وطنية ـ باريس ـ26/6/2007(سياسة) واصل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بعد ظهر اليوم لقاءاته في العاصمة الفرنسية باريس، حيث التقى في مقر إقامته في فندق “غراند أوتيل” وزير الدولة للشؤون الأوروبية جان بيار جوييه بحضور السفير الفرنسي في بيروت برنارد إيمييه، وجرى البحث في المستجدات في لبنان وسبل تفعيل العلاقات الثنائية بين بيروت وباريس.
معهد العالم العربي
بعد ذلك زار الرئيس السنيورة مقر معهد العالم العربي حيث التقى رئيس المعهد دومينيك بوديس ومدير المعهد طالب بن دياب بحضور الوفد اللبناني المرافق والسفير الفرنسي في لبنان برنارد إيمييه، وجرى عرض لعمل المعهد ودوره في نشر الثقافة العربية في العاصمة الفرنسية بالإضافة إلى الأوضاع العامة في المنطقة.
لاغارد
ثم التقى الرئيس السنيورة في مقر إقامته وزيرة الاقتصاد والمالية والعمل كريستين لاغارد بحضور الوفد اللبناني المرافق والسفير إيمييه، وتركز البحث حول الأوضاع المالية والاقتصادية في لبنان وسبل تفعيل المساعدات التي وعدت فرنسا بتقديمها إلى لبنان خلال مؤتمر باريس 3.
وزير الدفاع الفرنسي
ثم استقبل الرئيس السنيورة وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران بحضور الوفد اللبناني المرافق والسفير إيمييه وعدد من القياديين العسكريين الفرنسيين، وجرى البحث في المساعدة التي يمكن لفرنسا أن تقدمها على الصعيد الأمني والعسكري للبنان.
الجالية اللبنانية
وعند السابعة مساء بتوقيت باريس، لبى الرئيس السنيورة دعوة السفارة اللبنانية في فرنسا إلى حفل استقبال على شرفه في السفارة بحضور أفراد من الجالية اللبنانية في باريس رافقته فيها عقيلته السيدة هدى والوفد الوزاري المرافق.
وبالمناسبة، تحدث القائم بالأعمال اللبناني في باريس غادي خوري فقال: “نعرف ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقكم منذ سنتين وأنكم تتحملون الكثير بقلب واسع وصدر رحب وأن همكم الأساسي هو المساعدة على تذليل الصعوبات وتقريب وجهات النظر للبلوغ بالوطن الحبيب بر الأمان ولبنان بجناحيه المقيم والمغترب يشد أزركم ويضع إمكانياته في تصرفكم”.
كلمة الرئيس السنيورة
أما الرئيس السنيورة فالقى كلمة أمام افراد من الجالية وقوطع بالتصفيق اكثر وجاء فيها: “إنها زيارة هامة نقوم بها لبلد صديق أثبت صداقته على مر الأيام والعهود وكان دائما يقف مدافعا عن لبنان واستقلاله وسيادته وحريته وعن كرامة الإنسان في لبنان. وتأتي هذه الزيارة في وقت دقيق يجتازه لبنان ولكن يعبر خلاله اللبنانيون عن مدى التزامهم بوحدة لبنان وباستقراره واعتداله وعدم قبولهم أن يتحول بلدهم ساحة لصراع الآخرين على أرضه فيتاجرون بدم أبنائه. نأتي إلى فرنسا ونحن على ثقة كاملة بموقف فرنسا الذي عبر عنه اليوم الرئيس ساركوزي بالتزامه بالموقف الفرنسي الذي طالما كان إلى جانب لبنان ودعم لبنان بشتى المجالات السياسية والوطنية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. لقد مرت علينا خلال الأسابيع الماضية أحداث جسام شكلت تحديا لمنطق الدولة في لبنان التي سنستمر في العمل على إعلاء شأنها لأنه ما من مؤسسة أخرى تستطيع أن تضمن حاضر ومستقبل ومستوى معيشة وكرامة اللبنانيين سوى الدولة المنفتحة الحرة العادلة التي تحرص على كرامة الإنسان واستقلال وحرية لبنان وقدرة اللبنانيين على ممارسة حرياتهم، دون أي عقبات. نمر في هذه الفترة بهذه الامتحانات، وهي ليست جديدة على اللبنانيين لكنها تتخذ أنماطا جديدة بين حين وآخر. لقد خاض اللبنانيون هذه المعركة التي فرضت عليهم في مخيم نهر البارد وهي ليست معركة اللبنانيين والفلسطينيين بل هي معركة تشن ضد لبنان والدولة اللبنانية والأمن والاستقرار والجيش اللبناني الذي يسطر ملاحم بطولية في الدفاع عن لبنان. هذه المعركة هي ضد الإرهابيين الذين خطفوا مخيم نهر البارد من أجل تنفيذ مخططاتهم الإرهابية. ونحن على مدى هذه الفترة نجحنا إن شاء الله في التقدم تمهيدا لأن يعود هذا المخيم رمزا لعلاقة صحية وصحيحة بين اللبنانيين والفلسطينيين، اللبنانيون الذين استقر رأيهم جميعا على قاعدة أساسية أن ليس هناك من توطين للفلسطينيين في لبنان، ولبنان هو فقط للبنانيين، وأنهم يريدون أن تعود الدولة هي صاحبة السلطة الوحيدة في هذا المخيم. وبالتالي نعبر حقيقة عن الرغبة في أن تسود علاقة صحية وسليمة بين اللبنانيين والفلسطينيين القاطنين في هذا المخيم. لكن لبنان لم يكن يتعرض لهذا التحدي فقط بل كانت هناك تحديات أخرى من تفجيرات متنقلة واغتيالات وغيرها من الأمور التي يتم التعدي فيها على سيادة الدولة وحدودها. ولكن هذه التحديات اتخذت أيضا نوعا آخر تمثل بذلك الاعتداء الذي شن على قوات اليونيفيل في الجنوب وهي قوات صديقة جاءت لدعم لبنان ورغبته وموافقته الجامعة على القرار 1701 . وهم أتوا من أجل حماية الاستقرار والأمن والسلام في لبنان. هذا الاعتداء قصد منه الترهيب ومحاولة ضرب هذه القوات أملا في دفعها لتغيير الهدف الذي أتت من أجله وهو حماية استقرار وأمن لبنان. وما أستطيع أن أقوله أنه من خلال الاتصالات التي قمنا بها بداية مع رئيس الوزراء الأسباني وبعدها مع عدد من المسؤولين في الدول الصديقة المشاركة في هذه القوة وكان هذا الموضوع مجال بحث مع المسؤولين الفرنسيين وفي مقدمهم الرئيس ساركوزي، وهم جميعا عبروا عن استمرارهم وتصميمهم وعدم تنازلهم أمام هذا الإرهاب الذي يقصد منه المس بأمن واستقرار لبنان. هذه القوات، كما جاءت، ستستمر في دعم الأمن والأمان والاستقرار في تلك المنطقة العزيزة على قلوب جميع اللبنانيين وفي خلق الأجواء التي تؤدي إلى عودة الاستقرار إلى كل لبنان.
ولكن كل هذه التحديات لا تعني أننا نرسم صورة سوداوية عن المستقبل، يجب أن يسود لدينا أنه بالرغم من كل العقبات والمحاذير يجب أن يعود إلينا الاطمئنان الداخلي والقناعة الداخلية والإصرار أننا نريد أن نصنع مستقبلنا ومستقبل أولادنا بأنفسنا، ونريد أن يكون لبنان لكل اللبنانيين وعلى صداقة مع جميع الأصدقاء ونحن ليس لدينا عدو إلا العدو الإسرائيلي، ولكن علاقاتنا مع الجميع مبنية على الاحترام المتبادل الذي يجب أن يسود وأن يكون هذا البلد موئلا للحريات والديمقراطية والانفتاح والاعتدال. هذه الصيغة اللبنانية الفريدة في العالم هي التي نرى اليوم في هذه المحن الشديدة التي نمر بها، مدى تمسك العالم بها ومدى أهميتها في هذه المرحلة التي نسمع الكثير حول صراع الحضارات والثقافات والأديان، نكتشف مدى أهمية لبنان ومدى أهمية هذه الصيغة من العيش المشترك بين اللبنانيين. في خضم هذه التحديات، نرى كم هو علينا من مسؤوليات في ألا نفقد ثقتنا بالله وألا نفقد ثقتنا بأنفسنا ولا بوطننا. نحن اللبنانيون كحبة من اللؤلؤ كلما ازداد الضغط عليها أظهرت حقيقة جوهرها. سنستمر في إيماننا بلبنان وبهذه الصيغة الفريدة وبمد اليد للجميع وإيماننا بالدستور الذي يحكم علاقات اللبنانيين بين بعضهم البعض، ولن نتخلى عن التزامنا بمنطقتنا ولا بوطننا. فبالرغم من هذه المصاعب أرى أننا على الدرب الصحيح وسننجح وسيبقى لبنان. كلكم مررتم بتجارب وعانيتم ولكنكم تعتبرون لبنان بقلبكم بهذه الصيغة الفريدة وهذا العيش المشترك وإيمانكم بعودة الدولة التي يجب ألا يكون هناك تخل عنها مهما كانت الأسباب، فخلال هذه الفترة من المصاعب نكتشف مدى أهمية أن تكون لنا دولة وأن نستعيد سلطتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية بحيث لا يكون هناك أي سلاح في لبنان غير سلاح الدولة الشرعية. على هذا الدرب، تسير هذه الحكومة في لبنان ملتزمة ومستمرة، ولن تتنازل عن أي أمر له علاقة بالمبادئ والأولويات، ومهما كانت المصاعب نعتقد أننا صامدون وأن اللبنانيين من ورائنا ومعنا، ولدينا المجتمع العربي والدولي وهذا ما لمسناه اليوم من قبل الإدارة الفرنسية والرئيس ساركوزي الذي سيستمر في تقديم كل الدعم للبنان، ومعه جميع الأصدقاء والأشقاء لنتمكن من مواجهة التحديات التي نمر بها، وأعتقد جازما إن شاء الله أننا سننجح. أتمنى أن يبقى لبنان دائما في ضميركم وقلوبكم”.
قصر ماتينيون
ثم انتقل الرئيس السنيورة والوفد المرافق الى مقر رئاسة الحكومة الفرنسية في قصر ماتينيون حيث كان نظيره الفرنسي فرنسوا فييون في استقباله على مدخل القصر وعلى الفور انتقل الجميع لبدء المباحثات الى عشاء عمل .