لاهور- خاص بـ”الشفاف”
في إطار إستراتيجية إدارة أوباما للخروج من أفغانستان، عرضت الولايات المتحدة على رئيس الحكومة الأسبق وزعيم “الحزب الإسلامي”، قلب الدين حكمتيار، صفقةً لتقاسم السلطة في كابول. وكانت الولايات المتحدة قد دعمت حكمتيار أثناء فترة الجهاد ضد السوفيات، ولكن “الإف بي أي” اعتبرته، بعد ذلك، واحداً من أخطر “المطلوبين” بتهمة الإرهاب.
وتقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة في إسلام آباد أن المبعوث الأميركي الخاص، “ريتشارد هولبروك”، قام بعملية جسّ نبض حول فكرة تقاسم السلطة أثناء زيارته الأخيرة لكابول. فقد اقترح هولبروك على الرئيس كرزاي أنه، بعد فشل جهوده للتوصّل إلى هدنة مع قيادة “الطالبان”، فقد يكون عليه أن يفتح خطّاً مع “قلب الدين حكمتيار”، الذي خصّصت الولايات المتحدة مبلغ 25 مليون دولار كجائزة لمن يوفّر بمعلومات تسمح باعتقاله. وتفيد الأوساط الديبلوماسية أن إدارة أوباما شرعت فعلاً بإجراء إتصالات مع الأوساط المقرّبة من حكمتيار، وأنها عرضت تخصيص عدة وزارة في حكومة كابول لحزبه الإسلامي، شريطة أن يقبل بوقف عملياته الجهادية وبالتعاون مع كرزاي قبل إنتخابات الرئاسة المقبلة في أفغانستان.
وأضافت المصادر الديبلوماسية أن أحد نوّاب هولبروك ومبعوثاً لقلب الدين حكمتيار (يُعتقد أنه مساعده منذ سنوات طويلة، “داوود عابدي”، وهو أفغاني-أميركي يقيم في كاليفورنيا حيث يحمل سمعة رجل أعمال بارز، وناشط إجتماعي، وممثّل سابق للحزب الإٍسلامي) أجريا محادثات في الأسابيع الأخيرة، في ما تصفه أوساط البيت الأبيض بأنه مَعلَم حاسم لتحقيق الهدف الأميركي بإشراك الجماعات الجهادية في وضع حدّ للحرب الأفغانية. بالمقابل، تلفت بعض المصادر إلى أن اختيار حكمتيار هو، بحد ذاته، مؤشّر إلى مدى استماتة الولايات المتحدة لإيجاد أي مخرج من الأزمة المتصاعدة في أفغانستان.
يُذكر أن صانعي القرار في “السي آي أي” ظلّوا، طوال سنوات، يعتبرون حكمتيار جهادياً لا سبيل للتفاهم معه. ولكن الواقع هو أن “الحزب الإسلامي” ما يزال يملك نفوذا في أفغانستان وأنه يسيطر حرفياً على مقاطعة “كابيسا” الإستراتيجية. ويقرّ الأميركيون بأن قوات حكمتيار أثبتت خلال العام الماضي بأنها العنصر الأهم ضمن الإتئلاف المعادي للولايات المتحدة في أفغانستان. وفي حين تتمركز معظم المقاومة التابعة لـ”طالبان” في منطقة الحدود الأفغانية-الباكستانية، فإن قوات التمرّد الموالية لقلب الدين حكمتيار تسيطر على “وادي تقب” في “كابيسا”، على مسافة 30 ميلاً إلى الشمال من كابول.
وكان “الحزب الإسلامي في أفغانستان” أحد أقوى جماعات المجاهدين ضد الغزو السوفياتي في سنوات الثمانينات. وكانت باكستان ترغب دائماً في توليته لإدارة أفغانستان بالوكالة عن إسلام آباد، ولكنه لم يحظَ يوماً بثقة ميليشيات “البشتون” الأخرى، ولم يتمكن من دخول كابول. وعُرِف عن حكمتيار أنه خاض معاركه ضد منافسيه بدون هوادة وبعيداً عن أية حلول وسط. وبعد وصول الطالبان إلى السلطة، بات حكمتيار معزولاً جداً إلى درجة أنه انتقل إلى إيران للمحافظة على بقائه، ثم غادرها في 2001 لكي “يساعد أسامة بن لادن في الفرار من تورا بورا” حسب تصريحه لإذاعة “بي بي سي”. وحالياً، تفيد الشائعات أن حكمتيار نفسه يتنقل بين “كابيسا” ومنطقة القبائل في شمال “وزيرستان”، وأنه يقيم صلات على مستوى رفيع مع المؤسسة الحاكمة في باكستان.
لقد برز “الحزب الإسلامي” مجدداً في العام الماضي كقوة جهادية فاعلة، وزعم لنفسه المسؤولية عن العديد من الهجمات الأكثر دموية ضد قوات حلف الأطلسي وضد إدارة الرئيس حميد كرزاي. وقد زعم هذا الحزب الذي يقوده المهندس قلب الدين حكمتيار (61 عاماً)، والذي حُظي في الماضي بدعم واشنطن، أنه يتحمل مسؤولية الهجوم على عرض عسكري أقيم في كابول بحضور الرئيس كرزاي الذي لم يُصَب في العملية.
ومع أن الرئيس حميد كرزاي قد يكنّ تحفظات قوية على فكرة تقاسم السلطة، فإن الأوساط الديبلوماسية تفيد أنه يتعرّض لضغوط أميركية قوية للتفكير بالإقتراح ولاتخاذ قرار في أسرع وقت ممكن. وتقول المصادر نفسها أن عرض تقاسم السلطة الأميركي يشير إلى مدى قوة حكمتيار في المسرح السياسي الأفغاني، مع أن إسمه كان خارج التداول خلال السنوات الأخيرة. بالمقابل، تفيد الأوساط الديبلوماسية أن قرار كرزاي باختيار “الجنرال فهيم”، وهو أحد أسوأ “أمراء الحروب” في أفغانستان، نائباً له يمكن أن يُبطِلَ أية صفقة ممكنة بين كرزاي وحكمتيار.
وتعلّق الأوساط الديبوماسية بأنه يصعب تصوّر أن يقبل حكمتيار بالتعايش مع حكومة يشغل فيها خصومه الألدّاء من “الطاجيك” منصب نائب الرئيس. وسبق لـ”الحزب الإسلامي”، الذي يملك جناحه السياسي مكاتب في كل أنحاء أفغانستان، وهذا علاوةً على 40 نائب في البرلمان الأفغاني، أن أعرب مراراً عن تصميمه على إسقاط حميد كرزاي في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
وتشدّد أوساط مقرّبة من حكمتيار أن له مستقبلاً كبيراً في السياسات الأفغانية حيث أنه الزعيم “البشتوني” الوحيد غير الملوّث بعلاقات مع “القاعدة”، وهذا عدا أنه قد يكون قادراً، كذلك، على إلحاق الهزيمة بـ”الطالبان”.
amir.mir1969@gmail.com