قبل أشهر نشر “الشفّاف” معلومات خاصة حول وجود مئات المعتقلين السعوديين “الجهاديين” في السجون السورية. وربما كان ذلك هو التفسير المنطقي لظاهرة وجود بضع عشرات من السعوديين في صفوف “فتح الإسلام”، كما تذكر “الحياة” في المقال الذي نعيد نشره أدناه.
لحود جمد مرسوم تسليم بيشي الى الرياض … توقيف «ضابط ارتباط» بين «فتح الإسلام» و«القاعدة» ولا سعوديين بين المحتجزين في أحداث طرابلس
قالت مصادر أمنية لبنانية لـ «الحياة» انه لا يوجد موقوفون سعوديون في عداد المنتمين إلى تنظيم «فتح الإسلام» الذين اعتقلتهم القوى الأمنية اللبنانية في اشتباكات طرابلس في 20 أيار (مايو) الماضي، مشيرة إلى وجود أربع جثث بين قتلى التنظيم يُعتقد بأنهم سعوديون، لكن التثبت من هوياتهم ينتظر نتائج التحاليل المخبرية (فحص الحمض النووي) والتي سيصار إلى مطابقتها مع فحوص مماثلة لأقرباء لهم في السعودية.
وأكدت المصادر ان المعلومات الأولية تفيد ان عشرات من السعوديين بين مقاتلي «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد، وهي تتطابق مع معلومات أخرى كانت استقتها «الحياة» من مسؤولين فلسطينيين في المخيم.
لكنها لفتت إلى ان الحديث عن وجود 75 سعودياً بين مقاتلي التنظيم في البارد، مبالغ به. وهذا ما أكده اكثر من مسؤول فلسطيني في المخيم يواكب الاتصالات الجارية لإيجاد حل للمشكلة، على قاعدة مبادرة زعيم التنظيم شاكر العبسي إلى ترحيل المقاتلين من غير الفلسطينيين الذين دخلوا إلى المخيم في فترات متلاحقة، وهذا ما يرفضه نظراً إلى ان هناك قلة من الفلسطينيين بين صفوفهم.
وقال مسؤول فلسطيني في البارد يمثل فصائل منظمة التحرير وآخر ينتمي إلى تحالف القوى الفلسطينية، أن عدد السعوديين يراوح بين 35 و40 شخصاً وأنه في مطلق الأحوال دون الخمسين.
وبالنسبة إلى عدد الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية قبل اكتشاف أسماء مرتكبي جريمة عين علق (في 13 شباط/ فبراير الماضي)، أكدت المصادر انه تبين ان لا علاقة للموقوفين السعوديين الأربعة بهذه الجريمة، وأنهم أوقفوا في مطار رفيق الحريري لدى مغادرتهم إلى بلادهم، قبل أسابيع من حصول الجريمة.
وتبين من خلال التحقيقات معهم، بحسب المصادر الأمنية، انهم كانوا حضروا إلى بيروت استجابة لدعوة «فتح الإسلام» عبر موقعها الإلكتروني، لكنهم سرعان ما تأكدوا ان ممــارسات التنـــظــيم على الأرض تتعارض مع هذه الدعوة، وأن الشيخ عبدالله بيشي وهو أحد هؤلاء السعوديين والمطلوب في بلاده كان وراء إقناعهم بالعودة للالتحاق بعائلاتهم في ضوء تكفيره شعارات «فتح الإسلام».
وأكدت المصادر ان السلطات اللبنانية وافقت على الطلب الذي قدمته السعودية لاسترداد بيشي، لكن العملية تأخرت بسبب رفض رئيس الجمهورية إميل لحود توقيع مرسوم في هذا الشأن، بذريعة انه لا يوقع أي معاملة صادرة عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، باعتبارها «فاقدة للشرعية» على رغم ان النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كان وافق على الطلب.
في غضون ذلك، أكدت مصادر مواكبة للتحقيقات الجارية مع الموقوفين في اشتباكات مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين وطرابلس ان أجهزة الأمن، تمكنت الثلثاء الماضي من توقيف لبناني يدعى أحمد م. من وادي خالد في عكار، تعتقد بأنه يشكل الحلقة الأساسية لإضاءة الطريق امام التحقيقات الأمنية والقضائية الجارية مع الموقوفين، نظراً الى انها ترجح ان يكون أحد أبرز «ضباط الارتباط» بين تنظيم «فتح الإسلام» وتنظيم «القاعدة» بزعامة اسامة بن لادن، وجـــهات استخباراتية اقليمية.
وفيما تكتمت المصادر عن كيفية استدراجه وتوقيفه في لبنان، كشفت ان للموقوف شقيقين موقوفين في اشتباكات نهر البارد وطرابلس، هما محمد وخضر م. وأنه كان غادر الأراضي اللبنانية الى سورية من طريق الحدود عند نقطة العبودية شمال لبنان، في 19 أيار (مايو) الماضي، أي قبل يوم من اندلاع الاشتباكات في طرابلس وحول مخيم نهر البارد. ولفتت الى انه يشتبه في كونه أحد الذين اتصلوا في اليوم الأول لاندلاع الاشتباكات من مقر إقامته خارج الأراضي اللبنانية بقيادات أمنية، محذراً إياها من الاستمرار في ملاحقة اعضاء «فتح الإسلام».
وأوضحت انها لم تعرف الظروف والأسباب التي أملت عليه العودة الى لبنان، مساء الاثنين الماضي بواسطة هوية لبنانية مزورة، ومن الحدود اللبنانية – السورية في منطقة القاع البقاعية.
وتابعت ان الموقوف أقام في شقق سكنية عدة فور وصوله الى بيروت، الى ان تمكنت قوة مشتركة من الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن من توقـــــيفـــه في الشقة التي قطنها اخيراً في بناية «بارك تاور» للشقق المفروشة في الأشرفية، الأربعاء الماضي.
وأكدت انه أقام في الشقة مستخدماً هوية لبنانية مزورة غير التي استخدمها لعبور الحدود عند عودته إلى لبنان.
ولم تستبعد المصادر ان يكون الموقوف على معرفة دقيقة بحركة انتقال أعضاء «فتح الإسلام» من غير اللبنانيين بين لبنان ودول أخرى عربية، خصوصاً ان التوقيفات لهؤلاء مستمرة بعيداً من الأضواء، وأنه يجرى الآن فرزهم تمهيداً لإحالتهم على القضاء العسكري بعدما ادعى عليهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد، استناداً إلى الاعترافات الأولية في شأن المخطط الذي كانوا يعدون لتنفيذه في الشمال، لإعلان «إمارة» مســتقلة، بالتزامن مع إحداث إرباكات في عدد من المناطق لصرف الأنظار عن مشروعهم السياسي من ناحية، ولقطع الطريق على القوى الأمنية وتــفادي إحباطها مخططهم.
(جريدة “الحياة”)