(الصورة: آية الله أحمد جنّاتي، صاحب نظرية أن الأزمة المالية الحالية هي “غضب إلهي”، وهو أحد مؤيّدي أحمدي نجاد الذي صرّح أن إيران ستدبّر أمورها حتى لو وصل سعر البرميل إلى 5 دولار!)
*
منذ أسابيع يعيش العالم تحت صدمة الأزمة المالية التي انهارت على أساسها مؤسسات مالية كبيرة وقاربت دول عديدة إلى حافة الإفلاس، كما فقد الكثير من الأغنياء في منطقة الخليج ملايين الدولارات. وزاد في وطأة الأزمة على الدول التي تعيش على تصدير النفط انخفاض أسعاره من 144 دولار إلى اقل من 40 دولارا للبرميل الواحد. وفي فترة ارتفاع أسعار البترول استطاعت، دول ليس فقط من سد العجز المالي وإنما توفير فائض زاد على 800 مليار دولار، كما هو الحال مع المملكة العربية السعودية. وقد تخلف النظام الإيراني عن ذلك كثيرا لتبديده ثروات الشعوب الإيرانية في عملية تسليح لا طائل منها والركض المحموم في برنامج نووي غير سليم العواقب، وزاد على ذلك نشره المال على أحزاب ومنظمات ومليشيات مختلفة في العديد من دول العالم، لا لمساعدة المسلمين وإنما من اجل نقل أفكار الثورة الإسلامية الإيرانية إلى خارج الحدود تحت فكر ولاية الفقيه. ويبذر النظام المال باستدراج أشخاص من دول عدة وفي طليعتها العراق بحجة زيارة الجمهورية الإسلامية للتعرف على تجربتها أو زيارة العتبات الدينية والغرض منها غير ذلك لاصطياد البعض من اجل شراء ذممهم أو تجنيدهم لخدمة سلطة ولاية الفقيه. وكانت نتيجة ذلك ما رأيناه من حشد كل الطاقات والتعاون مع الأعداء من اجل تأخير التوقيع على معاهدة سحب القوت من العراق التي هاجمها النظام الإيراني كما هاجم وكفر من وافق على توقيعها. تمويل مظاهرات غوغاء مقتدى في الرابع عشر من كانون الأول تأيدا لعمل همجي منحط موجه للرئيس بوش.
وقد اضعف النظام الاقتصادي الإيراني أيضا إعلان مساعد وزارة الخزانة الأمريكية لشئون مكافحة الإرهاب استيوارت لوي عن عقوبات اقتصادية جديدة في مؤتمر صحفي قال فيه: “هناك إجماع دولي على أن النظام الإيراني يشكل خطرا محدقا على النظام المالي الدولي”. وأضاف: “إن العقوبات الجديدة لا تستهدف المواطنين الإيرانيين. إن الشعب الإيراني يعاني من سوء إدارة النظام الحاكم في الاقتصاد. الوضع أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 30% وارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 20%، حسب العديد من الخبراء. إن النظام الإيراني أمامه خياران واضحان; أما مواصلة مسيرته الحالية وبالتالي المزيد من عزلته عن العالم وأما اغتنام الفرصة وإعادة التكامل مع المجتمع الدولي، فالخيار متروك له”.
نشرت وكالة ” الاسوشيتدبرس” في العاشر من أيلول/ سبتمبر الماضي كلمة للمفاوض الإيراني السابق حول البرنامج النووي حسن روحاني هاجم فيها بعنف الرئيس محمود احمدي نجاد، محملا إياه مسئولية إفراغ جيوب الإيرانيين وجعل كرامتهم للبيع. واتهمه بإضاعة فرص ذهبية لتطوير الدولة في الأعوام الثلاث الماضيات. وسأل روحاني في اجتماع حزبي: “لماذا جيوب الناس فارغة وكرامتهم للبيع؟، وأجاب نفسه: “إن موقف وشعارات متهورة، غير محسوبة، وغير مدروسة فرضت تكاليف عدة على الأمة”. وأشار روحاني إلى إن لدي السعودية فائضا يبلغ 870 مليار دولار بسبب ارتفاع عائدات النفط، فيما لا تملك الحكومة الإيرانية الكثير من المال وهي تنفق عائدات النفط على الواردات بدل كبح جماح التضخم وإنعاش الإنتاج وتحسين الاقتصاد”. وقال أيضا: “إن حكومة نجاد تبيع النفط ب120 دولارا للبرميل ومع ذلك أزداد الإيرانيون فقرا والاقتصاد ترنح أكثر”. ومنذ العاشر من كانون أول/ نوفمبر الماضي، وحسب وزارة الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات جديدة على النظام الإيراني عقب الكشف عن أعمال تورطت فيها البنوك الإيرانية في دعم جماعات إرهابية وشملت منع المصارف سواء كانت مملوكة للدولة ومنها البنك المركزي أو تلك الخاصة. وقد صنف “بنك صادارت” ضمن المؤسسات الداعمة للإرهاب. وجاءت تلك القرارات لتزيد الخناق على المصارف الإيرانية من الحالات الاستثنائية التي تجيز لها الاستفادة من النظام المالي الأمريكي.
قامت وزارة الخزانة الأمريكية في كانون أول الحالي بتصنيف مؤسسة “أيه. أس. أس. أيه المحدودة” ضمن قائمة الشركات والموئسات المحظورة والتي أسسه بنك “ملي” الإيراني لتستخدم كواجهة لأنشطته بمدينة نيويورك الأمريكية. وصرح السيد “ستيوارت ليفي” نائب الوزير لشؤون الإرهاب ومراقبة التمويلات المالية قائلاً : “إن هذا المخطط لاستخدام شركة كواجهة من قبل بنك “ملي”، المعروف بتهريب الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيران، ما هو إلا مثال على نفاق إيران. وقاد هذا المزيج من التصرف والخداع الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي وأستراليا لتصنيف بنك “ميلي” كموئسة يحظر التعامل معها، ودعا الأمم المتحدة إلى إصدار دعوة يحذر الأطراف المعنية في التعامل مع جميع البنوك الإيرانية”.
اعترف علي صدقي، المدير التنفيذي للبنك المركزي الإيراني بتداعيات العقوبات الدولية المفروضة على إيران. وقال للصحفين: “إن العقوبات المفروضة على “بنك ملي” خارج البلاد أثرت سلبا على نشاطاته حيث لا يمكن للبنك التعامل بعملتي الدولار واليورو في تعاملاته الخارجية”.
وأعترف أيضا بأن الركود الاقتصادي في البلاد تسبب في عدم وجود مصادر جديدة في البنوك الحكومية.
وتوجه المصارف الإيرانية عقوبات مماثلة في العديد من الدول مما خلف وراءه نفور الشركات من التعامل معها في أوربا وآسيا، خاصة بعد إن قامت الحكومات الأوربية من تجميد الأصول الإيرانية لديها ومنع سحبها. وهناك ضغوط متزايدة من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي على الصين وماليزيا والهند من اجل الغرض نفسه. وفي هذه الحالة لم يبقى أمام المصارف الإيرانية إلا التوجه صوب العراق وإغراقه بصفقات غير سليمة مما يعرض التاجر والمواطن العراقي لخطر كبير. فهل يمكن للمواطن العراقي أن يثق بالمصارف الإيرانية العارية من تغطية مالية عالمية؟ وهل يمكن أن تكون المصارف الإيرانية آمنة للحفاظ على المال العراقي الحكومي منه والخاص؟
إن المصارف الإيرانية التي سدت بوجهها الأنشطة في الدول الأخرى تحاول الاعتماد على رأس المال العراقي وتوظيفه في دعم المنظمات المتطرفة والمليشيات كجيش المهدي وغيرها ليس فقط في العراق وإنما في لبنان وغزة ودول خليجية وافريقية ومساعدتها على شراء السلاح. يحاول نظام طهران إعادة تجربة حزب الله اللبناني في العراق عن طريق بناء دولة داخل الدولة حيث يعمل النظام الإيراني على تشكيل تنظيم جديد تحت يافطة”الممهدون” كحركة نظامية دعا مقتدى الصدر لإنشائها من مقر إقامته في قم. وسوف يصرف عليها النظام بكل مكوناتها (أطفال،نساء، طلاب ومعلمين) بسخاء ابتداء من لباس موحد وأساتذة(….) تم التعاقد معهم براتب قدره 150 ألف دينار أو ما يعادل 125 دولارا.
أما عملية تمويل المليشيات العراقية وتدريبها وما كان يكلف ذلك من مبالغ مقطوعة من لقمة المواطن فهي أرقام كبيرة. وقام نظام ملالي طهران بتدريب المئات من عناصر جيش المهدي في معسكرات على الأراضي الإيرانية أو في لبنان على يد حزب الله اللبناني. فحزب الله وجيش المهدي جيوش إضافية تتحمل كلفها الشعوب الإيرانية الفقيرة ويجعلها ملالي طهران ذراع تعمل من اجل المصالح الإيرانية وليس لها علاقة البتة بالدين الإسلامي أو أحد طوائفه. فقد رأى حسين شريعة مداري رئيس تحرير كيهان الرسمية والمقرب من خامنئي “ولي الفقيه” في مقابلة مع صحيفته تحت عنوان ” هذه حربنا” في آب 2006، أي بعد حرب تموز مباشرة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله:”إن حزب الله لا يقاتل من اجل السجناء اللبنانيين ولا من اجل مزارع شبعا او حتى القضايا العربية أيا كانت وفي أي وقت، وإنما من اجل إيران في صراعها لمنع الولايات المتحدة من إقامة شرق أوسط أمريكي”. وفي نفس الخط قال مقتدى في كلمة له في مسجد الكوفة بتأريخ الثاني عشر من نيسان عام 2004 بان جيش المهدي هو اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق. وقال احمدي نجاد إثناء زيارة الرئيس اللبناني الأخيرة إلى طهران متبجحا :” إن الحرب التي استمرت 34 يوما في عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله أثمرت عن العديد من الانجازات للشعب اللبناني والمنطقة”، ولكنه لم يقل من مول الحرب تلك وما خلفته للشعب اللبناني من مآسي في تهديم البني التحتية وتهجير مليون شخص. كما دافع احمد خاتمي، أحد ملالي طهران في خطبة صلاة الجمعة الأسبوع الماضي ، عن دعم إيران لحزب الله اللبناني، قائلا:”إنّ إيران ستدافع بفخر عن مقاومة حزب الله وقائده”.
أي ان ما تصرفه إيران على جيوشها الخارجية على حساب ثروات الشعوب الإيرانية هو لخدمة أهداف سياسية قومية ليس لها علاقة بالمسلمين وبدينهم على اعتبار إن خزينة النظام التي كان من الواجب أن تصرف على حاجات الشعوب الإيرانية التي ترزح تحت ظلم الفقر والعوز إلى تمويل دولة حزب الله اللبناني وجيش المهدي ومنظمات متطرفة في العراق وغيره. إن قراءة سريعة لما يملكه حزب الله من الأموال الإيرانية تظهر صورة مقربة ما يتحمله المواطن العادي في الجمهورية الإسلامية. فكما هو الحال مع مشروع ” الممهدون” لصاحبه مقتدى الصدر فان حزب الله يصرف على الطالب في مدارسه في العام 1996 حوالي 200 دولارا. والمتزوج 300 دولار. أما المدرس 600 دولار شهريا. وإذا نظر إلى المصروفات كتكلفة الجهاز العسكري المحترف ورواتب الإفراد وتكلفة الجهازين السياسي والأمني وجهاز الإعلام فقدرت ميزانية الحزب قبل أكثر من عقد من الزمان 160 مليون دولار. ويقدر زين الدين محمود دخل حزب الله الشهري من إيران ثلاثة ملايين دولار ونصف في العام 1990. أما علي نوري زادة فيقدر ذلك بأنه كان 50 مليون في العام 1991 وما مقداره 120 مليون في عام 1992 ومائة وستين في العام 1993 وارتفاع تلك الميزانية في عهد رسفنجاني إلى 280 مليون دولارا. أما في الوقت الحاضر فان تلك الميزانية قد تضاعفت بكل يصعب تقديره، خاصة وان هناك مئات من الصواريخ والكثير من المال الذي دفع للأسر المهجرة بعد الحرب الأخيرة وغيرها.
فعلى حساب رفاهية الشعوب الإيرانية وتقدمها أينفق على حرب استمرت 33 يوماً، أطلق فيها ما يقرب من أربعة آلاف صاروخ، وحرك فيها ما يقرب من عشرة آلاف من الأشخاص. وبعد تهديم البني التحتية أعلن أمينه العام، حسن نصر الله عن تعويض كل منزل دمر ومجموعها 15000 ألف باثني عشر ألف دولار، أي 180 مليون دولار ، فضلاً عن المبالغ الأخرى للأقل تضرراً وغيرها الكثير.
إن هدف النظام الإيراني واضح لا يقبل الشك السيطرة الكاملة على العراق سياسيا واقتصاديا وجعله قاعدة للانطلاق، ليس لتحرير القدس كما يدعي وإنما لاستعباد شعوب المنطقة بغض النظر عن كونهم عرب أو أكراد أو تركمان، ناهيك عن الأقليات الدينية والقومية التي يضمها وطننا بين رافديه.
فالنظام الإيراني مستمر في تبذير ثروات الشعوب الإيرانية ومصالحها ليس فقط على البرامج العسكرية وإنما أيضا في تمويل وتسليح ودعم الجماعات الإرهابية في العراق. فقد أعلنت القوات الأمريكية أنها اعتقلت 33 شخصاً من عناصر النظام الإيراني خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.وتفيد التقارير أن 7 من عناصر قوات القدس التابعة للحرس الإيراني اعتقلوا فقط في البصرة في يوم 1كانون الأول الحالي.وقال مسئول أمني في المدينة إن 7 ممن تم اعتقالهم هم إرهابيون من يعملون لقوة القدس الإيراني. وأعلنت الشرطة العراقية انه وخلال هذه الاعتقالات تم ضبط 52 سيارة ودراجات نارية إضافة إلى عدد من صواريخ كاتيوشا المصدرة من طهران إلى العراق.
إن سياسة النظام الإيراني تلك سوف تطيح به حتما نتيجة ضربات الحصار الاقتصادي، كلفة تدخله المسلح في شئون الدول الأخرى وتكوين دويلات داخل الدولة يصرف عليها من ثروات الشعوب الإيرانية وأخيرا برنامجه النووي.
ralamir@hotmail.com
• كاتب عراقي
الازمة الاقتصادية وموقع النظام الإيراني على خارطتها
يجدر بكلّ عربي وسيما كل عراقي من اتباع الأرهابيين أن يقرأ مقال الدكتور رياض الأميرهذا ليعرف سياسة أيران وكيف تموّل الأرهاب، وانّ هذا التمويل هو اعتداء على حقوق وأموال الشعب الأيراني جارنا الكريم.
المقال يفضح بالدلائل مساهمة ايران في خلق ارهاب عراقي – عراقي.