في مقابلة مع “دير شبيغل”، اليوم، يقول منسّق إستخبارات السلطة الفلسطينية (منذ 14 سنة)، العقيد بهاء بلوشة، أن “كوماندوس غير فلسطيني من “القاعدة” تولّى إدارة الإنقلاب الذي قامت بها “حماس” في غزة”. وفي رأيه أن “حماس ستنتهي خلال أربعة أشهر”. يتوقّع العقيد بلوشة صيفاً حاراً سيشهد هجمات إرهابية في الأردن، ويعتقد أن الإغتيالات السياسية في لبنان، وانقلاب غزّة، تدخل ضمن مخطط إيراني-سوري واحد. كما يكشف مشاركة جماعات من “حزب الله” ومن “القاعدة” في إنقلاب غزّة.
ويُذكر أن مقتل أبناء بلوشة الصغار الثلاثة على أيدى مسلّحي حماس في أواخر 2006 كان بداية قتال الشوارع بين حماس وفتح الذي بلغ ذروته خلال الأسبوع الماضي.
نص المقابلة:
دير شبيغل: بصفتك منسّقاً لجهاز إستخبارات السلطة الفلسطينية منذ سنوات عديدة، فأنت مُدرَج في أعلى قائمة الإعتيالات التي يحملها متطرّفو “حماس”. وقد وقعت 6 محاولات لاغتيالك، حتى الآن. وفي 11 ديسمبر 2006، قُتِلَ 3 من أطفالك في عملية قام بها عناصر “حماس”. هل ستعود إلى غزّة؟
بهاء بلوشة: تركت خلفي شيئاً عظيماً جداً في غزّة. إبني سلام، وكان عمره 3 سنوات. وإبني أحمد، وكان عمره 5 سنوات. وإبني أسامة، وكان عمره 8 سنوات. لقد قتلهم الإرهابيون أمام عينيّ حينما توجّهت لإحضارهم من المدرسة. وقد تحوّلت السيارة إلى “منخل” بعد أن اخترقتها 250 طلقة. لم أذرف دمعة واحدة بعد مقتلهم، ولم أزر قبرهم مرّة واحدة. لقد أقسمت على ألا أزور قبرهم إلا بعد هزيمة الإرهابيين. سأعود إلى غزّة لتحقيق ذلك.
دير شبيغل: منذ 6 أشهر وأنت تحذّر من أن “حماس” تنوي الإستيلاء على السلطة في غزّة. طالما أنك كنت تتوقّع الإنقلاب، فلماذا لم تحُل قوى الأمن الفلسطينية دون وقوعه؟
بهاء بلوشة: كنا نعرف بأنه يخطّطون لانقلاب، ولكن لم يكن باستطاعتنا أن نمنع وقوعه. ويقع معظم الخطأ على بلدان أخرى: فبعد فوز “حماس” بانتخابات يناير 2006، توقّفت جميع المدفوعات المستحقة للسلطة الفلسطينية، في ما يشبه العقوبة الجماعية. ولكننا كنا بحاجة لهذه الأموال تحديداً لكي نهيّئ قواتنا الأمنية لمقاتلة “حماس”. نحن الوحيدون الذي كنا قادرين على مواجهة “حماس”، ولكن لم يُسمّح لنا بمواجهتها.
دير شبيغل: ولكن الغرب ظل يدعم قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، ويدرّبها، بعد فرض العقوبات؟
بهاء بلوشة: هذه كذبة، كذبة كاملة. فقد توقّفت الولايات المتحدة كليا عن تزويدنا بالسلاح، ووفّرت لنا قليلاً من التدريب فحسب.
دير شبيغل: إيران تعترف علناً بأنها تدعم حماس. ما هو، بدقّة، نوع الدعم الذي تقدّمه إيران لحركة “حماس”؟
بهاء بلوشة: في حين كانت الإمكانات تعوزنا، قامت “حماس” بتسليح نفسها إستناداً إلى أموال طائلة وصلتها من إيران. وحسب معلوماتنا، فقد تلقّى عدة ألوف من مقاتلي “حماس” تدريبات في إيران وسوريا ولبنان. وينتمي هؤلاء إلى مختلف فروع الجناح المسلّح لـ”حماس”، ويعملون جميعاً في إطار ما يسمّى “جيش القسّام”. إن هؤلاء لم يتدرّبوا من أجل مقاتلة إسرائيل. بالأحرى، فقد تدرّبوا على كيفية إغتيال الخصوم السياسيين بواسطة المتفجّرات والغارات. لقد تعلّموا القتل هناك.
دير شبيغل: هل كان هنالك أجانب قاتلوا مع “حماس”؟
بهاء بلوشة: هنالك خلية تابعة لـ”القاعدة” في غزّة. نحن نعرف ذلك. وهنالك عدد من الأجانب: باكستانيون، وسودانيون، ومجموعة صغيرة من اليمنيّين. حينما انسحب الإسرائيليون من غزّة، قامت “حماس” بهدم الجدار المُشيّد على الحدود مع مصر. ولم يتمّ ضبط الحدود قبل مرور بضعة أيام. وقد اغتنم هؤلاء الأجانب هذه اللحظة لكي يتسللوا إلى غزّة.
دير شبيغل: ما حجم هذه المجموعة؟
بهاء بلوشة: العدد ليس مهمّاً. الأهم هو العقلية. أثناء تنفيذ العملية الإنقلابية، كان عدد من الأجانب موجودين في مركز القيادة التابعة لـ”حماس”، وتولّوا إدارة الحرب، وتوجيهها من هناك. وشاركت كذلك مجموعات فرعية صغيرة، إحداها مجموعة تقيم صلات مع “حزب الله”. كما انضمّت إلى “حماس” مجموعة منشقّة عن “فتح”، تسمّى “كوماندوس أيمن جوده”.
دير شبيغل: منذ أكثر من شهر تخوض جماعة قريبة من “القاعدة”، هي “فتح الإسلام”، قتالاَ ضد الجيش اللبناني في مخيّم “نهر البارد”. هل إندلاع أعمال العنف في غزةّ على صلة بالقتال في لبنان؟
بهاء بلوشة: تخشى إيران وسوريا من هجوم تشنّه الولايات المتحدة وإسرائيل قبل آخر الصيف. ولذا، فقد حشدتا مجموعات متطرّفة في لبنان وغزّة، مجموعات تتواجد على أبواب إسرائيل مباشرة والهدف من تواجدها هو الحؤول دون وقوع هجوم أميركي. إن الإغتيالات السياسية في لبنان، والإنقلاب الذي وقع في غزّة- كل ذلك يشير في الإتجاه نفسه. المرحلة المقبلة ستكون هجمات إرهابية في الأردن. الصيف سيكون حارّاً.
دير شبيغل: أقرّت ميليشيات “فتح” في غزّة بهزيمتها. وأصبح قادتها في المنفى، في الضفة الغربية، مثلك. هل تستطيع “فتح” أن تستعيد السلطة في غزّة؟ وكيف ستفعل؟
بهاء بلوشة: ستصمد “حماس” لمدة 4 أشهر، ليس أكثر. بعد ذلك، ستمزّقها النزاعات الداخلية. ثم ستنتهي. “حماس” تواجه مشكلة خطيرة: لقد سلّحوا 100 ألف مقاتل في غزّة، ولن يتمكّنوا من ضبطهم. وحينما تأتي لحظة تقاسم السلطة، فإن كل فريق سيطالب بحصّته. وحتى الآن، فإن زعيم “حماس” في القطاع، إسماعيل هنيّة، لا يملك أية سلطة. ولا يصغي أحد لما يقوله. إن المتشدّدين الذين اضطرّت “حماس” للتضحية بهم بغية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مع فتح سيأخذون ثأرهم منه الآن.
وهذا يصح بصورة خاصة على وزير الخارجية السابق “محمود الزهّار”، وعلى “سعيد صيام” الذي كان وزير الداخلية قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ترجمة بيار عقل
يمكن مراجعة الأصل على صفحة “الشفاف” الإنكليزية