وردتنا الرسالة التالية التي حرّرها أول أمير لحركة “الجهاد” المصرية (الظواهري كان الثاني). وأهمية الرسالة هي أن صاحبها هو المنظّر الأساسي لجماعة “الجهاد” ولجماعات جهادية كثيرة في العالم. ولا يضاهيه سوى قلّة في مكانته كـ”فقيه” سلفي. وهو يستبق ما يمكن أن يردّ به البعض، فيقول أنه ” يجوز الرفض المسبق لما ورد في هذه الوثيقة بحجة أنها كتبت في السجن، أو بدعوى أنه (لا ولاية للأسير)، فأنا لم أدع الولاية على أحد ولا ألزم أحداً برأيي باسم طاعة القيادة.”.
وحسب معلومات خاصة بـ”الشفّاف”، فالمهندس محمد الظواهري، الذي كان أحد أركان جماعة أيمن الظواهري، ثم سلّمته دولة الإمارات لمصر، ليس بعيداً عن التوجّه الذي يعبّر عنه الدكتور فضل، أي عن الدعوة إلى وقف أعمال العنف، ولكنه يجد حرجاً في إعلان نفس الموقف حتى لا يبدو كمن يطعن في شقيقه. ويبدو أنه يبحث عن صيغة مناسبة لإعلان موقف مماثل يدعو إلى وقف أعمال العنف.
والمهندس”محمد الظواهري” هو نفس “المهندس” أو “سمير”، أي مسؤول لجنة العمل الخاص في الجهاد، أي العمليات الإرهابية. وهو واحد من أصل 9 حكموا بالإعدام في قضية “العائدين من ألبانيا”.. وتمّ تسليمه من دولة الإمارات في شهر فبراير 2000، حيث كان يعيش متخفّياً. وتفيد معلومات بأن شقيقه أيمن نصحه مراراً بأن وجوده في الإمارات يمثل خطراً عليه، لأن هذه الدولة سبق أن سلّمت إسلاميين “مهمّين” إلى مصر. وبالفعل، فقد اعتقله الإماراتيون، واكتشفوا هوّيته الحقيقية، بعد اعتقال عنصرين من “الجهاد”، واحد في الكويت والآخر في الإمارات، كانا على علم بمكان وجوده. ونجح المصريون والأميركيون في إخفاء الموضوع لمدة طويلة. وسرت شائعات بأنه أعدم في السجن تبيّن لاحقاً أنها غير صحيحة. وكان “محمد الظواهري” كان قد أخبر زوجته مسبقاً أن تعود إلى مصر “إذا حصل له شيء”. وقد عادت زوجته مع أولادها. وهي من عائلة “عزّام”، وهي عائلة كبيرة ومحافظة كان من أبنائها أول أمين عام للجامعة العربية [عم جدّ “أيمن الظواهري”].
وبذلك، فإن القيادي الأصولي الوحيد الذي لم يُعرَف مصيره حتى الآن هو المهندس طلعت فؤاد قاسم الذي خُطِفَ في البلقان ولم يُعرَف أي شيء عنه حتى الآن. ويصرّ الأصوليون المصريون على أن الأميركيين (أو دولة بلقانية) سلّموه إلى مصر، التي تنفي ذلك. ——– الشفّاف
*
المهندس محمد الظواهري يؤيّد ويتحرّج في الإعلان
من «الدكتور فضل»، وهو السيد إمام بن عبد العزيز الشريف المعروف بعبد القادر بن عبد العزيز:
“القتل على الجنسية والقتل على المذهب، وقتل من لا يجوز قتله من
المسلمين ومن غير المسلمين، واستحلال أموال المعصومين، هذا كله من العدوان”
أدعو كل الحركات الجهادية والإسلامية في العالم أجمع إلى ترشيد عملياتها الجهادية وفق الضوابط الشرعية، خصوصاً بعد ظهور صور مستحدثة من القتل والقتال باسم الجهاد، انطوت على مخالفات شرعية في كثير من البلدان، كالقتل على الجنسية وبسبب لون البشرة أو الشعر والقتل على المذهب، وقتل من لا يجوز قتله من المسلمين ومن غير المسلمين، والإسراف في الاحتجاج بمسألة التترس لتوسيع دائرة القتل، واستحلال أموال المعصومين وتخريب الممتلكات، وهذا كله من العدوان الذي نهى الله عنه حتى في حال الجهاد بقوله تعالى: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين» (البقرة 190)، فلا يحل لنا العدوان، حتى وان كان أعداء الإسلام يفعلون كما وصفهم الله تعالى بقوله «لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، وأولئك هم المعتدون» (التوبة).
وهذا لا ينفي كون الجهاد في سبيل الله فريضة ماضية في أمة المسلمين منذ أن شرعه الله تعالى وإلى أن يقاتل آخرهم الدجال مع السيد المسيح عليه السلام في آخر الزمان، كما أخبرنا بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصف الجهاد بأنه «ذروة سنام الإسلام»، إذ به يحفظ الله على المسلمين دينهم ودنياهم وفيه عزتهم وكرامتهم في الدينا والآخرة.
كان لوقوع صدامات كثيرة في بلاد المسلمين وبلاد غير المسلمين، اعتماداً على كتاباتي في فقه الجهاد (العمدة في اعداد العدة – الجامع في طلب العلم الشريف)، على رغم أنها تخلو من التحريض على شيء، دافعاً لأن نكتب مذكرة توضيحية حول هذه الأمور، وسميناها «وثيقة ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم». ولقد استحسنت غالبية الفصائل الجهادية في مصر هذه الوثيقة، وتبنتها أساساً للتوجه السلمي لوقف الصدام مع الحكومة، حقناً للدماء وتوقيفاً لمصالح شرعية معتبرة، ولقد وقع عليها مئات منهم حتى الآن.
وهذه الوثيقة ليست لجماعة بعينها، ولم تتناول أحداً بعينه بالنقد، وانما هي مجموعة من المسائل الفقهية تعني كل مسلم، خصوصاً الجماعات الجهادية، لاجتناب المخالفات الشرعية في الجهاد. ولم نذكر فيها قولاً إلا بحكمه الشرعي الذي لا يسع المسلم إلا الامتثال له بالسمع والطاعة كما قال الله عز وجل «انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون» (النور 51)، وقال تعالى: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً» (الأحزاب 36). هذا مع تقديرنا وإقرارنا بأن الاخوة المجاهدين في كل مكان هم في الجملة أصحاب قضية نبيلة ورسالة سامية، وليس صحيحاً أنهم طلاب منافع دنيوية، بل أن كثيرين منهم يضحون بالنفس والنفيس من أجل إعزاز الإسلام والمسلمين. إلا أنهم وقعوا في بعض الأخطاء الشرعية.
لا يجوز الرفض المسبق لما ورد في هذه الوثيقة بحجة أنها كتبت في السجن، أو بدعوى أنه (لا ولاية للأسير)، فأنا لم أدع الولاية على أحد ولا ألزم أحداً برأيي باسم طاعة القيادة، فهذا شيء لا وجود له، ولا أدعي أهلية الفتوى ولا الاجتهاد، وإنما أنا مجرد ناقل علم. وهناك طاعة أولى وأعظم من طاعة القيادات، ألا وهي طاعة الله فهو يقول «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلا» (النساء 59). وما يجب بالشرع مقدم على ما يجب بالعقد. ونحن لم نذكر قولاً إلا بدليله الشرعي، وليست العبرة بمكان الكتابة من سجن أو غيره، وإنما العبرة بدليل الكتابة. ولقد وعظ نبي الله يوسف عليه السلام وهو في السجن كما في قوله تعالى: «يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار» (يوسف 39)، كما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً من كتاباته وهو مسجون في قلعة دمشق، ومن قبله كتب شمس الأئمة السرخسي كتابه «المبسوط» في فقه الأحناف وهو مسجون في أوزجند، رحمهم الله، فهل كان سجنهم مدعاة لرفض قولهم؟ لا يقول مسلم ذلك، والعبرة بدليل الكتابة لا بمكانها. وأي شيء في كتاباتي يخالف الدليل الشرعي الصحيح السالم من المعارضة، فأنا راجع عنه وأقول بما دل عليه الدليل. ولا يجوز أن ينسب أحد إليّ قولاً إلا ما ذكرته في هذه الوثيقة، كما لا يجوز أن يحكم عليها أحد حتى يطلع عليها لقوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علمٌ» (الاسراء 36)، ولا يجوز الانسياق وراء الشائعات لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات 6).
(كما وردتنا من المرصد الإسلامي)