أخطر ما في الدراسة الفرنسية التي كشفت عنها جريدة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر يوم الأربعاء هو أن استمرار العقوبات الدولية يمكن أن يحوّل إيران إلى دولة مستوردة للنفط الخام خلال 15 عاماً بسبب تراكم التأخيرات في مشروعات الطاقة الكبرى. وتكشف “لوموند” أن فرنسا قد تسعى لتوسيع العقوبات الأوروبية لتشمل بنك “ملي” وبنك “صادرات” مع فرض حظر على قطاع الغاز الإيراني. من جهتها تركّز “الفيغارو”، في تقرير لمراسلتها في طهران، على الآثار السياسية للتضخّم التي دفعت كبار آيات الله لرفع أصواتهم ضد نجاد!
“لوموند”: إيران تعاني من العقوبات ولكنها لا تغيّر سياستها النووية
“العقوبات الإقتصادية الدولة المفروضة على إيران بسبب مواصلتها برنامجها النووي بدأت تؤثّر سلباً في النمو الإقتصادي. ويُعتقد أن يكون النمو الإقتصادي لإيران في 2007 كان أقل بـ1-1،5 نقطة بالمقارنة مع التقديرات الأولية (أي 4،5 بالمئة بدلاً من 6 بالمئة). وفي الأمد المتوسط، تعرّض العقوبات للخطر تنمية قطاع الغاز والنفط، علماً أن هذا القطاع يؤمن لحكومة إيران مداخيلها الرئيسية من العملات النادرة. وقد باتت الترتيبات المالية والشراكات مع المجموعات الغربية الكبرى- التي لا غنى عنها لدخول سوق الغاز الطبيعي المُسيَّل- صعبة جداً. إن إيران، التي تحتاج حالياً إلى 100 مليار دولار من الإستثمارات الخارجية على مدى 10 سنوات، تُراكِم التأخيرات. وإذا ما استمرّت حالة الشلل في مشروعات الطاقة الكبرى، فإن إيران يمكن أن تتحول إلى مستورد للنفط الخام بحلول 2022-2025.”
ما سبق هو الخلاصات التي توصّلت إليها دراسة أعدّها “مسؤولون فرنسيون” (لا تذكر “لومومد” هوية هؤلاء “المسؤولين”، مما يعني أن الدراسة صادرة عن هيئة رسمية ومخصّصة لـ”تداول محدود”) وأشار إليها وزير الخارجية برنار كوشنير في مؤتمر صحفي عقده في 8 إبريل بباريس، تحدّث فيه عن “فعالية” العقوبات.
ومع أن العقوبات الدولية تؤذي إيران – الدراسة الفرنسية تعترف بأن الأكثر إيلاماً لإيران هو الإجراءات المالية الأميركية التي ردعت البنوك الغربية عن الدخول في معاملات مالية كبيرة مع طهران- فإن تأثير هذه العقوبات على سياسة النظام النووية يظل نسبياً. فلم يحدث التعديل المأمول في هذه السياسة، رغم الأضرار التي تعرّض لها الإقتصاد الإيراني.
فبسبب تركيزه على إنتخابات الرئاسة المقبلة في العام 2009، يعطي محمود أحمدي نجاد الأولوية لسياسات الأجل القريب. ويشعر النظام بأنه قوي جداً بسبب الثروة التي تتدفق عليه من صادرات النفط والغاز: وتسمح له هذه المداخيل بتمويل المنتجات الأساسية، في حين يتزايد التضخّم (إلى حوالي 20 بالمئة). ويتّجه الإقتصاد الإيراني إلى الإبتعاد عن البلدان النامية الأخرى في الشرق الأوسط التي تقوم بتنفيذ برامج لتحديث إقتصاداتها. ورغم ذلك، يبدو نظام ظهران مصرّاً على عدم التنازل تحت الضغط.
ويتمثّل الردّ الإيراني في محاولة الإلتفاف على العقوبات باستخدام قنوات بلدان ثالثة (تمثّل “دبي” منصّة رئيسية في هذا المجال)، وبمحاولة إحياء مشروع “أوبيك الغاز” الذي يسمح له بالتقرّب من روسيا. كما تمثّل الصين، وأذربيجان، وماليزيا، بلداناً مهمة في مساعي إيران للإلتفاف على العقوبات.
إن ما يشجّع الإيرانيين على محاولة الإلتفاف على العقوبات هو الإشارات المتضاربة التي تردهم من الغرب. فقد أعربت سفارة ألمانيا في طهران للسلطات، علناً، عن معارضتها للعقوبات وعن رغبتها في اعتماد سياسة عادية. وتسعى الشركات الأوروبية الموجودة في إيران للحفاظ على مواقعها، خوفاً من أن تؤدي تسوية ديبلوماسية بين واشنطن وطهران، في المستقبل، إلى عودة الشركات الأميركية على نطاق واسع.
وبعد التصويت على مرحلة ثالثة من العقوبات الدولية في شهر مارس الماضي، فإن فرنسا وبريطانيا ترغبان الآن في تكثيف الإجراءات الأوروبية ضد إيران. وكانت باريس قد طرحت هذه الفكرة في خريف 2007، ولكنها لم تُحظَ بالإجماع. وستطرحها فرنسا مجدّداً بعد أن تؤول إليها رئاسة الإتحاد الأوروبي.
وحسب مصادر أوروبية، فإن الإجراءات المقترحة تشمل 3 مستويات.
سيناربو الحد الأدنى: توسيع قائمة الهيئات الإيرانية المشمولة بالحظر الدولي.
سيناريو أكثر طموحاً: فرض حظر على بنك “ملي” وبنك “صادرات” الإيرانيين، بالتضافر مع تقليص إعتمادات التصدير.
سيناريو أكثر صعوبة: عقوبات أوروبية ضد قطاع الغاز الإيراني.
وقد طرح هذه النقطة الأخيرة رئيس حكومة بريطانيا، غودون براون، أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن. مع ذلك، فإن عودة سيلفيو برليسكوني إلى السلطة في إيطاليا لا تعني أن إيطاليا ستسير في هذا الخيار. فمن المحتمل أن يركّز برليسكوني على صيانة مصالح شركة “إيني” الإيطالية في إيران.
“الفيغارو”: آيات الله ينددون بسياسات نجاد الإقتصادية
ذكرت جريدة “الفيغارو” الفرنسية في عددها الصادر اليوم، الخميس، أن 3 من كبار آيات الله، بينهم آية الله ناصر مكارم شيرازي خرجوا عن تحفّظهم للتنديد بالسياسة الإقتصادية التي يعتمدها الرئيس أحمدي نجاد. ونقلت عن آية الله شيرازي قوله أنه “من كل أنحاء البلاد، تردنا شكاوى حول الأسعار المرتفعة وحول التضخّم، وخصوصاً في قطاع السكن حيث بلغ تذمّر الشعب حدّه الأقصى”.
وحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ التضخّم 18،4 بالمئة في 12 شهراً الماضية. ويفيد الخبراء أن أسعار المنازل زادت بنسبة 100 بالمئة خلال العامين الماضيين.
وتنقل “الفيغارو” عن المحلل الفرنسي “تييري كوفيل” أن “هذه ليست أول مرة نسمع فيها مثل هذه الإنتقادات لسياسة أحمدي نجاد، ولكن تدخّل رجال الدين يعني أن الوضع بات يفوق قدرة الناس على الإحتمال. ويؤثر هذا الوضع بصورة خاصة في الطبقات المحرومة. إن آيات الله يدقونّ جرس الإنذار إزاء حالة الإستياء الشعبي”.
ويتضافر تدخّل آيات الله مع الحرب المفتوحة ضمن الحكومة الإيرانية نفسها، والتي تسبّبت باستقالة وزير المال. وفي آخر يوم عمل له، يوم أمس، أعلن الوزير داوود دانيشجعفري أن ميزانية 2008 التي وضعتها حكومة نجاد ستزيد من موجة التضخّم لأنها ستجبر الحكومة على طباعة مزيد من النفود.
سياسة بعيدة عن المهنية
وكان أحمدي نجاد قد فاز بانتخابات 2005 إستناداً لبرنامج عدالة إجتماعية وبناء لوعودة بإعادة توزيع الثروات لصالح الفقراء. وقد اعتمد سياسة ضخ كنيف للبترودولارات في الإقتصاد، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع السيولة مما تسبّب بغلاء الأسعار. كما شجّع الرئيس الإيراني القروض بمعدلات فائدة منخفضة. ويقول “تييري كوفيل” أن “هذا النوع من السياسة يخلق حالة شبيهة بالنشاط الإقتصادي، ولكنها سياسة غير صحية لأنها تؤدي إلى حالة تضخّم تتعذّر السيطرة عليها”. ولا يستبعد هذا الخبير الفرنسي أن تزداد الأزمة الإقتصادية حدّة في الأشهر المقبلة، ملاحظاً أنه “في مطلع التسعينات بلغ معدل التضخم ذروة 50 بالمئة”.
ويقول أنه خلال 3 سنوات ، عمد الرئيس نجاد إلى استبدال عدد كبير من وزرائه، وهذا عدا إستقالة مدير الخطة، ومدير البنك المركزي، مضيفاً أن “كل الشخصيات التي كانت معنية بسياساته الإقتصادية قدّمت إستقالاتها. وهذا يعبّر عن عدم وجود خطة إجمالية، الأمر الذي يعني أنه هنالك نقصاً في المهنية”.
وقد دخلت الأزمة الإقتصادية في المعركة السياسية بين أحمدي نجاد وخصومه. فالرئيس الأسبق رفسنجاني يؤكد أن “إرتفاع أسعار المنتجات الغذائية يطال الفقراء بصورة خاصة. وإذا ما تزايد الإجحاف اليوم فإن الناس سيتمردون، وهذا حقّهم، لأنه ليست لديهم خيارات أخرى”.
من جهته، يبدو الرئيس الإيراني مصمّماً على مواصلة سياسته وعلى تجاهل الإنتقادات التي يعزوها إلى “أعداء الداخل” الذين يحمّلهم مسؤولية التضخّم. وفي الأسبوع الماضي، اتهم نجاد المعارضين بالسيطرة على “مافيا إقتصادية” وبعرقلة تنفيذ برنامجه.
بيار عقل
نجاد لا يغيّر سياساته لأن أنظاره على إنتخابات الرئاسة في 2009قوانين الله -خالص جلبي اليهود سابقا قالوا عن الله إنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح، فأجاب القرآن على تصورات سخيفة من هذا النوع، بقوله “وما مسنا من لغوب”. ويذكر المؤرخ “ديورانت” في موسوعته عن التاريخ الإنساني في كتابه “قصة الحضارة” قصة مسلية عن تصورات البشر وسخفهم، أنه في عام 1755 كان يوم كل القديسين عند الكاثوليك، وقد توجه الناس في لشبونة عاصمة البرتغال، وكانت يومها عاصمة نهب وسلب المستعمرات، وكان الناس محتشدين في الكنائس صباحاً، والقساوسة يتكلمون كلاماً خرافياً من الطراز الذي نعرفه. فارتجت الأرض عند الساعة… قراءة المزيد ..