تسببت كتب وزعتها وزارة الأوقاف في دورة مخصصة لترسيخ الاعتدال والوسطية، بإشعال فتنة مذهبية، وتأجيج خلافات حادة، لمهاجمتها المذهب الصوفي، ونعت معتنقيه بـالرافضة، فيما أماط وكيل الوزارة النقاب عن نجاح تيار الأخوان المسلمين في إعادة بسط نفوذه في مواضع صنع القرار داخل الوزارة، مشيراً إلى إعلانهم انتهاء دور أصحاب الحزب الحاكم ومجيء دورهم.
فقد رفع (67) مشاركاً في دورة الوزارة بمحافظة إب شكوى موجهة إلى وزير الأوقاف القاضي حمود الهتار، ووكيله يحيى النجار، ومرفقة بصفحات من كتاب (عاشوراء ومقتل الحسين بين الرافضة والناصبة) لمؤلفه أحمد المعلم، لافتين الأنظار إلى أنها وزعت في الدورة، معربين عن استيائهم مما ورد فيها من تصوير لأهل التصوف، معتبرين ذلك تعدياً لإضافة أزمة، ومحملين الوزارة مسئوليتها.
نبا نيوز – التي تحتفظ بنسخ من الشكوى والتواقيع والمرفقات- اتصلت بالشيخ يحيى أحمد النجار، وكيل وزارة الأوقاف لقطاع الإرشاد، فأكد بدوره صحة الادعاء الوارد في الشكوى، وقال أنه تفاجأ عندما جاءته الرسالة، مبيناً أن حميد الصعيدي هو من كان يدير الدورة.
وحول رأيه بما ورد في الكتب، قال النجار لـنبا نيوز: أنهم يتكلمون عن نزعة تعصبية في هذا الكتاب وحقيقة عندما يُـقال ذلك الكلام في الصوفية فهم مبرءون منه لأن الصوفية أصحاب سُـنة، يدرسون علوم القرآن، ويحبون الصحابة الكرام، ولهم مكانة في السُنة وتشريعاتها.
وتابع: لقد استغربت أن يُـكتب هذا الكلام، والاستغراب الثاني أن يُوزع في دورة رسمية. أنا كنت أظن إن الكتاب وزع خارج القاعة فإذا بي أفاجأ بأن الكتاب وزع داخل القاعة، فمعنى ذلك أن هؤلاء يريدون أن يكسبوا الشرعية والرسمية والى غير ذلك.
وأكد: ما كتب في الرسالة فعلا صحيح، وأن الكتاب وزع، وما كان ينبغي أن يوزع لأنه ينم عن حقد وكراهية وأنا اعلم أن الاثنا عشرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجتمع مع الصوفية ولا يمكن للصوفية أن تكون رضيعة الاثنا عشرية كله كلام بهتان.
وحول فيما إذا سيتم فتح تحقيق بالموضوع، قال النجار: المفترض الذي يحقق بالموضوع هو معالي الأخ الوزير والقائمين على الدورة.
أما بشأن أسباب عدم حضوره الدورة، ومدى صحة ما يتردد من هيمنة عناصر متشددة من الأخوان المسلمين، قال: أنا لم احضر الدورة ولن احضرها لأنني رأيتهم يجمعوا من هؤلاء الناس الذي عنيتهم فطلبت من الأخ الوزير أن يعفيني منها.
ونفى يحيى النجار وجود خلاف بينه وبين الوزير، قائلاً: لم يكن بيني وبين الأخ الوزير أي خلاف، ولم يكن بيننا تركة ولا مواريث، وإنما يحكمنا عمل وقوانين وأنظمة.. إنما الوزير من حقه أن يسند العمل إلى هذا أو ذاك؛ فهو اسند العمل إلى الأخوين حمود الصعيدي وحسن الشيخ الوكيل المساعد، أما الخلاف لا يوجد.
وفي رده على سؤال نبأ نيوز حول مدى صحة توغل العناصر المتشددة من الإخوان المسلمين وهيمنتهم على قراراتها، رد النجار قائلاً: هم شرارة تحت رماد داخل الوزارة، ورأيناهم في الآونة الأخيرة انتعشوا وخرج منهم الأحياء والأموات..!
وقال: إنهم يحاولوا أن يلتموا على الأخ الوزير وعدم إعطائه فرصة. وهم محلقين عليه كأنهم يشعروه بأنهم القوة داخل الوزارة وإنهم أصحاب الرأي والقدرة على تسيير الأعمال.. هكذا شعرنا.
وكشف وكيل الوزارة: أنهم في بعض الحالات يرددون كلام، فتنزل علينا توجيهات وأوامر.. ويقولوا لنا بالحرف الواحد: انتهى دوركم يا هؤلاء يا أصحاب الحزب الحاكم وجاء دورنا بعد انقطاع.. وعادت المياه إلى مجاريها.. ومن هذا الكلام، ف قلت لهم أننا نشتغل شغل رسمي لا لمذهب معين ولا لحزب.
نبا نيوز سالت الشيخ النجار عما إذا كان نفوذ الأخوان المسلمين سيؤثر على توجهات القيادة السياسية واليمن بشكل عام في ضوء الفتن المشتعلة بالمنطقة، فرد قائلاً: الظاهرة التي ظهرت في إب حقيقة ما كنا نريد أن تحصل، ولا كنا نريد أن تفتح جبهات، لأنه فينا ما فينا، ونعالج أمورنا ونواجه الأفكار الهدامة لا سيما التي تدور الآن في منطقة عزيزة علينا في بعض مديريات محافظة صعدة، بفكر دخيل على اليمن، وعلى المذاهب الفكرية الموجودة فلا نريد أن تفتح جبهات أخرى.
وحمل النجار مسئولية ما جرىعلى من وزع مثل هذا الكتاب، أو هذه الخطط، باعتبار أننا أعددنا خطط، أربعة كتب كلها خرجت تحت شعار (من اجل خطاب إرشادي يجسد الوسطية والاعتدال ويرسخ قيم التسامح الديني) .. ولا يختلف عليها اثنان.. الحقيقة ساءنا ما حصل ولا عذر لمن يدعي انه لا يعبر عن رأي الوزارة. أنا أقول انه يعبر عن رأي القائمين على هذه الدورة، باعتبار انه كان يجب على القائمين عليها إدارتها إدارة صحيحة والذي جاءت من اجله الدورة.
ونوه إلى أن قضية كتب المؤسسة الفلانية والجمعية الفلانية غلط.. هذه الدورة تقيمها الدولة وبملايين الريالات التي تنفقها على الخطباء والمشرفين وإقامة وبدل سفر.
وحول فطكرة الدورات ، أوضح النجار:قبل تسع سنوات جئنا والأمور محتدمة وعلى أشدها، وتولت الوزارة من حزب ما، وكانوا يسيّسون المنابر بينما رسالة المسجد وفق منهجية تنظيمية الكل يعرفها.. فبدأنا نوقف الصراعات الموجودة التي سببها النعرة الطائفية أو التعصب الحزبي، فبدأنا خطوة خطوة.. وكان هدفنا إقامة دورات وورش عمل ولقاءات وندوات بحيث نصل إلى قاسم مشترك وترك التعصبات المذهبية والسياسية وان منابر المساجد ورسالة المسجد لا تحتمل القسمة على اثنين، وإنما البيوت بيوت الله فالله تعالى يقول: إنما المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا.
وتابع: من هذا المنطلق بدأنا نجمع أصحاب هذه المذاهب والتيارات، ونقرّب وجهات النظر، ونترك الأمور الخلافية جانبا باعتبار أن هناك تآمر كبير على الوطن من داخله ومن خارجه، وان هناك إثارة للنعرات والمشاكل في مساجد الله- سواء بالدعوة أو بالفكر- فطلبنا أن الكل يواجه المذاهب الوافدة التي لا يعرفها الشعب اليمني على مر التاريخ.. فكان يلتقي الصوفي بالسلفي بالاخواني، بغيرهم ويخرجوا متحابين.. رسالة المسجد رسالة سامية وانه لا يجوز أن يأتي خلل من هنا أو هناك وانه من يعادي الإسلام سواء من نفس الإسلام أو غيره نكون عليه أعوان …
وختم يحيى النجار حديثه لـنبأ نيوز بالتأكيد على أن الهدف الأسمى والاهم لهذه الدورات هو أنها تجمع ولا تفرق وان تجمع الناس على كلمة سواء وقواسم مشتركة ونبذ الخلافات والتعصب ثم يلتقي من أصحاب كل المذاهب البقية فيتعارفوا ويتحابوا أسوة بما كان يتم في الدورات السابقة.
هذا – وبحسب النسخ المرفقة للشكوى من الكتاب المذكور- فأنه قد أورد في الصفحة (27) قوله: (الصوفية التي في بلادنا هي ربيبة الرافضة ورضيعة لبانها)، وكذلك ((أن الصوفية والشيعة يسيرون بخد واحد. فإذا كانت الغلبة للتشيع تظاهر أو مشى وراءهم الصوفية، وإذا كانت الغلبة لأهل السنة رجع الصوفية مع أهل السنة! وهناك أسر أصولها شيعية ولا زالت عبر التاريخ يخرج من صفوفها من يحن إلى تلك الأصول،بل ويعلن رجوعه إليها، ويشارك الرافضة في السب واللعن لرموز من أهل السنة، بل والصحابة، فهؤلاء جميعا مهيئون لقبول الدعوة الرافضية))….. الخ.
هذا وكانت نبا نيوز كشفت أمس عن قلق قيادات في الحزب الحاكم- المؤتمر الشعبي العام- من استعانة القاضي حمود الهتار- وزير الأوقاف- بشخصيات قيادية في تنظيم الأخوان المسلمين، والأخذ ببرنامج عملهم ضمن توجهات الوزارة للمرحلة القادمة.
وقالت المصادر: أن هناك توجه للوزير، بل توجيهات نحو الأخذ ببرنامج (الأخوان) الذي يحمل في طياته مشروع مؤامرات تستهدف تحويل الوزارة ومكاتبها وأنشطتها إلى ثكنة تنظيمية على غرار ما كانت عليه أبان فترة الائتلاف، منوهة إلى أن القاضي الهتار أوكل مهام حساسة لـ(هيئة اعمار المساجد) التي يسيطر عليها الأخوان المسلمين، وكذلك لـ(جمعية المرأة) التي تقودها إحدى القياديات البارزات في تنظيم الأخوان المسلمين باليمن.
وأوضحت: أن هناك توجيهات تهدف إلى إجراء تعيينات لبعض الشخصيات، وإشراك بعض الجمعيات التابعة للإخوان للقيام بإدارة جزء من صميم أنشطة الوزارة.
ووصفت المصادر الإجراءات التي يعتزم الوزير الهتار تنفيذها بأنها نوع من التخريب الذي سيطال الوزارة ، وينعكس سلباً على مجمل أنشطتها وفعالياتها.
عن صحيفة ( نبا نيوز ) الأليكترونية ــ اليمن