اعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ان مشروع «وعد» الذي اعلن عنه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله لاعادة اعمار الضاحية الجنوبية لبيروت التي تهدمت بفعل العدوان الاسرائيلي على لبنان الصيف الماضي ستتم بأموال تلقتها الدولة اللبنانية وبدأت بدفعها للمواطنين المتضررين عبر الهيئة العليا للاغاثة. وقال: «انها ليست أموالهم الطاهرة، لكنها اموال طاهرة من الدول الشقيقة والصديقة التي تساعدنا». وأضاف: «هم يأخذون الاموال التي سبق ان قبضها الناس لاعادة الاعمار. ما رفضوا ان نقوم به كدولة، يقومون هم به». كلام السنيورة جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في السرايا الحكومية امس، وعرض خلاله عمل الحكومة خلال 250 يوما لاستعادة النهوض واعادة الاعمار. وتطرق، خطوة بخطوة، الى الانجازات التي تمت منذ انطلاق ورشة العمل لازالة آثار العدوان. وافاد ان ظروفا غير طبيعية رافقت العمل في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة مخالفات بسبب الحالة السائدة فيها منذ 30 عاما، وبالتالي عدم توفر بيانات ووثائق تسهل دفع المستحقات لاصحاب الحقوق.
وفي حين اوضح ان كل اموال المساعدات التي وردت وترد لاعادة الاعمار يتم ايداعها في حسابات خاصة في المصرف المركزي، قال ردا على سؤال عن مدى معرفة الحكومة بقيمة المساعدات الايرانية: «زارني السفير الايراني لدى لبنان (محمد رضا شيباني). وتمنيت عليه، كما على كل الدول المانحة، ان تكون العلاقة بين دولتين او ان تكون المساعدة للدولة اللبنانية او عبرها حتى تتوافر الشفافية، وان تودع اموال المساعدات في مصرف لبنان وبتوقيع المتبرع. ولم يكن هناك تجاوب». واضاف ان الاموال التي تأتي من ايران لا تمر بالقنوات القانونية. وشدد على «ان الاموال لن تدفع الا الى اصحاب العلاقة وليس الى وكلاء يكونون قد حصلوا على وكالاتهم بالارغام. ويمكن لكل صاحب حق ان يتصرف كما يشاء، سواء بالتعاون مع شركات اعمار او مع شركائه في الوحدة السكنية التي تهدمت». واوضح ان الصعاب التي رافقت عملية مسح الاضرار في الضاحية الجنوبية وتضارب المعلومات لم تحل من دون التقدم في عملية اعادة الاعمار بحيث يتم تسديد الجزء الاكبر من التعويضات في أشهر قليلة.
وردا على سؤال عن كيفية مراقبة الدولة عملية اعادة الاعمار في الضاحية الجنوبية، قال: «حتما كل عملية بناء تستوجب الحصول على موافقة من مؤسسات الدولة. ومن يتولى الاعمار يجب ان يبرهن التزامه بقوانين الدولة عبر حصوله على التراخيص اللازمة». واشار السنيورة الى ان ما انجز حتى اليوم وبموجب تقارير عالمية يفوق بكثير ما يمكن لأية دولة بامكانات اكبر ان تنجزه. وكرر دعوته المعارضة الى الحوار والتفاهم للخروج بالبلاد من الازمات الراهنة، وقال: «ان المعالجة لا تكون من خلال الامساك برقبة وسط بيروت وتاليا الضغط».
كما طالب باخراج المحكمة ذات الطابع الدولي من التجاذب السياسي، قائلا: «يجب ان نتفق على حكومة وحدة وطنية. وهذه ليست سابقة في لبنان ولا حتى في العالم الديمقراطي». وتوقف عند محاولات «حزب الله» انكار موافقة وزراء المعارضة (المستقيلين حاليا) على النقاط السبع التي بني القرار 1701 على اساسها، مشيرا الى «ان دليل موافقة وزراء الحزب وحركة امل ورئيس مجلس النواب نبيه بري والسيد حسن نصرالله وارد بالصوت والصورة في حينه. وبالتالي لا يحتاج تأكيد الموافقة الى شهادة. شهادة هذا الامر منه وفيه». وحذر من «الانقلاب المستمر على الاتفاقات السابقة، ومنها ما تم التوافق عليه على طاولة الحوار» مطالبا بالبناء على هذه الاتفاقات وليس بنسفها للعودة الى نقطة الصفر.
وافاد السنيورة ان الحكومة اللبنانية تلقت مساعدات بقيمة 707 ملايين دولار، منها 570 مليونا من المملكة العربية السعودية التي كانت اول دولة تفي بتعهداتها للبنان، والكويت 315 مليونا وقطر 300 مليون، في حين تولت دولة الامارات العربية العمل بشكل مباشر لجهة اصلاح المدارس والمستشفيات ونزع الالغام ودعم تجهيز الجيش اللبناني وما الى ذلك. وقال السنيورة «السعودية التي كانت سباقة للمساعدة وفت بكل التزاماتها المالية ودفعت هبات بقيمة 570 مليون دولار فضلا عن وديعة (مليار دولار) وضعتها في مصرف لبنان المركزي للمساعدة في المحافظة على الاستقرار النقدي».
وشكر السنيورة السعودية كما الدول العربية الاخرى التي تعهدت دفع هبات نقدية او تبنت مشاريع اعادة اعمار وحدات سكنية او مدارس او مستشفيات وابرزها الكويت وقطر والامارات. ولفت الى ان الحكومة استعانت بمجلس الجنوب بصفته مؤسسة من مؤسسات الدولة. واعلن عن ان المبالغ التي تسلمها المجلس ليسلمها بدوره الى المواطنين المتضررين في الجنوب اللبناني بلغت ما يقارب 170 مليون دولار من اصل ما يقارب 260 مليونا تشكل كامل المبلغ المتوجب للقرى والبلدات المتضررة في الجنوب.
«الشرق الأوسط»