– 1 –
لا يجهل قراء هذه الجريدة «الظّاهرة القبيسيّة» التي نشأت في دمشق، والآخذة في الانتشار والامتداد الى لبنان والأردن وغيرهما. ولو أنّ هذه «الظاهرة» تقتصر على امرأةٍ أو أكثر، في حدود التجربة الفرديّة الخاصة، لكان ذلك أمراً طبيعيّاً. ولعله أن يكون آنذاك محموداً. ذلك أَنّه سيكون دليلاً على بُعدٍ ثقافيّ غير ذكوريّ، ينوّع الحياة الثقافية العربيّة ويُغنيها.
لكن أن تُصبح هذه «الظاهرة» دعوةً عامةً، وتنظيماً تراتبيّاً مفتوحاً للمرأة المسلمة، وحدها، وخاصاً بالنّساء المسلمات وحدهّن، فذلك أمرٌ يستدعي التساؤلَ والقلق، لا من الناحية الدينية أو الاجتماعية وحدها، وإنما كذلك من الناحية السياسية. خصوصاً أَنَ هذه «الظاهرة» تنشأ في منطقةٍ متعددة الأديان، متنوّعة المذاهب.
– 2 –
بدئيّاً، تشير هذه الظاهرة الى «خواء» الرّجل المسلم في سورية، على الأخصّ، سياسةً وثقافةً، في نظرته الى المرأة، وفي علاقاته التي يقيمها، والقيم التي يُرسيها، انطلاقاً من هذه النّظرة. تشير، تبعاً لذلك، الى «خواء» الحياة الفكريّة العامّة، وبخاصةٍ في سوريّة. غير أنها، بَدلاً من أن تسيَر في أُفق النّقد، وإعادة النّظر، والعمل من أجل التأسيس لبناء مجتمع الإنسان وحقوقه وحريّاته، تسير على العكس في الأفق الذي لا يؤدّي إلاّ الى مزيدٍ من ترسيخ مجتمع المذاهب والطوائف، ومزيدٍ من الانغلاق والتعصّب والتفكّك والاستسلام لجميع «الأمراض» الموروثة والرّاهنة السّائدة، اجتماعيّاً وثقافيّاً وسياسيّاً.
– 3 –
هكذا، إن شئتِ، أيتها المرأة المسلمة، أن تظلّي مُجرَّدَ «تأويلٍ» مذهبيّ، أعني «خُرافةً طقسيّةً»، وأن تُعيشي (أن تتزوّجي وتلدي) بوصفكِ مجرّد «لفظّةٍ» في مُعجَمِ الحياة والحضارة، ومجرّد «ظلٍّ».
إن شئتِ أن يُختزَلَ وجودُكِ في كونكِ مُجرَّد اسمٍ في مُفرداتِ العائلة أو الجماعة أو المذهب،
إن شئتِ أن تبني علاقاتكِ الحياتيّة والثّقافية على الوراثة – مذهبيّةً، وطائفية، وعائليّة،
إن شئتِ أن تظلّي غياباً،
فليس عليكِ إلاّ أن تَندرِجي في «الظّاهرة القُبيسيّة». هكذا تُناضلينَ لكي تُلغي تاريخاً حافلاً بنضال الأنوثة في سبيل تحرّرها من عَمَاوةِ الذكورة،
هكذا تعملين من أجل أن يظلّ المجتمع الذي تعيشين فيه، مجزّأً الى مذاهبَ وطوائف، إلى قبائلَ وعشائر، ولكي تظلّي أنتِ نفسك رَقماً في جماعةٍ دينيّة، لا مواطنةً في مجتمعٍ مَدَنيّ،
هكذا تنشطينَ في بناء الخلاَيا والزّوايا الطّائفيّة المذهبيّة، وفي تهديم المدينة، والحياة المدنيّة، والمجتمع المدنيّ، والسياسة المدنيّة،
هكذا تَسهرين على تفكّك المجتمع، وعلى استمرار النّزاعات الدّينية – المذهبيّة التي أنهكت وتُنهك الحياةَ وتشوّهها، وعلى نَبذ العاملين على تماسك المجتمع ووحدته وانصهاره في حركةٍ إنسانية، وحركيّةٍ مدنيّةٍ شاملة،
هكذا تقاتلين من أجل فكرة «المتديّن» الذي لا يرى ديناً صالحاً إلاّ دينه هُوَ، وتدمّرين فكرة الدّولة – القانون، الفكرة التي تحترم التديّن الفرديّ أيّاً كان، في إطار الحريّة والمواطنية وحقوق الإنسان، بعامّة. الدولة – القانون، التي يبنيها الإنسانُ، في معزلٍ عن «تديّنه الغيبيّ». فالتديّن خصوصيّة المؤمن وحده. والمدنيّة – الحريّة خصوصية المواطن، لا بوصفه متديّناً، بل بوصفه مواطِناً.
– 4 –
يا سيّدتي،
للمجتمع المدنيّ، مجتمع القانون، مجتمع الحريّة والعدالة والمساواة، ذاكرة مشتركة وحياة مشتركة وقيم مشتركة، وهذا كلّه غائبٌ عن «الوطن» الذي تهيمن عليه المذهبيّة، والعلاقات المذهبيّة، والقيم المذهبيّة. مِثلُ هذا الوطن لا يمكن أن تكون له حياةٌ مشتركة، بالمعنى الإنسانيّ – المدنيّ، ولا ذاكرة مشتركة. إنه، بطبيعته ذاتِها، «وَطَنُ» عُنفٍ وطغيانٍ. «وطَنُ» إكراهٍ وتَنابُذ وتَصارُع. «وطن» مُمزقٌ في مستوى «أصوله»، وفي مستوى «قاعدته». يتعذّر على مِثل هذا المجتمع أن «يتقدّم» إلاّ الى الوراء. لا يتقدّم المجتمع، أيّ مجتمعٍ الى الأمام – نحو الأفضل إلاّ اذا كان قائماً على قانونِ مدنيّ مشتركٍ عام، ولا يكون التديّن فيه إلاّ شأناً خاصّاً بالفرد، وحده.
– 5 –
يا سيّدتي،
أنتِ باندراجكِ في «الظاهرة القبيسيّة»، تشاركينَ، عمليّاً وموضوعيّاً، حتّى بهذه «السلميّة» التي تظهرينها، – تشاركين في ممارسة العنف ضدّ المرأة التي لا تنتمي إلاّ الى الحريّة والقانون. وتبعاً لذلك، تشاركين السلطة في العمل على تحويلِ البشّر الى قامعٍ ومقموع، وفي تحويل الحياة الى آلةٍ جهنميّة، رَقَابيّةٍ وأمنية، وفي تحويلِ «الأَمنِ» نفسه الى ثقافة.
يا سيّدتي،
المرأة ضوءُ الحياة والعالم، فبأيّ حقٍّ تَستَسلمينَ الى ما يجعل منكِ رمزاً آخرَ للظلام؟
والمرأة، يا سيّدتي، ليست فقط مانحةَ الحرّية لطِفلها الذي تُعطيه للحياة والأرض، وإنما هي قبل ذلك «الحوضُ» الأوّل الذي تسبحُ فيه الحريّة،
فبأيّ حَقٍّ، يا سيّدتي، تَرضخين لهذه «العبوديّة المختارة» التي أسّست لها الذّكورة وتناضل بمختلف الوسائل، وبينها الدّين نفسه، لكي تزداد رسوخاً وهيمنة؟
بأي حقٍّ تشاركين في العمل على تحويل المرأة من رَمزٍ للحرية، الى رمزٍ للعبوديّة؟
ويا سيّدتي،
الأنوثة ماء الحياة والعالم،
فكيف تُعاش الحياة وكيف يُحيا العالم اذا فَسُدَ هذا الماء؟
خواطر
من أجل حوارٍ مع «القبيسيّات»
– 1 –
الحياة عند بعضهم،
كمثل مٍلحٍ يَثقَ أنّه لؤلؤ
لسببٍ واحدٍ
هو أنّهما يتشابهان في اللون.
– 2 –
لم يَحتِضنها، عندما التقاها، –
اضطربت، وسألته:
– من أين تجيء، اذاً؟
– 3 –
كيف لا تصدّق المرأة،
عندما تدخل في سرير نومها،
أَنّها تقدر أن تحوّل البحرّ الى سفينة،
والسّفينةَ الى مَرفأ؟
– 4 –
بين الحجاب والفضاءِ أخوّةٌ
كمثل الأخوّةِ بين قابيل وهابيل.
– 5 –
– لا عُنقَ لذلك الرّأسِ الذي يَعلو
بين كَتِفَي تلك المرأة.
– تأكَّدْ. هل تنظرُ الى الرَّأسِ،
أم الى الفّأس؟
– 6 –
عاشِقٌ يَذبلُ اسمهُ الفضاء.
أين أنتِ، أيّتها المرأةُ – الشّمس؟
– 7 –
قل لجسدِكَ أن يَظلَّ طِفلاً
ولعقلكَ أن يكبرَ باستمرار.
– 8 –
من القصيدة التي تتحدّث عن الموت،
تنفجر، أحياناً، الينابيع
وتنفرُ أسرابُ غزلانٍ وفَراشات.
– 9 –
هُوَ وهِيَ
شَامتَانِ على خَدّ الوَقت.
– 10 –
استيقظَ ليلُها،
فّوجدَ نفسه مُعلَّقاً على خشبةِ النّهار.
– 11 –
حَتّى عندما تنامُ وحدها، في سريرها هِيَ،
تكون «روحُها» تحت لحافٍ،
ويكون «جسدها” تحت لحافٍ آخر.
(نقلاً عن “الحياة”)
مدارات ادونيس – هذه «الظاهرة» القُبيسيّة» …أرجوا من هذا الكاتب الموقر !! أن يحتفظ بآرائه الشاذة لنفسه .. فمجتمعاتنا النقية التي ما زالت تحافظ على أخلاقيات الشرف والعفة تأبى مثل هذا التوجه المنحرف . وإذا كان الكاتب العظيم !! من الذين فتنوا بالإنفــتاح المعروض عليه في الغرب فنحن في غنى عنه وعن انفتاحه . ……. ولماذا تعتبر الإختلاف الفطري الطبيعي بين المرأة والرجل وتصنفه وتحوله إلى نضال وإلى … نحن مع احتفاظنا بقيمنا بل وبسمات مجتعنا الشرقي إذا أردنا أن نسميه بهذه التسمية فإنه يبقى يحمل صفات حضارية تجل وتحترم المرأةوبل و تجعلها من المقدسات التي يجب على الرجال صيانتها… قراءة المزيد ..
مدارات ادونيس – هذه «الظاهرة» القُبيسيّة» …
أتمنى من المستر ادونيس أن يفتح فاه و لو بكلمة دفاعا و انصافا لزملائه المثقفين القابعين في سجون السلطة البعثية في دمشق . اتمنى أن يحظى بعشر معشار شجاعتهم و جرأتهم . هذا اذا كان يرى فيهم مثقفين او كان يعتقد ان سلطة دمشق سلطة مستبدة فاسدة كما يعتقدون