نشرت جريدة “لا كروا” الفرنسية هذه المقابلة مع البطريرك الماروني صباح اليوم، غداة زيارة الرئيس لحّود للبطريرك وطرح فكرة حكومة جديدة من 6 وزراء يمثّلون الطوائف الرئيسية.
“«تضع ضوابط لمنع تسييس المحكمة فلا تتجاوز مهمتها الكشف عن الحقيقة، ضمن المهلة التي سيعطيها مجلس الامن (10 حزيران/ يونيو) لإقرارها في المؤسسات الدستورية اللبنانية قبل ان تصبح نافذة بقرار منه».
وللوهلة الأولى، رفض زعيم كتلة المستقبل سعد الحريري الإقتراح، ونقل السفير المصري عن الرئيس السنيورة أنه لم يسمع به.
وحسب جريدة “المستقبل”، أن “لحود حمل الى الصرح البطريركي اقتراحاً يتابعه اليوم موفد منه الى الرئيس نبيه برّي الذي كان بينه وبين صفير اتصال أمس، يتضمّن “تأليف حكومة وحدة تشكل من الاقطاب ولا تتعدى العشرة اعضاء يشتمل برنامجها على اجراء الاستحقاق الرئاسي ضمن المهل الدستورية المحددة، والطلب من صفير التدخل لدى المراجع الدولية والحكومة والاكثرية التمهل في وضع المحكمة الدولية قيد التنفيذ بعد اقرارها ريثما تشكل هكذا حكومة، واقرار بنود باريس ـ3 واقرار قانون انتخاب جديد”.
في نفس الوقت، نقلت جريدة “السفير” عن الجنرال عون، في مؤتمر صحفي عقده في باريس، أنه “تساءل عن مغزى القول بأن مفتاح الانتخابات الرئاسية في يد البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير وقال «لماذا الانتخابات الرئاسية في يد البطريرك صفير، لنلغ إذاً كل المؤسسات الدستورية إذا كانت هذه التصريحات جدية. لا يجب أن يُستغل البطريرك في السياسة، وينبغي أن يستمر مرجعية دينية وأخلاقية، وعدم إعطائه سلطة لا تعود إليه».
ورداً على السؤال: “هل تشعر بأن طرح مرشح توافقي للرئاسة هو لقطع الطريق إلى بعبدا على الجنرال عون؟
اجاب: «بالتأكيد، وهذا يذكرني دائما بالقول إن ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم، وليس ذلك سوى صيغة لاستمرار الاستئثار بالسلطة».
مقابلة البطريرك مع جريدة “لا كروا”
لا كروا: منذ 10 أيام، يطوّق الجيش اللبناني مقاتلي “فتح الإسلام” المتحصّنين في مخيّم نهر البارد. ما الحلّ للخروج من الأزمة؟
البطريرك صفير: الحلّ السليم هو تشكيل حكومة جديدة. الحكومة الحالية تتعرّض لهجوم حاد وهي تفعل ما بوسعها لصيانة النظام بقدر المستطاع. لا بد من حكومة وحدة وطنية تسمح لنا باجتياز هذه المرحلة الصعبة.
لقد تم استخدام هذه الصيغة عدة مرات في الماضي، وسمحت بتهدئة الأوضاع. من جهة أخرى، فإن ولاية رئيس الجمهورية وصلت إلى نهايتها. وينبغي الحؤول دون أزمة دستورية على مستوى الرئاسة. وفي مرحلة لاحقة، ينبغي إجراء إنتخابات برلمانية مبكّرة. وقبل إجرائها، ينبغي وضع قانون إنتخابي. بهذه الشروط، يمكن أن تتحسّن الأوضاع.
لا كروا: ماذا تستطيع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني أن يفعلا؟
* الموجودون في نهر البارد أتوا من بلدان كثيرة. إنهم خارجون على القانون، ومرتزقة، جاؤوا بهدف محدد، وهو زعزعة إستقرار البلاد. هنالك من يوفّر لهم الأسلحة والمال. هذا ليس مقبولاً. وكان ينبغي عدم السماح لهم بدخول المخيّمات منذ أن تم اكتشاف مخطّطاتهم.
الآن وقعت الواقعة ومهمة الجيش صعبة، لأن عليه أن يقبض على الجناة من غير أن يمسّ سكان المخيم. لقد وقعت ضحايا كثيرة، أكثر من 30 قتيلا، وهم من الشبّان الذين تعرّضوا للهجوم حتى قبل أن يصلوا إلى ميدان القتال. إن على الجيش أن يضع حدّاً لهذا الوضع.
لا كروا: كيف تحلّلون هذه الأحداث؟
* السبب الكامن وراء الأحداث معروف، مثلاً تشكيل المحكمة الدولية. كثيرون لا يريدون هذه المحكمة، وبين هؤلاء أشخاص ودول. لقد تمّ خلق أزمة نهر البارد بأمل إعاقة مسار تشكيل المحكمة وبهدف الحؤول دون تفاهم داخلي وتسوية داخلية.
وفي نفس الإطار، وقعت 14 عملية إرهابية خلال العام 2005. وإذا ما شعر مرتكبو هذه الجرائم بأنهم في مأمن، فسوف يستمرون. المحكمة هي السبيل الوحيد لإجهاض مخططهم الأسود. البعض يقول أن المحكمة ستسبّب الإضطراب في البلاد، ولكن الإضطراب قائم فعلاً. لقد اغتالوا، وهم مستمرون في الإغتيالات.
لا كروا: هل يمكن أن يحول الخلاف السياسي بين المسيحييين دون انتخاب رئيس جديد؟
* لا أعتقد، ولكن كنت أتمنّى أن يكون المسيحيون موحّدين. البعض يقول أن ذلك ليس ضرورياً وأن المسيحيين يمكن أن يتوزّعوا بين معسكرين مختلفين. يمكن أن أتقبّل ذلك، شرط ألا يهاجموا بعضهم البعض، والحال ليس كذلك. هذا ليس أمراً حسناً، لا بالنسبة للبلاد، ولا بالنسبة للمسيحيين.
لا كروا: أقام الجنرال عون تحالفاً مع “حزب الله” ويعتبر نفسه معارضاً للحكومة. ما رأيك؟
* هو يؤكّد أنه أقام التحالف بغية احتواء حزب الله وللحؤول دون تماديه. ولا يشاركه مسيحيون آخرون وجهة نظره. إن الوقائع موجودة. أنا أطلب إلى المسيحيين ألا يتنازعوا، حتى لو كان بعضهم في الأغلبية مع الحريري وبعضهم الآخر في المعارضة مع حزب الله.
لا كروا: هي يمكن للمسيحيين أن يتفاهموا حول إسم الرئيس المقبل، وهو منصب مخصص للموارنة؟
* ذلك ليس سهلاً، لأن هنالك مرشّحين كثر. كل من المعسكرين له مرشّحه ولديه إرتباطاته. إن مرشّحاً محايداً يمكن أن يحقق إختراقاً، أكثر مما قد يفعل مرشح من أحد الفريقين يتعرّض لمقاطعة الفريق الآخر. هذا ليس سهلاً، ولكنه الحلّ الأفضل. ينبغي أن يتم إنتخاب الرئيس المقبل بأكبر عدد ممكن من الأصوات لكي تكون له شرعية صلبة ولتكون له السلطة الضرورية ليلعب دور الحكم غير المنحاز، الذي يتعالى فوق الخلافات.
لا كروا: ما هي عواقب عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي في لبنان على المسيحيين؟
* زارني مؤخراً صناعيون، وتذمّروا من الركود الإقتصاد. إن إقتصاد البلاد في حالة خراب. إن الكثير من الشبّان المتعلمين الذي لا يجدون عملاً، يضطرون للسفر إلى البلدان العربية، أو أوستراليا، أو كندا. وحينما يسافرون إلى مثل هذه البلدان البعيدة، فهنالك أمل ضئيل في أن يعودوا يوماً. هذا يُفقر البلاد. إن العودة إلى أوضاع طبيعية أمر ضروري لوضع حدّ لهذا النزف.