صنعاء- خاص بـ”الشفّاف”
في ما يبدو كردّ على عملية الأمس التي أسفرت عن سقوط اربعة عناصر من القاعدة بينهم العقل المدبر للعملية الانتحارية في مأرب في تموز/يوليو التي اودت بحياة ثمانية سياح اسبان، شنّ مسلّحون مجهولون اليوم الخميس سلسلة هجمات على اهداف حكومية في منطقة مأرب في شمال اليمن واشتبكوا مع قوات الامن.
وهاجم المسلّحون ببنادق رشاشة وقاذفات قنابل مبنى حكوميا في مدينة مأرب وحواجز للشرطة ومولدا كهربائيا في المنطقة على بعد 150 كلم من العاصمة صنعاء. ولم يعرف ما اذا اسفرت المواجهات عن سقوط ضحايا. ولم يتسن الحصول على اي معلومات من السلطات اليمنية على الفور.
عملية مأرب وتساؤلات عن الدور الأمريكي
القاعدة استفزت الحكومة، وتنظيمها مخترق من قبل الاستخبارات أو القبائل
لم يمر على اجتماع رئيس الجمهورية مع مشايخ عبيدة والأشراف من محافظة مأرب سوى أربعة أيام حتى استطاعت وحدة مكافحة الإرهاب من قتل اربعة وضعتهم السلطات على قائمة المطلوبين الأخطر لها.
حيث قُتل في عملية أمس قاسم الريمي المكنى (بأبو هريرة) والناطق الإعلامي باسم تنظيم القاعدة في اليمن والذي استطاع الهرب مع 23 آخرين من نفس التنظيم من سجن الأمن السياسي في العملية التي أُطلق عليها حينها (الهروب الكبير). ويعد الريمي المتهم الثاني في تفجير ناقلة النفط الفرنسية “ليمبرج” على سواحل المكلا عام 2002م .
والى جواره قٌتل كل من علي صالح جرادان وعلي بن علي ناصر دوحة من ابناء محافظة مأرب وهما المتهمان بإيواء والمشاركة في العملية الإرهابية في مأرب مطلع الشهر الماضي وكذلك متهمان رئيسيان في مقتل مدير البحث الجنائي العقيد علي قصيلة، فيما كان الرابع شاباً يافعاً لم يتجاوز الـ18 عام وهو عامر حريدان من قبيلة المهاشمة بالجوف.
وأثبتت هذه العملية النوعية والتي تُعد الثانية في حرب القاعدة والإرهاب بعد ان قامت قوات مماثلة في شهر أكتوبر 2006م بقتل فواز الربيعي ومحمد الديلمي وهما من الفارين الـ23 من سجن الأمن السياسي نجاح للأجهزة الأمنية في تحقيق الهدف وبأقل الأضرار، لان الجميع يعلم قوة وجلاد عناصر القاعدة ومقدرتهم على التمويه والتخفي والانصهار وسط احلك الظروف بشكل مذهل .
عملية أمس، والتي تمت في الصباح وقعت في منطقة نائية تقع بين ثلاث قبائل وهي (عبيدة – الجدعان – جهم ) بجبل (الفتيخه) والذي تلفه الصحراء من جميع الجهات. الجبل المذكور هو جبل بركاني ويُعرف انه منطقة للقاء بين عصابات المخدرات التي تتخذ من مأرب والجوف معبراً، حيث يصعب على الأعين اصطيادهم، بحكم بعده عن السكان وتضاريسه التي تُخفي من بداخله. واستخدم في العملية التي النوعية ثلاث طائرات هيلوكبتر عدد من الآليات العسكرية وكان الهجوم ثنائياً (بري – جوي) وكان لوحدات مكافحة الإرهاب دور بارز في حسم العملية برغم سقوط مقتل جنديين من جنودها..
وذكرت معلومات ان عناصر القاعدة التي كانت متواجدة بهدف تغيير مكان إقامتها بعد ان ضيقت الأجهزة الأمنية الخناق عليها وبالأخص بعد لقاء المشايخ برئيس الجمهورية.
مأرب شهدت في الأيام التي تلت عملية تفجير قافلة السياح تحركات أمنية، حيث تناوبت عدة وحدات من الاستخبارات والأمن القومي والأجهزة المختصة بجمع المعلومات والتحري ومحاولة تحديد هوية المنفذين. ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى أعلنت الأجهزة الأمنية أواخر الأسبوع الماضي عن هوية المنفذ والمشاركين في العملية وقامت بنشر أسمائهم وصور بعضهم.
الصيد الذي ظفرت به الأجهزة الأمنية هذه المرة كان ثميناً، صيد ليس بالسهل اصطياده، بوجود قاسم الريمي ذلك المطارد من قبل الأجهزة الأمنية منذ مطلع العام 2006م وهو الذي وردت إنباء قيل ان مصدرها أقارب له ان أخوه فارس قُتل على يد أنصار تنظيم القاعدة بسبب رفضه الرجوع للمشاركة معهم في العمليات.
مأرب والقاعدة :
مأرب التي شهدت عدة أحداث واضطرابات في الماضي بسبب وجود بعض عناصر القاعدة ولعل ابرزها قيام قوات من الحرس الجمهوري اليمني تدعمها دبابات ومروحيات مقاتلة، في الثامن من كانون أول 2001، بشن هجوم على قرية الحصون بمنطقة عبيدة في مأرب في محاولة لإلقاء القبض علي أبو عاصم الأهدل وشريكه أبو علي الحارثي. إلا أن مواجهات واشتباكات دامية وقعت بين القوات الحكومية وعناصر قبلية مسلحة أدت الى مقتل 24 عسكريا بينهم قائد الحملة العسكرية، وهو ما أدي الى حدوث شرخ في جدار العلاقة بين السلطة وقبائل مأرب، خاصة وأن الحملة العسكرية اعتبرت مكلفة وفاشلة لأن الاهدل والحارثي تمكنا من الفرار حينها.
ثم مقتل زعيم القاعدة في اليمن أبوعلي الحارثي في صحراء مأرب في أواخر عام 2002م في عملية قيل انه تمت بطائرة موجهة تعمل بدون طيار .
وبعد هدوء نسبي كانت عملية استهداف مصفاة النفط بحق صافر بشهر سبتمبر 2006م في موسم الانتخابات ليتبادر سؤال محير: هل القاعدة وجدت من مأرب مكاناً خصباً لعملياتها، وهل هي محمية بكيان قبلي ام ان خصوصية مأرب وتضاريسها والمنشات التي فيها هي التي تغري القاعدة؟
وكانت عملية مقتل مدير البحث الجنائي علي قصيلة والذي قيل ساعتها انه كان يستعد للقبض على احد الفارين من الـ23 من سجن الأمن السياسي. وكان المتهم الوحيد هو تنظيم القاعدة برغم عدم صدور أي بيان عن التنظيم منذ ذلك الوقت. وبينما كانت السلطات تحاول القبض على المتهمين بمقتل قصيلة، فاجأتهم القاعدة بتفجير قافلة السياح الأسبان بمعبد – أوام – التاريخي لتكون حصيلة تلك العملية مقتل 8 أسبان و2 يمنيين وأصابه أكثر من15 آخرين.
القاعدة تستفز السلطات و الإعلان عن تحالفات الجديدة:
كانت عملية استهداف السياح الأسبان هي العملية الأكثر إيلاماً للحكومة منذ تفجير ناقلة النفط الفرنسية، حيث ثم استهداف السياح الأجانب وهي المرة الثانية في اليمن بعد حادث ابين والأولى من نوعها في مأرب برغم ان مأرب شهدت عمليات اختطاف سياح ولكن جميعها كان الهدف منها الضغط على الحكومة وليس إيذاء السياح الذين كانوا يفرج عنهم بطريقة سلمية وبدون ادني أدى.
تلك العملية هي بالذات التي استفزت السلطات والأجهزة وجعلتها في حالة نفير نظراً لنوعيتها والضحايا الذين سقطوا ولخطورة التساهل معها لان القادم لا يُعرف ما يخبئ.
فسارعت الأجهزة إلى إعادة التحالفات مع بعض الشخصيات القبلية والتي باستطاعتها تقديم دعم معلوماتي للسلطات فيما قام رئيس الجمهورية باستدعاء مشايخ مأرب وبالأخص عبيدة والأشراف من اجل ان تنضم تلك القبائل مع الدولة في حربها ضد الإرهاب (القاعدة) وطالب الرئيس المشايخ بالوقوف إلى جانب الحكومة على ان تقوم كل قبيلة بحماية أراضيها وتطهيرها من تلك العناصر والعمل على الوقوف في وجه القاعدة وهو ما وعد به المشايخ الرئيس.
وبذلك أسفر اجتماع الرئيس معهم عن تكوين تحالف جديد من أجل ايقاف تنظيم القاعدة.
التنظيم اُخترق ام أن للموالين للحكومة دوراً:
رغم ان تنظيم القاعدة يعتمد على السرية والولاء للقادة والتضحية، ولكن ذلك لم يمنع هذا التنظيم من الاختراقات. والشواهد حية في اليمن او في عدد من أنحاء العالم، حيث استطاعت المخابرات المحلية والعالمية من اختراق بعض جدران هذا التنظيم لتقوم الحكومات بقتل او اعتقال عدد من قادته.
وفي عملية اليوم يطرح سؤال نفسه كيف استطاعت الأجهزة الأمنية من تحديد مكان وزمان تواجد المطلوبين وبطريقة لم يكن أكثر المتفائلين يحلم بها.
فهل تسربت معلومات مكان تواجدهم من قبل احد العناصر التي كان لديها معلومات من قبل؟
ام كان لمشايخ مأرب دور في تزويد الأجهزة الأمنية بمكان تواجدهم، ام أن المصادفة وحدها هي من جعلت من الفاصل الزمني أربعة أيام بين الاجتماع والقتل؟
وما هو مصير عناصر القاعدة في القادم، وهل سيكون مأرب لهم مكاناً غير أمن !.
الأمريكان الحاضر الغائب
عندما قُتل زعيم تنظيم القاعدة في اليمن ابو علي الحارثي تواترت المعلومات ان السفير الأمريكي في اليمن حينها “هودل” كان هو المشرف المباشر على العملية وتواجد وقتها في مأرب إضافة الى ان الطائرة التي قيل انها أطلقت صاروخ على موكب الحارثي كانت تدار من قبل خبراء أمريكان.
وفي العملية التي أدت لمقتل عنصرين من اخطر عناصر القاعدة هما فواز الربيعي المسئول الأول عن تفجير ناقلة النفط الفرنسية و محمد الديلمي ببني الحارث محافظة صنعاء ذكرت معلومات مشاركة للأمريكان في تلك العملية .
وهاهي تعود الى الساحة معلومات وان لم تتأكد حتى اللحظة عن مشاركة ووجود خبراء أمريكان في