الاستنهاض الطائفي، لماذا؟
لم يكن غريباً أن يتم تسخين الساحة البحرينية بعناوين مختلفة، بغية تضييع البوصلة وتشتيت أي توحد شعبي على قضايا مطلبية متوافق عليها. ان التحركات الأخيرة- خصوصاً الاستنهاض الطائفي الذي تقوده أفراد وصولية وحاقدة على الشعب تمولها شبكة “ملكية، كما سيأتي الحديث لاحقاً- جاءت كردة فعل من النظام نتيجة للآتي:
1) التقارير الحقوقية والإعلامية الصادرة من منظمات ومؤسسات دولية معروفة ومرموقة تؤكد على المطالب الشعبية وعلى عدم طأفنتها، كما تؤكد على استمرار استهداف النظام للشعب على أسس طائفية وولائية (قبلية، عائلية).
2) التحركات الشعبية على مستوى الداخل والتي أنتجت تضامنا وتحالفاً متنوعاً، كما جرى على مستوى فعالية “الحقيقة والإنصاف والمصالحة”، والتفاعل في مواجهة مرسوم بقانون التأمين ضد التعطل وعملية الاستقطاع من الراتب لدعم مشاريع حكومية، وغيرها.
3) عدم قدرة النظام على احتواء الاحتجاجات الشعبية المتواصلة التي انعكست على الإعلام الدولي، وأرسلت رسالة واضحة وقوية بعدم استقرار الوضع العام، ووجود تذمر شعبي واسع، قابل لأن يترجم نفسه عبر سلسلة متنوعة ومتواصلة من الاحتجاجات يمكن أن تقلب موازين القوى.
4) الفشل الذريع لبرامج النظام على المستوى الشعبي، حيث أصبح مجلس شورى الشيخ حمد محل تندر وتذمر جميع القطاعات الشعبية، وثبتت تجربة الأشهر الماضية، كيف أن النظام يبذر آلاف الدنانير شهرياً على مجالس لا تحمي حقاُ أو مكتسباً، ولا ترد شراً ولا ضرراً، لا بل صارت مصدر تقنين لما يضر الناس ويسلبهم حقوقهم، وتعمل على الترويج لمشاريع النظام وتصدر شهادة زور، دون أي مردود إيجابي لقطاعات الشعب المختلفة على مستوى الحق العام، والمال العام والتشريع والرقابة والمحاسبة. كما تعمل على إحداث الضوضاء الإعلامية على القضايا الجانبية التي لا تمس جوهر الحقوق او محاربة الفساد، وتشغل الناس، بل تخدرها عن المطالبة بحقوقها المشروعة.
5) فشل زيف التجربة على المستوى الدولي، حيث كشفت العديد من التقارير الإعلامية، والدراسات الإستراتيجية خواء العملية “الزيفديمقراطية” (pseudo-democratic ) في البحرين، وإن ما يجري هو عملية تضليل وتمويه، لا يمكن أن تؤسس لاستقرار دائم ومنتج.
تجدر الإشارة إلى أن النظام قد عرف بأنه طالما لجأ لتحريك البعد الطائفي في البلاد، كلما ضاقت عليه السبل. ونذكر منها ما حدث أيام الإتحاد الوطني في الخمسينات، العريضة النخبوية في أوائل التسعينات، والانتفاضة المطلبية في منتصف التسعينات، أراضي المحرق في 2005/2006. كان النظام كلما اتحد الشعب وتوافق على قضية معينة، حرك مرتزقة القلم في جرائده الصفراء وأئمة البلاط في مساجد العبادة، وافتعل بعض القضايا والأحداث الأمنية، لإثارة القضايا المذهبية والطائفية هادفاً لإثارة الغبار والتشويش على القضايا الحقوقية والمطلبية. كما يهدف إلى تشطير المجتمع وتفتيت التجمعات والتحالفات الشعبية حول تلك القضايا، والعمل على عزلها، واستهداف الناشطين والمؤسسات العنيدة منها.
خلفية الاستنهاض الطائفي في عهد راعي الإصلاح والأيام التي لم نعشها بعد.
– ظهرت القضية الكبرى الأولى في تقرير البندر الأول الذي ظهر في أغسطس/سبتمبر 2006م ، وكشف عن الشبكة البندرية الأولى التي ينفذ خطتها أحمد عطية الله الخليفة بتمويل وتوجيه من الديوان الملكي الذي يرأس أنشطته المختلفة ويدير الدولة بشكل غير مباشر ويتحكم في مفاصلها الأساسية خالد بن أحمد الخليفة (رئيس الوزراء الفعلي في العهد الحالي). وتركز الشبكة البندرية على الإستنهاض الطائفي واستهداف المواطنين الشيعة واقصائهم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وتسخير الإعلام – جريدة الوطن- للقيام بدور إثارة الفتنة الطائفية واستنهاض المواطنين السنة ضد أخوانهم الشيعة.
وقد نشر التقرير وثائق عبارة عن نسخ من صكوك وأرصدة صرف واستلام لمبالغ كبيرة، يمولها الديوان عبر حساب خاص في بيت التمويل الكويتي (البنك الرسمي لحسابات ومشاريع الشيخ حمد والديوان، في مقابل بيت التمويل الخليجي البنك الرسمي لمشاريع الشيخ خليفة وديوانه)، بالتعاون مع مصرف الشامل من خلال حساب خاص لأحمد عطية الله آل خليفية- وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء البحريني. وكان من ضمن الصكوك والأرصدة ما تم صرفه لأفراد ومؤسسات أوجدها الديوان لتحقيق الأهداف الخاصة المرصودة في التقرير، نذكر منها:
1) فيصل فولاذ- عضو مجلس الشورى- المدير الحقيقي والفاعل في جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان
2) محمد المران- رئيس جمعية البحرين أولاً
3) جبر سلطان السويدي جمعية البحرين السياسية
4) عيسى يوسف الهاشمي- جمعية الحقوقيين
ولهذا ليس غريباً ان نرى بين الفينة والأخرى تحركات – إعلامية وغيرها- من أشخاص أمثال أولئك، آخرها تحركات فيصل فولاذ ومخاطباته لبعض المؤسسات الدولية، وقيادة محمد المران للاعتصام الذي حدث من قبل أيام أمام السفارة الإيرانية في المنامة على خلفية مقال أحد الكتاب الإيرانيين – حسين شريعة مداري- بخصوص البحرين وإيران. ذلك الاعتصام كان مريباً جداً من حيث الطرح الطائفي والدور الأمني في توفير الأجواء المناسبة له وحماية القائمين عليه، الذين كان بعضهم ملثماً والبعض الآخر مخفياً لشخصيته.
ألحق التقرير دراسة سرية “تصور للنهوض بالوضع العام للطائفة السنية في مملكة البحرين ومقترحات لتدعيم الجبهة السنية في المجتمع” أعدها الدكتور العاني ويقوم بتنفيذها الديوان الملكي . ويمكن تلخيص الدراسة الطائفية في وضع برنامج عملي للقيام بما يلي:
إبراز القيادات الدينية المؤثرة في أوساط أهل السنة و الجماعة ليكون لهم ثقل في صناعة القرار بالبلاد.
السعي للسيطرة على وظائف الشرطة، و الجيش، والحرس الوطني.
الحصول على دعم قوي من الديوان الملكي، لأهمية المشروع على المستوى الإستراتيجي و الحيوي
تأسيس مركز خاص لإجراء الدراسات و الرقابة على النشاطات التي يقوم بها الشيعة
تذويب الشيعة في بحر واسع من السنة في الخليج، وحينها سوف لن تزيد نسبتهم المئوية عن (20% أو 30 %)
تكوين لجان عمل بالخارج (بريطانيا على وجه الخصوص ) للاتصال بالهيئات البرلمانية و السياسية للتأثير عليها
الاهتمام بتمكين العرب من أهل السنة وزيادة حصصهم من المناصب العليا و الحساسة بالدولة و تحسين أحوالهم المادية و الاجتماعية، بهدف بقاؤهم و تكاثرهم و الحد من نزوحهم لدول الجوار
قيام الديوان الملكي بدعم أبناء السنة مادياً بهدف الإحصان و زيادة نسل أبناء السنة بالبلاد
إعادة كتابة تاريخ البحرين و إبراز دور القادة و العلماء و المفكرين السنة السياسي و الثقافي و الديني
– الاستنهاض الطائفي الذي تبع إعدام الدكتاتور والطاغية العراقي صدام حسين في نهاية 2006م، وتسخير الإعلام والصحافة من أجل تحريك المشاعر وتطييفها باتجاه المواطنين الشيعة في البحرين. وقد حدث ذلك في ظل توفر غطاء رسمي، وشهدت تلك الفترة وما تلاها تكوين مؤسسات- سياسية ومذهبية- تدعو للطائفية ومحاربة أبناء الشعب لبعضه البعض ومنها “اللجنة العربية الإسلامية لمقاومة الصفوية في البحرين”.
– التقرير البندري الثاني: صدر هذا التقرير في بداية العام 2007م وحوى العديد من وثائق سرية هي عبارة عن برامج عملية لتحقيق بعض مما جاء في التقرير الأول وتعدى ذلك ليكشف عن استهداف لمؤسسات سياسية ودينية وثقافية أهلية ومحاصرة أنشطتها وقياداتها كونهم شيعة ولا يظهرون الولاء للنظام والعائلة الخليفية. ومما جاء في التقرير مشاريع محاصرة إعلامية تهدف لتضيق الخناق على المواطنين الشيعة ومؤسساتهم، باستخدام القوانين، والإعلام والأجهزة الأمنية المختلفة. ولجريدة “الوطن” البندرية التي خلقها ويمولها الديوان الملكي- كما جاء في تقرير البندر الأول- أهداف وإستراتيجية محددة كما جاءت في تقرير البندر الثاني:
“سيكون الهدف الإستراتيجي هو كشف و احتواء مخططات ربط جمهور الطائفة الشيعية بأفكار “ولاية الفقيه” كما يمثلها المجلس العلمائي والترويج باستمرار تبعيتها (أي الطائفة الشيعية) السياسية والفكرية لإيران. وفي الوقت نفسه تفعيل وتحشيد المشاركة السنية في الشأن العام في إطار ثوابت النظام السياسي للمملكة وأولويات أمنها الوطني ومصالحها الحيوية”.
من يقف وراء الاستنهاض الطائفي ويوجهه:
حتى نسمي من يقف وراء مشاريع الإستنهاض دعونا نؤصل بشكل مختصر شديد لمعني “السامري”. السامري، ذلك الشخص الموهوم في قدرته، الانتهازي الذي استغل الوضع المشوش العام للعب على عقول الناس ومحاولة توجيهها وتضليلهم عن جادة الصواب. هذا ما قام به سامري بني إسرائيل عند ما غاب نبي الله موسى عليه السلام عند ما ذهب لميقات ربه. فقد استغل عدم وجود موسى وتململ بني إسرائيل أثناء تلك الفترة وجاء بعجله ليضلهم ويحرفهم ويؤثر على ولائهم وانقيادهم لموسى ودينه.
ولدى البحرينيين سامري أيضاً، ينتهز الوضع المشوش لدى الشعب، بسبب خوار قياداته وضعف مؤسساته وتأثره بقضايا العيش والحقوق، لإثارة القضايا التي تشغله عن التوجه الحقيقي والقوي عن المطالبة بالحق في الثروة والسلطة. لقد عمل سامري الديوان الطائفي الحقود لمحاولة التأثير على مؤسسات المجتمع، كتأثيره على وزارات الدولة التي تستلم أوامره بشكل مباشر، في تعدي على سلطة رئيس الوزراء- خليفة بن سلمان. كما سعى من خلال التمويل المالي –الغائب عن كل معاني الرقابة الشعبية – لتفريخ مؤسسات التآمر وإيجاد الجو الملائم للانتهازيين والوصوليين، والموتورين فكرياً ومذهبياً، للمبادرة والمشاركة في أنشطة استنهاض البعد الطائفي. فمؤسسات تدعو للمطالبة بحقوق الطائفة، وبرامج دينية – تلفزيونية وإذاعية وصحفية- ممولة تستنهض أبناء المجتمع لاستهداف أخوتهم في الدين والوطن وتحرضهم عليهم. مؤسسات تدعي بأنها حقوقية وسياسية، ذكرها تقرير البندر الأول وكشف عن تمويلها وأثبتت الأيام صحة ارتباطها بسامري الديوان ومواقفها التي تعبر عن ذلك الارتباط والتي تستلم عليه أموالاً طائلة من ثروات الشعب.
ولكن السؤال هو هل إن السامري وحده؟ والجواب واضح بالنفي. فمَــنْ المسئول عن الشبكة السرية والمخطط الطائفي؟
يُلاحظ من خلال هذا العرض الموجز للتقرير بأن الشخصيات الخمسة الرئيسية في الشبكة السرية والمتنفذة في الحكومة وفي الديوان الملكي ، هي من الشخصيات المحسوبة على التنظيمات الإسلامية والاخوانية والسلفية مما يعطي للقضية طابعا سياسيا خطيرا. كما يلاحظ بأن “الديوان الملكي” متورط بشكل رئيسي في تأسيس الشبكة السرية والمخطط الطائفي إذ: • نصت “الآليات المقترحة لمواجهة التحديات التي تعاني منها الطائفة السنية” ـ حسب المخطط الطائفي ـ بشكل صريح على منح الجنسية للعرب السنة لإحداث التوازن الطائفي، وجدير بالإشارة إلى إن قرارات التجنيس الاعتيادي لا تصدر بدون موافقة الديوان الملكي ، إضافة إلى إن التجنيس الاستثنائي لا يتم إلا باستخدام الصلاحيات الاستثنائية التي يمنحها قانون الجنسية للملك.• نصت الآليات المقترحة للنهوض بالطائفة السنية على تشغيل معهد التنمية السياسية لصالح الشباب وعلماء الدين السنة، وزيادة أعداد المُجنسين، وتقديم المساعدات المالية للصناديق الخيرية، والسعي للمحافظة على مناصب غرفة تجارة وصناعة البحرين التي يُسيطر عليها السنة، وزيادة عدد البعثات والمنح للطلاب السنة، وكأنما من صاغ المشروع يملك صلاحيات واسعة وميزانية مفتوحة، وما أكد ذلك بأن المشروع الطائفي قد نص بين سطوره على ان تنفيذ المشروع يتطلب وجود ” مشرف يتمتع بصلاحيات واسعة ، ولديه اتصالات مع القيادة العليا لإبداء الرأي والمشورة بشأن أي قرار أو مشروع يقوم فريق العمل التنفيذي بطرحه” . والسؤال: من هي القيادة العليا؟! ، كل ذلك يعني بأن “القيادة العليا” لديها إلمام بالمشروع وتفاصيله.
فهناك من يغرر به، ويحيك له الخطط ويوفر له ما يريد من تمويل ودعم إداري ومالي ونفسي. إنه الشيطان الأكبر الذي يَوَسْوَس للسامري ويغريه بشَجَرَةِ الْخُلْدِ وَالمُلْكٍ الذي لا يَبْلَى (رئاسة الوزراء القادمة بعد تنحي أو تنحية خليفة بن سلمان). إنه الذي هو وراء كل الخطط والمشاريع التآمرية، ولكنه يظهر بالحمل الوديع البريء الذي يريد للبحرين واهلها الخير. إنه الذي يمد للشعب يداً ويطعنه باليد الأخرى. إنه الذي وفر القواعد للأمريكان، وحالف الصهاينة وفتح البلاد لكل مشاريع العهر والتغريب الثقافي والفكري، وجعل من البحرين بلداً جذاباً للمومسات من أسيا وأوروبا الشرقية وأفريقيا وسوقاً للنخاسين والرقيق الأبيض. إنه الذي صافح الصهاينة وتعاقد مع الموساد وفدائي صدام والسافاك للفتك بأبناء الشعب وتعذيبهم والتفنن بتذويقهم ألوان الألم والمعاناة. إنه الذي جعل البحرين نهباً لمصاصي الدماء ومرتزقة البشر من الجنسيات المختلفة، إنه الذي باع الأرض التي ولد عليها بأبخس الأثمان وخان الأمانة، وسار في مشروع استيراد شعب بديل آخر غير الشعب الأصلي بشيعته وسنته. إنه الشيطان الأكبر الذي لا يهمه أن يتقاتل الإخوان والجيران وزملاء العمل في حرب وهمية، يعيش عقدتها هو وعائلته، ويظل يراقب ويستلذ بإراقة دماء البحرينيين. هو الذي يفضل غير البحريني على البحريني، ويمنحه التسهيلات ويستعين به في أمنه الخاص وأمن عائلته. إنه الذي دائما يريد أن يحمد بما لم يفعل ويظهر بمكرماته وتفضله على الشعب. إنه هو شر البلية، إنه الشيطان الأكبر الذي يرجمه الحجاج بالحجرات السبع، قبل أن تستمر في مناسكها.
الاستنتاج والمطلوب:
لقد اعتاد الشعب على تحركات الاستنهاض الطائفي البغيض الذي يشعل أواره الديوان- عبر أياديه وعناصر المختلفة سواء كانوا كتاباً وصحفيين، أفراداً أو مؤسسات وتحت أي مسمى وهوية كانت- وهي تعبر عن حالة الضيق الذي يحس به النظام كلما ظهر تكاتف شعبي حول قضايا مطلبية ذات أبعاد وطنية – كما أشرنا في بداية المقال. ويصدر التحرك نفسه كذلك بسبب صدور تقارير حقوقية وإعلامية عن الوضع في البحرين، بما لا يشتهي النظام. ويريد النظام بذلك، إما أن يفرق تلك التحالفات الوطنية، أو يضعف من شأنها أو يشغلها بقضايا جانبية ليس لها وجود على المستوى الشعبي، بغية حرف بوصلتها وتضييق الخناق عليها.
ومهما ادعى رجالات النظام “جلاوزته وفداويته” بتقمص أدوار- حقوقية أو إعلامية أو سياسية أو مجتمعية أو حتى دينية- في إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد- سنة وشيعة- فإنهم مكشوفون ومعروفة مواقفهم الحقيقية. فهم بلا مصداقية ولا سجل مشرف ولم يعرفوا بارتباطهم بالشعب وقضاياه، وعليه، فلن يحوزوا على آذان صاغية من أبناء البحرين الشرفاء.
وإن النظام مهما حاول في أن يستخدم أولئك العبيد، أو يسخر مشاريعه الخاوية الخائرة أو من يمثلها- كائناً من كان- للتلميع والترويج وعكس صورة غير حقيقية وصادقة عن الوضع في البحرين، فإنه موعودٌ بالفشل الذريع. إن التقاربر الدولية – حقوقية كانت أو إعلامية- لم تأت من فراغ ولم تنتج من بنات أفكار تلك المؤسسات، بل هي انعكاس حقيقي لحالة متأصلة من الإنتهاكات والوضع الحقوقي المتأزم.فلم نعد في عشرينات القرن الماضي، حيث صعوبة السفر والتواصل، فبإمكان أي من ممثلي المنظمات الدولية أو المؤسسات الإعلامية أن يتحقق من أي قضية بنفسه، دون الرجوع إلى أحد. إن التقارير الحقوقية والإعلامية سوف تستمر ما دام هناك انتهاكات للحقوق وتهميش للشعب عن لعب دور أساس في حياته، والحل يكمن في تلافي صدور هذه التقارير من خلال إصلاح الوضع بشكل حقيقي وجذري، وعدم محاولة شراء الذمم وصرف ملايين الدولارات على بعض مؤسسات العلاقات العامة في بريطانيا وأمريكا. كما لا يمكن معالجة الوضع الحقوقي المتأزم من خلال الإثارة الطائفية والاستنهاض الذي سيحرق الأخضر واليابس. هذه نتيجة طبيعية لترك الموتورين والحاقدين والوصوليين للوصول لمآربهم الشخصية من خلال النيل من معتقدات الآخرين والترزق على عواطف الناس وذهبها ودينها وقناعتها الشخصية.
إن السماح لمثل أولئك البائسين للوصول لمآربهم التي يمولها ويدعمها النظام تحقيقاً لمآربه وتفريق الشعب وأَضعافه هو رهان خاسر، يدفع ثمنه الشعب بأطيافه ونخبه وقواعده سنة وشيعة. ولهذا فإننا مطالبون جميعاً بعدم الانجرار لهذا المخطط المدمر للشعب ووجوده، بل نسعى لإفشاله وكشف المتآمرين على الشعب، وفي مقدمتهم الشيطان الأكبر والسامري وجنوده. ألـيس في الـقـوم رجـل رشـيـد؟
ورسالة للنظام نقول- وتحديداً الشيطان الأكبر وسامريه الطائفي الرعين- بأن التوجه الطائفي منحى خطر لن يسلم منه، حتى وإن بدا بعيداً عنه، فهو ليس بريء، بل هو وراء كل المشاريع التآمرية الطائفية ضد الشعب، ولا يمكن الغفران له اللعب على هذا الوتر.