بمناسبة عيد الفطر أحب النظام السوري عمل مفاجأه للمواطنين تكون تعبيراً عن مشاعره ومسؤوليته تجاههم، وهديته وإكراميته لهم بالمناسبة السعيدة، فعساها تزداد فرحتهم وطمأنينتهم على رجال أمنهم ومخابراتهم بكل أنواعهم المدنية والعسكرية والجوبة والبحرية والعامة والخاصة المخفي منهم والمكشوف في داخل البلد وفي كل أنحاء المعمورة ومعهم الجمارك وغيرهم من جنسهم كثير، ومن ثمّ ينامون مرتاحي البال على رجال أمنهم العاملين تعباً ورهقاً وغير المقصرين مع هالناس الغلبانين والمعتّرين اضطهاداً وقهراً.
المفاجأة تمت بصدور المرسوم التشريعي الجديد رقم 64 تاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2008 ، ورغم أنه لم يكن فيها من جديد المعنى لبني آدم ولافائدة مرجوة لأعدائهم، لكنها كانت مثيرةً في موضوعها الذي أَلحقَ عناصر الشرطة والضابطة الجمركية وضمَّهم إلى المشمولين بالمرسوم التشريعي القديم رقم 14 لعام 1969. وحتى يمكن فهم الجديد في المرسوم الجديد لا بد من الملاحظة ابتداءً أن المرسوم القديم رقم 14 أشار جلياً وعلى رؤوس الأشهاد إلى أنه لايجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة (المخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والمخابرات العامة) أوالمتعاقدين معها أو المعارين إليها والمنتدبين عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة. بمعنى أن هنالك جهات أشير إليها بالمرسوم ترتكب جرائم أثناء تنفيذ مهماتها، ينتج عنها بالتأكيد جهات متضررة تقع عليها أفعال سماها المرسوم صراحةً جرائم، ولكنها بصراحة المرسوم العتيد لاتملك حق مقاضاتهم في مقابل هذه الجرائم.
وبملاحظة ماسبق وبناء عليه، وباعتبار شعار (أنّو) في بلادي (ما بضيع) الحق الذي رفعه السيد غوار الطوشي منذ سنين وسنين أصالةً عن نفسه ونيابةً عنا، وتأكيداً عليه والتزاماً به، فإن المرسوم التشريعي الجديد جاء ليضيف عناصر الشرطة والضابطة الجمركية ممن فات ذكرهم على الجهات المسؤولة، وغفلت عنهم في المرسوم القديم ليصبحوا مشمولين فيه، وليغدوا بجمعهم ومجموعهم في عصمةٍ عن المساءلة القانونية مهما عملوا ومهما ارتكبوا من جرائم على حد تعبير المرسومين قديمهما وجديدهما من قبل الضحايا والمعتدى عليهم والبرآء من الناس. وبالتالي فقد عمل المرسومان في مجموعهما على شرعنة عمليات القمع والقتل وسفك الدماء والاعتداء على الناس من دون حساب من قبل فئات أشير إليها تحديداً بالمرسومين وإلا فقد ضاع حق غوار.
يعني بالمشربحي أو بالقلم العريض، أصبح أمر مساءلة جهات محددة عن جرائمها فضلاً عن محاسبتها من خلال المرسومين السابق فيهم واللاحق وبنص القانون العتيد أمراً مرده إلى مدير الإدارة في بعضها، وإلى القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بعضها الآخر، أي أنها جهة واحدة في المآل يمكن لها فيما لو رأت ذلك أن تساءلهم على راحتها (شنّو) هي الجهة المسؤولة عنهم إداراياً. وهو مايعني نتيجةً ألا يكون للمتضرر الرئيس من الأمر شيء إلا أن يبتلع ماواجه من الجريمة ويحتسب أمره، وإلا فماذا عساه فاعلاً وهو من مورست عليه الجرائم من عناصر إدارات قمعية وأفراد أجهزة متوحشة معفاة حسب القانون وبمراسيم واضحة وفصيحة من المساءلة والمحاسبة ، ولايمكن معها للمتضرر أن يذهب إلى القضاء لأنه لايمتلك هذا الحق الإنساني الذي سلبته إياه مراسيم معمولة ومصنّعة ولها غاياتها وأهدافها في بلاد لايضيع فيها الحق، فلا حياء في المراسيم وإلا ضاع حق غوّار.
إن أربعين عاماً خلت من عمر هالناس مع هالنظام والمرسوم 14 المذكور آنفاً كانت مليئةً بالقمع والاضطهاد والتعذيب والقهر والتعتير، افتقد فيها الوطن عشرات الآلاف من ناسه وأهله، ومورست عليهم كافة ابتكارات القهر والتعذيب وأساليب التنكيل والبطش مما لا يخطر على قلب بشر من الهوان والذل والعذاب والتوحش، لم نسمع فيها أن واحداً من هؤلاء رغم أن المحاكم مفتوحة أبوابها استطاع أن يرفع قضية ما أمام القضاء للقصاص من مرتكبي هذه الجرائم لامتناع ذلك بحصانةٍ ممنوحة لهم كيلا تضيع حقوقهم هذا من جهة، ولم يُسجَّل فيها أن قامت السلطات الرسمية بأي تحقيق أو محاسبة أحدٍ أيضاً من جهةٍ أخرى وإلا فقد ضاع الحق.
أما لماذا جاء المرسوم 64 الجديد، فإن لصانعية ومصدريه لاشك مبرراتهم وألغازهم التي لايفصحون عنها، ولكننا لانعدم أن نتلقّط بعض معالمها في لحن نصوص المراسيم وتوقيتها. فقد تكون عثور بعض الضحايا على خرمٍ أو بخشٍ في المرسوم القديم استطاعوا النفاذ من أقطاره للسعي إلى جرجرة مرتكبي الجرائم لاسمح الله من رجالات الشرطة مثلاً إلى المحاكم لإضاعة حقوقهم، أو أن رجالات الشرطة دخلوا طوراً جديداً عبر ممارساتهم وتجاوزاتهم في بعض المخافر والسجون يمكن للضحايا فيه مساءلتهم أمام القضاء ولو صورياً على ماعملوا فيضيع الحق، أولعله وهو الأرجح أن أحداث السجن ذو السمعة العطرة في مدينة صيدنايا منذ ثلاثة أشهر والتي ذهب فيها عشرات الضحايا والقتلى كان فيها للشرطة مشاركة فاعلة، ومن ثم عملت الجهات الأمنية لحماية ظهورهم من الضحايا والقتلى ممن في قلوبهم زيغ أن يشحشطوهم إلى قاعات المحاكم ويضيع الحق. هذا ورغم علم الجهات المعنية بأن البعض من آلاف الضحايا الذين نفدوا بجلدهم ومازالوا أحياء لن يمكّنوا في أي حالٍ من الأحوال من أخذ معذبيهم ومضطهديهم ومرتكبي الجرائم فيهم لمساءلتهم أمام القضاء وإضاعة الحق، لكنها تغلق على الشك باليقين وتقذف برجالات الشرطة إلى حصن يحميهم، تضع داخله من تضع من رجالها، ويكون عصياً على كل من تسوّل له نفسه ممن في قلبه مرض أن يمسهم بحساب الحق وعدالة القضاء وإلا فقد ضاع حق غوار وشعاره صار في الأرض.
ســأله مستغرباً: لماذا كل هالمراسيم التي جاء جديدها يشد من أزر قديمها تمنح لطبقة خاصة، فتزيدها حصانةً إلى حصانتها وتمنع مساءلتها، ويقفلونها على الناس قفلة واحدة (مابتخرش المية)..!!؟
قال: هم رجالات الأمن وفيهم الباسل والقاهر والظافر، وذراع النظام الضارب المقاوم الممانع، وليس من المناسب أن يتطاول الناس على مقامهم وهيبتهم وإن ارتكبوا الجرائم تجاههم، فينبغي جعل مساءلتهم من اختصاص إداراتهم في بعضها واختصاص القيادة العامة في بعضها الآخر وإلا فقد ضاع الحق. صحيح أيضاً أن المرسوم الأول قد أطلق يد الأجهزة الأمنية لتفعل ماتشاء دون حسيب أو رقيب من قانون أو قضاء، وأن المرسوم اللاحق الجديد جاء تأكيداً وتصميماً على سابقه لاستكمال حلقة الاضطهاد والقمع وعدم محاسبة مرتكبي الجرائم بتوع المراسيم إذا كانوا في مهمةٍ من قبل الحكومة وخاصةٍ في الحكومة إلا إذا رغبت الحكومة وإلا فقد ضاع الحق (اللي) هو حق الحكومة.
سأله ثانيةً: إذاً، لماذا ربط المرسوم الأخير رغم إيمان أصحابه بعدالة قضائهم ونزاهته، مساءلة الضحايا لمن اصطلح المرسوم على تسميتهم مرتكبي الجرائم بالقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة..!؟
فأجابه متنهداً: حتى لا يضطر الضحايا لأخذ حقهم عنوةً وهو غير لائق(ببلاد) الحق، كما أن مطالبتهم بحقوقهم وسعيهم إلى القضاء للمساءلة والحساب هو مطلب حق وفيه جلب مصلحة، ولكن قد ينتج عنه لاقدر الله ضياع حق مرتكبي الجرائم حسب المرسوم وفيه مفسدة. وبما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فإن المرسوم ربط مطالبتهم بجهةٍ مدمنة على حق الأكل وأكل الحق في الوقت المناسب، ورد الحق وحق الرد في المكان الأنسب وإلا فكيف يضيع الحق الهدّار في بلاد غوّار.
cbc@hotmailme.com
* كاتب سوري
في بلاد غوّار لا يضيع الحق الهدّار
اولا يجب ان نضع حلقة في اذاننا العبارة التالية: لا يمكن ان يسمح نظام شمولي مخابراتي بجار ديمقراطي لان ذلك اما قاتل او مقتول.الكل يعلم ان النظام السوري المخابراتي دخل الى لبنان باذن من امريكا واسرائيل وخرج من النافذة بقوة المجتمع الدولي نتيجة العبث وتدمير الشعب اللبناني ولكن ترك في لبنان مخابرات ارهابية ومليشيات حزب الله الطائفي الايراني وفتح الاسلام وغيرها و الان دخل من الباب اي بشكل نظامي ونعلم انه كم من سفارة كانت بؤرة ومستنع مكروبي مخابراتي تبث الفساد او الطائفية لتدمير البلد فالمشكلة مشكلة وعي ومستوى القابلية للاستعمار.