القى بعض اعضاء الاسرة الحاكمة في البحرين ثقلهم وراء المتشددين من الجماعات الاسلامية السنية وبعض هؤلاء يشبهون في توجهاتهم تنظيم “القاعدة”، في محاولة لمواجهة التهديد المتصور من المواطنين الشيعة، وذلك بحسب ماذكره مسؤولون في الحكومة وكذلك بعض الناقدين.
وقد كشف النقاب عن هذه الاستراتيجيه تقرير لمستشار حكومي في العام الماضي، و كشف ذلك عن انقسام داخل الأسرة الحاكمة ال خليفة بين جناحين، احدهما يؤمن بالمصالحة مع المحرومين الشيعة الذين يشكلون اغلبية المواطنين، وجناح آخر يرى ضرورة قمع التطلعات الشيعية، حتى لو كان ذلك يعني دعم جماعات سنية تستلهم ايديولوجيات مشابهة لاسامة بن لادن.
وقال مسؤول حكومي وهو من الاسرة المالكة “ليس هناك من شك ان لدينا داخل الاسرة اتجاه متشدد، ولكن هناك ايضا المعتدلين الذين يؤمنون بأن التماسك بين المواطنين هو السبيل للمضي قدما”. وقال المسؤول انه يعتبر نفسه من المعتدلين ، وطلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسيه الموضوع.
اعضاء العائلة المالكة لايظهرون خلافاتهم امام الجمهور، ويقول المحللون انه نادرا ما تناقش الخلافات داخل الاسرة، لكن البحرين صغيرة ، وغنية بالنفط، وسكانها يبلغ عددهم 750،000 شخص ويتواجد فيها الاسطول الاميركي الخامس، ومع كل ذلك فان وضعها متعثر بسبب التوتر الطائفي الذي يتأثر بما يجري في منطقة الشرق الاوسط، اذ ينظر االشيعة الى خارج البحرين، وبعضهم يتأثر بالصلات الدينية والثقافية مع إيران، بينما ينظر السنة المهيمنين على السلطة ويتأثرون بالسعودية. التزاوج بين الطائفتين أصبح نادرا، والشيعة والسنة لديهم أسماء مختلفة ويتكلمون لهجات عربية مختلفة.
ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة ، 37 عاما، خريج الجامعة الاميركية في واشنطن وجامعة كامبردج في انكلترا يقود جناح المعتدلين، الذين ركزوا على ايجاد فرص عمل لشباب البحرين باعتبارها أفضل وسيلة لدرء التوترات الطائفية، بينما يقود وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن احمد ال خليفة المتشددين. ولايعرف أحد ايهما يؤيد الملك حمد بن عيسى ال خليفة ، الذي يمسك بيده السلطة النهائية.
وقال احد المحللين، طلب عدم ذكر اسمه، “وزير الديوان الملكي يدعم السنة المتشددين وهم يدعمونه، وهي لعبة شديدة الخطوره لانهم يسيرون في طريق زلق” .
ان السنة المتطلرفين في البحرين يعتبرون اقل حدة بالنظر الى غيرهم من المقاتلين في فى العراق ولبنان وأفغانستان، وهو امر تقره حتى المعارضة. وقال احد متشددي السنة انه يرحب بوجود القوات العسكرية الامريكية والبريطانية في البحرين اذا كان ذلك سيحد من النفوذ الايراني في الخليج.
مع ذلك فان العلمانيين والشيعة البحرينيين اصيبوا بالذعر ازاء نمو الاصولية السنية، المتمثلة بالشخصيات المتحالفة مع الاخوان المسلمين او الجماعات الاكثر تطرفا، والذين اصبحت لهم اليد الطولى في وزارات الاعلام والمالية واجزاء كبيرة من العسكريين. وتقول جماعات حقوق الانسان ومنتقدي الحكومة ان المؤسسات المالية والخيرية الاسلامية الغنية قد نمت مع عودة الاموال العربية من الولايات المتحدة واوروبا بعد تزايد الاحداث عقب 11 سبتمبر، وتدفق المال من الغرب الى الخليج. وأعطت المؤسسات الخيريه الاسلامية قوة للجماعات السياسية السنية المتشددة ، مع تشجيع الحكومة.
وقد شبه بعض النقاد مايجري في البحرين بما جرى مع الجماعات السنية التي حصلت على دعم الولايات المتحدة والسعودية في افغانستان خلال الثمانينات اثناء الاحتلال السوفياتي. وشبه ابراهسم شريف السيد، عضو جمعية العمل الوطني الديمقراطي ، وهي مجموعة معارضة علمانية، شبه الموضوع بانه “فرانكشتاين سعودي”. وقال “ان مانراه هو نفس اللعبة التي حدثت من قبل، اذ يستعينون بالمتشددين ويعتقدون انهم يستطيعون السيطرة على الاسلاميين”.
ويخش النقاد ان تتحول البحرين وهي بلد الاعتدال نسبيا الى معقل لرجال الدين الذين يمجدون الحرب المقدسة كما حدث في نماذج سابقة. الصحف المتأثرة بالاسلاميين زادت هجماتها القوية والمناهضة للامريكيين، ومثال ذلك اخبار الخليج التي تطلق لقب “شيخ” على اسامة بن لادن، وهذا اللقب عنوان للشرف.
وقد تمكن اثنين من الشخصيات السنية المثيرة للجدل في الولايات المتحدة من اللجوء الى البحرين والعمل فيها، وهما وجدي غنيم الذي كان يرأس مسجدا في “اورانج كاونتي” واشتبهت السلطات الامريكية بانه يلقي خطبا تدعم المنظمات الارهابية ، واعتقل في تشرين الثاني / نوفمبر 2004 للاشتباه في تجاوزه قانون التأشيرة الامريكى ؛ وصلاح سلطان ، الباحث الاسلامي. وقال احد الصحافيين الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام “كل اسبوع يظهر الشخصان على شاشة التلفزيون ليرشدوا للناس كيف يحصلون على النظافة الدينية والورع”.
ظهرت المعلومات الاولى عن دعم الحكومة للمتطرفين السنة في تقرير أعدده مستشار الحكومة السابق صلاح البندر العام الماضي ، وفصل فيع الروابط بين مسؤولي النظام والمتشددين كجزء من خطة لسحق تطلعات الشيعة. و ازدادت خشية السنة من الغالبية الشيعية بعد الاحداث في العراق، حيث الشيعة امسكوا هناك بسلطة الحكم الذي كان في السابق بيد الاقلية السنية.
ومع ان البحرين مغمورة بالثروة، الا انها ليست محصنه ضد العنف الطائفي والسياسي. ويقول الشيعة انهم ظلوا لعقود ممنوعين من الحصول على أي شيء من ثروات البلاد والفرص، و المناطق الشيعية غرب العاصمة المنامة تميل الى الفقر وهي معطلة. وقد انتقد مراقبون مستقلون الحكومة بانتظام لانها قوات الامن مملوءة بالموظفين من غير البحرينيين من السنة. وقد انفجر الغضب والاستياء في السبعينات. وفى عام 1981 ، قامت مجموعة من البحرينين الشيعة ، يزعم انها كانت مدعومة من عناصر في ايران بمحاولة لقلب النظام الملكي. وحدثت مواجهات عنيفة بين الشيعة وقوات الامن في اواخر التسعينات، نتج عنه نفي رموز من الشيعة.
كثير من السنة يرون في الشيعة في البحرين بانهم طابور خامس لايران. وقال النائب السني الذي يوصف بانه متشدد، محمد خالد “السنة والشيعة جميعا في نفس القارب، ولكننا لن نسمح لأحد ان يقود القارب. ولن نقبل أي تدخل خارجي ، ليس من الامريكيين او الايرانيين”.
الكثير من الشيعة في البحرين لديهم علاقات جيدة مع الحركات الشيعية المزدهرة في جميع انحاء الشرق الأوسط، والمنازل والسيارات الشيعية مزينة بملصقات للقائد اللبناني الشيعي الشيخ حسن نصر الله ؛ رجل الدين العراقى اية الله العظمى علي السيستاني ؛ والزعيم الاعلى الايرانى على خامنئى.
لقد اطلق الملك حمد خطة للمصالحة والاصلاح الديموقراطي عندما صعد الى العرش في عام 1999 ، لكن الكثيرين يقولون انها قد توقفت الان جزئيا بسبب مخاوف من ان اعطاء الشيعة حقوقا من شأنه ان يفتح الطريق امام استيلاء ايراني على الجزيرة، اذ كانت ايران تدعي السيادة اكثر من مرة في السابق.
المعتدلون في الحكومة، بمن فيهم ولي العهد، يقولون بان الاصلاح الديموقراطى والفرص الاقتصادية سوف تكون أكثر فعالية في اكتساب الشيعة وابعادهم عن التأثير الايراني. وقال المسئول المعتدل “المتشددون لم ينجحوا، انهم لم يحققوا سوى شيء واحد، اذ اصبح كثير من الناس ضدهم”.
ترجمة مقال لوس انجلوس تايمز – منقول من بحرين اونلاين
http://www.latimes.com/news/nationwo…=1&cset=t rue