر في اختياراته! وأن النظام يؤيد الحرية التي منحت للشعب قبل الانتخابات! بالتالي حين وصول أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة فإن السياسة الداخلية والخارجية التي سينتهجها ستأخذ مشروعيتها من أصوات غالبية الشعب التي انعكست في صناديق الاقتراع!! غير أن تلك النتيجة كان لها ألاّ تعكس سوى فوز مرشح الحرس الثوري، ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبول انتصار المرشح الذي قد تشتم منه رائحة تغييرية في الداخل. وبعبارة أخرى: لا يمكن تكرار تجربة محمد خاتمي في الحكم عام 1997.
إن مشاركة الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية كانت كبيرة جدا بحيث وصف حضورهم بالتاريخي، ولم يكن الهدف من ذلك بحسب الغالبية العظمى من المراقبين سوى تغيير الوضع السياسي والاجتماعي الفائت. فكيف يمكن لتلك المشاركة أن تساهم في تأييد السياسات “الفاشلة” لنجاد وتعيد انتخابه؟ وإذا ما زعم البعض بأن الطبقات الفقيرة قد صوتت لصالح نجاد، وأن ذلك ساهم بشكل أساسي في انتصاره، إلا أنه لا دليل يثبت تلك المزاعم. فالرئيس الإيراني لم يطرح شعارا إقتصاديا يساعد تلك الطبقة ليجذبها نحوه، إنما طرح شعار “العدالة الاجتماعية” الذي لا يمكن أن يخدم الطبقة الفقيرة أو الطبقة التي تعيش في القرى. لذلك أخطأ أنصار نجاد حينما أعلنوا أن شعار العدالة انتصر على شعار الإصلاحييين وهو: “الحرية”.
لقد تحدث الإصلاحيون عن “تلاعب” في أصوات الناخبين، واعتبروا ذلك هو الأساس الذي من خلاله استطاع الرئيس نجاد الانتصار في الانتخابات، حيث أشاروا إلى “تلاعب” في الرمز الانتخابي للمرشحين، وفي منع الناخبين من التصويت بحجة عدم وجود أوراق الاقتراع، وفي تبديل إسم موسوي إلى نجاد أثناء قراءة أوراق الاقتراع، وفي منع مندوبي المرشحين الإصلاحيين من الحضور في وزارة الداخلية أثناء جمع الأصوات وعدّها. لذلك يشدّد الإصلاحيون على ضرورة وجود مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات لمنع حدوث مثل تلك التطورات.
ويقول الباحث الإيراني مهدي خلجي حول إمكانية التلاعب بالانتخابات من خلال عمليات عدّ الأصوات: ربما كانت عملية عدّ الأًصوات، وعلى مرحلتين، هي الأكثر إثارة للتساؤل. ففي كل مركز إقتراع، وبعد انتهاء ساعات التصويت، يتم عدّ الأصوات وتسجيلها في “الإستمارة رقم 22” بحضور ممثلي المرشحين، ووزارة الداخلية، ومجلس الوصاية. ولكن هذه الاستمارات تظل سرية، ولا يتم إعلان النتائج سواء للصحافة أو للمرشحين. ثم تأتي المرحلة الثانية، حيث يتم إرسال الإستمارات إلى وزارة الداخلية، وهنالك يتم فرز الأصوات ونشرها في “الإستمارة رقم 28″، التي تعطي نتائج التصويت لكل دائرة إنتخابية. ولكن، حيث أنه لا توجد مراقبة للأعمال التمهيدية، فلا سبيل لمقارنة “الإستمارة رقم 28″ بـ”الإستمارة رقم 22”. بعبارة أخرى، يمكن لممثلي مجلس الوصاية أو وزارة الداخلية أن يغيّروا الأعداد الإجمالية قبل إعلانها. وهذه المرحلة تثير شكوك المرشّحين والمراقبين حول مدى دقّة عمليات عدّ الأصوات ونزاهتها.
وحول المصادقة على الإنتخابات يقول خلجي: تتم المصادقة الرسمية على نتائج الإنتخابات في مرحلتين. المرحلة الأولى هي مصادقة مجلس الوصاية، وهو هيئة منحازة ولا تخفي خياراتها السياسية. وفي الماضي حدث أن ألغى مجلس الوصاية نتائج التصويت في مقاطعات معينة بحجة أنه حدثت فيها مشاكل. وليس صدفة أن تلك المقاطعات حاز فيها الإصلاحيون على نسبة مرتفعة من الأصوات. أما المرحلة الثانية من عملية التصديق فتتمثل في موقف المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يملك السلطة الدستورية لتجاوز نتائج التصويت إذا ما قرّر ذلك. وفي رسالة نشرت في 7 يونيو أعربت مجموعة من موظفي وزارة الداخلية الإيرانية عن قلقها بشأن خطط الوزارة للتدخل وتزوير النتائج بمختلف الطرق. وقد كشف موظفو وزارة الداخلية فتوى أصدرها آحد آيات الله في قم، تمنح موظفي الوزارة الحق في تزوير الإنتخابات لصالح أحمدي نجاد. وتقول مصادر إصلاحية، بينها موقع “روز” الإلكتروني، إن صاحب الفتوى هو آية الله محمد تقي مصباح يزدي، المعروف بتأييده لأحمدي نجاد. كما وجّه ممثّلو المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي والمرشح الإصلاحي مهدي كروبي رسالة مفتوحة تم نشرها في 8 يونيو إلى سكرتير مجلس الوصاية، أحمد جنتي، حذّروا فيها من التلاعب بالإنتخابات.
يقول هادي قائمي، المتحدث باسم اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، إن الأحداث التي أشارت إلى انتصار أحمدي نجاد وتلك التي جرت بعد الانتخابات، تشير إلى حدوث “انقلاب” على النتائج الحقيقية لصالح الرئيس الحالي، مؤكدا بأنه لا يمكن وصف الانتخابات بالحرة، ومضيفا أن الشعب الإيراني أراد من خلال مشاركته في الانتخابات أن يغيّر الأوضاع القديمة استنادا إلى الأساليب المدنية السلمية، لكن ذلك لم يحدث وتم انتهاك حقوق الشعب.
لقد كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإدارته بانتظار عملية تغيير في سدة الرئاسة الإيرانية لكي يبدأ سياسة جديدة مع إيران. ومنذ وصوله الحكم، كان يعرض على طهران مبادئ للحوار. لذلك من المتوقع أن يغير أوباما الكثير من سياساته تجاه الإيرانيين بسبب ما تمخضت عنه الانتخابات الإيرانية، خاصة وإنه سيواجه نفس الموقف المتصلب لنجاد تجاه ثلاثة قضايا رئيسية مهمة لأمريكا وللغرب بشكل عام، وهي الملف النووي والموقف من إسرائيل والعلاقات مع الغرب وخاصة أمريكا. ويبدو أن الهزيمة التي ألحقها الحرس الثوري بالشعب الإيراني في الانتخابات كان أحد أهدافها سد الطريق أمام أي تقارب إيراني أمريكي متوقع، وعرقلة طموح الإصلاحيين بفتح صفحة جديدة مع الغرب، والسعي لتغيير بعض أطر السياسة الخارجية الإيرانية، خاصة ما يتعلق منها بالدعم المالي الإيراني للتنظيمات الجهادية مثل حزب الله وحماس. وبطبيعة الحال فإن التقارب الأمريكي الإيراني سوف يهدد موقع ولاية الفقيه ورأس النظام في الساحة الإيرانية والإسلامية، لأنه سيساهم في إزالة مفهوم “الشيطان الأكبر” الذي يستغل لمناطحة مفهوم النظام الإسلامي، إذ لا يمكن للإيديولوجيات بما فيها الدينية أن تحيى من دون وجود عدو. فأمريكا ستتجه نحو إيران وفقا للسلوك الإيراني لا العكس. وإذا ما استمر التصلب الإيراني تجاه القضايا الحساسة بالنسبة للغرب، فإن ذلك سيعرقل أي تقارب إيراني أمريكي. وفي إسرائيل أعلن مسؤولون عن ارتياحهم لنتائج الانتخابات الإيرانية وفوز احمدي نجاد، لأن ذلك سيساعد في تشكيل جبهة عالمية ضد طموحات إيران النووية. وعلى هذا الأساس من المتوقع أن تشدد إسرائيل سياستها تجاه طهران، وأن تبطئ خطواتها تجاه الطموحات الأمريكية لتبني حل الدولتين مع الفلسطينيين قبل أن تحدد واشنطن موقفها من الوضع الإيراني الجديد – القديم.
ssultann@hotmail.com
* كاتب كويتي
الثورة المخملية.. ونتائج الانتخابات الإيرانية أزمة إيران .. أزمة حيــاء للكاتب / ماجــد ضيف maged_daif@hotmail.com maged.daif@yahoo.com شأنى شأن كل بار من بنى أمتنا الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها إمتلأت نفسى بمشاعر الفخر والعزة والكرامة مع كل إنجاز حضارى حققته إيران منذ ولادة ثورتها الإسلامية التى تولدت بولادتها مشاعر الحقد والنقمة فى نفوس أعدائها ولكنها أبت إلا أن تتحدى الصعاب وتحقق المزيد والمزيد من النجاحات فى شتى المجالات السياسية والإجتماعية والعلمية التى توجتها فى السنوات الأخيرة بالعديد من الإنجازات فى مجالات كثيرة تأتى فى مقدمتها مجالات الطاقة الذرية وعلوم الفضاء والعلوم العسكرية وتطبيقاتها الصناعية .. وقد يكون منطقيًا أن تزداد مشاعر… قراءة المزيد ..