دمشق – ابراهيم حميدي الحياة
صدقت توقعات من أعلنوا في دمشق ان الصيف الحالي ساخن جداً. لكن الحرارة ليست ناتجة من احتمالات المواجهة العسكرية في الشرق الاوسط، بل من ارتفاع درجات الحرارة في سورية الى مستويات لا سابق لها منذ سنوات.
وما زاد معاناة السوريين من هذا الحر الاستثنائي هو انقطاع الكهرباء المتكرر في عدد من المدن. فيما نسب الى رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ان ازمة الكهرباء «سياسية»، واتهامه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بـ «الضغط» على شركة فرنسية كي لا تنفذ محطات جديدة لانتاج الطاقة.
حرارة الطقس هي محور احاديث الناس. كان السوريون يتداولون في جلساتهم المغلقة احتمالات الحرب والسلام بين سورية واسرائيل او بين اسرائيل و «حزب الله» وموقف دمشق من ذلك، او سيناريو المواجهة العسكرية بين ايران واميركا.
مع مرور الأيام، بقي كون «الصيف ساخنا» هو الشغل الشاغل في كلام الناس. لكن بسبب قدوم موجات غير مسبوقة من الحرارة وصلت الى اكثر من 46 درجة في ساعات الصباح، نشبت حرائق كثيرة في غابات وأماكن اصطياف وانفجار مستودع عسكري في شمال سورية ادى الى سقوط 15 عسكريا. كما اسفرت موجات الحر عن انفجار اطارات لحافلات عدة تربط المدن السورية، ما ادى الى موت عشرات الركاب الذين كانوا يستخدمون هذه الحافلات للهروب من حر المدن وكتلها الاسمنتية الى المنتجعات واماكن الاصطياف.
وطرقت الحرارة ابواب «الوكالة السورية للانباء» الحكومية (سانا)، فصارت تبث رسائل قصيرة لا تتحدث عن الحرارة السياسية او العسكرية، بل عن ارتفاع درجات الحرارة اكثر من معدلاتها. ولأن الناس باتوا يتخوفون من عواقب الحر الشديد، اقتصرت نشرات «سانا» على كلمات انشائية لا تتضمن الأرقام، بحيث تقول الرسالة النصية ان «الحرارة أعلى من معدلاتها» من دون ذكر هذه المعدلات ولا الى ما وصلت اليه.
الجديد ان الجدل حول «سخونة الصيف» انتقل من الشارع الى البرلمان الذي عقد جلسة… لمناقشة حرارة الطقس. فاستدعي وزير الكهرباء احمد خالد العلي قبل ايام كي يقدم شروحا لأسباب انقطاع الكهرباء لفترات تراوح بين ساعتين واربع ساعات يوميا.
والحلقة الأخيرة لـ «الصيف الساخن» خروج المهندس عطري عن صمته بقوله ان اسباب ازمة الكهرباء هي «سياسية» ناتجة عن احجام شركات دولية عن بناء محطات كهربائية في سورية. فبين»غنج» شركة «سيمنس» الالمانية و «مقاطعة» شركتي «جنرال الكتريك» الاميركية و «ميتسوبيشي» اليابانية و «خضوع» مجموعة «الستون» الفرنسية لضغوط الرئيس شيراك، تعقد واقع الانتاج الكهربائي السوري هذا الصيف.
وبعدما اتهم عطري وزير الكهرباء في حكومته بعدم قول «الاسباب الحقيقية» لانقطاع الكهرباء لدى ادلائه بحديث الى التلفزيون الرسمي، قال:»ان التحديات التي تواجه سورية كبيرة، وعلينا ان نكون بجهوزية كاملة لمواجهة كل الاحتمالات ما يستلزم على الحكومة ان تؤمن الاحتياجات الرئيسية كافة للمواطنين». واضاف ان شيراك «اخرج الستون من المنافسة بعد ضغوط مورست عليها»، ما عرقل بناء محطتي دير الزور ودير علي اللتين تبلغ طاقتهما 1500 ميغاواط.
وبحسب مصادر رسمية، ارتفع الطلب على الكهرباء بنسبة 8 في المئة عما كان عليه العام 2005، عندما كان 37.7 بليون كيلوواط ساعة. وقال المدير العام لـ «مؤسسة الكهرباء» هشام ماشفج ان حل مشكلة النقص يتطلب انجاز كل المشاريع الجديدة التي توفر اكثر من الفي ميغاواط، وحل مشكلة محطة دير الزور التي «عرقل» تنفيذها شيراك.
(الحياة)