في القرون الوسطى كان الملوك يحكمون أوروبا بما يسمى الحق الإلهي، بدعوى أن الله أقامهم على ملك البلاد، وليس من حق أحد أن يحاسبهم أو يخلعهم من موقعهم، وقد كان بداية انطلاق أوروبا لعصر الحداثة هو تحطيم هذه الأسطورة، وذلك بفكر جديد، يقول بأن الشعب هو الذي ينصب حكامه ومن ثم له أن يحاسبهم أو يعزلهم.
الآن في شرقنا متحفي الأفكار والقيم نردد أن الكهنة والأساقفة والبطاركة قد اختارهم الله، وليس لنا اعتراض على هذا القول، إذا كان لا يعني أكثر من أن كل من هو في منصب يعتبر مجازياً أن الله اختاره له، بما يؤدي إلى أنه سيحاسب من قبل الله على صالح أو طالح أدائه، وهذا فكر جيد لتطبيقه على الجميع، الصغير والكبير، لكن نرى من تعبيرات الكثير من الأقباط، في معرض نقدنا لأحوال الكنيسة وأداء قياداتها، أنهم يتصورون أن الكهنة والأساقفة معينون من قبل الله، وبالتالي فلا حساب لهم إلا أمام الله، وهذه هي نظرية التفويض الإلهي الساذجة والبغيضة.
يبدو أن هناك خلطاً في مفهوم إرادة الله، فكل ما في الكون وفق إرادة الله، لكن هذه الإرادة ذات شقين: شق يمكن تسميته سماح الله، فلا يوجد في الكون ما لا يسمح به الله، فحتى عمل الشيطان في العالم هو بسماح من الله إلى حين، أما الشق الثاني والذي يمكن تسميته بالشق الإيجابي فيتضمن مشيئة الله، التي هي خير كلها، وكل خير في العالم هو وفق مشيئة أو إرادة الله، لكن ليس كل الأشياء وفق إرادته بمفهومها الإيجابي، وإلا لما صلينا له قائلين “لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض”، ولو كل شيء بمشيئة الله لما كان هناك مبرر لمحاسبة المخطئ، لأنه لن يكون في هذه الحالة إلا منفذاً لمشيئة الله وإرادته، ونحن إن قلنا ذلك فإننا نسند إلى الله كل فشلنا وخطايانا، وليس هذا الفكر بغريب على الشعب المصري، الذي يبحث دائماً عن مبرر لتكاسله وتخاذله، وعن شماعة يعلق عليها أخطاءه وخطاياه.
القادة السياسيين والدينيين موجودون في مواقعهم بسماح من الله، لكي يرعوا شعبه خير رعاية، وسوف يحاسبهم على أدائهم يوم الحساب، لكن من وضعهم في أماكنهم ليس الله وإنما نحن من وضعناهم، وسمح الله بذلك، ليعطينا ويعطيهم فرصة العمل والإجادة، لأن إرادة الله أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، فإن أجاد هؤلاء القادة فلهم التقدير منا والثواب من الله، أما إن أساءوا فإننا مسؤولون عن تقويمهم، وفق حرية الإرادة والمسئولية التي حملنا الله إياها، وإلا كنا مقصرين مثلهم تماماً، وحق علينا العقاب الإلهي معهم يوم الدينونة، بهذا يكون فشلنا أو نجاحنا عائداً إلى سوء أو حسن تدبيرنا، أما إرادة الله فهي الخير كل الخير لنا، أما الشر فمن سوء أنفسنا ومن تقصيرنا ومن سوء فهمنا لأقوال الكتاب، وقد قال الرسول: لا يقل أحد إذا جرب أني أجرب من قبل الله، لأن الله غير مجرب بالشرور.
تعالوا يا أخواني وأخواتي نحاسب قادتنا السياسيين والدينيين، بكل الحب والاحترام، لكن أيضاً بكل الحزم والوعي.
فبهذا وحده نتحول من أمة من الفاشلين إلى أمة ناجحة، فالله لم يعطنا روح الفشل بل روح النجاح.
kamghobrial@yahoo.com
خواطر عشوائية عزيزي كبرييل انا معك في غالبية ما كتبت في هذا المقال ولكن لي ملاحظة على كتاباتك اهمها نقدك المستمر للكنيسة الارثوزكسية القبطية وتهجمك عليها وعلى قادتها هذا من جهة اما من جه ثانية فان الاقباط في مصر المباركية العثمانية يعيشون مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة ولم ارى لك مقالات تدافع فيها عن اقباط مصر وعموم المسيحيين فيها او قل في الشرق الاوسط او افريقيا ,,,,,,همك الوحيد هو نقد ابناء قومك فقط او على الغالب فلماذا هذا التحامل ,,,,,,,,لماذا لاتنتقد القوانين العثمانية والعهدة العمرية العنصرية بحق كل مسيحي شرق اوسطي او من افريقيا اليس حق عليك ان تدافع عن… قراءة المزيد ..