يبطش بالفاتنة ولا يرحم جائعة:
هي صورة “الأصولي” المتطرف الذي “يستفزه منظر امرأة سافرة لكنه لا يحرك ساكناً عندما يرى امرأة مسنة تتضور مسغبة او ترتجف برداً أو تلتحف السماء, تنتفخ أوداجه في نقاش حول طول المسواك ومع “المنكيير” و”الكوافير” في التحليل أو التحريم ولا يكلف نفسه عناء البحث حول توزيع الثروة وشؤون الحكم.
يغبط حتى تبين نواجذه لو أن السلطان قطع يداً امتدت لسرقة بعض الريالات ولا يهتم بأن هؤلاء سرقوا دولة “بحالها” – الحاج وراق.
من الإمام إلى النميري وصدام والرئيس “المؤمن” حتى زعماء هذه الأيام
استحضر المحامي المعروف الأستاذ احمد الوادعي حكاية الإمام احمد في معرض حديثه لصحيفة “الوسط” عن هيئة حماية الفضيلة والتصدي للمنكرات بإشارة بالغة الدلالة تقول: إن الإمام عمل على إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الهزيع المتأخر من حكمه الذي ختمه بمنكر..!
في الاتجاه ذاته يتذكر السودانيون الايام الأخيرة من عهد الرئيس جعفر النميري الذي أكثر من الخطابة حول الأولياء الذين يزورونه في المنام ويتسلم منهم الرسائل والإشارات الإلهية وأكثر من زياراته لحلقات الذكر ومزارات الأولياء وقباب الصالحين وأسكره انتشار الشائعات التي تقول انه لن يفارق كرسي السلطة ما دام يحمل “عصاه السوداء” وانه مدعوم بـ”أهل الله” وما عليه إلا أن ينهض بواجب تأثيث المجال لجماعات “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
وعلى غرار النميري كانت حالة صدام في أواخر أيامه. فهو انطلق في مشوار الهبوط والانحدار والانهيار ابتداءً من تلك اللحظات التي انحل فيها عنه رداء الورع وذهب يتحدث عن ملاك يزوره في المنام ويسمع منه ما يشبه “الوحي” الذي يأمره بغزو الكويت التي قيل فيما قيل انه قام باحتلالها استجابة لأمر إلهي. وبعد الاندحار من الكويت اندفع “القائد الضرورة” في درب الأسلمة والاتكاء على جدران الأسلاف وأمجادهم في معارك القادسية وغيرها.
ولسنا بصدد استدعاء الواقعة التراجيدية المشهدية الأولى التي خطفت أنظار العالم يوم مصرع البطل او “الرئيس المؤمن” أنور السادات، الذي صرع بسيف كان هو من تعهد بتشحيمه وصقله. كما لسنا في وارد التلويح بأسماء “زعماء” خرجوا إلى الدنيا من ذات الرحم المظلم, ولازالوا أحياء يلعبون دور البطولة في هذا الضرب من الكوميديا السوداء وكلهم يشبهون بعضهم إلى درجة التماهي والتطابق. فهم عبارة عن نسخ تكرر طبعها من نسخة أصلية واحدة وتوزعت على أكثر من بلد ومن الجائز ضبطهم على مقاس كائن “واحد” وان تعددت أسماؤه ورؤوسه.
والواضح انه حينما تهتز شرعية النظام السياسي فإن المجال ينفسح لتمدد نفوذ الإسلام السياسي وانطلاق قدراته التعبيرية. وكلما تهشمت وتهاوت أركان المشروعية التاريخية المستمدة من مسمى “ثورة” أو”استقلال” و”جمهورية”، وكلما تفاقمت مظاهر عجز وفشل النظام وانعدمت قدرته على القيام بواجباته في تزويد المواطنين بحاجاتهم الأساسية وتلبية متطلبات العيش والأمان، أصبح بالإمكان, بل من السهل, أسلمة مظاهر الحياة.. وكلما تعفن نظام الاستبداد والفساد وأمعن في إهدار الموارد وارتكاب الكوارث وتغييب الواقع استشرت الظلامية, وجرى الاستنجاد بالإسلام كمصدر للمشروعية واتخذ الاستنجاد بأقوال السلف شكله الكاريكاتوري وتجلت الصورة العارية لثمرة التغذية المرتدة بين الطغاة والدعاة حيث ينتج الفساد مقابله (ليس نقيضه): الهوس الديني والتطرف والارتماء في أحضان الشكليات والطقوس الشعائرية على حساب طمس القضايا الملحة والحيوية.
ولما كان النظام الحاكم لا يكتفي بمجرد اللجوء إلى “علماء” الإفتاء والتبرير ولا يستخدمهم كسواتر تحجب خرائبه فحسب بل انه – خاصة في حالة التأزم المفصلية القصوى يندفع نحو إدماج هؤلاء “العلماء” في إطار المنظومة القمعية الشاملة، ويحدث ذلك عند “الانعطاف” من مشارف أزمة حادة إلى دياجير أزمة أحدّ حيث يتطرف العنف وينفلت من شقوق وتصدعات اللامعقول.
وتزيد الأمور سوءاً إذا كانت ثقافة النخب السياسية في السلطة والمعارضة, على حد سواء, معادية للديمقراطية حيث تنطمس الحدود بين الحيز الخاص والحيز العام وتستهدف الحريات المدنية والسياسية والشخصية وحرية التعبير ويتعاظم احتياج النظام لتبرير ارتكابا ته وفشل سياساته بأغطية دينية, قد تعينه لبعض الوقت, ولكنها تسمح على نحو أكثر واكبر باستحكام قبضة التطرف واتساع رقعة سطوتها وسلطتها من باب مخاطبة الغرائز الأكثر تخلفاً والعزف على أوتار أكثر أشكال الوعي خرافية وسلطوية والتمسك بالقشور الزائفة للإيمان والاستعاضة بالخرافة بدلاً عن العقل والحط من قدسية الدين وإهدار هيبته من خلال التعلق بأعمدة التحجر والانغلاق والغرق بطوفان أحاديث الابتذال والسطحية على غرار الحديث عن شرب بول الرسول (صلى الله عليه وسلم) ورضاعة الرجال من أثداء زوجات أصدقائهم لاكتساب صفة اخوتهن وكل ما من شأنه تخصيب البيئة المعادية للإبداع والابتكار والتفكير والتعبير والفنون الجميلة والموسيقى والمسرح والسينما ومصادرة الأفلام والكتب, وغلق صالات السينما والمسرح والنوادي, وتحويل المساجد من أماكن للحديث عن “الساعة” إلى حديث الساعة, وخنق المتنفسات من حدائق, ومتنزهات ترويحية وأندية اجتماعية وثقافية, وصالات للفن التشكيلي وساحات للمرح البريء, وتحريم الاختلاط في المؤسسات التربوية والمرافق العامة والجامعات واستهداف المرأة بالدرجة الأولى بما هي عورة, قاصرة, فتنة, شرف, عار, ويتوجب ان تحجب وتوضع تحت الوصاية وتصان بإلزامها بيتها وخمارها واقصائها عن مجال مزاحمة الرجال والتطلع إلى تسلم كرسي “الولاية” على الرجال وإثارة الشهوات والغرائز و….الخ.
هكذا يتلازم التقدم بـ(القديم) السعيد ويصبح الهدف المأمول في المستقبل هو استعادة الماضي حيث يختبئ عصرنا الذهبي.. ولما كان مشهد الخرائب والأطلال والتهاوي هو السائد والطاغي وهو ما نشهد ونعيش فإن الهرولة للاحتماء بجدران المعجزات والخوارق والاندفاع لتعاطي المخدرات وعقاقير الهلوسة وأحاديث الهوس والتخبط في رياح الواقع المتخثر, والإغماء والغياب في الماضي السحيق وغير ذلك من المظاهر التي تحف بنا وتسحقنا تشير إلى انه بقدر ما يدهسنا العوز والحرمان والقهر, وتستبد بنا مشاعر الإحباط واليأس والموت والوحشة, فإن ذلك يطالعنا بالمحصلة الأكيدة الناجمة عن الهروب من مواجهة المعضلات القائمة في الحاضر والتعايش مع معطيات “التطور الرث والامتداد الهابط وازدهار العقلية التسلطية”.. عقلية حراس الأخلاق والفضيلة والآداب وحملة مفاتيح الحقيقة المطلقة التي تسود على خلفية خراب التعليم وأجهزته ومؤسساته ودمار الاقتصاد وانسداد آفاق التنمية وإهدار فرصها, وغياب المؤسسات, وسيادة حالات الطوارئ وثقافة الإطلاق والإقصاء بدلاً من ترسخ ثقافة الاعتراف بالآخر, وتهوين الأهوال وتقبل الفظائع, واعتبار وجه المرأة المكشوف سبباً لكل المصائب والكوارث وليس الفساد وإهدار الثروات والأموال والممتلكات العامة واللجوء إلى هيئات الأمر بالمعروف و… ” الشرطة الدينية بدلاً من تمكين أجهزة الرقابة الإدارية من مراقبة الفساد والمفسدين وتفعيل دور القضاء وتأمين استقلاليته واعتماد الأطر الدستورية للفصل بين السلطات وتصويب مسار التنمية وبناء وإصلاح مؤسسات الدولة وقطع دابر ثقافة وقيم واقتصاد المضاربات والتهريب والنهب وذهنية الاعتقاد بسحر المصادفة وعبقرية الفجاءة وسخاء الكرامات والمعجزات.
هيئة الأمر بالمنكر… اجتماع اللسان بالسنان
ما كان للحديث عن “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” أن يتجدد ويحتد في الآونة الأخيرة لولا الانعطافة الحادة والخطيرة التي سجلتها “الهيئة” المذكورة في نشاطها الذي ترجع بداياته الصارخة إلى مطلع العقد الأخير من القرن العشرين حينما كانت فنادق مدينة عدن من أول الأهداف لعمليات التفجيرات التي نفذتها عناصر “الجهاد” العائدة من أفغانستان.
ولا يمكن اعتبار لقاء رجال الدين المتشددين بالرئيس علي عبدالله صالح في أول مايو الماضي نقطة زمنية فاصلة حددت مسار عمل الهيئة المذكورة في إطار من مشروعية تأييد ولي الأمر, بما تعنيه من تفويض شرعي “علماء” و”قاعدة” وفروع الهيئة بالعمل الميداني انطلاقاً من المحافظات الساحلية, خاصة الحُديدة وعدن.
والواضح ان ما دفع بالعديد من الزملاء الصحفيين والصحف إلى استدعاء خلفيات التأسيس والبناء القاعدي والممارسات الميدانية المرتبطة باسم هيئة التصدي للمنكرات, كان مرتبطاً باندفاع هؤلاء الذي جاء عقب اللقاء مع الرئيس بأيام معدودات لممارسة نشاطهم الميداني الذي كانت عدن مسرحه الأول.
وكانت الجامعة وطالباتها وطلابها – الاختلاط – هي المستهدف الرئيس من الحملة الهمجية الأولى في النصف الأول من شهر مايو حيث قامت مجموعة كبيرة من “الفُتُوّات” أدعياء الغيرة على الإسلام بالاعتداء على الطالبات والطلاب بالضرب بالهراوات والقذف والشتائم والتهديد والوعيد. وكانت المجموعة المهاجمة مسنودة بمجموعة أخرى من “المتطرفين” الأشاوس الذين استهدفوا ترويع الطلاب والطالبات والإجهاز على أنفاس الحداثة والأنوار والتغيير والانتظارات الحالمة بمستقبل أجمل ينعقد الرهان على بلوغه من بوابة الجامعة.
المعلوم أن محافظة الحُديدة وسواحلها كانت قد اختطفت منذ أكثر من عام وقد تواترت أخبار جماعة “النهي عن المنكر” في الصحف واتسعت رقعة نشاط الجماعة وتمكنت من فرض أجندتها بإغلاق بعض الفنادق واعتقال العشرات من النساء والرجال.
وكان ذلك تحت نظر السلطات وبمؤازرة من أجهزتها النافذة، أكان على مستوى البحث الجنائي او في قيادة محافظة الحديدة, وتكشف للعيان أن أفراد الجماعة يتمتعون بصلاحيات واسعة رغم مخالفة نشاطهم للدستور والقوانين.. وقد وصف احد “علماء” الجماعة تحالف السلطات معهم انه “اجتماع اللسان بالسنان”.
في هذه الاثناء تحدثت بعض الصحافة الخارجية عن صراع أجنحة “الاخوان” في اليمن وقصدت “حزب الإصلاح” مشيرة إلى اجتماع استثنائي عقدته الهيئة العليا لحزب الإصلاح بموجب دعوة عاجلة وجهتها الهيئة للأعضاء – المكتب السياسي – في محاولة لاحتواء تصاعد الخلافات الداخلية التي ظهرت مؤخراً بين قيادته الدينية والسياسية عقب الدعوة التي أطلقتها القيادات الدينية المتشددة – القابضة على مفاصل دوائر الحزب – لتشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما أثار ردود أفعال غاضبة في الأوساط السياسية والشارع اليمني عموماً.
وذكرت مصادر “الوطن” السعودية الصادرة 29 مايو انه اثر تصاعد الصراعات طرح مقترح بأن يتم إبراز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة تعبر عن أصحابها وليس عن كيان حزب الإصلاح وهو ما رفض من عديد من أعضاء الهيئة العليا للإصلاح مشترطين الدعم الداخلي في تشكيل الهيئة قبل دعمها من خارج الحزب.
وقد أعلن عن تشكيل الهيئة من خمسة وعشرين عالماً على رأسهم الشيخ عبد المجيد الزنداني وحمود الذارحي واقترح بأن تضم في عضويتها كلاً من وزارات الداخلية والثقافة والإعلام والسياحة والنائب العام وان تسمى “هيئة الفضيلة والتصدي للمنكرات” وتكرس للحراسة الميدانية للآداب ومراقبة الفنادق والشواطئ والأماكن المشبوهة والاستيريوهات والجامعات والصحافة وتقوم مقام الأمة بالتصدي لحماية الأخلاق والمعتقدات.
منصور هائل – صنعاء،اليمن
Mansoorhael@yahoo.com
تنويعات على هيئة إنكار العصر.. اندماج الزعماء و”العلماء” ينتج: هوس وهلوسة وغياب
أصحاب حق -طبعا من بيده السلاح والسلطة هو القوى هو صاحب حق , والهيئة تخدم من يملك السلاح والسلطة, يعني مع أصحاب الحق , في بلد الحق , ادا لماذا تريدون هيئة ادا انتم على حق في بلد الحق ؟
لماذا تجري في البلد مظاهرات اعتصامات أليس من اجل الحق ضد الباطل مند 18 عام ؟! لماذا النفاق ادا لم تذكر الرئيس” الإمام ” على عبد الله صالح كنت قريب من اصدق كدبك وافتراءك و جهلك للأمور بأنك رجل بسيط ولا تدري كوعك من بوعك .
رد على المنافقين
هذة الهيئة قائمة بإذن الله لن القائمين عليها أصحاب حق ألا وهو الأم بالمعروف والنهي عن المنكر ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون …..))والنبي صلى الله علية وسلم ماجاء إلا من إجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ((إنما بعثت لإؤتمم مكارم الخلاق ))فهؤلاء الذين ينقمون على العلماء إما أنهم منافقون أو جهله أو ماجورين من قبل أمريكا والرئيس علي عبد الله أفضل من أمريكا كم كان صدام أفضل من أمريكا وكما قامت المعاهد العلمية ومن بعدها جامعة الأيمان ستقوم الهيئة بأذن الله (( كبرت كلمة تخرج من افواههم إن يقولون إلا كذبا )) صدق الله العظيم
تنويعات على هيئة إنكار العصر.. اندماج الزعماء و”العلماء” ينتج: هوس وهلوسة وغيابلماذا معظم العرب والمسلمين يخاف التحديث ؟ المجهول عليهم في تعبيرهم وآرائهم ومعروف للعالم ,ادا بمن يمكن أن يلتقي الرئيس اليمني غير رجال الدين المتشددين كآخر ورقة سوف يلعب بها في حالة تفوق مقدراته السياسية في إصلاح الأوضاع في اليمن بشكل عام , وبشكل خاص في الجزء الجنوبي” السني” الذي أصبح اقرب من أي وقتا مضى في رص صفوفه من جديد بشكل أفضل للمقاومة الطويلة الأمد مع الحكومة في صنعاء بعد إن تورط الحاكم في تشكيل محكمة , أي إعطاء لهم- الجنوبيين – شكل شرعي , بعد إن اعترف… قراءة المزيد ..
تنويعات على هيئة إنكار العصر.. اندماج الزعماء و”العلماء” ينتج: هوس وهلوسة وغيابالصراع على حقوق المرأة -د. خالص جلبي قد يصبح “جسد المرأة” مسرحاً سياسياً لطغيان الرجل وإعلانه الوصاية على كائن “متخلف عقلياً” لا يعرف ما يستر به نفسه. ويعلل مالك بن نبي في كتابه “شروط النهضة”، المعركة حول جسد المرأة، بمزيد من تعريتها أو التشدد في تغطيتها، وفق نفس الآلية الخفية من الدافع الجنسي، مع أن ظاهر الأمر يوحي بالتناقض بين الفحش والتقوى، لكنه في حقيقته واحد مثل الفيلم الأسود قبل التحميض والملون لاحقاً، بيد أن أكثر الناس لا يعلمون. إن طغيان الذكر على الأنثى يتبدى في ادعاء الملكية، وعدم… قراءة المزيد ..
تنويعات على هيئة إنكار العصر.. اندماج الزعماء و”العلماء” ينتج: هوس وهلوسة وغياب
أستاذ منصور
تحية طيبة
المقالة مليئة بالكلمات المشحونة ، والعبارات المطاطة غير العلمية ـ وبالتالي لم أطمئن إلى وصفك
أشكرك