رفض علماء الفقه ما طالب به العالم المصري د. أحمد زويل الحاصل علي جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 ، بمنع الإفتاء في القضايا العلمية ، معتبرين المطالبة بأنها دعوة لإقصاء الدين عن مجالات الحياة.
وحسب (جريدة الشبيبة العمانية) كان د. زويل قد أكد أن تدخل الفقهاء في القضايا العلمية من الممكن أن يعرقل تقدم العلم ، داعيا بإبعاد الفتوى عن القضايا العلمية ! ورفض د. وهبة الزحيلي نائب رئيس مجمع فقهاء الشريعة الإسلامية بأمريكا دعوة د. زويل واعتبرها قطعاً لحاكمية الشريعة علي مجال العلم ، موضحاً أن الإفتاء في الشريعة الإسلامية يتناول مختلف القضايا الدينية والدنيوية ومنها مختلف العلوم الحالية ، مشيراً إلى أن القول بفصل الفتوى عن العلم معناه بتر وقطع حاكمية الشريعة على قضايا الحياة ، محذرا من خطورة فصل الفتوى عن الأمور العلمية والذي نتيجته هو: أن يصبح العلم اتجاها عقلانياً محضاً.
وأضاف الزحيلي قائلا : لابد أن تتقيد العلوم بأصول شرع الله ومبادئه العامة ، وقد تحدث القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الله بأمور علمية فكيف نقول إن هناك انفصالا بين الدين والعلم ؟ لافتاً إلى أن منشأ الخطر هو تحجيم الدين وفصله عن قضايا الحياة فهذا يعد انحرافاً في الفكر وانحيازاً للقضايا العلمية ، وقصراً لمبادئ الشريعة على جانب من جوانبها .
وأكد الزحيلى أن الاعتقاد بأن هناك تصادم بين العلم والدين ، اعتقاد خاطئ ، خاصة إذا كان العلم قائماً على أسس صحيحة ، لأن شرع الله إنما هو وحي من عند الله تعالى ، ويستحيل أن يكون هناك تصادم بين العلوم العلمية والإسلام الذي هو دين العلم والمعرفة ، ومع ذلك فإن أية نتيجة علمية ترتبط بضوابط ، بحيث لا يكون بها شطط ولا تتصادم مع المبادئ الإسلامية .
وقال الزحيلي : لا يصح أن يقال بقصر الفتوى على الدين دون العلم ، لأن ذلك معناه أن الدين مقصور على العبادة وهو يشمل الدين والدنيا ، والعلم دائماً دوره محدود وبناء علي ذلك فإن الإفتاء في العلم ينبغي أن تظل له الصلاحية والحديث عن كل القضايا إذا كان هناك اتزان وانضباط في شؤون الحياة ، مؤكداً أن منشأ الخطأ في دعوة زويل أنها مطالبة بأن يفهم الدين على أنه مجرد عبادة ، وديننا هو شريعة شاملة لكل أمور الحياة •
في نفس السياق أكد د. محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه على عكس ما طالب به د. زويل فإن فقهاء الإسلام مطالبون في كل وقت بأن يبينوا للناس الأحكام في كل قضية من القضايا التي تجد في حياة الناس ، موضحاً أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت لتنظيم كافة أنواع سلوك الإنسان ، ومؤكدا أن القضايا العلمية تتصل بحياة الإنسان ، مما يعنى ضرورة أن يكون فيها حكم شرعي ، والقول بإبعاد الفتوى عن الأمور العملية سيترتب عليه إبعاد الفقهاء عن الإفتاء في قضايا تعايش الناس والمجتمعات ، ولا يتصور ذلك في شريعة جعلها الله خاتمة للشرائع!.
ولفت عثمان إلى أن هناك قضايا علمية طرحت للبحث وإبداء الرأي فيها ، وهي قضايا تتصل بالمجتمعات الإسلامية منها: الأسرة والطب والاقتصاد والبورصة وأسواق المال وغير ذلك ، وأن غاية ما هنالك أن الفقيه الذي يتصدي لبيان الأحكام في هذه القضايا الجديدة لابد أن يكون مؤهلاً علمياً لهذا
. وأضاف د. عثمان: وهناك دراسات فقهية كثيرة تناولت كل المستجدات على الساحة العلمية ، كالأبحاث على الخلايا الجذعية والاستنساخ والبصمة الوراثية في إثبات النسب والجرائم والعلاج الجيني والتحكم في نوع الجنين والتبرع بالأعضاء وغير ذلك مما صدر من كتابات فقهية ، وعليه فالادعاء بأن الفقهاء يجب ألا يتكلموا في القضايا العلمية أمر مرفوض ، لأنه يتنافي مع طبيعة الإسلام بكونه صالحاً لكل زمان ومكان .
أما د. حسين حلاوة أمين عام للمجلس الأوروبي للإفتاء فقال : لا يمكن الفصل بين الفتوى والبحث العلمي ، حيث أن الفتوى تكون نتيجة البحث العلمي في أية قضية وعند الفتوى نرجع للبحوث والأدلة ، فالفتوى تنبثق عن علم ولا تقوم علي جهل ، مشيراً إلى أن المفتي ليس مطالباً بالفتوى في كل شيء ، لأنه في مجال الفتوى يوجد تخصص في مجال العلوم الشرعية ، وإذا كان هناك تعلل ببعد الفقيه عن التخصص في العلوم العلمية ، فلذلك لا ينبغي أن يفتي هي ادعاءات غير صحيحة .
وقال حلاوة : إنه عندما تعرض مسألة لابد من التعرض لها بالأدلة ، وإذا كان الفقيه المتعرض للمسألة غير متخصص فعليه أن يتوجه بها لأهل التخصص ، ثم بعد ذلك تطلق الفتوى بما يوضع أمام المفتي من أدلة وبراهين ، لافتاً إلى أن العلم لا يمكن أن يسير هكذا في أبحاثه ونتائجه دون توضيح شرعي ، فمثلاً النتائج الطبية مثل الحديث عن طفل الأنابيب على اعتبار أن التلقيح الصناعي لا يطلق على علته هكذا ، وإلا نتجت عنه ذرية من تلقيح غير شرعي .
من جانبه أكد سالم الشيخي أمين عام لجنة الفتوى في بريطانيا أن الدعوة التي خرج بها زويل مرفوضة تماماً ، حيث إنها تشتمل على مجموعة من الأخطاء: أولا: أن هناك ظناً أن الفتوى ستكون دائماً على المنع ، لذلك تزداد المطالبة بمنع الفقهاء عن الأمور العلمية .
ثانيا : أن هناك فهماً خاطئاً للفتوى مع أنها تكون مبنية علي رؤية صحيحة ، حيث لا يتصور أن عالماً فقهياً ينظر إلي قضية طبية تتعلق بأبدان الناس وصحتهم ثم يذهب إلي التحريم ، موضحاً أن الفتوى الصحيحة هي سياج أمان للبحوث العلمية ، وإن وجد بعض الفقهاء قد يستعجلون إصدار فتاوى بالمنع فهذا يعود عليهم ، ولا يعود علي منهج الإفتاء •
وأشار إلى أنه من الضروري أن تكون المسائل الطبية والسياسية وغيرها بعيدة عن الانفراد بالرأي ، حيث أن المجتهد والفقيه لا يحق له أن ينفرد برأيه قبل العلم بتفاصيل الموضوع الذي يبدي بفتواه فيه ، لأن الأمور قد تعقدت والفقيه لو استعجل ستكون هناك أثار سلبية.
وأضاف الشيخي : إن القضايا العلمية بحاجة إلي إفتاء يعتمد على الرؤية والمعرفة المتعمقة ، وهي أكثر ما تكون في المجامع الفقهية ، وذلك بدلاً من الفصل بين الفتوى والعلم ، حيث أن الفقه في العلم أمر ضروري في الفتوى ، لافتاً إلي أنه لابد من أن نطالب بمشروع يقيد أن تكون المسائل الطبية المستحدثة تعود الفتاوى فيها إلى مجالس ومجامع فقهية ، ولا يكون الحال فيها لرأي فردي.
وقال : إن كل من يتمكن من علوم الشريعة والعلوم التطبيقية إذا كان لديه معرفة جيدة بالقضية العلمية والقواعد الشرعية ، إلى جانب الملكة التي تمكن صاحبها من إنزال الحكم على الواقع فله أن يفتي ، ولا يصح أن يقال بحظر الفتوى عن العلوم العلمية .
نقلاً عن “مركز الشرق العربي” (الإخوان المسلمون)
علماء الفقه يرفضون دعوة زويل بمنع الإفتاء في القضايا العلميةيا سيدى العلوم عبارة عن نظريات مدعمة بالمنطق ومختبرة بالتجربة والمشاهدة. ولا تعتمد على التصديق والإيمان طمعا فى الجنة أو خوفا من جهنم. أصول العلم تختلف عن أصول الدين. هنا المعمل والتجربة والمشاهدة والميكرسكوب والتليسكوب. وهناك الآية والحديث والتفسير. كيف نخضع هذا لذاك؟ إذا قال العلم بأن الزمن يتمدد وينكمش, كيف يفهم رجال الدين هذا. وإذا أثبت العلم أن الكون والفراغ, الذى تسبح فيه النجوم, ينحنى ويتقوس بسبب ما به من مادة وطاقة, فما دخل مشايخنا الأفاضل بكل هذا. الحقيقة العلمية نصل إليها بالتجربة والمشاهدة وليس بالآية والحديث. وإلا أغلقنا كل… قراءة المزيد ..