من قتل بنازير بوتو؟
بيت الله محسود، زعيم الطالبان الباكستانيين، الذي سارعت سلطات باكستان لاتهامه بتدبير الإغتيال سارع، عبر الناطق بلسانه، مولوي عمر، إلى نفي التهمة قائلاً: “إنني أنفي التهمة بشدّة. نحن أبناء القبائل، لدينا تقاليدنا. نحن لا نغتال نساء”!
وهذا النفي يحرم السلطات الباكستانية من “سيناريو أبو عدس” الذي تم استخدامه في عملية إغتيال رفيق الحريري. والفارق هو أن “أبو عدس” كان شاباً مسكيناً وبريئاً تمّت تصفيته قبل العملية، في حين أن “بيت الله محسود” ما يزال على قيد الحياة وأنه وجّه الإتهام بدوره إلى أجهزة الإستخبارات الباكستانية قائلاً:” عمر “إنها مؤامرة من تدبير الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات الباكستانية”.
وكانت سلطات باكستان قد اتّهمت “محسود” بناءً على مكالمة هاتفية ذكرت في البداية أنه “تلقّاها” لتهنئته بمقتل بنازير بوتو، ثم عدّلت الرواية لاحقاً لتقول أنه هو الذي بادر لإبلاغ أنصاره بمقتل زعيمة حزب الشعب.
ولم يظهر إعلان تبني المسؤولية على المواقع الإلكترونية المتشددة التي دأبت على نشر بيانات القاعدة والجماعات المتشددة الأخرى.
وكان مصدر إعلان المسؤولية وكالة أنباء إيطالية هي “أدنكرونوس الدولية” التي أوضحت أنّها تلقّت اتصالا هاتفيا من قائد القاعدة في أفغانستان والمتحدث باسمها مصطفى أبو اليزيد تبنى فيها مسؤولية الهجوم.
في أي حال، فالمكالمة التي اعترضتها الاستخبارات الباكستانية والتي تمّت باللغة البشتونية، دارت حوار بين بيت الله محسود وشخص آخر دعاه باسم مولاي صاحب، وهي تبرّئ “محسود” في الواقع. فقد جاء فيها ما يلي:
محسود: تهانينا. هل نحن؟
صاحب: نعم. لقد كنا نحن.
محسود: من كان هناك؟
صاحب: سعيد كان هناك، والثاني الذي كان هناك بلال من بدر وإكرام الله.
محسود: كلهم قاموا بذلك؟
صاحب: إكرام الله وبلال فعلاها.
محسود: إذن تهانينا.
صاحب: أين أنت؟ أريد أن نلتقي.
محسود: أنا في مكين(مدينة جنوب وزيرستان) تعال إلى هناك. أنا في منزل أنور شاه.
(ولاحقا)
محسود: عمل رائع. أولاد شجعان جدا من قتلوها.
أي أن “محسود” لم يكن يعرف من قتل بنازير بوتو.
وقد أكّد مصدر أصولي في لندن، في إتصال مع “الشفّاف”، أنه لا يعتقد بتورّط أصوليين في عملية الإغتيال. وفي إشارة إلى موضوع نشره “الشفّاف” حول المسؤولين الباكستانيين الثلاثة الذين اتهمتهم بنازير نفسها بتدبير محاولة الإغتيال الأولى، قال المصدر الأصولي أنه “يستبعد” تورّط الجنرال عبد الحميد غول في المحاولة، وأن نشاطات غول الآن باتت تنحصر في مركز الدراسات الذي يديره.
هل أصيبت بنازير بالرصاص أم لم تُصَب؟
كما في عملية إغتيال الحريري، فسلطات باكستان تركّز على دور “الإنتحاري” في مقتل بنازير، في حين يصرّ حزب الشعب الذي كانت بنازير زعيمته على إصابتها بالرصاص.
والغريب هو أن حزب الشعب يتّهم الحكومة بترويج “مجموعة أكاذيب” حتى بالنسبة لإصابتها. فقد ناقضت مساعدة بارزة لرئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بنظير بوتو روايات الحكومة الباكستانية المتضاربة بشأن اغتيالها بالكشف السبت أنها أصيب بطلق ناري في الرأس. ووصفت السكرتيرة الصحفية لحزب الشعب الباكستاني، شيري رحمن، مزاعم الحكومة بأن بوتو قضت بتحطم جمجمتها إثر اصطدام رأسها بسقف سياراتها المتحرك بأنه “الأكثر غرابة، وهراء خطير.. من الواضح أنهم يريدون التملص من كافة المسؤوليات.
ولكن، ما أهمية هذا “التفصيل” بالنسبة لموت بنازير؟
لا بد أن يتمتّع المرء بـ”عقل إستخباراتي” حتى يفهم هذا الفارق الدقيق! فقد أعرب محلل الأمن القومي لـCNN، كين روبنسون، الذي عمل سابقاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية في باكستان إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، عن شكوكه إزاء ما أسماه ” محاولات أعداء بوتو إحكام السيطرة على ميراثها بالتقليل من شأن أسباب وفاتها”!!
وأضاف قائلاً: “يحاولون حرمانها من الموت كشهيدة، وهذا أمر مهم“، مشيراً إلى مخاوف العديد من أن تصبح وفاتها أكثر تأثيراً من حياتها “فستظل دوماً الشجاعة التي تحدت الجيش والمتشددين المسلحين.!!
أي أن مقتلها باصطدام رأسها أثناء محاولتها الإحتماء يحوّل موتها (في التفسير الإستخباري) إلى “حادث” وليس إلى “استشهاد”.
مسؤول أمن بنازير الرسمي هو أحد المتّهمين بمحاولة الإغتيال الأولى
وفي ما يذكّر بأحد الضبّاط الأربعة المتّهمين بعملية إغتيال الحريري، أي اللواء علي الحاج، الذي كان سابقاً مسؤولاً عن أمن الحريري، فإن المسؤول الرسمي عن أمن بنازير بعد عودتها من دبي كان اللفتنانت جنرال إعجاز شاه، أي مسؤول “مكتب الإستخبارات” (IB) الذي اتّهمته أوساط بنازير (في التقرير الذي نشرناه في شهر أكتوبر) بتدبير محاولة الإغتيال الأولى ضدها.
ويُذكّر أن إعجاز شاه كان ضابط جهاز الإستخبارات المشترك (ISI)”المسؤول” عن الباكستاني- البريطاني (والطالب “اللامع” في “كلية لندن للإقتصاد) “سعيد شيخ”، قاتل الصحفي الأميركي “دانييل بيرل”.
وبعد ذبح الصحفي دانييل بيرل لم يقبل “سعيد شيخ” بتسليم نفسه سوى للجنرال “إعجاز شاه”، المسؤول السابق عنه. ونقلت عنه مجلة “نيوزويك” قوله: “لن أتحدث في موضوع علاقتي مع جهاز الإستخبارات المشترك لأنني لا أريد تعريض عائلتي للقتل. أنا أعرف أشخاصاً في السلطة، وهم يعرفونني ويعرفون ما قمت به”!
ويبدو مثيراً للشكوك أن يكلّف الجنرال مشرّف هذا المسؤول الإستخباري بالذات برعاية أمن بوتو، خصوصاً أنها وجّهت له إتهاماً مباشراً في رسالتها لمشرّف بعد عملية الإغتيال الأولى التي سقط فيها 130 قتيلاً.
(راجع مقال “الشفّاف” المنشور في 19 أكتوبر)
رسالة بنازير: إذا قُتِلت فإنني أحمّل مشرّف المسؤولية
وقد كشف صحفي “سي إن إن”، مارك بليتزر، بعد مقتل بنازير بوتو، عن رسالة تلقّاها صديق بنازير الصحفي الأميركي مارك سيغال في شهر أكتوبر (شاهد الفيديو). وجاء في رسالة بنازير:
“إذا قتلت…. إضافة إلى الأسماء الثلاثة التي ذكرتها في رسالتي المؤرخة بتاريخ 16 أكتوبر فأنني أحمل مشرف المسؤولية. لقد شعرت بعدم الأمان بسبب التابعين لمشرف. من المستحيل إطلاقا أن يقع ما أتعرّض له من منعي من إستخدام سيارات خاصة، أو إستخدام زجاج مطلل أو توفير أجهزة تشويش أو أربع سيارات مواكبة بدون معرفة مشرّف”.
(أنظر “الفيديو” في نهاية هذا المقال)
وتعني الرسالة أن بنازير تعرّضت لـ”مضايقات أمنية” جعلتها مكشوفة أمام محاولات الإغتيال. وهذا تكرار شبه حرفي لما تعرّض له الرئيس الحريري قبل مقتله، حينما تمّ سحب قسم من حراساته. كما أنه تكرار لما تعرّض له الزعيم كمال جنبلاط حينما منعه السوريون من إصطحاب مرافقين مسلّحين إلا إذا كانوا داخل سيّارته نفسها (وليس في سيارة مواكبة)!
لماذا قتلوا بنازير بوتو؟
الأسباب متعدّدة.
أولاً، لأن الطبقة العسكرية الباكستانية تمسك باقتصاد البلاد، وبالمساعدات التي تحصل عليها باكستان من أميركا وغيرها، منذ أواخر السبعينات. وقد خلق الحكم العسكري المستمر تقريباً منذ عهد “ضياء الحق” (باستثناء سنوات قليلة تولّت خلالها بنازير رئاسة الحكومة مرتين، ونوّاز شريف مرة واحدة) مصالح ضخمة للعسكريين الذين يديرون معظم مؤسسات البلاد المدنية. ولن يتخلّى العسكر عن هذه الإمتيازات إلا مرغماً. فهم لا يختلفون عن نظام بشّار الأسد الذي “لم يقتنع” حتى الآن بأنه خسر إمتياز نهب لبنان إلى الأبد!
وثانياً، لأن عودة بنازير إلى السلطة كانت ستكشف مدى “الإبتزاز” الذي يمارسه مشرّف وجنرالاته على الأميركيين وعلى العالم بالنسبة للخطر الأصولي. فحتى عودة بنازير إلى باكستان، لم يكن العالم يسمع بمنطقة الحدود أو بمدينة “بيشاور” سوى كمراكز للأصولية المتطرّفة. ولكن بنازير خطبت في هذه المناطق في إحتفال شعبي، وخرجت مظاهرة تضمّ 4000 شخصاً في “بيشاور” فور الإعلان عن مقتل بنازير! وهذا يناقض الصورة التي يقدّمها الجنرالات للعالم عن الخطر الأصولي الجارف الذي لا يصدّه سوى الحكم العسكري.
والأهم، فالمقرّبون من بوتو، وعدد من القيادات الأصولية، يتّفقون على أن مشرّف وجنرالاته قادرون على اعتقال كلّ قيادات “القاعدة”، وصولاً إلى أيمن الظواهري، إذا اتخذوا قراراً بذلك!!
وثالثاُ، يصرّ المقرّبون من بوتو على أن أجهزة إستخبارات باكستان لعبت دوراً أساسياً في عمليات الإرهاب العالمي، وتحديداً في عملية 11 سبتمبر 2001. مما يعني أن وصول بنازير بوتو إلى رئاسة الحكومة كان ينذر بإمكانية كشف الغطاء عن دور هذه الأجهزة، وتحديداً “جهاز الإستخبارات المشترك”، في العملية التي استهدفت نيويورك وواشنطن. كما أن وصول بوتو كان يهدّد بالكشف عن دور أجهزة مشرّف في بعض العمليات الإنتحارية التي جرت في أفغانستان! ويعني ذلك، لو حصل، سحب الحماية الأميركية للنظام العسكري في باكستان، وتحويل عدد من المسؤولين الباكستانيين إلى متّهمين بأكبر عملية إرهاب دولي، على غرار الضباط اللبنانيين والمسؤولين السوريين!
لهذه الأسباب كان مطلوباً أن تتمّ تصفية بنازير بوتو قبل وصولها إلى السلطة.
أنصار بنازير شيّعوها بهتافات ضد مشرّف.. واميركا
ونقطة أخيرة. فقد هتفت الجموع التي خرجت للشوارع في باكستان إحتجاجا ًعلى مقتل بنازير ضد برويز مشرّف وضد أميركا! والغريب أن وسائل الإعلام الأميركية لم تسجّل هذه النقطة. لماذا يهتف أنصار بنازير ضد أميركا مع أن الأصوليين يتّهمونها بأنها صديقة للأميركيين؟ الواقع هو أن بنازير كانت “شخصية غير مرغوب بها” من جانب الإدارة الأميركية حتى العام 2007. وحتى بعد خطاب الرئيس بوش، في نوفمير 2003، الذي وعد فيه بأن تتخلّى أميركا عن دعم الديكتاتوريات لصالح الديمقراطية، فإن باكستان ظلّت خارج هذا التوجّه الجديد.
وموقف الولايات المتحدة من بنازير بوتو لا يختلف كثيراً عن موقف الولايات المتحدة، والغرب عموماً، من أحمد مسعود شاه. فقبل أسابيع من إغتياله، رفض الفرنسيون تقديم “منح دراسية” للطلاب الطاجيك كان طلبها مسعود أثناء زيارته لفرنسا. وحرصت الإدارة الأميركية، حتى 11 سبتمبر، على رفض أي إتصال مباشر مع مسعود لأنها كانت تراهن على.. الطالبان!
لقد طالبت هيلاري كلينتون بتحقيق دولي في مقتل بنازير بوتو. فهل تقبل إدارة بوش بمثل هذا التحقيق؟ وهل يأخذ المجتمع الدولي موقفاً من عمليات الإغتيال السياسي من لبنان إلى.. باكستان؟
إغتيال الحريري مكرّراً: “أبو عدس” الباكستاني ينفي مسؤوليته ورسالة بنازير المنشورة بعد موتها تتّهم مشرّف و3 جنرالات
اي حزب الشعب لا يملك قياديين وانما اقزام فالوصية ضد الديمقرطية وولتدميرها. انكشفت الحقائق اين الديمقراطية التي كانت تنادي بها بوتو؟؟؟. ان تفسير الوصية هو الانتقام والعنف والثار لاسرتها وليس الديمقراطية كما كانت تدعي الله يهدينا انها عقلية المنطقة التي يتربى المسلم عليها عموما
إغتيال الحريري مكرّراً: “أبو عدس” الباكستاني ينفي مسؤوليته ورسالة بنازير المنشورة بعد موتها تتّهم مشرّف و3 جنرالات
الوصية ضد الديمقرطية وحرقها. انكشفت الحقائق اين الديمقراطية التي كانت تنادي بها بوتو؟؟؟. ان تفسير الوصية هو الانتقام والعنف والثار لاسرتها وليس الديمقراطية كما كانت تدعي الله يهدينا انها عقلية المنطقة
إغتيال الحريري مكرّراً: “أبو عدس” الباكستاني ينفي مسؤوليته ورسالة بنازير المنشورة بعد موتها تتّهم مشرّف و3 جنرالات
عندما سمعت بالوصية تغير راي فيها وقلت انها ديكتاتورية لا شعوريا وكانت تتسلق بواسطة الديمقراطية الكرسي كغيرها فهي لا يهمها لا الشعب ولا الديمقراطية