**
تساند شيرين عبادي، التي حازت جائزة نوبل، الحركة الديمقراطية المحلية في إيران وتبتكر الحجج
القانونية لإرغام السلطات الإيرانية على احترام حقوق النساء وحقوق المنشقّين.
كتبت ماندانا أفشار:
مُنِحَت أبرز محامية عن حقوق الإنسان في إيران، الدكتورة شيرين عبادي، جائزة نوبل للسلام في العام 2003 عن مجهوداتها الشجاعة لوضع حدّ للإعتقال السياسي، والتمييز بين الجنسين، والتأويل التعسفي والإعتباطي للقانون، وعقوبة الإعدام، علاوة على حظر العلاقات المثلية.
ولدت عبادي في العام 1947 وباتت بين أوائل القاضيات الإيرانيات في العام 1975. بعد ثورة 1979، تمّت إقالتها من منصبها بحجّة أن النساء عاطفيات ولا يصلحن لمهنة القضاء. بعد خفض رتبتها إلى رتبة إدارية، أعطيت عبادي ترخيصاً لممارسة مهنة المحاماة، فاستخدمتها على الفور للدفاع عن المضطهدين. ووضعها عملها في طليعة حركة الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران- الأمر الذي أثار سخط السلطات. وقد تعرّضت عبادي للإضطهاد، ودخلت السجون عدة مرات بسبب عملها القانوني البارز نيابةً عن النساء، والأطفال، والمنشقّين السياسيين.
كانت عبادي بين دعاة الحوار بين بلدها إيران والولايات المتحدة، حيث أن العلاقة بين البلدين اتّسمت بالعداء الضمني منذ انقطاع العلاقات الديبلوماسية في 1980. وكلاعب رئيسي في المجتمع المدني النابض في إيران، تملك عبادي وجهة نظر، من الداخل، لثقافة الديمقراطية المتنامية في إيران.
منظمة العفو الدولية: كيف تصفين نبض المجتمع المدني في إيران؟
شيرين عبادي: شعب إيران يرغب بديمقراطية أكثر تطوّراً، وقد طالب بذلك بصورة متواصلة. وشعب إيران شعب محبّ للسلام. خلال 28 سنة الماضية، عاش الإيرانيون ثورةً، وحرباً مع العراق استغرقت 8 سنوات. الإيرانيون سأموا العنف سفك الدماء. وهم يؤمنون بوجوب تحقيق أي تغيير بصورة سلمية وبعيداً عن الوحشية. غير أنهم يدفعون ثمناً لذلك. لسوء الحظ، فليس صحيحاً على الإطلاق أنه لا وجود لسجناء سياسيين في إيران. ولا بدّ أنكم سمعتم مؤخراً عن إعتقال السيّد علي أكبر موسوي خوئيني (وهو عضو سابق في البرلمان) في تجمّع للدفاع عن حقوق المرأة. لقد مضى على اعتقاله 3 أشهر، وأنا محاميته. لم أحصل على إذن لزيارته. ولم أحصل على إذن للإطلاع على ملفّات قضيّته.
منظمة العفو الدولية: حظرت السلطات مؤخّراً منظّمتك التي تدعى “مركز الدفاع عن حقوق الإنسان”. كيف أثّر ذلك على عملك؟
شيرين عبادي: منظمتي لم تحظر. منذ حوالي 5 سنوات، أسّست مع زملاء يشاركونني تفكيري منظمة غير حكومية، وتقدّمنا للحكومة بطلب لتسجيل منظمتنا. وقد استوفينا كل الشروط القانونية للتسجيل، ولكن الحكومة رفضت تسجيل المنظمة في عهد الرئيس محمد خاتمي وأحمدي نجاد. في عهد خاتمي، كان باستطاعتنا أن نعمل بدون أن يتعرّض لنا أحد. وبعد تسلّم السيد أحمدي نجاد الرئاسة، وردنا تحذير بأن وضعنا غير قانوني وبأنه ينبغي وضع حدّ لنشاط المنظمة. وكان ردّنا خطاباً للسلطات قلنا فيه أننا استوفينا كل الشروط القانونية للتسجيل وأن عملنا قانوني، وأن السلطات، بناءً على ما سبق، تخرق القانون حينما ترفض تسجيل منظمتنا. وقلنا أننا مستمرون في عملنا، وأننا لا نرغب بوضع حدّ لنشاط منظمتنا. لم نقم بإقفال المنظمة حتى ليوم واحد. أما ما يستجد في المستقبل فعلمه عند الله.
منظّمة العفو الدولية: سمعنا أن الإتحادات النسائية في طليعة حركة المجتمع المدني في إيران، وخصوصاً في المناطق الريفية والمقاطعات النائية. ما نوع العمل الذي تقوم به هذه الإتحادات، وما الذي يميّز عملها؟
شيرين عبادي: إنها قويّة جدّاً. ما يميّزها هو أنها ليس فيها قادة. وليس لها مكاتب رئيسية ومكاتب فرعية. إن إتحادها يتمّ في منزل أي إيراني يحترم المساواة أمام القانون. إن عدم وجود قادة يمنح الحركة قوة أكبر. لو كان للحركة قائد أو إثنان، فإن اعتقال هؤلاء القادة كان سيضعفها. إن خلوّها من القيادة يجعلها قوية وغير قابلة للإيقاف. لقد حقّقت هذه الحركة نجاحاً كبيراً. ومؤخّراً، وضعت خطّة لجمع مليون توقيع للإحتجاج على التمييز القانوني بين الجنسين. وأسّست موقعاً على الإنترنيت للنساء والرجال الإيرانيين الذين يعارضون قوانين التمييز. كما نشأ دعم واسع النطاق لنا في أوساط دولية، وخصوصاً من الفائزين بجائزة نوبل. نأمل أن هذا الدعم الدولي سيعزّز الحركة داخل إيران.
منظمة العفو الدولية: هل هنالك تناقض أساسي بين حكم القانون والنظام القضائي الإيراني الذي يتولاه رجال الدين؟
شيرين عبادي: أنا محامية. ولهذا السبب، فإنني أسعى إلى تصحيح القانون. هذه القوانين تمثّل التأويل الخاطئ للدين.
منظمة العفو الدولية: ماذا عن الأصوات الأكثر إعتدالاً ضمن الحكومة الإيرانية؟ ما مدى ضعف مركزها في المرحلة الحالية؟
شيرين عبادي: الإصلاحيون كانوا معرّضين لنفس الأخطار في عهد خاتمي. تذكّروا أن السيد غانجي، وأنا نفسي، وسجناء رأي آخرين، دخلنا السجن في عهد خاتمي. لسوء الحظ، فالمناضلون من أجل الحرّية كانوا دائماً معرّضين لخطر الإعتقال، وهذا لم يتغيّر.
منظمة العفو الدولية: ما رأيك في ما طرأ مؤخّراً من تصاعد للتصريحات العدائية بين الإدارة الأميركية وحكومة إيران؟
شيرين عبادي: السيّد بوش يتحدث عن الديمقراطية، ولكنه لا يؤمن بها. أنظروا إلى أصدقاء الولايات المتحدة في منطقتنا: السعودية، أو اليمن، أو الكويت، أو باكستان. هذه البلدان لا تملك ديمقراطية متطوّرة ولكنها، مع ذلك، صديقة مقرّبة من الولايات المتحدة. حينما كان صدام حسين يقصف شعب إيران بأسلحة كيمياوية، فإن دونالد رمسفيلد سافر إلى العراق، واجتمع مع صدّام حسين، وصافحه. هذا يثبت أن أفكار السيّد بوش عن الديمقراطية ليست صادقة. ولكنني أضيف أن شعب إيران يتذمّر، بالمقابل، من حكومته. إن عدم إحترام حقوق الإنسان هو ما يدفع شعب إيران للمطالبة بديمقراطية أكثر تطوّراً.
منظمة العفو الدولية: كيف تستطيع المنظمات غير الحكومية في الولايات المتحدة أن تدعم تطوّر حقوق الإنسان في إيران؟ وأيضا، الأفراد المهتمّون مثل أعضاء “منظمة العفو الدولية”؟
شيرين عبادي: نحن نعتبر المنظمات غير الحكومية في أي مكان من العالم زميلة لنا. إن الذين يناضلون من أجل حقوق الإنسان هم أعضاء في نفس العائلة. وهم قادرون على مساعدة بعضهم البعض. وحينما يتعرّض شخص للإعتقال فإن من الأفضل أن تقوم منظمات غير حكومية، وبينها “منظمة العفو الدولية”، بنشر الموضوع وبلفت إنتباه العالم إلى الظلم الحاصل.
منظمة العفو الدولية: ما هو موقفك من قبول دعم مالي أو مساعدة من الحكومة الأميركية؟
شيرين عبادي: الناشطون في إيران، والجماعات الإيرانية، لا يستطيعون قبول أية أموال من الخارج. ونشاطاتهم معرّضة للتدقيق من جانب الحكومة التي يمكن أن تتّهمهم بالتجسّس.
منظمة العفو الدولية: هل هنالك تناقض في أن بعض الإيرانيين يطالبون بلداناً أجنبية بدعم معنوي، في حين أن إيرانيين آخرين يتّهمون بلداناً أجنبية بالتدخّل في الشؤون الإيرانية؟
شيرين عبادي: لا نريد أن نصل إلى الديمقراطية بمفردنا. أعتقد أننا بحاجة إلى دعم معنوي من منظمات حقوق الإنسان. ولكننا لا نعتقد أنه يؤمن إستيراد الديمقراطية إلى بلدنا بواسطة القذائف والقنابل. الديمقراطية ليست سلعة يستطيع أحدهم أن يشتريها لنا. الديمقراطية ثقافة ينبغي أن تنمو ضمن الناس. ولحسن الحظ، فهذه الثقافة فوية جداً في إيران، ويواصل الإيرانيون كفاحهم من أجلها. إن الإيرانيون جاهزون كلياً لقيام حكم ديمقراطي.
منظمة العفو الدولية: سبق لك أن عثرت على إسمك ضمن “قائمة إغتيالات” حكومية، ولا بدّ أن بعض أصدقائك وزملائك تعرّضوا لاضطهاد عنيف. حيث أنك والدة لطفلين وواحدة من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، كيف تضعين لنفسك حدود النشاط الآمن؟
شيرين عبادي: إذا ما نظرتم إلى السجون في أنحاء العالم، أو إلى قوائم الإغتيالات، فإن العديد من الأسماء التي ستطالعونها ستكون لأنصار حقوق الإنسان. إن المدافعين عن حقوق الإنسان في خطر في كل مكان لأن انتقاداتهم تتوجّه ضد الحكومات بالضرورة. إن الحكومات التي لا تحترم حقوق الإنسان لا تحبّ أن تتعرّض للإنتقاد. وإيران ليست إستثناء لهذه القاعدة، وأنا واحدة من بين هؤلاء الأفراد. وأنا لا أستطيع أن أهتمّ بسلامتي الشخصية طوال الوقت، وإلا فإنني سأغدو عاجزة عن إداء عملي.
ترجمة بيار عقل
المصدر:
http://www.amnestyusa.org/magazine/
winter_2006/contrary_opinion/print.html