قبل المسيح بقرنين عبر هنيبعل القرطاجيّ المتوسّط الى أوروبا في ما أصبح مأثرة من مآثر علم الحروب. على رأس جيش من رجال وفيَلة انطلق من شبه جزيرة إيبيريا، مروراً بالبيرينيه والألب، وصولاً الى شمال إيطاليا الذي انعطف منه جنوباً. هكذا راح ذكره مذّاك يتأرجح بين الاستقرار في التاريخ والنوم في الأسطورة.
«هنيبعل الثاني»، نجل العقيد معمّر القذّافي، عبر قبل أيّام الى أوروبا. ثلاثة وعشرون قرناً فصلت بين الهنيبعلين، وهو زمن كافٍ كي تختفي معه الحاجة الى الفيَلة كأدوات نقل. ذاك أن عصرنا بات، بحسب واحد من تسمياته، عصر الاتّصالات والمواصلات. ووراء التسمية يقيم تراكم مما أنجزه العلم وأنجزته التقنيّة وأتت به أفكار التقدّم وحقوق الإنسان.
و «هنيبعل الثاني» استفاد من تلك الإنجازات كلّها التي اشتراها شراءً ولم يسهم في إنتاج مسمار من مساميرها، أو فكّ حرف من حروفها. هكذا آثر أن يصفع عاملين مهاجرين، صدف أنهما عربيّان من تونس والمغرب، في سويسرا. والأخيرة التي لا تملك إلا الترحيب بما قد ينفقه هنيبعل فيها وما قد يودعه في مصارفها، لا تملك أن تغضّ النظر عن سلوك كهذا حين يتقدّم ضحاياه بالشكوى منه. لقد أوقف هنيبعل مدّة يومين ثم أفرج عنه بكفالة، لكن ليبيا الجماهيريّة تهدر، مذّاك، غضباً: توقف إمداد النفط لسويسرا وتمنع السفن التي ترفع علمها من الدخول الى مرافئها، كما تقلّص الرحلات الجويّة بين البلدين وتقفل أبواب مؤسّسات سويسريّة وتطرد سويسريّين وتهدّد بإجراءات هيوليّة أخرى. وفي الآن نفسه تنطلق تظاهرات «اللجان الثوريّة» ضدّ السفارة السويسريّة في طرابلس فيما يتردّد أن الأخيرة قد تسحب ودائعها من المصارف السويسريّة وتطرد شركات سويسرا منها وتقطع العلاقات الديبلوماسيّة معها. ويروح، من ناحية أخرى، محلّلون اقتصاديّون يتساءلون عن احتمال ارتفاع أسعار المنتجات النفطيّة بسبب إجراءات الجماهيريّة العظمى.
الأمر تبدو لا معقوليّته مساوية للامعقوليّة ما فعله هنيبعل الأول، إنّما في اتّجاه مختلف. هنا لا تُجترح نظريّات وتطبيقات في علم الحرب، بل يُجهر بالانتساب إلى تقليد تجارة العبيد الذي يوازي تقليد قتلهم في دارفور السودانيّة غير البعيدة. والجماهيريّة سبق أن اشترت «مناضلين قوميّين ويساريّين» من لبنان قاتلوا عنها في التشاد لأنّها معركة متّصلة ضدّ الإمبرياليّة طبعاً. والآن يستأنف التقليد هذا عمله، والتهم جاهزة، كما دائماً، لتصوير الرواية التي صدرت عن سويسرا بالكذب والتلفيق. وطبعاً ستتدفّق تهم العنصريّة والتعالي، وقد تُنسب الى السويسريّين إمبرياليّة مارسوها ويمارسونها سرّاً على رغم تواضع قدراتهم وحياديّة موقعهم. ومن يدري، فالصليبيّة قد تكون جاهزة أيضاً في خزانة التهم الليبيّة بما يعزّز تهمة الامبرياليّة ويقوّيها.
وفي نهاية المطاف ما دخلهم بنا؟ لقد طاب للسيد هنيبعل أن يضرب خادمين، فما علاقة الدول والقوانين؟ وما دام المضروبان عربيّين فهذا يضاعف الشبهة في التدخّل السويسريّ ما بين «أخوة» و «أشقّاء»؟
إنه مصغّر كاريكاتوريّ يلخّص ميلاً طاغياً لدينا لأن نضرب خادماً أو ممرّضة بلغاريّة أو طبيباً فلسطينيّاً أو عاملاً مصريّاً مهاجراً، لأن نذبح الأكراد أو الدارفوريّين، أو نقضم لبنان باسم «وحدة المسار والمصير»…، ثم نقول: نحن أحرار. فإذا ما اصطدمنا بدولة وقانون، وطنيّ أو دوليّ، قلنا: إنها حركة تحرّر وطنيّ في مواجهة الاستعمار!
الحياة
http://www.daralhayat.com/opinion/07-2008/Article-
20080725-5b10c69b-c0a8-10ed-0007-ae6d497ca0b6/story.html
«هنيبعل الثاني» وحقّنا في التحرّر
لو كان انسان بسيط هل كان القذافي يقوم ما قام به بحق ابنه المتبنى فاي مصيبة بعدها مصيبة اناس تعظم الكبار ولا قيمة للضعفاء والبسطاء والمساكين والتعساء
«هنيبعل الثاني» وحقّنا في التحرّرالمضحك المبكي في الأمر أن ما فعلته ليبيا كرد أنتقامي على توقيف السيد هنيبعل لم تفكر بفعله على ما تم فعله باربعمائة طفل ليبي تم حقنهم بالأيدز …. هل السيد هنيبعل أهم من 400 طفل لقد اكتفت ليبيا بتعويض اسر ال 400 طفل من حسابها و لم تجرؤ على طلب المال ( التعويض ) من أوربا … تحايلوا على الناس و قالوا توصلنا الى اتفاق … و في حقيقة الأمر فرض على ليبيا ( الجماهيرية العظمى ) دفع التعويض لأسر المصابين و فرض على ( الجماهيرية العظمى ) اطلاق سراح المجرمين و تم استقبالهم و اطلاق… قراءة المزيد ..