تصريحات حسن روحاني، التي نشرتها “الشرق الأوسط”، تعني أن هنالك عناصر “عقلانية” مؤثرة في النظام الإيراني الذي لا يمكن إختصاره بأحمدي نجاد. وهذا يشير إلى أن بعض السياسات الأميركية تتحمّل، هي أيضاً، بعض المسؤولية عن العلاقات المتوترة مع إيران.
وهذا رغم الرقابة الأمنية التي لا تسمح حتى لحسن روحاني بطرح موضوع “كلفة حزب الله” على إيران بصورة علنية.
مع ذلك، تطرّق نائب الرئيس الإيراني السابق محمد علي أبطحي في مدوّنته (رابط المدوّنة على صفحة “الشفاف” الإنكليزية ) إلى موضوع حسّاس في إيران، هو موضوع العلاقات السنّية-الشيعية داخل إيران.
يقول أبطحي:
في إيران، إن واقع أن ملايين السنّة يعيشون مع أغلبية شيعية قد تحوّل إلى مسألة خطيرة وحسّاسة. إن الجهل، والإهانات في وسائل الإعلام، والتعليقات الرسمية للسلطات، والضغوط على المجتمع السنّي، يمكن أن تشكل ذريعة لكي تواجه البلاد خطراً عظيماً، كما إنها تخلق إمكانية أن يتعرّض الشيعة للخطر في أنحاء أخرى من العالم الإسلامي يكون فيها السنّة هم الأغلبية..
*
لندن: منال لطفي
وجه حسن روحاني المستشار الأمني للمرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي انتقادات حادة الى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، قائلا إن سياسات أحمدي نجاد أدت الى أضرار أكثر مما أدت الى فوائد او منافع خلال السنوات الثلاث التي قضاها في السلطة. وقال روحاني، في انتقادات لاذعة إلى الرئيس الإيراني الذي بات يواجه انتقادات شبه يومية الآن في إيران، إن احمدي نجاد «ضيع فرصا ذهبية» لتنمية الدولة الإيرانية. متسائلا: «لماذا جيوب الناس خاوية.. وكرامتهم ضائعة؟».
كما دعا روحاني الى النظر الى فوائض النفط في السعودية والتي بلغت كما قال 870 مليار دولار، فيما فوائض خزينة إيران قليلة وتستخدم في الاستيراد من الخارج بدلا من معالجة التضخم. وتأتي انتقادات روحاني، أحد رجال الحلقة الضيقة القريبة من خامنئي، قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران يوم 12 يونيو (حزيران) 2009، كما تأتي بعد نحو اسبوع من انتقادات اخرى لا تقل عنفا وجهها مستشار اخر لخامنئي هو علي اكبر ناطق نوري، الذي قال إن السياسات الاقتصادية للرئيس الإيراني تهدد بعدم تحقيق خطط إيران كي تصبح قوة عظمى كبيرة في الشرق الأوسط بحلول عام 2025. وأشار روحاني أمس متحدثا أمام حزب «الاعتدال والتنمية» الى نسبة التضخم العالية في إيران بالرغم من ارتفاع عائدات البترول. وقال روحاني، الذي كان ايضا المفاوض النووي الرئيسي لإيران خلال حكم الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي، ان احمدي نجاد فشل في خصخصة الاقتصاد الإيراني كما كان مطلوبا وفقا للدستور الإيراني الذي دعا لتخصيص الاقتصاد بما في ذلك البنوك وقطاع الطاقة. وأشار الى ان احمدي نجاد «ضيع فرصا ذهبية» على المستوى الدولي لتحسين مكانة إيران. وتساءل روحاني في كلمته التي نقلت وكالة أسوشيتدبرس مقتطفات منها «كل هذا اضر جدا بإيران.. لماذا جيوب الناس خاوية.. وكرامتهم ضائعة». وتابع روحاني «التصريحات بدون تفكير وغير المدروسة والتي تقال بدون حساب والشعارات، كلفت الامة والبلد ثمنا كبيرا»، وذلك في اشارة ضمنية الى نهج الرئيس الإيراني المتشدد فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، خصوصا كلامه حول محو اسرائيل من على الخريطة وطريقة معالجته لازمة الملف النووي الإيراني، مما ادي الى فرض 3 جولات من العقوبات على إيران، وصف أحمدي نجاد اخرها قبل نحو شهرين بأنه «قرار لا يستحق حتى الورق الذي كتب عليه».
وأشار روحاني الى أن حكومة احمدي نجاد تبيع برميل النفط الخام حاليا بـ120 دولارا، فيما كانت الميزانية الإيرانية التي وضعت عام 2005 عندما تولت حكومة نجاد تتوقع أن يكون سعر البرميل 20 دولارا للبرميل فقط. لكن وبالرغم من الارتفاع الكبير في أسعار البترول الخام، فإن الإيرانيين اكثر فقرا، والبطالة اكثر ارتفاعا وكذلك التضخم. يذكر ان الإيرانيين اشتكوا كثيرا في الأسابيع الماضية من تكرار انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات في اليوم. وقال روحاني ان السعودية لديها فائض 870 مليار دولار من عائدات النفط، فيما الحكومة الإيرانية لديها فائض قليل، وتنفق ما لديها من هذا الفائض لاستيراد سلع من الخارج، بدلا من ان تستخدم هذا الفائض للسيطرة على التخضم، او زيادة الانتاج او تحسين الاقتصاد. وتابع: «خلال السنوات الثلاث الماضية، فرص كبيرة لا تصدق ضاعت علينا»، مشيرا ايضا الى فشل احمدي نجاد في الاستفادة مما وصفه بأضعف وضع تجد اميركا نفسها فيه منذ السبعينيات من القرن الماضي بسبب انشغالها بالحرب في العراق. وكان البنك المركزي الإيراني قد قال الأسبوع الماضي ان التضخم وصل الى 27.6% وهى اعلى نسبة تضخم في تاريخ إيران. ويعود السبب الأساسي للتضخم في إيران الى قيام الحكومة بحقن السوق بكمية كبيرة من السيولة من اجل خلق فرص عمل جديدة، وهو ما حذر اقتصاديون إيرانيون الرئيس الإيراني منه، ومن بينهم رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان احمد توكلي، الذي بالرغم من انتماءه للتيار المحافظ، انتقد سياسات احمدي الاقتصادية بشكل علني مرات عديدة. وتنص المادة 44 من الدستور الإيراني على قيام الحكومات الإيرانية بتسريع وتيرة عملية الخصخصة في البلاد والتي تسير بشكل بطيء جدا بسبب العقوبات المفروضة على إيران والخوف حتى من ضربة عسكرية من أميركا أو إسرائيل. إلا أن روحاني انتقد مسار الخصخصة الذي تسير فيه الحكومة، موضحا ان هناك «شركات لها علاقة بالحكومة هى التي بيع لها اسهم الشركات المفروض خصخصتها، وليس شركات خاصة مستقلة». ويعد روحاني من أهم رجال الحلقة الضيقة المحيطة بالمرشد الاعلى لإيران، وهو براغماتي قريب من رئيس مجلس الخبراء في إيران على أكبر هاشمي رفسنجاني، كما ان علاقته بخاتمي جيدة. وعندما كان روحاني مسؤولا عن ادارة الملف النووي الإيراني لم تتعرض إيران لاى عقوبات دولية. ويعتقد على نطاق واسع ان رجال الحلقة الضيقة في إيران المحيطين بالمرشد الاعلى سيكون لرأيهم دور مهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب الخوف على الوضع الاقتصادي الداخلي الهش، وتوتر علاقات إيران الاقليمية والدولية. وكان على اكبر ولايتي مستشار خامنئي للشؤون الخارجية قد وجه بدوره قبل نحو شهرين انتقادات حادة الى احمدي نجاد، قائلا إن اللهجة المتشددة لا تخدم مصالح إيران الخارجية.
لكن الانتقاد الافدح والأكثر تأثيرا جاء من قبل علي أكبر ناطق نوري وهو احد مستشاري خامنئي وكان مرشح المحافظين لانتخابات الرئاسة امام خاتمي عام 1997. اذ قال ناطق نوري، الذي لا يتحدث كثيرا بشكل علني حول اداء حكومة أحمدي نجاد قبل نحو اسبوع، إن السياسات الاقتصادية للحكومة تهدد خطط إيران لكي تصبح قوة اقليمية عظمى في منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2025 كما يريد المرشد الاعلى لإيران. وأثارت تصريحات روحاني ومن قبله ناطق نوري انطباعا بوجود خلافات بين خامنئي ومقربين منه حول دعم احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصا بعد قول خامنئي لاحمدي نجاد قبل نحو اسبوع: «تصرف وكأن امامك 5 سنوات في الحكم لا سنة واحدة»، الا ان مسؤول إيراني قال لـ«الشرق الأوسط»: ان «قراءة تصريحات خامنئي ليست امرا سهلا.. ليس بالضرورة ما قاله حول الخمس سنوات الاخرى لاحمدي نجاد، يعني انه يريد ان يبقى نجاد خمس سنوات اخرى. البعض قرأ تصريحات خامنئي على أنها أعتراف ضمني واضح بفشل احمدي نجاد. المرشد يقول له ضمنا: رغم فشلك اعمل الان بكل جهدك واخرج كل طاقتك كأنك ستبقى خمس سنوات وليس سنة واحدة».
وكان احمدي نجاد قد وصل لمنصب الرئاسة في إيران عام 2005 بعد برنامج شعبوي شعاره الاساسي وضع عائدات النفط على مائدة الإيرانيين العاديين، واعادة مبادئ الثورة الإيرانية الى عهدها الاول، الا ان طريقة ادارته الاقتصادية لم تجد له نصيرا بين كبار المسؤولين الإيرانيين وعانت حكومته من استقالات عديدة، كما ان علاقته برئيس البنك المركزي الإيراني ليست في احسن حالاتها بسبب اعتراضات البنك المركزي على سياسات الرئيس. وفيما لم يعلن احمدي نجاد اعتزامه الترشح، فإنه من المؤكد ان يعلن ترشحه، الا ان المنافسة على الكرسي الرئاسي ستكون ساخنة جدا، إذ ان التيار الاصلاحي يبحث عن وجوه قوية تمثله في الانتخابات، التي يأمل ان تعود به الى قلب السلطة التنفيذية. وبينما اعلن رئيس حزب «اعتماد ملي» مهدي كروبي اعتزامه الترشح للانتخابات، فإن اعين الاصلاحيين حقيقة تتجه إلى الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي لم يعلن بعد ما إذا كان راغبا في الترشح، الا ان هناك اصواتا كثيرة تدعوه لخوض غمار الانتخابات على اساس أنه أكثر وجه اصلاحي يمكن ان يمثل خطرا حقيقيا على حظوظ احمدي نجاد في الفوز بولاية ثانية. لكن المنافسة لاحمدي نجاد لا تأتي فقط من التيار الاصلاحي، بل من التيار المحافظ ايضا اذ يعتقد ان اثنين من كبار رموز المحافظين يريدون منافسة نجاد على كرسي الرئاسة وهما رئيس البرلمان علي لاريجاني وعمدة طهران محمد باقر قاليباف.
الشرق الأوسط
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=4&issueno=10879&article=486341&feature=