قمنا بتغيير العنوان الأصلي للمقابلة التي نشرتها “الحياة” مع مدير الإعلام في قناة “العربية”، ناصر الصرامي، لإبراز موضوع عدم توزيع ألقاب “الشهداء” الذي تخصّصت فيه بعض المحطات وخصوصاً مذيعي قناة “الجزيرة” (وعاصمتها قطر!). وأسوأ ما في هذا التوزيع لـ”الشهادات” هو أنه يتجاوز حتى الأصول “الأصولية”: فجماعة “الجهاد” المصرية ، ومتفرّعاتها، تستخدم تعبير “نحسبه عند الله شهيداً”. أي أنها لا “تجزم”، بل تترك الموضوع لـ”العناية الربانية”! أصغر مذيع (ومذيعة) في “الجزيرة” يوزّع ألقاب الشهداء، وهذا حتى لا نشير إلى الإعلام السوري (هل هنالك “إعلام” في سوريا حتى يوجّه له السيد خالد مشعل ، يوم أمس، الشكر والتقدير على مواكبته لأحداث غزة؟)
مع ذلك، تنبغي الإشارة إلى نقطة وردت في المقابلة حول الإعلام الأميركي. الإعلام الأميركي هو الأفضل حتماً، حتى بالمقارنة مع الإعلام الأوروبي، بحكم إستقلاليته عن السلطة، وحريّته التي تكاد تكون غير مقيّدة (وهذا تراث أنغلوساكسوني). وهذه الإستقلالية لا تتوفّر، بنفس الدرجة حتى في فرنسا التي ترتبط فيها وسائل الإعلام، بدرجات متفاوتة، بالسلطة.
مع ذلك، فتغطية وسائل الإعلام الاميركي لاحداث 11 سبتمبر تحديداً (التي ترد إشارة إليها في المقابلة) لم تخلُ من “إنحياز” إعلامي لـ”نظرة الإدارة الأميركية” إلى ما يدور في أفغانستان. وإلا، فكيف نفسّر أن قناة مثل “سي إن إن”، وجميع القنوات التلفزيونية الأميركية الأخرى، استغرقت 3 أيام كاملة حتى “لاحظت” أنه قد يكون هنالك علاقة بين إغتيال أحمد شاه مسعود وعملية 11 سبتمبر؟ والتفسير بسيط: فحتى 11 سبتمبر، كانت الإدارة الأميركية (وبعكس ما تعتقد الأوساط الأصولية) ترفض، وبصورة قاطعة، إقامة علاقات مع أحمد شاه مسعود ومثلها الحكومة الفرنسية. الإعلام الأميركية كان مصاباً بحالة “تلوّث” بالتحليل الأميركي الرسمي لأوضاع أفغانستان. أسامة بن لادن لم يكن مصاباً بمثل هذا “التلوّث”، فأقدم على اغتيال أحمد شاه مسعود عشية أكبر عملية إرهابية في القرن العشرين لعلمه أن “تحالف الشمال”، الذي كان أحمد شاه مسعود قائده، سيكون الحليف الطبيعي للأميركيين في أي مشروع غزو لأفغانستان!
“الشفّاف”
*
مدير الإعلام في العربية: هجمة إعلامية منظمة ضدنا …خلفها دول و«أحزاب»
الرياض – أحمد الفهيد الحياة – 26/01/09
ليس عادلاً تجاهل نوبات الغضب التي تتناسل في قلوب بعض العرب «حنقاً» على قناة العربية، بسبب تغطيتها «الفقيرة» للحرب على غزة أو طمسها لبعض العبارات الثورية والحماسية والاستشهادية من قاموس نشرتها الإخبارية اللغوي.
ليس عادلاً أيضاً أخذ هذا الغضب على محمل الحق من دون البحث في حقيقته، وتقصي أسراره، واقتفاء آثاره… لذا حملنا أسئلتنا بما فيها من «جمر» ووضعناها في كف مدير الإعلام في قناة العربية ناصر الصرامي، فهل «قبض» عليه كما ينبغي؟!… في تفاصيل الحوار الآتي ربما تجدون الإجابة:
الناس… «ليس كلهم طبعاً» غاضبون من السياسة التي تنتهجها «العربية» في التعامل مع ما يحدث في قلب غزة، يعتقد بعض أولئك الحانقين أنكم تضعون إحدى قدميكم على الأرض المحايدة والأخرى في معسكر العدو الإسرائيلي… برأيك لماذا تتناسل هذه القناعة لديهم، وكيف تفعل ذلك؟
– الناس «ليس كلهم طبعاً» غاضبون من السياسة أصلاً، وبعض أهلها، كما أنهم أيضاً غاضبون من واقعهم، هم يعيشون في منطقة ملتهبة باستمرار وتقدم الجزء الأكبر من أخبار المأساة.
قد يكون هناك «حانقون» – بحسب تعبيرك – على تغطية العربية، لكنه حنق على تجاوز «العربية» للأسلوب الشعبي في الإعلام العربي، والذي يحول الإعلام من إعلام يقول الحقيقة أو يقترب منها، الى إعلام للشارع، ينقل سلوك المظاهرات الى الشاشة، و«العربية» لا تقوم بهذا الدور، ولا ترى انه مهمة الإعلامي.
لكن ذلك كله مختلف تماماً عن الحملات المبرمجة لتشويه مهنية العربية، وهذا لا علاقة له بتناسل القناعة، كما انه ليس مصادفة، هناك أطراف إقليمية ترى أنها لم تختطف العمل الإعلامي في قناة العربية وتؤدلجه أو توجهه لمصالحها، بينها أحزاب ودول، لذا هي تقود حرباً نفسية، إعلامية والكترونية، وتقول في «العربية» وتتقول عليها، ما يفوق الواقع ويتجاوز الحقيقة، لدرجة التزوير وتغيير المشهد، لتشعر أن بعضاً مما يقال ويروج له يقصد به قناة أخرى تبث من المريخ!
لكن هناك أيضاً من ينساق مع هذه الحرب، من دون أن يدرك ، أو حتى يشاهدنا، أو لأنها تلتقي في نقطة ما مع قناعاته الشخصية وأيديولوجيته أحياناً، بعيداً عن المهنية، ومحاكمة المعلومة، واعتماداً على الموقف العاطفي.
لسنا على ارض محايدة ولا نبث من سويسرا، نحن قناة عربية، نعمل في كل العالم العربي، ونستضيف كل قيادات العربية سياسياً واقتصادياً، ونُوجد في كل مكان من خلال شبكة مراسلينا المنتشرين في المواقع الساخنة والباردة.
في اليومين الأولين لإبادة غزة… كانت «العربية» شبه غائبة عن تغطية «المجزرة»، إذ اقتصرت فقط على نشرات الأخبار… هل تعودتم على هذا النوع من الحروب، لدرجة أصبحت خبراً عادياً لا يستحق ملء ساعات اليوم كاملة به، كما تفعل جارتكم اللدودة «الجزيرة»؟!
– أبداً… لم تكن «العربية» غائبة، كانت موجودة، ولكن بشكل اقل من التغطية الحالية، وهذا طبيعي جداً، لم يكن احد يعلم أن الهجوم على غزة سيكون مستمراً، اعتقدنا انه ضربة وستنتهي، حتى على الصعيد السياسي، «حماس» نفسها قالت إنها حصلت على تطمين، وظهرت تطمينات سياسية إعلامياً أيضاً، وحين ظهر أن الهجوم عملية مستمرة كثفت «العربية» تغطيتها المباشرة الى أن وصلت إلى 16 ساعة مباشرة يومياً أو تزيد.
تُقصف المباني، ويُقتل المدنيون، ويُهلك الحرث والنسل في غزة… لكنكم في «العربية» تستكثرون على «الكارثة» وصفها بـ»الاعتداء الإسرائيلي»… وتكتفون بكلمة «الهجوم»؟!… هل فعلاً ما يحصل هجوم وليس اعتداءً، كما يظن العرب والمسلمون «قاطبة»؟!
– على شاشة «العربية» تقدم الصور كل المعاني التي يحتاج إليها المشاهد، والتي تظهر ضخامة ما يحدث على الأرض، وهذا أهم من المفردات التي تحاكم موقفاً سياسياً، المدرسة الصحافية في أول أعرافها المهنية تقول إن الإعلام لا يُصدر أحكاماً، حتى وإن كانت ظاهرة، المشاهد، المتابع من حقه أن يرى هذا الكم من الصور ويقرر، نحن نحترم عقل المشاهد، ولا نفكر بالنيابة عنه، نقدم الخبر أو المادة أو الحدث، وعليه أن يتخذ الموقف المناسب، أن يرى الأشياء اقرب الى حقيقتها وبكل أبعادها السياسية وتجاذباتها، ومن ثم يتخذ الموقف المناسب له أو يحدد ما يراه. وحين نطلق كلمتي «هجوم» و»اجتياح» فهذه تعبيرات مباشرة تصف ما يحدث على الأرض.
وحين يرى الناس حقيقية ما يحدث فهم يقولون، ويصرحون، ويظهرون في التعليقات ويقدمون للتسميات والمفردات التي تتفق مع رؤيتهم للموقف، بل إن الضيوف الذين أطلوا على «العربية»، من «حماس، ومن تيارات مختلفة قالوا أكثر من ذلك.
إذاً لِمَ استخدمتم كلمة «اعتداء» لوصف ما فعله الإرهابيون الـ16 في برجي مركز التجارة الدولية في أميركا، والموصوم بـ«أيلول الأسود»؟!
– لم تكن «العربية» موجودة حينها، العربية أطلقت بثها في (آذار) مارس2003، بعد نحو عام ونصف العام من أحداث (أيلول) سبتمبر، قد يكون ظهر في فترة متقدمة بعد أن وثق على انه اعتداء إرهابي في أفلام وثائقية.
في الإعلام «المعتدل» الذي يستمد قوته من «الرأي والرأي الآخر»، غابت وجهة النظر الصادرة عن «حماس»..!! من أوصد منكما بابه في وجه الثاني؟!
– اسمح لي، هذا سؤال قائم على افتراض خاطئ، وليس مبنياً على ما يقدم على الشاشة، مثل افتراضات كثيرة بحق «العربية» غير صحيحة، لكنها تتكرر بقصد، هناك من يكذب، ويكذب بلا توقف حتى يصدق أو يشك الآخرون، وهذا ما يحدث في الهجمة التي توجه عمداً ضد قناة العربية!
تعودنا في العربية على النقد، والنقد الحاد، هناك كثيرون ينتقدوننا بحدة لكنهم يشاهدوننا باستمرار، حتى على مستوى قادة سياسيين، يتابعون بدقة، ويديرون حملات للتحريض ضدنا، ويستمرون في متابعة شاشة العربية، وهذا شيء مثير. حضور رأى «حماس» كان ثابتاً على الشاشة، ويومياً هناك عدد من الضيوف من حماس يظهرون على شاشة العربية، تقريباً هناك ضيف من حماس في كل نشرة إخبارية رئيسة وفي البرامج الإخبارية أيضاً، من غزة ودمشق ومدن أخرى، أيضاً «العربية» نقلت كل الخطب الرسمية لقيادات حماس ومؤتمراتها الصحافية، بل أن متحدثي حماس الرسميين لم يغيبوا عن الشاشة، هذه أشياء موجودة وموثقة، هذا بخلاف المتعاطفين مع حماس وسياساتها.
«حماس» ظلت حريصة على «العربية» ووجودها في غزة ونقلها لتفاصيل ما يحدث على الأرض، واستضافة قياداتها باستمرار.
حضور الرأي الإسرائيلي و«بقوة» على شاشتكم… كيف تفسرونه؟!… ألا يُغذي ذلك «الاتهامات» الموجهة ضدكم بـ«يقين» لا تخالطه ذرة شك واحدة؟!
– دعني أذكرك أولاً أن حضور الرأي الإسرائيلي في العالم العربي، لم يبدأ من «العربية»، وقد تمر أيام من دون ان ترى ضيفاً إسرائيلياً على القناة، إلا لحاجة صحافية مهنية تتطلب مثل هذا الحضور، لكنهم موجودون يومياً على قنوات إخبارية أخرى وفي استوديوهاتها، من دون ضرورات مهنية.
على كل حال، أمام كل 10 ضيوف عرب أو فلسطينيين، هناك ضيف إسرائيلي، و»العربية» تستضيف من وقت الى آخر قادة سياسيين إسرائيليين للحديث في قضايا المنطقة، وهو حديث لا يمكن أن يتم من دون حديث الطرف الآخر، سماع وجهة نظر الطرف الآخر، لتصل الى المشاهد العربي صورة مكتملة، أيضاً لا يمكن أن نتعامل إعلاميا بقناعات «67» نفسها، هنا واقع مختلف على الأرض والإعلام يجب أن يقدمه بشكل مهني ومختلف ويحاور الآخر.
ثم تذكّر شيئاً مهماً للغاية، إسرائيل هي من قصفت البرج الذي يضم مكاتبنا في غزة، يوم الخميس قبل الماضي.
موضوعية التغطية الإعلامية التي تتكلم عنها… هل يقوم بها «الأميركيون مثلاً» حين يتعلق الأمر بفضح حقيقة إسرائيل أو أميركا نفسها على أرض المعركة… أم أن المسألة حينها تدخل ضمن قانون الطوارئ، وتندرج تحت مظلة الأمن الوطني؟!
– صحيح أن هناك حسابات مختلفة، الإعلام جزء من حيز جغرافي، لكن هذا الحيز لا يحكمه بالضرورة، لا يمكن أن نقيس أو نقارن بين بيئة وجغرافية «ألاسكا» وبيئة وجغرافية الصحراء الكبرى – مثلاً – الإعلام العربي يختلف، فهو متنوع في إدارته وفي ملكيته، وأنظمته، عليه واجبات وليس له حقوق.
لكن حين نتحدث عن المهنية نحن نتحدث عن شيء واحد، يحترم المشاهد ولا يتدخل في مواقفه، الإعلام الأميركي مثلاً بعد أحداث 9/11 لم يُجرِّم أحداً مباشرة، لكنه نقل بدقة وكثافة ما يقوله المتحدث باسم البيت الأبيض أو البنتاغون، والخارجية، والضيوف أو المشاركين الذين يعطون الانطباعات، الإعلام الغربي – إجمالاً – كانت دوله ضد تنظيم القاعدة، لكن الإعلام كان يبحث بلا توقف عن قصص، أشرطة، مقابلات، وعن أي معلومة لها علاقة بهذا التنظيم، ويستضيف صحافيين عرباً مقيمين في لندن ومتعاطفين مع التنظيم، لم يحجب المعلومات لدواعي الأمن، المعايير مختلفة، والمقارنة تكون بين أشياء متشابهه، نحن في العالم العربي لازلنا نتطلع الى خط مهني، وحين جاءت «العربية» أسست للمدرسة المهنية بين القنوات الإخبارية العربية، وطبقتها بصرامة وواجهت بعض الانتقادات ممن تعودوا على الإعلام الشعبي والتعبوي.
في الوقت الذي تكون فيه جثث الأطفال شاهداً على بشاعة الجرائم الإنسانية، ودليلاً على ظلم العدو، تُصرّون على إخفائها أو عرضها في شكل «لمحات قصيرة»… هل تخافون إلى هذا الحد على مشاعر مشاهديكم؟!… ألا تقلقون من أن ينصرفوا عنكم إلى قناة أخرى تقف في صفهم وتقول لهم الحقيقة كما هي، «حتى وإن كانت فظيعة لا تحتمل»؟!
– هذا ليس صحيحاً، نقلنا أكثر من صورة، ونقلت عنا وكالات أنباء عالمية صوراً لا تُحصى، وكذلك فعلت تلفزيونات محلية عدة، ومواقع دولية وعربية على شبكة الانترنت.
هناك صور في هذا الشأن أو غيره – نتوقف عندها كثيراً، مشاهدو القنوات الإخبارية يختلفون في أعمارهم، وفي أوقات الذروة – النشرات المسائية – مثلاً، تشاهد العائلة بأكملها نشرة أخبار العربية، لذا نحرص على اختيار التوقيت، وعلى عدم تحويل شاشة الأخبار الى شاشة رعب، نعمل على إيجاد سياسة وأسلوب متزن ومحدد.
«اجتياح غزة» كان عنواناً دائماً لتغطيتكم «الحرب» على الفلسطينيين، ألم تجدوا في معاجم اللغة كلمة تليق بالدم العربي المراق أكثر من كلمة «اجتياح» تلك؟!
– كان هناك أكثر من عنوان، مثلاً، «الهجوم على غزة»، «اجتياح غزة»، وعناوين تتبدل بحسب تطور الأحداث، إضافة الى الأخبار العاجلة التي لم تتوقف على الشاشة، وكلها تقدم لمفردات مباشرة وتصف ما يحدث،
ليس دورنا أن نقدم قصيدة رثاء، أو استخدام العبارات الشعرية، نحن نقدم أخباراً ومعلومات وفقاً لمعايير مهنية صارمة، ونعمل على احترامها، مرة أخرى فإن الضيوف والمشاركين والمعلقين يتحدثون بلغة مفتوحة تتيح لهم استخدام كل الكلمات التي يرغبون في استخدامها من معاجم اللغة وقواميسها.
يقول مذيعوكم في نهاية كل نشرة… هذه العبارة: «لمزيد من التفاصيل والتغطيات الإخبارية زوروا موقع العربية على الانترنت»… هل يعني هذا أن ما يتضمنه الموقع داخل ضمن سياسة القناة، بما في ذلك مقالات الكتّاب «والتي تحمل في مجملها وجهة نظر واحدة عن الحرب، لا تناصر حماس مطلقاً»؟!
– هذا موضوع آخر، «العربية نت» موقع الكتروني له انتشار واسع جداً، بل هو من أكثر المواقع زيارة وتفاعلاً في العالم العربي، ومقالات الكتاب هي في الغالب ليست خاصة بالموقع، هي اختيارات واجتهادات من المشرفين على الموقع من كل الصحافة العربية، نشرنا المقالات التي تشير الى وجهة نظر «حماس»، كما ينقل الموقع ابرز ما يقوله قادتها من خلال الشاشة، أو تصريحات صحافية عامة، وبشكل مستمر.
هناك معايير فنية للمقالات، وقد نجد أن جزءاً كبيراً من المقالات هي مقالات رثاء أو بكائيات أكثر من كونها مقالات رأى سياسي، مقالات الرأي السياسي المعتبر ننشرها وإن اختلفت معنا.
هل تعتبر أن نقل مؤتمر صحافي أو كلمة لسياسي معروف من قناة منافسة عملاً مهيناً «مهنياً»؟!… أسأل ذلك على خلفية نقلكم لكلمة خالد مشعل الأخيرة من قناة «الجزيرة» عبر قناة ثالثة «محايدة»… إلى أن انتبهت «الجزيرة» لذلك ووضعت صورة مذيعتها «خديجة بن قنه» على الشاشة نفسها، ما اضطركم إلى قطع النقل المباشر للكلمة؟
– ليس الموضوع كما ذكرت، هناك جانب فني وتقني له علاقة مباشرة بهذا الجانب، في البداية دعني أخبرك عما حدث تفصيلاً، «حماس» كانت حريصة على بث كلمة خالد مشعل عبر قناة العربية، وخلال التنسيق لإيصال الكلمة للعربية تم التأخير ساعتين من اجل ضمان وصول الشريط للعربية، وذلك حرصاً من «حماس» على بث الكلمة عبر «العربية» في وقت بثها نفسه، وبسبب التأخير طلبت منا حماس نقل الكلمة عن قناة الأقصى التابعة لها، وقمنا بالفعل بنقل الكلمة من القناة، إلا أن الزملاء في غرفة الأخبار اكتشفوا أن الكلمة تنقلها «الأقصى» عن قناة الجزيرة. وفور التنبه الى ذلك تم قطع البث.
الصورة الذهنية الخاطئة «المترسخة» عنكم في عقول بعض البشر من الناطقين بلغة الضاد… من يقف وراءها؟! أنتم بما تعرضونه، أم منافسوكم بما يروجون له ضدكم من شائعات؟!
– نحن نجري دراسات مستمرة على عينات مختلفة من الجمهور، الصورة الذهنية الايجابية أو السلبية عن أي منشأة هي تتشكل نتيجة لخليط من العوامل، في حالة الإعلام الحال كذلك أيضاً.
أعتقد أن الصورة الذهنية حول «العربية» ايجابية في مواقع مقارنة بمواقع أخرى، صورتنا في السعودية ودول الخليج بما فيها العراق، غالباً ما تكون ايجابية جداً، وفي مواقع أخرى ترتبط «العربية» لدى عدد من الإعلاميين وأصحاب القرار ورجال الأعمال بالمهنية والنزاهة، هي كذلك لدى قطاع عريض من المشاهدين.
صورتنا قد لا تكون كذلك عند الذين يرون أن «العربية» يستحيل ترويضها أو استغلالها أو توجيهها لمصلحة أهدافهم أو رؤيتهم السياسية أو القومية والأيديولوجية، وكلما اتجهت الى تجمعات تؤمن بالثورات أو تبحث عنها ستجد أن الخط المهني للعربية يبتعد كثيراً عن طبيعتهم العاطفية، واحتياجاتهم النفسية التي اعتادوا عليها.
من السهل أن تكسب الشارع وتحول الشاشة الى منبر أو مسرح في حديقة عامة يصرخ فيه الناس بما يريدون، لكن هل هذا إعلام؟
لذا فإن طريق العربية ومهمتها ليست سهلة، وكما كتب احد الزملاء «نحن من القابضين على جمر الخبر» مهنياً!
والأهم أننا بعد كل أزمة أو حدث ضخم نسجل تقدماً مهنياً يكسبنا متابعين جدداً، وهذا مقياس مهم.
هل كرس الإيرانيون وجماعة «حزب الله» و«سوريون» آلتهم الإعلامية لتدميركم؟!
– المتابع للخريطة السياسية في المنطقة، يفهم ذلك بشكل جيد، فالصورة هنا واضحة وظاهرة، لكن هناك من ينساق مع حملات منظمة ومعدة بدقة ضد «العربية» وهويتها «العربية».
في غرفة الأخبار يعمل عدد كبير من ابرز الصحافيين من الدول العربية بلا استثناء، يتحدثون بكل اللهجات العربية، ومنهم زملاء يتقنون اللغة الفارسية أيضاً!
لكن المشكلة تأتي في انسياق عدد من المتحمسين العرب، وبعض المتشددين ممن لديهم مواقف مسبقة أصلاً – من الإعلام، ومن العربية – تحديداً من دون أن يدركوا حجم التشويش من حولهم.
وللأسف فإن هناك مواقع الكترونية ورسمية تتبع لجهات حكومية عربية مباشرة أو غير مباشرة تتخذ موقفاً مشابهاً، بأسلوب لا مهني أو أخلاقي، من بينها مواقع الكترونية تقول إنها صحف الكترونية، وهذه قصة أخرى لها تفاصيلها وتناقضاتها.
في النهاية نحن وسيلة إعلام تهتم بالمعلومة والمعرفة، «أن تعرف أكثر»، ولا يمكن أن نهيج الناس أو نكون جزءاً من أجندة ثورية، ونخلط الآراء ونعكسها من اجل التحريض، و»تجييش» الشارع.
لا يحق لنا كإعلاميين توزيع صكوك» الشهادة والغفران على البشر
1000 قتيل أو يزيدون دفنوا حتى الآن تحت تراب غزة من دون أن «يُغَسّلوا» … لا تنعتهم العربية بـ«الشهداء»؟!… هل المانع شرعي أم إعلامي بحت؟!.. يجيب الصرامي على هذا التساؤل بقوله: «السببان مجتمعان، أولاً، لا يحق لنا كإعلاميين أن نتولى توزيع صكوك الشهادة والغفران على البشر، ونحدد مَنْ الشهيد من غيره، هذه قضية ليست من اختصاص الإعلام، ولا نملك توزيع هذه «المكافأة» على الناس. هل حاولت أن تُحصي كم مرة تتكرر كلمة «شهيد» في الإعلام التابع للحكومات والأحزاب في العالم العربي؟!.. ستصاب بالدوار من عدد الشهداء، وتنوع مذاهبهم وأديانهم، وخلفيتهم أيضا، تابع كيف تستخدم في الإعلام اللبناني- كنموذج – وستتعجب من اختلاف الأشخاص الذين يحملون لقب «شهيد».
نحن وسيلة إعلامية مهنية، نذكر عدد من قتل وجرح – مثلاً – وللناس أو للمؤسسات، وللدول ولكل حزب سياسي تمجيد شهدائه بالطريقة والأسلوب الذي يراه مناسباً، هذا من الجانب المهني البحت».
ويضيف: «من الجانب الشرعي نسمع آراء شرعية اليوم ترفض إطلاق هذا الوصف، والنبي «عليه الصلاة والسلام» عندما قام خطيباً يصف للصحابة ما حصل لقادة الغزوة الشهيرة «مؤتة» قال وعيناه تذرفان: «أخذ زيد الراية فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له». فالنبي لم يصف أحداً من قادته بأنه استشهد كما تفعل الأحزاب السياسية والدول اليوم، بل قال أصيب زيد وجعفر وعبدالله».
إذا كانوا في «العربية» – كما يؤكد الصرامي نفسه – يعتقدون أن الشهادة مكافأة ربانية لا يملكون حق توزيعها على الناس، فلماذا أطلقوا على قتلى حرب العراق من مراسليهم لقبي «شهيد وشهيدة» كما في حالة أطوار بهجت وعلى الخطيب وعلى عبدالعزيز؟!..
يقول «مدير الإعلام في القناة» شارحاً الموقف: «الحقيقة أننا لا نحبذ إطلاق لقب شهيد أو شهيدة على أي من زملائنا رحمهم الله، سواء زملائنا في «العربية»، أو الصحافيين ممن قتلوا أثناء تأديتهم لمهامهم وفي الميدان، يحدث أن يطلقها صحافي أو مراسل أو زميل حين يتحدث عنهم بشكل أو بآخر، وفي المناسبات الصحافية المختلفة، لكن تحرص «العربية» على عدم ذكر ذلك في تقاريرها أو أخبارها، قد نقول ذلك بيننا كصحافيين أنهم شهداء المهنة، قد يخرج هذا الوصف في مادة إعلانية، لكن حين نأتي إلى الجانب الإخباري وبرامج العربية فإننا نحرص على تجنب هذا الوصف قدر الإمكان».
لكن ماذا عن قتلى لبنان من آل السياسة «المسلمين»؟!… فهم بحسب نشرات العربية الإخبارية «شهداء» (ليسوا قتلى ولا ضحايا)… هل تختلف أرواح هؤلاء عن تلك التي صعدت إلى «دار المقر» على نعوش الموت في غزة؟!..
يعترض الصرامي بحدة ويعتبر هذه المعلومة مغلوطة «عفواً… هذا كلام في غير محله، بل غير صحيح بالمجمل، نحن لم ننعت في أخبارنا العادية أو العاجلة أو تقاريرنا الإخبارية أي شخص بأنه شهيد، حتى حين قتل دولة الرئيس اللبناني رفيق الحريري، لم نقل انه «شهيد»، قد يذكره ضيف، أو معلق، وهذا أمر متاح للضيوف والمشاركين، في هذا الموضوع كما في المواضيع الأخرى».
http://ksa.daralhayat.com/arts/01-2009/Article-20090125-0f2adc65-c0a8-10ed-00be-610817f60916/story.html
ناصر الصرامي: نحن في “العربية” لا نوزّع صكوك الغفران والشهادة على البشر! “العربية” لا نوزّع صكوك الغفران فضائية “العربية” فضائية اعلامية ترتبط في المملكة العربية السعودية مادياً وجاء اطلاقها محاولة جادة للتحرر من رواسب الماضي ومجاراة التطور والمعاصرة وكانت ريادة نهوضها الاعلامي اختيارتولية عبد الرحمن الراشد احد ابرز الكتاب السعوديين المعاصرين ليكون صلة الوصل بين الحضارتين الاسلامية والعولمة وذلك بعد امتحان طويل وصادق اسهم في اختياره مديراً عاماً للفضائية العربية المنوي اطلاقها في حينه بعدما برز رئيساً ناجحاً لتحرير جريدة الشرق الاوسط المملكة العربية تعمل جاهدة للخروج من مأزق الملكية الاثنية الى مملكة ديمقراطية كما تحولت بريطانيا خطوة خطوة من… قراءة المزيد ..