من أطلق صواريخ “كاتيوشا” صباح اليوم الخميس باتجاه شمال إسرائيل؟ ومن غضّ النظر، أو “قبّ باطه”، ليسمح بإطلاق هذه الصواريخ؟ وما الهدف من هذه العملية التي أقلّ ما يُقال فيها أنها “مشبوهة”!
المسؤول الاعلامي في حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في لبنان رأفت مرة اكد ان الحركة لا تقف وراء اطلاق الصواريخ وان “حماس تمارس عملها العسكري داخل فلسطين”. لافتا الى ان الحركة لا تستعمل ارضا عربية لترد على الاحتلال.
وزير الاعلام طارق متري اعلن في تصريح لوكالة “فرانس برس” ان حزب الله ابلغ الحكومة انه غير متورط في اطلاق الصواريخ الذي حصل صباح الخميس من جنوب لبنان على شمال اسرائيل.
واوضح الوزير متري ان “حزب الله اكد لنا انه لا يزال ملتزما بالاستقرار وبقرار مجلس الامن الدولي 1701 ما يعني انه غير متورط”. واضاف ان “لا سبب يدفعنا لنعتقد انهم متورطون”.
معلومات بيروت تقول أن هنالك إحتمالين: جماعة أحمد جبريل أو الحزب القومي السوري (ما تبقّى منه..)، وكلاهما ليس أكثر من جهاز إستخباراتي تابع لنظام بشّار الأسد. ولكن، كيف أمكن لهذين “الفصيلين” أن ينصبا صواريخهما، وأن يطلقاها، في منطقة يُفتَرَض أن “حزب الله” يسيطر عليها ويراقبها بدقّة؟ السيد حسن نصرالله أعلن في أول خطاب له بعد بدء العملية الإسرائيلية ضد غزة أن العدو الصهيوني هو المسؤول عن نصب صواريخ في نفس المنطقة بجنوب لبنان قبل أسبوعين. فهل قام “العدو الصهيوني” يوم أمس بنصب صواريخ جديدة تحت سمع وبصر حزب الله، والجيش اللبناني، وقوات “اليونيفيل”؟ ولماذا نجح حزب الله في اعتراض طائرة هليكوبتر تابعة للجيش اللبناني وإعدام قائدها، ولم ينجح في اعتراض العناصر التي أطلقت الصواريخ لتجرّ لبنان إلى مواجهة مدمّرة.
ثم، ما الهدف من إطلاق 3 أو 4 صواريخ ضد إسرائيل؟ لن يصدّق عاقل أن هذه الصواريخ ستخفّف الضغط عن غزة. ولكن الصواريخ مفيدة لـ”جبر خاطر” النظام السوري الذي لا يخفي إنزعاجه من عودة مصر للعب دور وسيط رئيسي في مشروع وقف إطلاق النار في غزّة. وفي مدى أبعد، لا يجد مخرجاً من مأزق “المحكمة الدولية” سوى بتفجير الوضع اللبناني. وقد تكون نفس الصواريخ مفيدة لتخفيف الإحتقان داخل حزب الله الذي وصلته رسائل إيرانية واضحة بعدم تصعيد الوضع لأن إيران لا ترغب في زيادة عزلتها عن الدول العربية الأساسية. وقد تكون أيضاً “جائزة ترضية” معنوية لنظام الملات الإيراني الذي أبلغ كل المعنيين أنه لا ينوي “التصعيد” في جنوب لبنان.
بعد ردود فعل الرئيس السنيورة التي تؤكّد تمسّك لبنان بالقرار 1701، وإعلانه أن “الحادث المرفوض من تدبير أطراف متضررة من استمرار الاستقرار في لبنان وتريد استدراجه الى أوضاع لم يقررها ولا يريدها وتخدم المخطط الإسرائيلي”، فقد لاحظ اللبنانيون مسارعة البطريرك الماروني، وبصورة غير مألوفة، إلى إعلان قلقه البالغ من عملية إطلاق الصواريخ. موقف البطريرك الماروني ليس موقفاً “مارونياً”، وليس موقفاً “مسيحياً”. إنه موقف لبناني بامتياز لانه يعبّر بدقّة عن موقف اللبنانيين جميعاً، وتحديداً عن الرأي العام في جنوب لبنان الذي نقلنا يوم أمس بعضاً من مخاوفه إزاء الوضع على الحدود.
البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير “اعتبر أن الصواريخ التي أطلقت اليوم من لبنان لا تدل على أن النوايا طيبة، ولكن نظن على الرغم من كل شيء أن هذه الصواريخ لن تطال لبنان ولن يصيب لبنان ما أصاب جيرانه من ضرب وقتل وما سوى ذلك، وقد شبعنا قتلاً وضرباً وأشياء لا نرغبها على الاطلاق.”
اللحظة الآن ليست لحظة “مسايرة”، وليست مناسبة لأنصاف الحلول! الذين يريدون تفجير الوضع في جنوب لبنان يريدون جرّ لبنان إلى الخراب، ويريدون إسقاط مشروع إعادة إعمار لبنان بعد الدمار الذي ألحقه به الطيران الإسرائيلي عملاً بتهديد رئيس الأركان السابق بـ”إعادة لبنان 30 سنة إلى الوراء”. 30 سنة إلى الوراء تعني أيضاً إعادة الإحتلال البعثي للبنان، وهذا ما لا يزعج إسرائيل.
الذين يريدون تفجير الوضع في لبنان يرمون إلى إسقاط الحكومة اللبنانية (وهذه هي المهمة اليومية للجنرال ميشال عون)، وإلى إسقاط الدولة اللبنانية، والإستيلاء على السلطة في بيروت. وعلى الدولة اللبنانية، رئيساً وحكومة وجيشاً، أن تثبت أنها قارة على الدفاع عن لبنان واللبنانيين.
“الشفّاف”
جبريل أم الحزب القومي: من آطلق الكاتيوشا، ومن غضّ النظر؟ لبنان ينام على حرير الصواريخ؟ “تواجه إسرائيل مجموعة من الحروب، الحدودية والاقتصادية والدينية، إضافة الى حربين شرستين. الأولى من اجل النفط الذي يعتبر عنصراً مهماً في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني منذ وعد بلفور حتى اتفاق تقاسم ثروات الخليج. والثانية المياه التي قد يُعتبر النقص فيها سبباً للحرب ويتطلب توزيعاً عادلاً واستثمارات كبيرة. وإسرائيل لا تستطيع المحافظة على وجودها بتراكم هذه الحروب ومعها موازين القوى. اذ رغم تفوقها التكنولوجي، فإنها معرضة لأن تُسحق سكانياً وخصوصاً أن النخبة فيها تغادرها، واقتصادها ينهار والحرب المستمرة تؤشر إلى نهاية الصهيونية”. جاك اتالي (في كتابه… قراءة المزيد ..