قد توصلوا… أو قد لا يتوصلون… الى تلك «الصيغة» المطلوب ان تكون «غامضة… لإرضاء الفريقين». صيغة الجمع بين الدولة و»المقاومة». تبقى النتيجة هي نفسها. ان سلاح «المقاومة» باقٍ. على الاقل الى ما بعد الانتخابات. وهو في هذا الشوط من الصراع من اجل بقائه، اعتلى درجة من العزوة والمنْعة… ما شجّع بعض الناطقين بلسان هذا السلاح على القول إن «المقاومة لا تحتاج الى البيان الوزاري».
اذن نحن الآن في احدى جولات تكريس الوجود المؤبد لهذا السلاح (يقول عون: يبقى هذا السلاح حتى عودة الحقوق الفلسطينية!). من حرب تموز وشلّ الدولة ومناوشات الشوارع والازقة، وحتى غزوة السابع من ايار، ثم الآن: طرابلس – طرابلس التي أعفت بيروت من مآسيها. فكانت «صندوق بريد» دمويا بعد اتفاق الدوحة والالتزام بعدم العودة الى لغة السلاح. تشكيل الحكومة، توزير علي قانصو، والآن البيان الوزاري… كلها مراحل عاشتها طرابلس على وقع الخلاف حولها. وهناك البيان الوزاري حيث يستعجل الحزب تأصيل سلاحه شرعيا وحكوميا. انه استعجال المتوجّس من تبخّر انتصاراته وسط التقلّبات المقبلة على المنطقة. فيما يقترح عليه خصومه صيغا تأجيلية؛ أو غامضة غموضا هدّاما، يلائم نفس هذا الظرف المتقلّب. والحزب يرفض… بل يعود فيهدد بجولة ترهيب جديدة وبالتخوين.
حزب يريد ان يقرر بنفسه مصائرنا، ان يحكم على حياتنا او موتنا. ان يحكم، وان يتحكّم ايضا. يرسل الى الوزارة وزيرا واحداً فقط. بكل ثقله هذا! من بين ثلاثين وزيرا! ويهدي حلفاءه ما يترفّع عنه… ولا تنقصه غير الشرعية الرسمية.
والامر طبيعي. فالحزب منتصر. وآخر «انجازاته» العرس الوطني الكبير الذي خصصه لعملية اطلاق السجناء والشهداء من اسرائيل. حيث بدا اركان الدولة، من خصومه خصوصاً، مثل الكومبارس السعيد بهذا القدر الممنوح له من المشاركة في المشهد الوطني العارم… الذي اخرجه ونفذه.
السلاح باقٍ الى اجل غير مسمّى. ولا تعايش بينه وبين الدولة الا على الطريقة اللبنانية الراهنة: طريقة الغموض الهدّام. باقٍ على الهلاك الذي تسبب به للديموقراطية اللبنانية الناقصة اصلا. طالب بـ»شراكة سياسية» وبـ»حكومة وحدة وطنية»، على وقع حرب كبيرة وأعمال امنية وشغب تكلّلت بالدرس الوطني الكبير الذي لقن لأهل بيروت في السابع من ايار.
والهلاك الديموقراطي نتيجة هذه الاعمال: تعطيل مؤسسات الدولة. تعطيل قوانين الدولة. واخيرا الفخ الكبير: التساوي مع الاكثرية البرلمانية من حيث الحق بتعطيل القرارات التي لا تعجب الحزب. «الثلث المعطّل» في مجلس الوزراء، الآتي على انقاض السابع من ايار. وصيغة اخرى فريدة من نوعها: أقلية برلمانية معارضة متظلّمة تتحكم باكثرية برلمانية متهمة بالاستئثار.
ولا يتوهمن احد بان الانتخابات المقبلة سوف تتم باشراف ورقابة الدولة ومؤسساتها، أي ديموقراطيا. سوف تكون انتخابات غير ديموقراطية. مثلها مثل اية انتخابات عربية. بل سيكون هناك تداخل لإشرافَين: الدولة والمقاومة. وربما لا يحتاج اصحاب الاخيرة الى عُدة كثيرة. فضربة 7 ايار قوّت حليفهم المسيحي، واهدته الوزرات وقانون 1960 الانتخابي. وضربة عارية اخرى قد تنسف «الثوابت» والتحالفات، او تخرقها على الاقل…
الحزب انتصر على لبنان. بالتأكيد. وهذه مقومات انتصاره: «حزب الله» يعرف ما يريد. ومن اجل ذلك يبادر، ويطلق الحدث بديناميكية. يصنع جمهورا فولاذيا، مقتنعا سلفا بما لم يقله. كل الذي مرّ علينا من محطات في داخل ادراك الحزب وفي داخل صنيعه. جماعة 14 آذار يعرفون ما لا يريدون. ولكنهم لا يعرفون، ولا يتقنون ما يريدون. لم يصنعوا حدثا واحدا منذ ثلاث سنوات… وباريس 3 التي جهدوا من اجلها لم توقف نزيف الاقتصاد. تلقوا الضربات بشيء من الحيرة والتذبذب. اما كدولة، فلم ينجحوا في امتحان المؤسسات. نفس العقلية الزبائنية المعروفة. الفرق بين الاثنين؟ اداة الحزب السلاح. اداة جماعة الدولة: الدولة والسلاح في آن (وثيقة 15 آذار الاخيرة مدحت في الفقرة الواحدة أهل بيروت لأنهم «امتنعوا عن مواجهة العنف المسلح بعنف من جنسه». وكذلك امتدحت في فقرة أخرى أهل الجبل لمساهمتهم «على طريقتهم في تعيين الحدود الصارمة لأي مغامرة تستند الى «فائض قوة» طائفي»). وأبعد من كل هذا: الحق الذي تدافع عنه المقاومة حق مقدس متجذر بأحقيته في العالم العربي. ويحيي هذه الاحقية التوحش الاسرائيلي الذي لا تردعه «إنتصارات» الحزب؛ بل يغذيها. اما الدولة، ناهيك عن «مشروعها»، فلها العداء الفطري: الدولة او الحكومة او السلطة، كلها سواء: مجموعة قابضة على مقدرات العباد وارواحهم. هذه هي الدولة في الاذهان العربية المعتادة على التظلّم من قوانين «دولها» وتعسّفها. اضف الى ذلك، صفة «المعارضة»، بحيث نغدو بازاء معارضة وطنية مسلحة هزمت العدو. ودولة، سلطة، ليست جديرة بنفسها تريد نزع السلاح الذي تحارب به هذه المعارضة العدو الخ.
14 آذار يبتلعون ريقهم من «العرس الوطني» لتحرير الاسرى والشهداء. يدخلون هنا منطقة المحرمات. يبتسمون ويواسون انفسهم بانهم هم رواد العروبة وفلسطين، ما يضاعف إحساس «المقاوم» بالانتصار ويقوّيه. فتهون بذلك العودة الى التخوين والمعايرة…
كل هذا ولم نحسب بعد حساب التغيرات الحاصلة حولنا. رجحان كفّة التسوية او الحرب بين ايران واميركا او اسرائيل وسوريةالخ. وانعكاسات هذه التغيرات البديهية على لبنان، على ما اعلنه نائب الرئيس الايراني بتصريحه المشهور عن التوازي بين النووي وبين «مشاكل لبنان وفلسطين».
كل هذا لم يُحسب. وهو اكثر غموضا من الصيغ التي يسعى اليها وزراء «حكومة الوحدة الوطنية».
dalal.elbizri@gmail.com
الحياة
«المقاومة» والدولة والغموض الهدّام
لماذا ايران تريد امتلاك الصنم(قنبلة) النووي؟ التاريخ يمكن ان يفسر لنا لماذا النظام الايراني الخميني المليشي يريد السيطرة على العالم ونشر افكاره بالقوة. بما ان نظام الخميني يعتمد لنشر فكره على المليشيات الطائفية وتصديرها وتدريبها ودعمها مالا وسلاحا وعلى صنم فكرة عرقية مقدسة هي اهل البيت وعلى صنم ثاني المهدي المنتظر وعلى دعم النظم الشمولية المدمرة لشعوب المنطقة فان فكر الحركة الصفوية وايضا افكار هتلر يمكن ان تكون هي المشرب الثقافي المتطابق لهذا التيار المدمر للانسانية والله يستر من المستقبل.