إرتياح لدى لائحة عون-” حزب الله”… وانزعاج في الشارع الجبيلي من عدم توحّد المستقلين و14 آذار
تدور رحى المعركة الانتخابات النيابية في دائرة جبيل بين مشروعين واضحي المعالم لا لبس فيهما: مشروع الرابع عشر من آذار يحمل لواءه منسق الامانة العامة لهذه القوى الدكتور فارس سعيد ومشروع الثامن من آذار يجسده تحالف” التيار الوطني الحر” و”حزب الله”.
لكن المعركة الانتخابية تظللها لائحة ثالثة من “المستقلين” يقودها مستشار رئيس الجمهورية النائب السابق ناظم الخوري. وهي لائحة أقفلها الخوري بمرشح ثان عن المقعد الماروني هو النائب السابق إميل نوفل ومرشح عن المقعد الشيعي هو السيد مصطفى الحسيني شقيق رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني، النائب حاليا في البرلمان والذي اعلن إنسحابه من الانتخابات النيابية هذه السنة، في ظل قرار “الثنائية الشيعية” المتمثلة بـ”حزب الله” و”حركة أمل” إقصاء “السيد المعتدل” عن برلمان 2009.
وأراد ناظم الخوري من هذه الخطوة الحفاظ على “خط مستقل” تماما بين خطي 8 و14 آذار، لسد الباب أمام أي اسغلال سياسي للنيل من الرئيس ميشال سليمان نظراً الى وجوده في المعادلة الجبيلية. لكن ذلك لم يحل دون أن تصيب رئيس الجمهورية سهام الإتهامات بالتدخل في إنتخابات منطقته.
تختلف المعركة الإنتخابية هذا العام عن إنتخابات العام 2005. فقضاء جبيل وحده هو دائرة إنتخابية مما يعني أن جبيل لن تتأثر بالصوت الكسرواني على غرار ما كانت عليه في العام 2005. ويرى المراقبون أن الشخصيات المستقلة والعائلات جيّرت في الإنتخابات الماضية أصواتها للائحة الجنرال عون العائد من المنفى، بعدما أخفقت قوى الرابع عشر من آذار والتي كان عون في عدادها من الاتفاق على خوض الانتخابات سويا نتيجة الخلاف على الحصص.
نجح عون يومذاك في شد العصب الطائفي للموارنة لمصلحته، في الدوائر المسيحية، واستقطاب هذه الفئة التي شعرت لسنوات أنها مهمشة، ولا سيما في ظل “التحالف الرباعي” الذي صيغ بين الزعيم سعد الحريري والزعيم السني وليد جنبلاط والزعيمين الشيعيين السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري في الدوائر ذات الاختلاط السني- الشيعي أو الشيعي- الدرزي، فيما أظهرت نتائج الانتخابات أن”حزب الله” وحركة “أمل” دعما عون في دائرة كسروان- جبيل حيث للصوت الشيعي حضور في بلاد جبيل، وكذلك في دائرة زحلة. وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصراالله في خطابه مؤخرا، حين كشف ان التحالف بين عون و”حزب الله” لم يكن جديدا.
اليوم يرى المرشح ناظم الخوري أن الصورة تغيّرت وأن غالبية الشخصيات المستقلة لا تدعم لائحة الجنرال عون- حزب الله، بل تدعم اللائحة المستقلة، وهي أصوات لا يستهان بها حين تصب لمصلحة لائحة أو مرشح. إلا أن المرشح العوني عن احد المقعدين المارونيين سيمون أبي رميا، الذي حل محل النائب في كتلة “التغيير والاصلاح ” شامل موزايا، يرى أن قدرة التجيير على أساس عائلي مناطقي وقدرة المرشحين المستقلين على التجيير قد تضاءلت بعدما طرأ عامل جديد على الساحة السياسية يتمثل بوجود زعيم مسيحي من حجم عون على مساحة الوطن يحمل مشروعا سياسيا واضحا. لا بل يذهب أبي رميا الى إعتبار أن “لائحى المستقلين” التي تدعي أن هدفها دعم رئيس الجمهورية لا طعم ولا لون لها، وغير قادرة على تشكيل قوة ضغط لمصلحة الرئيس في وقت تطالب كتلة التغيير والإصلاح” بتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية”. ويعتبر تاليا “أن لائحة 14 آذار تحمل مشروعا واضحا في مقابل المشروع الذي يعبر عنه التيار الوطني.”
قد تكون بعض حسابات الخوري المبنية على سحب القوى الجبيلية المستقلة البساط من تحت أقدام اللائحة العونية صحيحة،على الأقل في ما خص شخصه، ولكن هذا لا يصح كليا على اللائحة. فمزاج الشارع الجبيلي في جانب كبير منه غير مؤيد للائحة المستقلة كما هي لسببين: أولهما أن حظوظها بالفوز ليست مضمونة وكذلك إمكانات خرقها للائحة عون- حزب الله . وثانيهما أن ناخبين جبيليين كثر يدعمون المرشح فارس سعيد ويرون أن لديه حيثية في المنطقة وهو يخوض معركة سياسية تلقى صدى طيّبا لديهم. وهؤلاء كانوا على يقين أنه لو جرى نسج تحالفات في جبيل بين المستقلين وقوى 14 آذار، كما جرى في كسروان والمتن وبعبدا، لكانت فرص فوز هذه اللائحة مضمونة بالكامل في وجة لائحة 8 آذار.
في دارة المرشح ناظم الخوري في عمشيت، البعيدة أمطار قليلة عن دارة رئيس الجمهورية، تسمع نقاشات تدور بين الخوري وسيدات جئن تطالبنه بالعمل على توحيد المعركة في جبيل ضد لائحة 8 آذار. هن تعتقدن “أن المعركة تتعلق بمصير أولادهم ومستقبلهم… ولن تقفن مكتوفات الأيدي حيث يرون إمتدادات المشروع السياسي لـ”حزب الله” الى المنطقة”. كان الحوار من دون قفازات. كن صريحات في مواقفهن. سيدات من المجتمع المدني بادرنه القول: “لن تربح المعركة إذا لم تتحالف مع سعيد”. سعى الخوري جاهدا الى إقناع السيدات أنه “يحترم فارس سعيد ويدرك ان لديه حيثيته السياسية والانتخابية في المنطقة وهما كانا كعائلتين على حلف دائم. إنما اليوم من موقع حرصه على أن يكون في”الموقع المستقل” نظرا الى إرتباطه برئيس الجمهورية، كان الخيار في تاليف لائحة من مستفلين كي لا يحرجوا الرئيس. ولا مجال لفعل شيء لآن اللائحة مكتملة وكرامات أعضائها محفوظة”. تابعت السيدات الجبيليات النقاش بوتيرة أعلى: “ولكن إذا لم تتحالفا ولم ينسحب المرشح إميل نوفل، فإن لائحة عون- حزب الله ستفوز. وستخسر أنت بالتأكيد. لكن توحيد اللائحة بإنسحاب نوفل سيؤدي الى فوزك وسعيد بالتأكيد. أنتم يا أستاذ ناظم من رفضتم أن يكون سعيد معكم وليس هو من رفض.”
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي سمع فيها ناظم الخوري المستشار السياسي لرئيس الجمهورية هذا الكلام. ولكن المسألة بالنسبة اليه واضحة: هو لن يطلب من زميله في اللائحة إميل نوفل الإنسحاب. والحرصُ على فوز اللائحة المستقلة يكون بإقناع سعيد بالانسحاب لصالح اللائحة المستقلة.
لكن الخوري يدرك تمام الادراك أن هذا الطرح لن يبصر النور ولا يمكنه أن يَلقى اذانا صاغية لدى سعيد.
كان فارس سعيد منذ البداية واضحا بأن معركته سياسية بإمتياز. إنه يواجه “مشروع دويلة حزب الله”. يخوض معركة الخط السيادي في البلد الذي دفع خيرة من أبنائه وسياسيّه ومثقفيه حياتهم في سبيله. يخوض معركة “ناصعة البياض لا لون رماديا فيها. إنها معركة قوى الرابع عشر من أذار التي” تحمل مشروعا سياسيا لبناء الدولة مناهضا لمشروع الدويلة”. إنه “مشروع تحديد حدود الدولة في مواجهة الدويلة”.
سعيد، من البداية، إعتبر أن ترشّح ناظم الخوري سيحتسب على رئيس االجمهورية مهما كلف، لأنه إبن بلدته ومستشاره السياسي وخسارته لا يمكن الا ان تكون خسارة للرئيس في مسقط رأسه وفي منطقته. وحتى في حال نجاحه، فسيتم إتهام الرئيس بالتدخل والضغط لمصلحته! وعبرّ عن قناعته بضرورة عدم زج رئيس الجمهورية في معركة لم يختر توقيتها وظروفها، ولاسيما أن الرئاسة الأولى في رأيه تتعرض لهجمة ليست محلية وداخلية الأبعاد بل أنها تحمل أوزار ملفات إقليمية.
ذهب سعيد بعيدا في طرحه داخل الحلقات الضيقة، ولكنه طرحٌ كان في رأيه يصون رئاسة الجمهورية ورئيسها الجبيلي تحديدا ويقطع دابر الكلام عن تدخل الرئيس ويغلق الأبواب بشكل كلي أمام أي إتهام عن تدخل مباشر أو مباشر أو دعم مباشر أو غير مباشر لمرشحين محسوبين على الرئيس. تمثل الطرح بأن ينسحب ناظم الخوري واللائحة. وتترك المواجهة بين لائحة 14 آذار ولائحة 8 آذار، على أن يقفل سعيد لائحته بإنضمام فرنسوا باسيل الى اللائحة ولاسيما أنه لم يسحب ترشيحه إداريا.
هذا الطرح بدا طوباويا، في وقت كان السيناريو الأخر الذي تطرحه فعاليات جبيلية بتوحيد اللائحة أقرب الى التحقق ولاسيما ان تجربة تحالف المستقلين و14 آذار في كسروان تحديدا قد نجحت، ومن شأنها ان تغيير في نتائج المعركة مع توقع حصول خروقات في اللائحتين في وقت كان المناخ لإنتخابي قبل أشهر يؤشر الى فوز كامل للتيار العوني في كسروان.
التيار العوني في جبيل يؤكد انه مرتاح الى وضعه. يوافق أبي رميا القول ان هناك تساؤلات تطرح هنا وهناك بين انصارالعماد عون عن السياسة التي يتنهجها التيار ولا سيما في علاقته مع حزب الله بعد “ورقة التفاهم” وعن إستمرار إلتزام التيار بالمبادىء التي ناضل من أجلها شبابه على مدى سنوات الوصاية السورية في لبنان. ولكن أبي رميا يرى في المقابل أن الاسئلة تطرح أيضا عند مناصري الفريق الأخر عن مدى صوابية الشعارات التي سبق وطرحها هذا الفريق. هو يعتبر أن شعبية التيار لم تتراجع وأن الإنتخابات النيابية في السابع من حزيران سوف تعيد تثبيت الزعامة المسيحية للجنرال عون.
“التيار الوطني الحر” يدرك أن “كتلة الأصوات الشيعية” العائدة لـ “حزب الله” وحركة “أمل” في المنطقة ستصب لمصلحة لائحته التي تضم أيضا المرشح النائب الحالي وليد الخوري إبن عم المرشح ناظم الخوري عن المقعد الماروني الثاني والمرشح النائب الحالي عباس هاشم عن المقعد الشيعي. ويصل عدد الناخبين الشيعة في قضاء جبيل الى 14 الف 261 ناخبا، ومن المتوقع أن يقترع منهم نحو 9 آلاف و300 ، حيت تشكل نسبة الاقتراع لدى الطائفة الشيعية نحو 65 في المئة ، ما يوازي نحو 19 في المئة من مجمل المقترعين.
وفي إحصاءات إنتخابات العام 2005 وصلت نسبة الاقتراع الشيعي لمرشحي لائحة عون عن المقعدين المارونيين ما نسبته 30 في المئة في وقت حاز المرشح الشيعي على تلك اللائحة ما نسبته 50 في المئة. وحصلت لائحة عون على ما نسبته 61 في المئة فيما حصلت لائحة قوى الرابع عشر من آذار على 28.3 في المئة من مجمل أصوات المقترعين.
ويعول الجميع على إرتفاع نسبة التصويت وتحفيز الناخب الجبيلي للنزول الى صناديق الاقتراع في البلدات الجبيلية الموزعة على 86 بلدة. فدائرة جبيل تضم في الواقع 74 الف و266 ناخبا، غالبيتهم من الموارنة إذ يصل عدد الناخبين الموارنة الى 53 الفا و966 ناخبا ويتوقع أن يقترع منهم نحو 37 الف و800 مقترع أي ما نسبته 66 في المئة. وهناك نحو 4 آلاف صوت للروم الارثوذكس والارمن الارثوذكس وغيرهم من المسيحيين المقدر أن يقترع منهم نحو الفين ومئة. أما السنة فيصل عدد ناخبيهم الى الف و800 ويتوقع أنيشارك منهم نحو 900 مقترع.
أيام قليلة تفصل الجبيليين،كما اللبنانيين، عن الإنتخابات النيابية. ويستبعد المراقبون أن تتغيّر “الخريطة الإنتخابية” في الفترة القصيرة الفاصلة عن السابع من حزيران المقبل. وحسب الصورة الراهنة، فإن المنافسة ستتم بين اللوائح الثلاثة، لائحتان مكتملتان وثالثة غير مكتملة تضم سعيد والمرشح عن المقعد الشيعي النائب السابق محمود عواد. لكن هذه الصورة قد تتبدل مع المناخ الإنتخابي الذي أخذ يظهر مع إقتراب الإستحقاق لجهة الإلتفاف الجبيلي حول فارس سعيد مع وجود نقمة لدى الجبيليين من أن ضغوطا مورست ولا تزال تمارس من قبل “حزب الله” على فعاليات وشخصيات وحتى أقطاب سياسيين لقطع الطريق أمام اي تحالف أو إئتلاف من شأنه ان يؤكد فرص نجاح سعيد. ولا يستبعد هؤلاء أن يتفجر الإحتقان الجبيلي في صناديق الإقتراع مفاجأة قد لا تكون في حسبان من يعتبرون أن النتائج محسومة سلفا لمصلحة لائحة عون- “حزب الله”. فهل يخرق فارس سعيد الانتخابات في جبيل؟
rmowaffak@yahoo.com
المشهد الإنتخابي اللبناني (2): جبيل: هل يخرق فارس سعيد؟
If Mr Nazem Khoury would not win the election in Jubeil, even if he is on the President’s Support, it means he would miss the opportunity to have others winning this election like Mr Saeed, and will support the president for sure, because 14 March Forces in most of it, will be with the President after the election, or has Mr Khoury forgot that, the president was nominated by 14 March Forces, for Presidency.
khaled-lebaneseaffairs.com