تشي لوحة الوضع اللبناني بسوداوية راجحة. ارجحية تتزايد مع الخطاب الاخير للامين العام لحزب الله وما تبعه من تصريحات “توضيحية” لمسؤوليه الاخرين. ارجحية لا تستمد من الكلام وحده. اذ كمعظم خطاباته يخضع الخطاب الاخير لتفسيرات متفاوتة بين اعتباره موجها لاقناع جمهور حزب الله بكون عدم النجاح في فرض مطالب تحركه هو فشل مؤقت وبكون التطورات الاقليمية حاملة لبشائر واعدة وبين تفسير يراه خطاب قطع جسور مع الطرف الاخر في الانقسام الاهلي والخيارات المؤسسة. الاكثر اهمية ربما في تعيين مغزى الخطاب هو جذرية التحرك الميداني المدعو الى البقاء سنتين في ساحات الاعتصام الواهن بما يسمى في لغة القانون ربط نزاع. وهو اعتصام يستهدف اضعاف الحكم غير القادر علىمواجهته بالقانون لانه يستظل الانقسام الاهلي ويضمر سلاحا خرج من وعلى السلطة. كل ذلك زاد التساؤل عما اذا لم يكن التحضير لتحويل الانقسام الاهلي البارد “الحرب الاهلية بالقوة” الى انقسام دموي “الحرب الاهلية بالفعل” قد دخل مرحلة اللاعودة. وهو التساؤل الذي اذا اردناه اكثر تصريحا سيعني امكان وصف ما يجري منذ اشهر بكونه مرحلة مقدمات الانتقال من البارد الى الدموي. ولا يلغي مشروعية طرحه اعلان حزب الله – كطرف قائد للمعارضة ومهيمن فيها وعليها – عدم القبول بالحرب الاهلية كطريق الى تحقيق المطالب السياسية. ولا بالطبع اعلان سائر القوى رفضها لهكذا حرب. اذ من جهة لا يكفي ما يقول طرف ما عن نفسه كي نصدقه ومن جهة اخرى لان العنفين الرمزي والموضعي اللذان جرىاستخدامهما في افعال المعارضة اصلا وردود الفعل عليهما تاليا يرتكزان الى التجييش والتسلح الاستراتيجيين للطرف الاول والى بدء تسلح موصوف انه وقائي من الجهة الاخرى. واول ما يعنيه ذلك هو الدخول في دينامية ذات ابعاد تفجيرية جدية. ولعل تصريح نائب الامين العام لحزب الله انه لولا الخطوط الحمر التي التزمها لكان باستطاعة حزبه تغيير الاوضاع يؤكد على ناحيتين متصلتين: القوة العسكرية العملانية للحزب وحضور وزن سلاحه في باطن خطابه السياسي وادراك اللبنانيين والقوى السياسية المختلفة لذلك.
ويمكن لتظهير المعادلات المتضمنة في الخطاب بالعلاقة مع الوقائع الجارية ان يقدم عناصر لصياغة توصيف اكثر دقة.
1- المعادلة الاولى. الدولة الحالية مرفوضة بما هي وبسياقها وبسيرورتها. الاستنتاج البديهي ان يكون لحزب الله سعي اما لوضعية من الفراغ والفوضى السياسية والمؤسسية والدستورية وما صار يسمى اللادولة. او لدولة اخرى – وهذا هو الارجح – ولو كانت هذه الدولة هي بلغة الخطاب دولة تستعيد وتعمق سمات تلك التي كانت متحققة ايام وصاية النظام السوري والتي كان ديدنها وفق حزب الله احتضان المقاومة والانخراط في ما ينسب الى الممانعة من سياسات ايرانية- سورية. علما ان الاحتمالين لا يتصادمان جذريا وبامكان واحدهما ان يفتح الباب للاخر. فالوضعية الاولى تتيح للحزب وفق كثرة من المحللين استمراره بالانفراد في السيطرة على معقله. بينما تتيح الفرضية الثانية الهيمنة على السلطة وتوجيه الحكم دون خسارة السيطرة على المعقل وانحلاله في المجموع اللبناني. كما ان الاحتمالين لا يقطعان مع اختزان الموقف من الدولة موقفا من الكيان السياسي اللبناني نفسه المعتبر امرا واقعا يجوز تغييره بوصفه منتجا استعماريا وفق الفكر القومي ومنتجا لا مرجعية مقبولة له في الفكر الاسلامي. اما ما طرح ويطرح من مطالبة بتعديلات في صياغة الحكومة على مستويي وزن المعارضة وكيفية اتخاذ القرارات – كما لو ان السلطة هي المقصودة وليس الدولة كبنى وكيان سياسي- فيصعب التعامل معه كدعوة الى تسوية تاريخية بقدر ما يمكن النظر اليه كتكتيك مرحلي يفترض منطقيا ان يصب في مشروع الدولة المنصرمة المتجددة وليس في الدولة الحالية الانتقالية التي يكاد الامين العام يعلن نهايتها ليس بالنظر الى حكومتها الحالية وحسب بل بالنظر الى ما اسماه الصراع على هوية وانتماء وماهية وحقيقة لبنان. وسيكون ما ينتهي فعليا مع تعطيل الدولة الانتقالية هو الصيغة واتفاق الطائف وقواعد الحكم والعلائق الاقليمية. ولعلنا نعثر على المغزى عندما يقول الامين العام )وانا اقول لكم حتى يتغير وجه المنطقة بل حتى وجه العالم لن تنتظروا خمسين سنة(.
2- المعادلة الثانية. الدولة الحالية المرفوض استكمالها وتجديدها هي دولة لا تتمتع وفق حزب الله بادعاء اية صلة بالسيادة والاستقلال. من جهة لتبعية اهلها )حكومتها ومؤسساتها والمفاهيم الموجهة لسياساتها( للنظام العالمي الجديد الذي هو في جوهره تظهير لسيطرة المركزية الامبريالية الاميركية والمتعارض مع مفهوم اعادة بناء الامة الاسلامية بقيادة اصحاب الحق بالولاية كما تحددهم ادبيات الثورة الخمينية. ومن جهة ثانية لكون السيادة المطلوبة لبلد كلبنان تحاكم وفق نفس المنطق من مرجعية لا تعرف ولا تقر المفهوم المعاصر لسيادة الدولة- الامة ايا كانت تنويعاتها وايا كانت سقوفها النسبية بالمعنيين النظري والعملي. وكان الامين العام لحزب الله شديد التعبير عندما تطرق الى موضوعة الدولة مؤكدا اعتزام الحزب ابقاء اطر تنظيمه لمعقله بحجة مساعدة الناس وفق المفهوم الاسلامي- الانساني وبصرف النظر عما اذا كانت هنالك دولة تهتم بهم ام لا.
3- المعادلة الثالثة. لحزب الله حق “دستوري” باسم”ميثاق العيش المشترك “ومادي “موضوعي” باسم موازين ونسبة القوى – بنى وشبكات الحزب الاهلية والاقتصادية والامنية والعسكرية وحصره تمثيل فريق اهلي- يمتد من النقض )تعطيل سياسات ومؤسسات الدولة المرفوضة( الى اعادة صياغة دولة مناسبة لهيمنته وسياساته و”دولته” التي اقر الامين العام بوجودها بذريعة غياب الدولة المقبولة. ولاثبات هذا السياق جرى التلويح تباعا بالقدرة على منع انتخابات الرئاسة – اذا لم يتم التفاهم المسبق مع الحزب – وعلى منع المحكمة) التي لم يسمح باقرارها في المجلس النيابي ويقول ان اقرارها بموجب الفصل السابع يعني حربا اهلية( وعلى استمرار احتلال الساحات ولو بخيم فارغة- اذ لها هيبتها رغم خلوها المديد من الحشد الجماهيري بما ترمز اليه من قوة الحزب وامكانياته- وعلى تكرار الايحاء الذي يكاد يصير صراخا بقدرة الحزب على اختراق الخطوط الحمر. وهذا ما يعنيه القول بوجود فائض قوة لدى الحزب.
4- المعادلة الرابعة. لا يمكن لحزب الله القبول بكل ما يؤدي الى اضعاف مواقع اعوانه محليا وحلفائه ومورديه الاقليميين ايا كانت سياساتهم وكانت نتائجها وكبائرها. وهذا هو مغزى موقفه الفعلي من المحكمة ذات الطابع الدولي ايا كانت المسارات اللفظية المتعرجة لهذا الموقف. فهو لا يقبل ان تضعف المحكمة النظام السوري المتهم الرئيسي بالوقوف وراء الاغتيالات وان كان لا يستطيع ان يصل مثله الى حد الرفض المبدئي المعلن لانشاء المحكمة لاسباب لها صلة بمحتوى وميزان ورموز العلاقات الطوائفية في لبنان. الا انه في المقابل ينسف كل الطرق المؤدية اليها واولها الطرق الدستورية. ويستخدم الحزب في ذلك كل ما في جعبته من تبريرات كالتشكك بالتداخل الدولي والتسييس والاحكام المسبقة رغم سعي الطرف الدولي الى تطمينه ورغم ان نظام المحكمة لم يقر الا بعد نقاشات ومفاوضات وتعديلات واسعة. ولعل اعلان امينه العام في خطابه الاخير رفض نظام المحكمة واستمرار توقيف الضباط الاربعة والاشادة بلحود في وقت واحد بليغ الدلالة على رفض اواليات التحقيق الدولي والمحكمة بصفتها اواليات مؤدية حتما الى اضعاف” جبهة” الحزب وموقعه وموقفه محليا واقليميا. فالمحكمة وحدها لن تفكك حزب الله وتنزع سلاحه كما انها لن تسقط النظام السوري او تمنعه نهائيا من التدخل العنفي والمخابراتي والسياسي في الشؤون اللبنانية الا ان نتائجها يمكن ان تؤثر في صياغة المواقف والعلاقات والموازين في لبنان ومعه. كما لو ان تجدد شعارات 14 اذار ارجحيتها الاخلاقية والشعبية في ظروف افضل من التي كانت قبل 26 نيسان 2005. او كما لو انها تؤدي الى احراج الذين لا زالوا يشيدون بصداقة النظام السوري ويتلقون الدعم منه او عبره حتى اليوم وفي مقدمهم حزب الله او اولئك الذين يتحالفون مع الحزب ومع رموز النظام السابق. او كما لو انها تؤدي الى زيادة الحرج الدولي والعربي في تعويم هذا النظام بدون تغيير سلوكه في لبنان. وحزب الله يعلم كغيره ان اهمية المحكمة ليست بالضرورة في احكامها التي قد تجيء بعد سنوات وانما بما تعيد كشفه وتسليط الضوء عليه من ادوار وسياسات وضعت تناقضات اللبنانيين وضعف مؤسساتهم في خدمة توطين الحروب والاستتباع والتسلط الدامي و”الناظم والعاقد لتفاهمات ملتبسة مع اسرائيل.الامر الذي يمكن ان يساعد في اعادة لبننة الوضع اللبناني وليس في زيادة تدويله بخلاف ما يسعى كثيرون الى اشاعته. وهذا ما يضمنه كشف الحصة الخارجية في الاغتيالات والتفجيرات وقرارات رؤوس الاجهزة السابقين الذين احب الامين العام لحزب الله في معرض هجومه الاخيرعلى التحقيقات والمحكمة ونظامها اعتبارهم ضحايا الاعتقال السياسي.
في اسباب اتجاه حزب الله الى الهيمنة على الدولة
حتى حرب تموز اثبت حزب الله انه يقدر بدقة العناصر المؤلفة لنسبة القوى في لحظة ما وامكانات تطويرها ضمن اهدافه. وهو في ذلك لا يستند الى عناصر القوة العسكرية وحدها. واذا كانت مغامرة تموز خرجت من خلال فداحة ووحشية الرد الاسرائيلي عن حساباته الاصلية فان تصويرها اللاحق بالنصر الالهي استنادا الى بسالة مقاتليه وتنظيمهم وتسلحهم كان محاولة لردها الى هذه الحسابات التي استهدفت اجراء تعديل في ميزان القوى يسمح للحزب باطلاق هجومه السياسي الرامي الى محو نتائج الخروج السوري وحركة 14 اذار وفترة الاهتزاز و”اللاتوازن” التي اعقبتهما.
من المرجح ان اثار خروج القوات السورية وحركة 14 اذار على حزب الله وسياساته لم تجر اضاءتها بصورة كافية. فما كان يصح قبل 26 نيسان 2005 لا يصح بعده لجهة كيفية صياغة اهداف الحزب. اذ قبل ذلك فقط كان ممكنا التفكير ان الهدف الاساسي لحزب الله هو ضمان الهيمنة المستمرة على معقله والقيام بعمليات تذكيرية ضد اسرائيل حافظة لدوره ولامكانيات تطويره اللاحق وزيادة وزنه تدريجيا في حياة سياسية ودولة سقفهما الانسجام مع ضرورات واهواءالسياسات السورية وتغيرات ميزان القوى في العلاقات السورية – الايرانية. وبهذا المعنى شكل الخروج السوري السريع واشتداد عزلة نظام دمشق بعد اغتيال الرئيس الحريري متغيرا جوهريا في ظروف عمل حزب الله. ولم تكن التحالفات التي اقامها بعد ذلك مباشرة وينتقد اليوم خيانة الاخرين لها سوى معالم مرحلة انتقالية لاستيعاب الصدمة والتقاط الانفاس وصياغة اهداف جديدة لمرحلة تاريخية مختلفة. من المؤكد ان للطرفين الاخرين في التحالف الرباعي حصتهما من مسؤولية الغموض غير البناء لهذه المرحلة والناجمة عن اعتقادهما بامكانية احتواء الحزب وايجاد صيغة طوائفية مستقرة تتضمن اقل قدر من التغيير والمخاطرة وتساعد في كبح دموية النظام السوري. وهذا الرهان ينسجم مع تاريخهما الخاص الا انه يتبدى اليوم كم كان عقيما. خاصة بما تركه من اثار سلبية على تماسك ومصداقية ودينامية حركة 14 اذار وعلى الهامش الديموقراطي واللاطائفي والوطني العابر للطوائف الذي تضمنته مهما كان محدودا. الامر الذي ساهم بين اسباب متعددة في تمكين حزب الله من اجتياز مرحلة الانكفاء المعقلي وتحضير عناصر السياسة الهجومية الجديدة. وبهذا المعنى فعملية اسر الجنديين الاسرائيلين رغم وعود بتمضية صيف هادىء واتاحة اصطياف كثيف لم تنجم عن مجرد استجابة لطلب خارجي اضطر الحزب الى النكوث بوعوده اللبنانية تلبية له. فهي اتت ضمن الطلب على عدم انقطاع الطقوسية الحزب اللهية وموقع العمل العسكري فيها كشكل مؤسس. وكانت ستتحول فيما لو نجحت في فرض تبادل مثير الى وقائع جديدة تجدد جوهر التفاهمات السابقة. بما يفرض على قوى الاكثرية التخلي عن المطالبة ببحث مصير سلاح الحزب والسير في المنحى الذي عينه لقضية الاستراتيجية الدفاعية للدولة. وبما كان سيغرق كل ما اتفق عليه المؤتمر الوطني للحوار في سياق تفسيرات الحزب لهذه المقررات واجتهاداته بخصوصها. كان لذلك ان يغدو اداة حاسمة لتغيير نسبة قوى ما بعد الخروج السوري بجانبيها المحلي والاقليمي.
الا ان مجريات الحرب ورسو تتماتها على القرار 1701 اضاف متغيرا جوهريا ثانيا على شروط عمل حزب الله.
وبصرف النظر عن كون قبول الحزب بالقرار قبيل ولدى صدوره عكس التباس الانتصار وخطابه، فان القرار اغلق مبدئيا جبهة تاريخية للحزب بالنص وبزيادة عديد وعتاد قوات اليونيفيل المجددة وانتشارها والجيش اللبناني في الجنوب وبفتحه امكانية خروج الاحتلال الاسرائيلي من مزارع شبعا قبل الترسيم عبر احلال قوات الامم المتحدة لمرحلة انتقالية.
هذا دون اغفال نقاط سياسية وعملية اخرى في القرار يعتبر الحزب انها ليست في مصلحته كمثل عطفه على قرارات اممية سابقة.
كان لا بد للتغييرين الجوهريين المتمثلين بالخروج السوري وصدور القرار 1701 وبداية تطبيقه من دفع الحزب الى تسريع التحولات في استراتيجيته واهدافه. اذ لم يعد ممكنا بدون الهيمنة على الدولة وارساء قواعد جديدة لتركيبها اعادة تشكيل السلطة على ما يقول الحزب واعادة وصل ما انقطع- كتلازم المسارين ونتائجه مثلا- واقامة “شبكة حماية للمقاومة” والتوسع المستمر في بناء فائض القوة البحتة والمضي في اسطرتها معا كضمان للمستقبل.
يستبعد سياسيون ومثقفون امكان اتجاه الحزب الى الهيمنة على الدولة لبناء اخرى “طاهرة “ومقاومة على اساس ان مشروعه يكتفي حاليا من الدولة بتعطيلها ليرغمها على نسيان موضوع سلاحه وعملياته ويمنعها من تغطية تنفيذ القرار 1559 ومن اكمال تطبيق القرار1701 بما يعيق المس بنفوذه او قدرته على التجهيز والتجييش والتعبئة والعمليات في حربه الطويلة. ويضيف بعضهم ان حزب الله لن يفكر بالهيمنة على الدولة لكون تاريخه اظهرا تغربا عن ثقافة الحكم وزهدا فيه مقابل تعلق اصلي بالمشروع الثوري الاسلامي. كما ان قسما من هؤلاء يظن ان معرفة الحزب بتعقيد وتركيب التركيبة اللبنانية يمنعه من التفكير في بناء دولة اخرى تكون له السيطرة فيها وعليها. كما ان هنالك تخوف الحزب من مجابهة شيعية-سنية دامية تتغذى بما يجري في العراق والمنطقة وتغذيه وتسيء الى قوة ايران الطامحة الى دور القوة الاقليمية الاعظم في شرق اوسط اسلامي جديد.
من المؤكد ان مجمل هذه العوامل مستبطنة بهذا المقدار او ذاك في سياسات حزب الله. وهي بذلك تغدو اسباب تلطيف تكتيكية واطالة زمنية وتكييف لادوات واليات اخضاع الدولة لكنها ليست قطعا اسبابا للتراجع خاصة وان عناصر قوته موضع اعادة نظر جدية نتيجة التغيرين الجوهريين المتمثلين بالخروج السوري والتواجد الاممي في الجنوب دون نسيان عناصر هامة مثل المحكمة واحتمال امتداد الرقابة على السلاح الى الحدود اللبنانية السورية. ومن المؤكد ايضا ان الحزب الذي انخرط في تحالفات داخلية كثيرة مذ نشوئه قادر على استلهام تجارب “جبهوية” كثيرة ومتنوعة بين “العلماني” والديني في المنطقة. وهي افضت جميعها الى اخضاع الدول ومسخ بنيانها الدستوري والسياسي والاداري وارساء الديكتاتوريات والعسكرة والمعالجات الامنية ايا كانت العقائد التي تقول انها تستوحيها. ومن المؤكد ايضا ان جبهات كهذه لم تتقدم يوما مكشوفة الوجه بما هي وبما ستكون وبما ستؤول اليه. فلن يقول حزب الله انه سينشىء دولته بالذات. سيستمر غالبا بالقول انه يريد المشاركة والاصلاح والمقاومة والممانعة. ولن يقول الان انه ضد اتفاق الطائف لكنه لن ينهي موقفه الملتبس منه. وسيستخدم جبهة قوى المعارضة الحالية كجسر عبور. اما المصائر اللاحقة لعناصر هذه الجبهة فستحددها القيمة الاستعمالية المتبقية لها اذا ما نجح الحزب في اخضاع الدولة. ويمكن لهذه القوى ان تستلهم في التوقع مصير حركة امل في لبنان او الليبراليين في ايران او احزاب الجبهة الوطنية في سوريا. او…
nhilal@club-internet.fr