إن الحملات المتعاقبة التي يقوم بها بعض المتشددين في العالم من الإساءة للأديان والأنبياء كما يحدث حاليا في بعض الدول… كالإساءة للدين الإسلامي ولشخص الرسول الأعظم “ص” نتيجة فهم وتفسير خاطئ، والاستناد على معلومات مغلوطة لعقيدة الآخر، بالإضافة للجهل أو الحقد… أعمال مرفوضة تثير معتنقي الدين الإسلامي، وتؤدي إلى صناعة الكراهية والفتنة والعداء بين الشعوب والحضارات، وهذه الأعمال التي تشن للأسف باسم حرية الرأي… هي حرية ناقصة لأن فيها إساءة وتجريح وتطاول ونيل من مقدسات الطرف الآخر.. أي اعتداء على حرية الآخر بدون وجه حق.
فمن حق صاحب أي معتقد أو مذهب أن يمارس معتقده بحرية وبدون تدخل…وليس من حق أي إنسان يتبجح بالحرية الإساءة للآخر باسم الحرية… فالحرية الحقيقية بريئة منه كبراءة الذئب من دم يوسف.
المحرمات الاجتماعية
ومن حق الإعلام أن يتناول القضايا الدينية وطرحها بالإعلام بشكل موضوعي متزن مع فتح المجال لأصحاب كل مذهب أن يتحدثوا عن معتقدهم… كما أن الإعلام من حقه تناول القضايا الاجتماعية التي تخص أبناء المجتمع من جميع الأطياف والمذاهب فلا احد فوق النقد وليس هناك فئة معصومة عن الأخطاء، ولا يخلو أي تجمع بشري ومنها المجتمعات الخليجية من التنوع الديني والمذهبي والثقافي والفكري والسياسي، ولا إشكال في تناول القضايا التي تخص المجتمع الخليجي من أبناء المذهبين الشيعي والسني الذين يشكلون المجتمع الخليجي.
ولكن يجب تناول القضايا بصدق وأمانة وموضوعية، وبدون تشويه وإساءة، ودون دواعي انتقامية ومنطلقات طائفية عقائدية مريضة من قبل أشخاص متشددين لديهم مواقف سلبية يريدون فقط تصفية حسابات والإساءة للطرف للأخر.
زواج المتعة
فمسألة الزواج المؤقت “المتعة” هي مسألة شرعية جائزة في الإسلام حسب المذهب الشيعي، ولها دلائلها الشرعية من الكتاب والسنة، ولها أحكام وتشريعات يجب الأخذ بها… فهو نوع من أنواع الزواج الإسلامي: الدائم (والمؤقت: العرفي والمسيار والمسفار وغير ذلك من عقود زواج تعقد بنية الطلاق أو لمدد محددة تحت المظلة الشرعية) الخاضع لشروط شرعية مفصلة يجب مراعاتها.. كالصلاة والصوم والحج والبيع والإرث وغيره.
والزواج(المتعة أو العرفي أو المسيار …) جائز لمن يتعبد بمذهب يجوزه، وليس مطلوب من أفراد من يتعبدون بالمذهب أن يمارسوه، ولا يعني من لا يمارسه انه خارج الملة، أو أن الحكم غير صالح للاستخدام (فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة)… وهناك الكثير من الأمور الجائزة والمستحبة عند المسلمين كثير من المسلمين لا يقومون بها.
الممارسات الخاطئة
وكما تقع أخطاء في ممارسة العبادات الأخرى الواجبة والأمور الجائزة من قبل أفراد الأديان… فهناك ممارسات خاطئة لزواج المتعة واستغلال من قبل بعض الرجال والنساء .. كما يحدث من قبل الرجال والنساء في استغلال الزواج الدائم… ألا يوجد بين المسلمين من أصحاب النفوس الضعيفة من يستغل الزوجية في ممارسة الخطيئة المخالفة للشرع… هل هذا يعني أن تشريع الزواج الدائم من الشارع المقدس خاطئ .. وعندما تقع ممارسة خاطئة في الحج من قبل الحجاج يعني ذلك خلل في تشريع الحج، وهل عندما يسيء البعض لمساءلة الجهاد بان يقومون بأعمال إرهابية باسم الجهاد أن الإشكالية في حكم الجهاد. !!!
وعندما يمارس البعض هذه المسائل بشكل خاطئ لا يعني إن الخطأ في المشرع أو في أهل الدين أو المذهب.
فالزواج المؤقت “المتعة” لدى المسلمين الشيعة: له عقد إيجاب وقبول ومهر وعدة شرعية وشروط وتفاصيل، وعلى من يريد معرفة تفاصيل أحكامه الاطلاع على الكتب الشيعية لا من غيرهم.
وكما لا يحق لمن لا يؤمنون بالإسلام وبنبوة الرسول الأعظم محمد (ص) أن يتطاول على الإسلام وعلى النبي الكريم بالإساءة الجارحة وتفسير أحاديثه وأقواله حسب أهوائهم كما يحدث مؤخرا.
فانه لا يحق لمن يتعبد بمذهب معين تناول قضية شرعية حساسة لمذهب آخر حسب فهمه وتفسيره وحسب أهوائه.
للخطايا ثمن
فمع نشر الصحف العربية تفاصيل برامج قناة ام بي سي 1 الفضائية لشهر رمضان المبارك وبالتحديد المقطع التالي( المسلسلات الدرامية الجديدة تتضمن باقة من المسلسلات التاريخية والاجتماعية التي تتناسب مع الأسرة العربية. ”للخطايا ثمن” مسلسل كويتي جديد تدور أحداثه حول كوثر الفتاة الفائقة الجمال التي تتزوج العديد والكثير من الرجال ”زواج المتعة”. وتبدأ مجريات القصة من خلال سرد الأحداث للطريقة التي تتزوج بها والمواقف التي تحدث خلاله .) تحرك النشطاء الشيعة في الخليج في البحث لمعرفة تفاصيل ما يتناوله المسلسل عن القضية الحساسة والمثيرة “زواج المتعة” فتم تسريب مقاطع من الحوار التي تتعلق بالفتاة كوثر التي تتخذ من زواج المتعة طريقا للكسب بأسلوب فاضح ورخيص بدون معرفة تفاصيل قصة المسلسل… مما أدى إلى حالة من الاستنكار والتشنج والتعبئة لدى أبناء الطائفة الشيعية في كل مكان وبالتحديد في الخليج بتناقل الخبر عبر المحطات الفضائية الشيعية وعبر شبكة الانترنت، والدعوة لتشكيل حملة لإيقاف عرض المسلسل، وتشكيل وفود لمقابلة المسؤولين في الخليج للتعبير عن الاستياء من عرض هذا المسلسل الذي لا يخلو من بث النعرات الطائفية وسط المجتمع الخليجي.
الفن والفتنة
في الحقيقة أن تناول قضية زواج المتعة حسب ما تم تسريبه لنص مسلسل “للخطايا ثمن” بشكل مشوه لزواج المتعة الشرعي، وتصوير هذا الزواج للمشاهد من لا يعرف حكم المتعة بشكل صحيح انه كما يراه، تصوير يدعم طرف معادي لهذا الزواج.
لا مانع من تسليط الضوء على مشاكل المجتمع فليس هناك من هو لا يخطأ، ولكن كان ينبغي على من يريد تناول مثل هذه القضية الشرعية بهذه الجرأة… مقابلة أصحاب الشأن والتعرف على ماهية وأحكام وشروط زواج المتعة قبل طرحها بشكل خاطئ .. ربما يؤدي إلى فتنة.
كما على منتج المسلسل والقائمين عليه التحقق من ذلك عبر زيارة أصحاب الشأن فأبوابهم مفتوحة وممكن الحصول على معلومات إضافية تخدم الموضوع لا يعلم بها المؤلف تستحق الإشارة لها.
المشكلة في المسلسل انه تناول زواج المتعة التي تعتبر القضية الحساسة والتي عليها خلاف كبير بين المذهب الشيعي والسني. في ظل وجود توتر مذهبي إسلامي في المنطقة، ووجود فئة تسيء وتنال من الطائفة الشيعية عبر ربط ونعت المذهب الشيعي بزواج المتعة بمفهوم خاطئ ومشوه.
أن تناول المسلسل لزواج المتعة بأساليب خاطئة هو عين المشكلة والخطورة .. كان بإمكان المؤلف أن يتناول زواج المتعة بصورتها الحقيقية لدى المذهب الشيعي حسب أحكامها وشروطها لكي يساهم في نشر الفكر الصحيح وتغيير ما يشاع عنها.. وممكن التطرق عبر ذلك للأساليب السيئة في بعض من يمارسها.
فعندما تناول مسلسل طاش ما طاش زواج المسيار أو المسلسلات المصرية لزواج العرفي تناولته حسب الحكم الشرعي الصحيح وان كان بغالب وبطريقة ساخرة.
ربما يكون كل ما قيل غير صحيح وان القضية ليست بهذه الطريقة المتشنجة وهناك من يرد إشعال فتنة والقيام بدعاية كبيرة للمسلسل.. عموما لعدم الدخول في مالا يحمد عقباه لا مانع من السماح لمجموعة من العلماء والمفكرين من الطائفة من مشاهدة المسلسل… فربما ما تم تسريبه مضخم وغير صحيح.
ali_slman2@yahoo.com
للخطايا ثمن.. وللفتنة ثمن أعظم!!
يجب ان تعي الناس بان الإسلام أيد التحرر الجنسي، فمثلاً أباح التعدد، وأباح الإماء بلا حدود وكما يرى الشيعة أباح المتعة، بل وأباح الزنى ضمنياً، فمثلاً طلب شهوداً أربعة يرون تفاصيل الواقعة، أي الميل في المكحلة، وهذا صعب جداً. إذاً فلماذا التشنج والهجوم والدفاع؟ فليعملوا الناس بما يقتنعون به.
للخطايا ثمن.. وللفتنة ثمن أعظم!!
لا زلنا متخلفين وسنظل متخلفين ما دامت العقلية المقدساتية هي التي تتحكم بنا