ملاحظة من “الشفّاف”:
لأن هذا الموقع علماني ويصر على علمانيّته، فقد رفضنا في الماضي، وسنرفض مستقبلاً، نشر كل ما يمثّل دعوة إلى الطائفية، وكل تحريض طائفي، وأيّة كتابات يُشتمّ منها التحريض ضد طائفة أو مذهب أو دين.
ولأن هذا الموقع “شفّاف”، فنحن مع مناقشة “القضية الطائفية” في أي بلد عربي بشفافية وصراحة ووضوح. ولكن، من زاوية علمانية وعقلانية +وديمقراطية.
لقد كان “الشفّاف” سبّاقاً في اتخاذ “موقف” من حزب الله، ومن النظام السوري و”رجاله في لبنان” (بدون أن ينحاز إلى طرف أو حزب من المعارضة السورية)، ومن نظام الملات في إيران. لكنه يفخر بكتّابه وأصدقائه من أبناء بيئات شيعية وعلوية سواء من لبنان وسوريا، أو من السعودية والبحرين والكويت.. وإيران. ويفخر، أيضاً، بأن هذه البيئات تعتبر أن “الشفّاف” يمثّلها، وبأنه لم يمارس يوماً التحريض ضد الشيعة والعلويين أو ضد شعب إيران الصديق كما تفعل بعض المواقع، بما فيها المسماة “ليبرالية”!!
يدعو “الشفّاف” إلى مناقشة ما طرحه عبد الرزّاق عيد، دحضاً أو تأييداً..، مع الإلتزام بأصول التخاطب المتعارف عليها.
وللذين اتصلوا من عدة بلدان، مؤيّدين أو محتجّين، على نشر تعليق على الحلقة الأولى كنا نشرناه ثم سحبناه من الموقع، فسبب سحب التعليق هو لأنه تضمّن إتهامات غير موثّقة، “جنائية” وغير جنائية، بحق شخصيات سورية موجودة الآن في سجون النظام الديكتاتوري أو في المنفى. ميشال كيلو ورياض سيف وفداء حوراني ومأمون الحمصي وعبد الرزاق عيد ليسوا فوق النقد! ولكن توجيه إتهامات لهم بدون سند أو دليل لا يدخل في باب السجال السياسي.
“الشفّاف”
*
س – ألا تتوقع أن تجد أصداء مضادة لطريقتك التحليلية التي تستخدم الطائفية كأداة تحليلية في الكشف عن لواقع السياسي القائم في سوريا، وأن هناك من سيتهمك بالطائفية واثارة المشاعر الطائفية كما جرت العادة في مهازل القضاء (الأمني) ضد من تسميهم الأنبل الأشرف من مثقفي سوريا، أو فيما تطلق عليهم عادة اسم: (المثقفين الفضلاء)!
ج- لن نستسلم للعادة بعد اليوم الذي راح فيه يحاكم أنبل مثقفي سوريا العلمانيين الديموقرطيين (الفضلاء) بوصفهم طائفيين، وأن النظام الذي مزق البلاد كل هذا التمزيق هو الذي يضع نفسه حكما على الوحدة الوطنية. كنا نحاول تجنب الاشارة المباشرة إلى الصناعة الطائفية اليومية للحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية لسوريا التي يقوم بها النظام، كمن يتجنب ذكر السرطان، فيقول:هذاك المرض. لقد آن الأوان لنذكر المرض، مرض سرطان طائفية النظام، لأن السكوت عليه وتجنب ذكره سيأكل خلايا البلد تحت ذريعة مراعاة مشاعر المريض الذي ينقل عدواه لكل الجسد الاجتماعي، إذ لا يمكن معرفة الوضع الحقيقي لسوريا بدون استخدام مصطلح الطائفية كأداة مفهومية مفتاحية لفهم واقع النظام وسلوكه وممارساته سياسة واقتصادا وثقافة، سلما وحربا، دون أن نخاف على الوحدة الوطنية التي لم يفتك بها خطر، بمقدار خطر الصمت والسكوت على طائفية النظام باسم الوحدة الوطنية المدعاة.
أية وحدة وطنية وأية مصلحة وطنية تكمن في السكوت على عصابات تسعى للاحتماء بطائفتها عبر احتكار وسائل العنف؟ بل وعبر رشوى الطائفة العلوية ذاتها بفتات مكاسب صغيرة تريد ايهام الفقير العلوي بأنه يحكم ويتسيّد عبر تسعير وعي استثنائي بالذات، بوصفها ذاتا طائفية عليا مهددة بالمحيط الذي حولها الذي ينفث عليها تميزها وتفوقها (التقدمي)، مما يولد مشاعر الحذر المتبادل والخوف والفساد الذي يتعيش على بيئة غياب القانون وحضور الاستثناء. ولذا، فالناس يوردون آلاف الحكايات عن المهرب الذي يضع صورة حافظ الأسد على باب بيته أو جدار محله… أو عن ذلك الانتهازي الصغير الذي يستخدم (القاف) الخاصة بالطائفة لتحقيق أهدافه الدنيئة، بل إن معظم البعثيين يستخدمون لهجة الطائفة الحاكمة للتأكيد على ولائهم، بل عندما يوضعون ببعض المواقع الأمنية لتمويه الصورة – وهذا ما كان يحدث سابقا لأنه لم يعد اليوم ثمة تمويه- فإنه يكون أكثر شراسة وعدوانية ذئبية من زملائه من الطائفة العلوية، ليؤكد على أنه موضع ثقة. وحافظ الأسد هو المؤسس الفعلي لهذا الإنقسام الطائفي الكريه الذي انتقل به من الممكن المضمر في الستينات، إلى الواقع الظاهر في السبعينات، وإلى المعلن والمشهر والمتحدي في الثمانينات.
س- إذاً، أين التاريخ البعثي القومي لضابط تكوّن في جيش سوريا الوطني الذي ارتبط ميلاده بقيام اسرائيل وتأسس على عقيدة الصراع مع الصهيونية والاستعمار؟
ج- حافظ الأسد من الثانوية إلى الجيش، أشك أنه قرأ في حياته كتابا نظريا في الفكر السياسي، وأشك أنه عرف المرجعيات الفكرية والنظرية لـ (المنطلقات النظرية) لايديولوجيا حزب البعث. إنه تعلم بعض الشعارات العمومية وظل يرددها ويستهلكها حتى مماته، عبر دمجها بالثقافة التجريبة اليومية أيضا، بينما ظلت ثقافته هي الثقافة اليومية للمجتمع الريفي الذي يسهر ويسمر على حكايا الماضي، وإذا قرأ فإنه يقرأ السير ويتباهى بثقافة (الاعراب) لاعتقاده أن الثقافة تكمن بمقدار معرفة النحو والاعراب كما تعلم في الكتاتيب ومدارس زمانه من، وفي أحسن الحالات قراءة الشعر أو التاريخ: (تاريخ سير البطولات). وأظنه قد أغرم بالتاريخ، واجتذبه مكر معاوية في إدارة الحكم، لكن الإرادة الامبراطورية عند معاوية اختصرها حافظ الأسد واختزلها بالهيمنة على لبنان بدلا وتعويضا عن الجولان، لأنه بمكره الريفي الشفوي كان يعرف أنه ليس ثمة هيمنة على لبنان إذا ظل يطالب بالجولان، فاكتفى بملفوظات الشعارات التحريرية اعلانيا واعلاميا، بينما طفق يحول الجيش إلى أداة سيطرة وتحكم بالسلطة في سوريا ولبنان واقعيا وفعليا واجرائيا. وعلى هذا فإن استمراره واستمرار عائلته في التغلب والسيطرة لعقود من الزمن، ليس لها علاقة بالحنكة والدهاء الذي استقاه من معاوية، بل استند إلى أطروحة بسيطة وشفوية وصغيرة مضمرة، كان يرددها أمام دائرة أصدقائه المقربين: أعطوني خمسة جنرالات مخلصين وموالين لأحكم الولايات المتحدة الأمريكية…! تماما كما حكم سوريا لعقود فيما عرف بمجموعة الجنرالات الذين سموا بـ(العليين).
مع الأسف، إن موروثه الثقافي الطائفي لم يدفعه للتمثل بأخلاق الزهد والتقشف والنزاهة والمثالية الأخلاقية للإمام (علي)، بل وظف الطائفة في خدمة مشروعه السلطوي عبر الافساد المنظم للطائفة والمجتمع معا…!
فقام بتتفيه وابتذال البعد الميكافيلي البراغماتي لمعاوية المؤسس لامبراطورية عظمى، إلى حدود تصغير معاوية إلى مستوى حاكم مستبد في العصور الوسطى، من خلال استلهام مبدأ التوريث وشراء ذمم الناس، لكن دون امتلاك الدهاء المعلن والساخر لمعاوية الذي لم يكن لديه أية أوهام أو ادعاءات تموه حقيقة أنه يغتصب السلطة لإبنه صراحة بدون أي تدليس أو تلبيس، وذلك عندما سأل رئيس وفد جاءه من قبل عمرو بن العاص ليبايعه بتوريث يزيد، فقال له ضاحكا: بكم اشترى عمرو بن العاص منكم دينكم!؟
بينما أوهام الثقافة الريفية العسكرية السطحية والساذجة للعقل العضوي الغريزي أقنعت حافظ الأسد أنه مرسل العناية الالهية، وأن تحكمه برقاب الناس واذلالهم حق طبيعي له ولابنه ولطائفته (المختارة) لاحقا. فلم يكن له هذا الحس التهمكي الساخر الجميل والجذاب الذي كان لمعاوية، عندما يعترف الأخير أنه يستولي على الحكم لإبنه بشراء ذمم الناس أو بحد السيف الذي هدد به أحد اليمنيين لمن لا يبايع يزيد : فوصفه معاوية بأنه أحسن خطيب. لقد فعل الأسد الكبير فعل معاوية نفسه: (التوريث والتدليس) لكن بالسر والصمت والباطنية دون علنية وظاهرية معاوية الواثقة. ولعل تفسير علنية معاوية مبعثها الثقة بالنفس التي تعتد بانجازاتها العسكرية التوسعية الامبراطورية، بينما سِرّية الأسد الأب مبعثها الخجل من النفس من الهزائم التي سكتت على توسعات الجيران مقابل السكوت على سلطنته الاغتصابية على سوريا التي غدت صغرى بدون (الجولا واسكندرون). ولذا، فلا غرابة لوريث حافظ الأسد أن يقول لإحدى الصحفيات الأمريكيات بكل ثقة وجدية ملتاثة وسواسيا بدونيتها المرضية، وبدون أية سخرية أو تهكم وذكاء تمويهي، ليعلن قائلا دون أن يرف له جفن: إنه ليس وارثا أو وريثا للحكم في سوريا، بل هو منتخب من الشعب السوري….!
لم يقل الشاب هذا الكلام ساخرا بل جادا إلى حد (المسخرة)، لكن الشعب السوري استقبل جدية كلام لشاب بوصفها نكتة شبابية ركيكة ورديئة، لكونها تبكي ولا تضحك لسماجتها!
ولذا لم يخجل الأسد الأب عن اعلان تبرعه بـ200 مليون ليرة سورية لترميم الجامع الأموي، وكأن هذه الملايين مما خلفه له أبوه، وليس من نهب أموال المجتمع السوري، وكان يتبرع بهذا المبلغ للجامع الأموي في ذات اللحظة التي كان القضاء الاسرائيلي يلاحق شارون وابنه على مشروعية ونزاهة حصولهما على آلاف الدولارات…! وهو يفعل ذلك – في الآن ذاته- الذي يجعل من قبر استاذه معاوية (مبولة) وسط صمت:( شيوخه البعثيين). تلك هي مفارقات العقل الغريزي الحسي لشخص لم يعرف عن التاريخ سوى نوادر وسير وحكايات، ولم يتعرف على شخصيات نموذجية من الحاضر سوى على كيم ايل سونغ الذي بهره بانجازاته على طريق تأليه نفسه، الأمر الذي لم يخطر- في العصور الوسطى- على بال معاوية الامبراطورمن قبل… ربما لأنه كان إمبراطورا بحق رغم شتائم حسن نصر الله الطائفية الهذيانية المتخلفة له ولأبيه وابنه وعائلته الأموية …!
وأكبر دلالة على ما نذهب إليه من كلف الأسد الأب الماضوي وشغفه بالتاريخ بوصفه: أخبارا ونوادر وسيرا، بل وأنسابا، هو تكليفه لعدد من الباحثين المرتزقة بأن يثبتوا أنه من قبيلة كلب، دون أن يستشعر السخرية المضمرة والصامتة لمجتمعه المرعوب: وهو يتساءل عن سر رغبة قائده إلى الأبد بالانتقال من الأسد… إلى الكلب…!
بل، وبدلا من أن تشكل له اسرائيل نموذج للتحدي الحضاري السياسي والمدني والتقني راح يبحث عن أصول اليهود في فلسطين، وانقض مثقفوا السلطة المرتزقة لاثبات اكتشافات حافظ الأسد عن الأصل الخزري لليهود…!
س- كيف تقيم دور حافظ الأسد؟ هل تعتبره طائفيا لم يقدم أي انجاز للمجتمع السوري سوى خدمة طائفته التي ساهم باغنائها واثرائها على حد تعبير باتريك سيل، فحق عليها أن تعتبره نبيا لها – كما يقول سيل نفسه- حسب ما مرّ معنا خلال حديثنا سابقا؟
ج- لا، إنه كارثة حقيقة على على الطائفة العلوية قبل أن يكون كارثة على المجتمع السوري. ورغم حديث باتريك سيل عن حقه في أن يكون نبيا للطائفة العلوية، إنه كارثة على الطائفة لأنه حرمها دورها المستقبلي التنويري والحداثي العلماني كما هي عليه الطائفة العلوية في تركيا. إذ بدلا من أين يقوم بمواصلة مسيرة الادماج الوطني المدني التي بدأت بعد الاستقلال، والذي بسبب هذا الوعي الوطني المدني الديموقراطي بعد الاستقلال أتيح لحافظ أسد ورعيله أن يقفزوا إلى السلطة كي (يطيّفوا أو يعلونوا) الجيش والنظام مع الأسف، بدلا من مواصلة تأصيل عملية الادماج عبر المزيد من تعميق البعد الدستوري المدني الديموقراطي، بل والمفترض أن يكون العلماني نظرا للممكنات الحداثية وقابليات الانخراط في العصر التي تنطوي عليها الطائفة العلوية بل وكل الأقليات الدينية والطائفية في مواجهة الميل الطبيعي المتوقع للمحافظة لدى الأكثرية السنية. لقد كان الافتراض التاريخي الموضوعي المتوقع من النظام هو السير على طريق قيام مجتمع المواطنة ودولة القانون الحديثة الذي هو حاجة موضوعية للأقليات قبل أن يكون للأكثرية الأغلبية الغالبة عبر التاريخ.
لكن حافظ الأسد، بسبب تكوينه التقليدي القروي – والماضوي إلى حد بعيد- وضحالة تكوينه الفكري كعسكري، وايمانه الريفي بالقوة البدنية التي تحتقر الثقافة المدنية والرهافة المدينية بوصفها ميوعة، حيث كان يعتقد – بسبب ماضويته وقرويته وعسكريته – أن الثقافة تكمن في معرفة قواعد النحو والترنم الانشائي ببعض المحفوظات والمأثورات والعبارات ذات الفخفخة اللفظية الفارغة من اية دلالة معرفية سوى الترنم الانشائي ببعض الصياغات التي تعلمها في المدارس قبل دخول الكلية الحربية، ليرددها تلاميذ المدارس من مثل: “الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر… الخ “، نقول: إن حافظ الأسد لكل هذه الأسباب كان يكره المثقفين ويقرب المتعلمين المتوسطي الذكاء والمواهب من زملائه خريجي دار المعلمين الذي سيصبحون لاحقا حقوقيين قبل جائحة (الدكترة). حيث لم يبتذل علم في سوريا كعلوم الحقوق في بلد أول ضحاياه دولة القانون والحقوق، ولم تهن شهادة كشهادة الدكتوراه التي بدأ ابتذالها بغزوة المسؤولين لسبيها. ثم انتقلت إلى الرفاق المظليين المدافعين عن الثورة، حيث أوفدوا للمعسكر الاشتراكي وفي طليعته الاتحاد السوفييتي ليحصلوا جميعا على الدكتوراه التي نرى الآن نتائجها في جامعاتنا..!
هذا الأفق العقلي والثقافي ما كان له سوى التأسيس لثقافة الفتنة: حيث الأطروة البعثية الشعبوية الشعارية ثم الفلاحية الطائفية الأسدية لاحقا ما كان لها أن تنتج أطروحة مضادة سوى شعبوية دينية راديكالية منافحة ومتعصبة بصيغة طائفية مضادة تمثلت بالطليعة المقاتلة للأخوان المسلمين، حيث ستتم عملية مأسسة لثقافة الفتنة التي ستطبع الثقافة الوطنية -أو بالأحرى اللاوطنية السورية- في سوريا بدءا من الثمانينات، حيث سيكون العنوان الثقافي لهذه المرحلة هي (تبعيث الجامع) بعد تبعيث الجامعة. إذ منذ تلك الفترة أصبح الشرط الوحيد للقبول في مدرسة الشريعة هو بطاقة العضوية في حزب البعث. هذا هو الرد الفكري والثقافي الوحيد الذي أنتجته المدرسة الأسدية على طريق بناء سوريا الحديثة، طبعا بالتوازي مع الابادة الشاملة. وراح ينافح الشعبوية الاسلاموية بشعبوية تضليلية تعزز قيم وثقافة النفاق الفكري المضاف على النفاق السياسي والاجتماعي، من خلال ما سمي بمعاهد حافظ الأسد لتحفيظ القرآن الكريم، الذي سيتناظر مع واقع أن كل أئمة المساجد الذين سيتخرجون من المدارس والكليات الشرعية سيكونون بعثيين: أي مخابرات.
وعلى هذا ستغدو مصفوفة النظام السوري تتألف من عنصر تكويني رئيسي هو المخابرات ولها الحصة الأكبر من موازنة البلاد ثم يليها الجيش، هذا هو ثنائي العصب الأساسي للنظام (مخبرات – جيش). هذا العصب الأساسي من المعروف أنه يتحدر من الطائفة العلوية مما سيصمها اجتماعيا بالطابع العنفي والنزعة العدوانية ومن ثم لاحقا بالإرهاب حتى ولو لم تنفذه كأفراد يدويا، لكنها تنفذه اجرائيا كسياسات وتوجيهات من خلال الرعاية الأمنية: ( ابو العقاع -جند الشام…الخ). ولعل ذلك مما يسر ويبهج الأسد ومدرسته (التباهي بالقوة الجسدية)، حيث كل حيزات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية تمر عبر بوابة المخابرات بما فيها الشؤؤن الدينية. إذ أن مجلة المعرفة التي تصدر عن وزارة الثقافة حولت بحثا لي إلى وزارة الأوقاف لتبت بنشره، فرفضت نشر المقال رغم الحماس الشديد لرئيسة التحرير وصدامها مع وزير الثقافة سابقا. أما خطب الجمعة، قلم يعودوا مضطرين لمراقبتها، لأنها بأيدي أمينة (أيدي الرفاق الشيوخ).
لقد تمأسست هذه المصفوفة مع انفجار محنة الثمانينات واستثمار حافظ الأسد لهذه المحنة التي واجهت نظامه بتحويلها إلى محنة للمجتمع الذي لم يتعرض في حياته إلى عقاب ثأري انتقامي تفوق فظاعته كل جرائم الابادة الجماعية في هذا العصر. مما أسس لثقافة الفتنة الطائفية الثأرية التي قسمت وعي المجتمع منذ تلك اللحظة إلى ثقافتين: ثقافة الغالب وثقافة المغلوب، الأقلية الطائفية الغالبة والأكثرية الطائفية المغلوبة، مما أنتج استحالة توحيد وعي وطني سوري، مما يترتب عليه ويشتق منه تشكّل ثقافة طائفية كريهة أكثر تخلفا وبشاعة من الطائفية في لبنان. نظرا لأنها في لبنان طائفية سياسية، بينما الطائفية في سوريا هي طائفية دينية تكفيرية عنوانها فتوى الشيخ يوسف القرضاوي الذي يوصف اليوم باعتداله وزعامته للعروبيين والاسلاميين ورئاسته لمؤتمراتهم القومية والاسلامية واحتفاء النظام به، وهي الفتوى القاتلة القائلة: “إن العلويين في سوريا مرقوا من الاسلام مروق السهم”.
قد صاغ القرضاوي اطروحته المرعبة تلك ردا على صور الرعب التي كانت تنقل له عما يتعرض له الاسلاميون في سجون تدمر من تفنن سادي وحشي في القتل، سيما عندما لا يتردد حافظ الأسد بجعل السجان علويا صرفا والسجين سنيا صرفا، وتلك جريمة ثقافية وطنية لا تقل بشاعة ووحشية عن الجرائم التي كانت تجري داخل السجن. إنها أكثر بشاعة لأنها لم تبصر ولا تستبصر مآلات ذلك على وحدة الثقافة الوطنية السورية ومدى عمق الشرخ الأخدودي الذي حفره في كيان الوطنية السورية، هادفا بذلك -عن ارادة وقصد- إلى اشاعة مناخ ثقافي وسياسي مفاده أن سقوط نظامه يعني سقوط الطائفة، ليدفع بالطائفة التي كانت تمور بأفكار التغيير والتقدم إلى نوع من (الانعزالية والمحافظة) خوفا على النظام من السقوط، وما سيترتب عليه من مآلات تمس مصير الطائفة بمجموعها.
ويرافق هذا الميل للانعزالية احساس بالتفوق (الطائفة المختارة) عبر التطمينات باحتكار وسائل القوة والعنف، والقوة وفق منطوق مدرسة الأسد هي القوة الحسية: (البدنية :المصارعة والنطح). أي قوة التغلب والسيطرة وليس قوة التفوق المدني والحضاري كما أشرنا لآلية فهمه للصراع مع اسرائيل. إذ أن هذا الفهم البائس والمتخلف للصراع الخارجي مع اسرائيل، ينقله الأسد لفهم آلية ادارة الصراع الاجتماعي الداخلي الذي حوله إلى صراع طائفي يسعى لتحقيق التفوق من خلال امتلاك مصادر قوة العنف (السلاح)، تماما كما تعلم حسن نصر الله وحزب الله في مدرسة الأسد في علاقتهم بمجتمعهم اللبناني. ولذلك عندما عبّرنا عن مثل هذه المعاني التي تتحكم في منظور حزب الله بمقالات كتبتها بالسفير- ونشرها صديقي عباس بيضون – خطفوني، ليبرهنوا بخطفهم هذا حقيقة تركيبتهم كعصابات مسلحة تهدف أول ما تهدف إلى اخضاع مجتمعاتها عبر التوسل الذرائعي للمقدس: الوطني أو القومي أو الديني، متجاهلين حكمة التاريخ أن أية اطروحة ستنتج معادلها المضاد جدليا من نوعها ومن طبيعتها وجنسها. فلا مستقبل للعنف إلا في انتاجه لمعادلة من نوعه وجنسه، عندها سندخل متاهة العنف الدائري: بمعنى الدوران في الزمان (اللانهائي)، وبمعنى الدوران في المكان حيث يشمل الجميع وكل الكل.
مثل هذه الثقافة الدينية الطائفية لا وجود لها في لبنان. فليس هناك من يكفر الآخر في لبنان، الطائفية في لبنان هي طائفية سياسية. أي هي استشعار سياسي بالهوية يكفل التوازن الداخلي في المجتمع ويعصمه من الانزلاق للتفرد بالسيطرة والهيمنة. وهذا التوازن كان كفيلا باقناع كل الطوائف بالتوقف عن أوهام السيطرة والغلبة. وآخر هزيمة هذه التعبيرات هي هزيمة مشروع حزب الله في الهيمنة الطائفية على الطريقة السورية القائمة على مبدأ: شعارات وطنية وقومية كبرى في السماء، وممارسات الهيمنة الطائفية التي تتشقق عن العشيرة والعائلة والفرد المستبد على الأرض.
هذه الطائفية السياسية اللبنانية هي اقرار واقعي بأن المجتمع اللبناني والعربي لم يبلغ بعد نضج التكوينات السوسيولوجية للمجتمع المدني القائمة على أساس الطبقة، بل لا يزال مجتمعا أهليا ينحط بشكل دائم باتجاه الروابط العضوية العمودية الدموية على أساس الطائفة والعشيرة والعائلة. وقد جاء مشروع حافظ الأسد ليكرس هذا الواقع، بعد أن كاد المجتمع اللبناني، بسبب الحريات السياسية والديموقراطية وقيم الحداثة، أن يتخطى هذا الواقع التقليدي العضوي القائم على مبدأ الهويات العمودية العضوية العتيقة كما هي عليه في المجتمع الأهلي للانتقال إلى المجتمع المدني القائم على مبدأ الانتماءات الوطنية السوسيولوجية السياسية والمدنية. فكان ثمار المشروع الأسدي الطائفي في لبنان هو قيام حزب الله بتدمير القيم الثقافية المدنية والحداثية لطائفته قبل أن يسعى لتدميرها على مستوى المجتمع اللبناني ككل. فبدأ بقتل أكبر رمزين ثقافيين حداثيين للطائفة الشيعية (حسين مروة- ومهدي عامل) المعروفين على المستوى العربي، و18 كادر شيوعي بصمت وتأييد إن لم نقل توجيه عصابات النظام، مع حرب شاملة ضد “أمل” التي تمثل بعدا شيعيا مدنيا مزركشا ببعض عناصر الحداثة. فعاد لينحط بالبيئة الشيعية المستنيرة إلى مستوى من البيئة الثقافية الشعبوية التقليدية الأبوية الشعارية التي يمكن لها أن تعجب وتصفق وتهتف لآل الأسد: “سوريا الأسد”، على حد تعبير الأمين العام لحزب الله، ليجعل من النظام السوري نموذجا لمستقبل لبنان. في حين أن كل معطيات الواقع العربي الراهن تشير إلى أن النموذج اللبناني هو النموذج الواقعي الأمثل والأرشد لكل الأنظمة السياسية العربية، حيث يتيح تحقيق التوازن الداخلي بين مكونات المجتمع الأهلي الطائفي كمحطة ضرورية لا بد منها من أجل تخطيها نحو المجتمع المدني استنادا إلى جدل التاريخ القائل: لا بد أن نملك الموضوع لكي نتخطاه.
إن الانقلاب البعثي الشعبوي الشمولي، والذي منحه وتوجه حافظ الأسد بطابعه الريفي العسكري الطائفي وقبله الناصري الأبوي الفلاحي، شكّل ضربة قاصمة لتطور المجتمع العربي على طريق المجتمع المدني الليبرالي الديموقراطي. وكان يراد للبنان وأد مساره هذا، فاختطف لبنان شموليا وشعبويا وبعثيا لثلاثة عقود، برهنت لكل اللبنانيين أن الطريق الوحيد هو العودة إلى الانتظام في مسيرتهم الأولى واستئنافها من جديد، انطلاقا من الاعتراف بمكونات المجتمع اللبناني فيما هو عليه، عبر الاعتراف بالآخر كما هو وفيما هو عليه من توازنات طائفية واقعية للانطلاق بهذا المجتمع لما ينبغي أن يكون عليه كمجتمع مدني ديموقراطي حديث، وأن هذه الترسيمة السياسية المدنية التعاقدية بين قوى متعينة على الأرض: (طائفيا -عائليا -جهويا) التي يمارسها لبنان هي الخيارالواقعي على طريق تجاوزه، وليست الترسيمة المفترضة ايديولوجيا القابعة في في عقل مفعم بالأوهام والأكاذيب على الذات قبل الآخر،كما هي عليه لدى الجار السوري الذي يفترض أن تتحول خيارات التوازن والتعايش والتعدد وقبول الآخر اللبنانية إلى مطلب مطروح على جدول أعمال الحركة الوطنية والديموقراطية السورية بدون أوهام شعارية وأكاذيب ديماغوجية حولها النظام إلى بديهيات تتيح له أن يحاكم خيرة مثقفي سوريا الوطنيين الديموقراطيين الأحرار بوصفهم مثيرين للمشاعر الطائفية، بينما هو نظام تتحدد هويته الأولى البديهية بأنه نظام طائفي وعائلي بالضرورة حدا وتعريفا وعلنا.
وهذه المسألة يجب أن يعيها الأصدقاء الديموقراطيون العلمانيون المتحدرون من أوساط الطائفة العلوية: قوميون ويساريون وليبراليون، وأن يكونوا الصوت الطليعي والمتقدم في الكشف عن مخازي طائفية النظام التي يعرفونها أكثر من الجميع، لا أن ينشغلوا ببعض ردود فعل الاستغاثات هنا وهناك من مثل ما فعل مأمون حمصي. وهي ليست إلا ردود فعل غريزية تجاه طائفية معلنة من قبل نظام لم يعد يداري أو حتى يداجي في اخفاء طائفيته. وهي ممارسات سافرة في نواياها الطامحة إلى توريط الطائفة بمجموعها في خدمة مصالح عصابات مافيوية (علوية وسنية) ملحقة ذليلة وحقيرة خاضعة لمطامعها الدنيئة حتى ولو كان رأسها تحت الجزمة الطائفية. يجب أن يرتفع صوت المثقف المنتسب للوسط العلوي عاليا مقتديا بالموقف الشجاع لعارف دليلة، لكي لا يأتي يوم يقال به أن المثقفين العلويين سكتوا عن جرائم النظام الطائفي تحت اجماع عجيب على الاكتشاف (البكداشي المؤبد) عن الخطر الخارجي المزعوم الذي يتهدد سوريا منذ الأزل. حيث لا بد – والأمر كذلك- من دعم النظام الوطني ضد الامبريالية والاستعمار وفق اللازمة البكداشية البائدة، هذا النظام الوطني المزعوم الذي لم تتفتت سوريا على مستوى وحدة الشعور الوطني ولم تتشظى على مستوى الهوية الوطنية كما حدث ويحدث في ظله منذ أكثر من أربعة عقود.
س- لقد أردت فعلا أن أتعرف على وجهة نظرك الجديدة هذه بشكل متكامل، حيث كنت تعبر عنها جزئيا في هذه المقالة أو تلك من مقالاتك السابقة، لكن هل يعني هذا انك ضد الانفتاح الغربي على النظام، رغم أن معظم الأصوات المعارضة التي نسمعها الآن في الخارج هي مع عدم عزل النظام، لكن مع مطالبته الغرب تذكير النظام السوري بالسجناء السياسيين والتأكيد على الحريات الديموقراطية في سوريا!
ج- لقد قرأت مثل هذه الأراء والتصريحات، ولا أعرف أية مرجعية معارضة تستند إليها؟
لقد ساهمت المعارضة السورية مع اللبنانية بتحقيق انجاز هام على المستوى العالمي، وهي فضح هذا النظام والكشف عن وجهه الطغياني المافيوي القيبح. فلا أعرف أية حكمة هذه التي تتطلب التضحية بهذا المنجز. أي أن ندعوا الغربيين لكي لا يعزلوا النظام، في حين أن قوى غربية واسعة، الحزب الاشتراكي الفرنسي مثلا، انتقدت بشدة خطوة ساركوزي تجاه إعادة هذا النظام إلى المجتمع الدولي. وقد عبر شيراك نفسه عن رفضه المشاركة في احتفالات الثورة الفرنسية لأنه لن يضع يده بيد قاتل الحريري. فاية حصافة وحنكة سياسية أن نهديء من خواطر شيراك وأن ننصح الاشتراكيين وندعوهم للانفتاح على النظام…!
كيف يمكن لهؤلاء الأصدقاء أن يدعوا العالم لمصافحة هذا النظام وهو الذي قتل عشرات الآلاف من الشعب السوري، وسجن وشرد، ولا يزال يسجن ويقتل ويشرد الآلاف. مع الأسف، إن بعض هؤلاء الأصدقاء يتحدثون باسم المعارضة السورية، وهم يخفضون من سقف خطابها إلى حدود راحة بالهم الشخصية، أي إلى الحدود التي يخشى أن يعكر مزاج الواحد منهم الأمن السوري ببعض المزعجات في المطار عندما يريد أن يقضي اجازته الصيفية بوئام وهناء، وهم يعرفون أن النظام السوري بكل شراسته وهمجيته في تحدي المجتمع الدولي أجبن من أن يوقف مواطن سوري لديه جواز سفر أجنبي… الغريب أن الداعين لعدم عزل النظام يجهلون أو يتجاهلون أن المنجز الوحيد الذي حققته المعارضة –ولو بالحدود الدنيا- هو هذه العزلة التي يعيشها النظام عالميا والذي يحاول جاهدا الخروج منها ولو بتوسل اسرائيل ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية لكي تشرف على المفاوضات، وأن المعارضة لا تملك من عناصر القوة في مواجهة هذه العصابات المسلحة سوى هذا المنجز الأخلاقي للمزيد من محاصرته، في مقابل ما يمتلكه من امكانات مادية (امتلاكه للبلاد) والقدرة على بالتصرف بها بلا حدود ليضعها في خدمة من يمكنه انقاذه من جرائمه، وليس آخرها جريمة اغتيال الشهيد الحريري والرتل اللاحق له من المثقفين والسياسيين!
س- كيف هو وضعك الآن مع عائلتك في المنفى الفرنسي؟
ج- طبعا هو وضع المواطن الغاضب الذي اقتلع من جذوره الراسخة في وطنه. ربما نجحت عصابات “أمن الدولة” في قلعي من مدينتي حلب عبر ارهاب عائلتي الصغيرة، لكن لم ولن يتمكن رئيس أمن الدولة المستوطن مدينتي حلب أن ينفذ تهديده بقطع لساني… بل سيبقى لساني صوتا للحرية يقض مضجعه ومضجع سادته من الارهابيين واللصوص والقتلة اللذين قد يسرقون الكثير والكثير من حلب وسوريا لكنهم لن يستطيعوا أبدا أن يسرقوا سوريا وحلب. فأنا ابن رئيس “رابطة رجال الثورة السورية” لعقود، ربيب ابراهيم هنانو، يحاصرني ويحاصر عائلتي ويهجرها زبانية نظام كان اباؤهم يطالبون المستعمر بالبقاء، ويكتبون العرائض ويوقعونها ليستقووا به في مواجهة ما يمثله جيل أبي (التحرر الوطني). وهم اليوم يزحفون للاستقواء باسرائيل بمواجهة ما يمثله جيلي (التحرر السياسي)، وهذا هو الثمن السياسي الذي يقدمونه للعالم اليوم لكي يمنحهم تمديد مهلة اضافية لفترة ما قبل تنفيذ حكم التاريخ بهم !
وأخيرا شكرا لباريس ومؤسسات المجتمع المدني (امنستي Amnesty International- ورفيفر Revivre) التي احتضنتني وحمتني ممن يفترض أنهم أهلي وبني وطني وجلدتي …!
يمكن مراجعة مقالات عبد الرزاق عيد حول “حزب الله” على صفحته في “الشفّاف” (القديم)
إلى السوري المقهوريبدو أن السوري المقهور بلغ به حد التماهي بالدكتور عبد الرزاق عيد لدرجة خلناه قد حل به وصار لسان حاله. على كل إذا بليتم بالجهل فإستتروا: فأولا أدونيس لم يكتب أطروحة الدكتوراة خاصته لجامعة فرنسية بل هو كتبها بالعربية وقدمها إلى قسم اللغة العربية في الجامعة اليسوعية ببيروت تحت عنوان الثابت والمتحول. في حين أن عبد الرزاق عيد يدعي كتابة أطروحته بالفرنسية ثانيا أدونيس لم يدرس ويعلم بحياته في جامعة السورون بل هو علم في جامعة جنيف. ثالثا أدونيس بات يجيد الفرنسية كتابة وشفاها. وهو ضيف دائم على المنابر الجامعية والإعلامية الفرنسية يتكلم الفرنسية بطلاقة يحسد عليها. رابعا… قراءة المزيد ..
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3)
“نظام كان اباؤهم يطالبون المستعمر بالبقاء، ويكتبون العرائض ويوقعونها ليستقووا به في مواجهة ما يمثله جيل أبي (التحرر الوطني)” “الأبوي الفلاحي”…
هذا ليس كلام طائفي, عنصري حقود¿ ما هو الذي يعنيه هذا الرجل من خلال تفسيراته¿ فقط أهل السنا سكان المدن هم وحدهم أهل الثقافة و الحضارة و أسياد سوريا الحبيبة¿
لا تعليق
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3) تابعت ثلاثية حوار(الشفافّ) مع الدكتور عبد الرزاق عيد بمزيج من الفرح والأسى ، الفرح بذلك القرار الشجاع الوطني والأخلاقي للمعارضة أو بعض ممثليها من أمثال د.عبد الرزاق عيد ، في فتح ملف الطائفية في سوريا التي يمارسها النظام يوميا بشكل سرطاني وعلى كل المستويات ، لكنه يحبس كل من يأتي على ذكر هذا المرض بتهمة الطائفية ، حيث أربعون سنة ونحن نتحدث بلغة تتوالد ذاتيا بدون أي مساس بموضوعها وواقعها ، ليست لغة خشبية فحسب ، بل هي لغة تنكح نفسها أو ذاتها بذاتا كما كان يرد ناظم حكمت… قراءة المزيد ..
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3)
كان لينين يقول: حكّ جلد الباشفي الجذري يطلع لك الروسي الشوفيني. ترى هل نطبق هذه المقولة اللينينية على الدكتور ع.ر.عيد فنقول: حكّ جلد المعارض السوري الجذري يطلع لك السني الشوفيني؟
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3) سوري مديني من دواعي الآسف والخجل، أن نرى كيف يسمح واحد من المثقفين السوريين لنفسه بأن يتحول إلى ناطق بإسم كل المكبوت الطائفي والمذهبي وممثل للحس الشعبوي البدائي، من دون أي مسافة نقدية أو أي مسؤولية أخلاقية. عواقب مثل هذا الكلام مخيفة وهي في البلدان المتحضرة تقع تحت عاقبة القانون لأن إسمها بكل بساطة التحريض على الكراهية المذهبية يا ليت الدكتور عد الرزاق عيد يملك من القدرة على موضعة ذاته وأخذ مسافة معينة منها، لكان رأى في كلامه الموتور هذا الوجه الآخر للمارسات النظام الطائفية، ولكان رأى في إمتلاء… قراءة المزيد ..
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3) عند الرغبة في رسم صورة لمجتمع ما في وقت ما يجب أن تكون الصورة كبيرة تحمل الجميع. وإذا أردنا ان نصور المجتمع السوري لنحدد الجلاد والضحية علينا أن نذكر على الأقل أن كل من لم يكن مع البعث التصحيحي كان ضحية ودفع الشبان المنتمون لأحزاب يسارية في ذلك الوقت زهرات شبابهم في السجون مثلهم مثل غيرهم من الإخوان اعلم أن الموضوع كان أعنف مع الإخوان لأنهم كانوا أقوى في المجتمع السوري وأعنف وكانت المسألة تكسير عظم بين طرفين همجيين تغلب فيه الأقوى وليس الأكثر همجية. ما أريد قوله أنه… قراءة المزيد ..
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3) د. عبد الرزاق، إن كنتُ عادة من متابعي كتاباتك لكونها تصف أو تسمي هواجسي تجاه بلدي وأنا هنا مضطرة لإضافة كوني من الطائفة العلوية إلى تعريفي بنفسي على أني سورية، وأضيف هذا التعريف لأشرح أني ولمجرد كوني من هذه الطائفة يقلقني كثيراً شعوري بتحميل آخرين لي الذنب فيما حصل في سوريا خلال العقود الماضية في حين اني وأغلب أفراد الطائفة كنا تحت إرهاب مزدوج الطرف الأول فيه يتمثل بآليات النظام التي وصفت كثيرا والتي بدأت بداية بالتسلط على أبناء قراهم ونواحيهم والتشاوف عليهم وعدم إعفائهم من دفع الرشى لقاء… قراءة المزيد ..
حوار “الشفاف” مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى (3)
تعليق المعلق ( سوري حر شريف ) دليل دامغ على صحة كل ما قاله الدكتور عبد الرزاق عيد . و أقول للسوري الحر الشريف مجيبا عن تساؤله الاخير عن ذلك المثقف السوري الحر الذي يبذل نفسه من أجل الوطن و لليس للركوب على الوطن انه الدكتور ( عارف دليلة ) .و ( سعد الله ونوس ) و ( فاتح جاموس ) و ( عبد العزيز الخير ). هل أعجبك هذا الجواب لأن المذكورين من الطائفة المختارة ؟؟؟؟
أين المثقف الذي نصبو اليه ؟لقد وبكل أسف استثمر ذكاؤه وحذاقته في التحليل والتشخيص للواقع السياسي والمجتمعي للتعبير عن أحقاده المرضية والتي أقصى فيها شريحة واسعة من المجتمع السوري بالرغم من التلاعب على الألفاظ الذي حاول العزف عليه عبر إيراد كلمات بين الفينة والأخرى يبرئ فيها بعضاً من أبناء الطائفة المستهدفة وممارساً دوراً وصائياً تارة وتوجيهياً تارةً أخرى ولم يخلوا من اللهجة التحذيرية في بعض المرات ” يجب أن يرتفع صوت المثقف المنتسب للوسط العلوي عاليا مقتديا بالموقف الشجاع لعارف دليلة، لكي لا يأتي يوم يقال به أن المثقفين العلويين سكتوا عن جرائم النظام الطائفي تحت اجماع عجيب ” ،… قراءة المزيد ..