بكثير من الإنزعاج قرأت المقالة المنشورة في الشرق الأوسط بتاريخ ١٢\٥\٢٠٠ و المعنونة ‘تباين الآراء حول فتوى تجيز إجهاض الأنثى المغتصبة’. المقالة كانت في صفحة آفاق اسلامية و لا افهم دور هذه المقالات التى لا تنتمي للواقع والمجتمع المعاصر و لا تنتمي كذلك لصفحة الإسلاميات اساسا. لماذا كلما حز بنا امر في هذا العالم مما لم تصدر فيه فتوى نسارع الى سؤال “اهل العلم” ونستفتيهم. اكاد لا اقرأ عن حدث علمى أو اجتماعي الا و فيه فتوى، قاتل الله الذين يفتون في كل امر كم يستسهلونها. كان الرسول (ص) يكره قيل و قال وكثرة السؤال و اضاعة المال و كننا نسأل في الكبيرة و الصغيرة.
ثم من هم اهل العلم الذين يُسألون بنص الآية القرآنية؟ هل هم المشايخ؟ هل هم المفتون؟ هل هم المحدثون و القراء؟ ام ان اهل العلم الدالة عليهم الآية يتغيرون بتغير المسألة.
المقالة تنظر في الآراء المتباينة حول هذه القضية و تذكر الرأى و الرأى الآخر، انما ما لا تذكره المقالة هي آراء علماء النفس او الإجتماع وهم من يتعاملون مع هذه القضايا دوما. ما لا تذكره المقالة هي وجهات نظر النساء الضحايا، المغتصبات. المقالة لا تأحد بالحسبان الأبعاد السوسيوليجية او النفسية او الأسرية لهذه المشكلة. هكذا و قدرة قادر اصبحت المسألة كأنها قضية شراء كيلو تفاح يعني كأنها بسيطة، لا ابعاد لها ولا تعني كائن حي مجروح. و كأنها قضية نظرية مجردة في عالمنا العربي الطوباوي.
مسكينة انت يا أمتنا.
طيب لننظر الى المقالة. في المقالة ان السؤال وجه لشيخ الأزهر حول اجهاض حمل المغتصبة فكان الرد :
انه يجوز لها إسقاط الحمل(الإجهاض) بشرط ان تكون الفتاة حسنة السمعة و نقية و طاهرة و رافضة لما وقع لها !
هكذا و بكلمة واحدة قرر ‘سماحته’ من يجوز لها الإجهاض و من لا يجوز، هناك استثناء واضح في كلام رجل دين مسؤول على اعلى مستوى ديني في العالم الإسلامي، الشرط هنا لم يكن حتى تلميحا بل تصريحا يعني بالعربي ان لم تكن مسلمة محجبة ملتزمة كما يراه من منظوره هو فقد جلبت البلاء لنفسها فليس لها ان تجهض الحمل. ثم يضيف ان عليها ان تكون رافضة لما وقع لها!! هل سمع احد القراء بإغتصاب مقبول!! ان كان مقبولا اصبح زنا و الأمران مختلفان. هل هذا كلام يعقل. ام ان الشيخ يتكلم بكلام مضاف لا معنى له من باب الديباجة و المقدمة التي نسمعها من اكثر المشايخ قبل الإجابة؟!
ثم يتلو ذلك رأي الدكتور الشكعة وهو عضو مجمع البحوث في الأزهر و يقر الشيخ محمد سيد طنطاوي على رأيه و لكنه يحدده بفترة ١٢٠ يوم بعد الحمل. فإن كان بعد ١٢٠ يوما لم يجز الإجهاض لأنه قتل نفس!
و الشيخ في هذا ينظر الى موضوع كون الجنين بعد ١٢٠ يوما يعد نفسا و قتل النفس حرام . وفي المقالة ان الشيخ محمد عاشور يتفق مع هذا الرأي.
و في المقابل عرض الكاتب الى الرأي الآخر المحرم للإجهاض لأن الحياة موجودة منذ التقاء النطفة و البويضة. فهم يرون ان الإجهاض وفي اي فترة زمنية قتل نفس، ويرجعون في ذلك الى الأحاديث وواقعة الغامدية الزانية. هكذا قرر الدكتور عبد الفتاح ادريس في المقالة ثم يختتم بأنه (ص) اشار الى الغامدية ان تلد اولا قبل الحد. فالشيح هنا اسقط امرا حدث في قديم الزمن على يومنا المعاصر واسقط الزنا على الإغتصاب ليصبحا كأنهما حالة واحدة.
أعود و أقول بحرقة من علم هؤلاء الناس ان يفتوا فيما لا يعلمون؟ من علمهم ان رأيهم مصيب طالما انهم يضمنون كلامهم آية وحديثا؟! لم لا يقول احدهم فلنسأل اهل العلم؟ الذين يعالجون ضحايا الإغتصاب المتمرسون ذوو الخبرة . لماذا لم يأخذ ايا منهم برأى او وجهة نظر امرأة إغتصبت حتى يعلموا قدر الأسى التي تمر بها المرأة و الألم و العذاب والهوان؟ لماذآ لا يسألون النساء المغتصبات كيف عاملهن المجتمع وكيف نبذهن الأهل وكيف طلقهن الزوج و كيف نفر منهن الأبناء؟
لماذا لا يفقهون ما يقولون؟ لماذا لم ينظروا الى إحصائيات المنظمات المهتمة بمثل هذه القضايا، الى الأثار المدمرة على الفرد و الأسرة الى محاولات الأنتحار التي تتبع و محاولات تشويه النفس بالبتر او الحرق لأن الضحية تحاول ان تشوه نفسها ظنا ان ذلك يقيها شر الرجال.
لماذا لايعلمون ان الرجل المغتصب -نعم الرجل- اكثرهم لا يعود عما كان من شدة الصدمة و الجرح لكرامته وهو من لاخوف عليه من الحمل. فما بالنا يا سادة بمن تحمل من مغتصبها و تحمل في جوفها جنينا هي به بين حجري الرحى؟! كيف لنا ان نتوهم انها ستكون اما للطفل الذي كلما نظرت اليه شعرت بالمهانة و القذارة و الظلمة. كلما نظرت الى الطفل رأت مغتصبها و جرمه؟!
هل سألوا بعض اؤلئك النسوة ان كن في حالة نفسية تسمح معها بتربية مثل هذا الطفل. هل يظنون فعلا اننا نعيش في عالم طاهر سيتقبل مثل هذا الطفل؟ سيحن عليه و يحميه؟ حتى و إن فرضنا جدلا ان المجتمع الإسلامي يجب ان يكون كذلك.
ارحمونا يرحمكم الله.
آحمد الزويل حائز نوبل في الكيمياء ينادي بمنع الإفتاء في المسائل العلمية، لم اكن أؤيده لكنني الآن افعل ان كنا نستحضر مثل هذه الفتاوى.
يختتم الدكتور ادريس مقاله بقوله ماذنب الجنين؟ و يطالب بسن القوانين و البحث في مسببات الإغتصاب لمنعها و القضاء عليها و تحصين المجتمع – و كأنه من الممكن القضاء كلية على جريمة من الجرائم- ثم يحث الأسر المسلمة على توجيه بناتها بالسير على تعاليم الإسلام، بحيث ترتدي ملابس محتشمة و لا تخالط الشباب.
هكذا!!
انه ينادي بتشديد العقوبة على المجرمين كذلك انما اولا التوجيه للنساء بالتدين كما يراه. الم يعلم الشيخ عن حالات التحرش الجنسي في القاهرة بالنساء المحجبات؟ اين يعيش ؟ الا يقرأ الجرائد؟ نسبة كبيرة من نساء القاهرة يشتكين من التحرش الجنسي برغم الزي المحتشم و الحجاب بشكل مستمر!!
من الجيد ان ينادي المشايخ بدراسة الأسباب الجريمة وغيرها و بالرغم من تأخرنا في علم الإجتماعيات الا ان الدراسات موجودة و الخبراء موجودون و الإحصائيات موجودة فليطلعوا عليها، فليكاتبوا اهل العلم الحقيقيين في هذه المسألة ولينتظروا جوابا يبكي الصخر.
لا أدري اين يؤل بنا الحال، كان الله في عوننا وعون نسائنا.
ارحمونا يرحمكم الله.
doctor.nassar@googlemail.com
* كاتب لبناني
ارحمونا يرحمكم الله
الملاحظ ياعزيزي أيمن انك لا تجد امة من الامم لديها هذا الكم الهائل من رجال الدين. انظر الى اعداد من يتخرجون سنويا من كليات الشريعة، و هذا بالاضافة الى الذين يحصلون على المشيخة بالاكتساب (دون دخول كليات الشريعة بل بمزاحمة العلماء بالركب !!!)انظر ما اكثرهم في السعودية و ايران و افغانستان … لماذا كل هذه الاعداد. اظن انه على كليات الشريعة اغلاق ابوابها لمدة عشر سنوات لتسويق الفائض لدينا… و فوق كل هذا تنظر الى مبراة (البراية) قلم الرصاص تجد مكتوبا عليها صنع في الصين !!!!! طيب صدرولهم مشايخ و يصدرولنا علماء دنيا..