الاحتكاك الدائم مع الطلبة، وهو احتكاك أمارسه منذ سنوات طوال في جامعة الكويت كما أمارسه في كل زيارة للجامعات المنتشرة في العالم العربي. فمستقبل العالم العربي مرتبط بالقدرات الشابة التي بدأت تكتشف يوما بعد يوم مدى ضعف الخطاب المقدم لها من القوى التقليدية كما وتكتشف أن مستقبلها بسبب الفساد وضعف الإدارة وحدّة تسييس القضايا قد يكون هو الآخر في مهب الريح. فهناك طاقة صاعده تكتشف كل يوم أنها إذا لم تكن أكثر جرأه على النقد، وأكثر استعدادا لتحدي تردد الكبار في صنع القرار الحكيم فسوف تجد نفسها بلا مكان وبلا أوطان، لهذا قد يفقد الجيل الصاعد الاستقرار، والاقتصاد المزدهر والوظيفة التي حلموا بها بعد تخرجهم من الجامعات. إنهم يكتشفون مع كل حدث وتطور بأن طريقهم لن يكون مفروشا بالورود، وان أحلامهم لن تتحقق بلا جهود مضاعفه خاصة وان الأزمة المالية الأخيرة تترجم في واقعنا تتويج لسياسات فيها الكثير من الترهل والضعف في التخطيط. وبقابل هذا الاكتشاف أن الجيل الصاعد من جهة أخرى يعاني من ضعف في الإعداد، ومن سوء حظه انه نتاج برامج تعليمية ركيكة، وان الكثير من التعليم في العالم العربي بحاجه لانتفاضه شامله أن كنا نريد أن ينجح الجيل القادم في التصدي لمشكلاته بفعالية.
الأجيال السابقة طرحت أمالها على مدى العقود السابقة وأصبح كل شعار طرح في الماضي يلخص الكثير من الطموحات: بدأنا مع الاستقلال هو الحل ثم القومية هي الحل، ثم ألدوله هي الحل، ثم القطاع العام هو الحل، وفلسطين هي الحل، ثم الإسلام هو الحل، ثم أمريكا هي الحل، السلام هو الحل، ثم برز تيار الإرهاب هو الحل، والقطاع الخاص هو الحل والمقاومة هي الحل. وفي كل شيء لم يكن هناك تعامل بناء مع لمشكلات عميقة في البنيان العربي تنعكس على المجتمعات العربية من خلال تقسيمات المجتمع القبيلة والطائفية والنفسية والمالية والاقتصادية، أم من خلال طريقة التفكير، وطريقة صنع القرار، أسلوب الاداره ووسائل الحكم، الحالة الثقافية والحالة الإنسانية، ضعف الشفافية وسواد الديكتاتورية. هكذا انتقلنا إلى أن وصلنا لحالة تردي في أوضاعنا من فلسطين حيث جوهر الصراع العربي الإسرائيلي إلى ليبيا حيث مجتمع بالكاد يخرج من دائرة العقوبات وسياسة المغامرة.
ونكتشف أيضا أن القطاع الخاص لم يكن الحل. فهو جزء من الحل، إلا انه بفضل سعيه نحو الربح المضخم يقع في أخطاء اجتماعيه واقتصاديه كبرى. أما الدولة والقطاع العام فقد تبين أنها ضحية فئات صغيره وقليلة العدد توجه ألدوله برمتها وفق تصوراتها التي سرعان ما تصل إلى طرق مسدودة. ففي ظل غياب الشفافية والحريات والنقد والمراجعة تسقط الدول في تحقيق مشروعها الوطني. أما الإسلام فقد خرج بصورته الحركية والسياسية الراهنة من دائرة الحل، لان كل فريق إسلامي رأي الواقع من وجهة مختلفة، وقد تقوقع الجميع في ظل شعار المقاومة لكل شيء، وقد وقع في صفوفها الانشقاق تلو الآخر، ووقعت هي الأخرى ضحية المزايدة في المواقف والتصعيد في التشدد إلى أن وصل الأمر لما وصلنا إليه من انقسام شيعي سني ومسيحي إسلامي وإرهابي مسالم وإسلامي ليبرالي وسط العالم العربي وفي مدنه الرئيسية. هكذا تعمقنا في التفتت والتشرذم عوضا عن الوحدة والوطنية.
الجيل الصاعد الذي يتشكل أمامنا لا يريد أن يكون ضحية التعصب أو الفئوية في العمل الحكومي والجشع في القطاع الخاص، ولا يريد أن تستقطبه تيارات يسيطر عليها جيل لم يحقق لنفسه ما يريد أن يحققه لها. في هذا يقع في عالمنا العربي فراغ كبير بين جيل الآباء وجيل الأبناء. أن الأجيال الصاعدة تنشأ في ظل ظروف صعبه، فالأعداد السكانية في تزايد، والقيم ألاقتصادية لم تعد متوفرا للجميع كما كانت منذ عقود، والتعليم في تراجع، والتهميش هو النصيب الأهم للجيل الصاعد. سيلقى على عاتق هذا الجيل أن يكد ليكتشف، وان يبحث ليعلم، وان يتفكر بما هو حوله ليتطور. عليه أن يكتشف الآن أن الأمور قد تبدو بعكس ما هي عليه، وان الاكتشاف والتساؤل هو وسيلته الوحيدة لإنارة طريقه.
shafgha@hotmail.com
أستاذ العلوم السياسية- الكويت
“الرأي”
الشباب مفتاح المستقبل!
جمهوريات الخوف والفقر والبطالة يقول احدهم في صحيفة الثورة السورية (تخلف انظمتنا المالية كان له الاثر في عدم تاثرنا) وا اسفاه على هذه الشعوب المقهورة افيقوا طبقوا الديمقراطية واحترام الانسان