المتتبع للدعاية الانتخابية يلاحظ أن المرشحين يخاطبون الناخبين بلهجة أمرة وناهية: (انتخبوا مرشحكم، المستقل .. انتخبوا أبو فلان)، وللتحايل على قانون الانتخاب الذي حدد سقف الإنفاق المالي للمرشح بثلاثة ملايين ليرة سورية، لجأ بعض المرشحين إلى تعليق لافتات كتب عليها عبارة ” انتخبوا مرشحنا .. تقدمة أصدقاء المرشح” أو “تقدمة أهل الحي” أو تقدمة محلات فلان ” أو تقدمة رفاق المرشح. ولا ندري كيف ستكون المضافات وخيم المرشحين ؟ هل سنرى مثلاً “مضافة أصدقاء المرشح” أو ” مضافة أهل الحي” حيث يبدو ظاهرياً أنه لا علاقة للمرشح بهذه المضافة سوى أن أصدقاؤه أو سكان الحي الذين بادروا من تلقاء ذاتهم إلى إقامة المضافة من مالهم الخاص لمساعدة صديقهم المرشح أو أبن حييهم في تغطية حملته الانتخابية، بينما الحقيقة والواقع أن نفقات هذه المضافة تأتي تحت الطاولة من المرشح نفسه. فهل سيلحظ القائمون على مراقبة ما ينفقه المرشحون على حملتهم الانتخابية هذا الأمر ويدخلونه ضمن نفقات المرشح ؟ حتى الآن لاندري من هي الجهة المستقلة والمحايدة التي تم تكليفها بمراقبة الحملات الدعائية للمرشحين؟ وكيف ستتعامل مع مثل تلك الحالات ؟ والأهم قدرة هذه الجهة على اتخاذ القرار ووضعه موضع التنفيذ..!
وبدل أن يعرض كل مرشح برنامجه الانتخابي يدعو من خلاله الناخبين لانتخابه على أساس تعهده بتنفيذ مضمونه برنامجه في حال وصوله إلى مجلس الشعب، اكتفى مرشحوا اليوم كما فعل مرشحوا الأمس بتعليق صورهم الملونة ولافتاتهم المزينة بكلمات قليلة مختصرة، رؤوا فيها بديلاً ناجحاً عن البيانات والبرامج التي توجع القلب، طالما أن مهمتهم الوحيدة عندما يجلسون على مقاعد المجلس هو “التصديق فقط على قرارات الحكومة”.
وهكذا وبدون أي تفويض مسبق من الناخبين أخذ بعض المرشحين يأمر الشباب بالتصويت له مدعياً أنه “صوت الشباب”، وبعضهم الأخر يحرض الرياضيين ويأمرهم على تأييده كونه الوحيد الذي يمثل “صوت الرياضيين” ، وآخر يدعي أنه “صوت الصناعيين، وأما المربين فجاء من يدعي صوتهم “المربي الفاضل”، وحتى الحرفيين ظهر من يدعي أنه “صوتهم الحقيقي”، والمحامين أيضاً كان لهم من يدعي انه صوت “الحق والعروبة” وحتى الأحرار ظهر من يدعي تمثيلهم من خلال “أنه الصوت الحر” أما الكهول وكبار السن والنساء أيضاً، فلم يظهر أي مرشح حتى الآن يدعي تمثيلهم.. ويبقى صوت الوطن الغائب الأكبر في هذه الانتخابات..
لذلك في ظل غياب منظومة قانونية متطورة تكرس مبدأ المواطنة الذي يعني المشاركة الواعية والفاعلة لكل شخص بصرف النظر عن الدين واللون والجنس والسياسة ودون وصاية من أي نوع في بناء الإطار الاجتماعي والسياسي والثقافي للدولة. ستبقى فرصة الوصول إلى البرلمان متاحة فقط أمام من يحظون بدعم الأجهزة الحكومية وأصحاب الملايين وذوي النفوذ لتبيض أموالهم التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة.
ولهذا السبب لن أدخل في هذا المزاد، ولن أعرض هويتي في هذا الكرنفال، ولن أستمع إلى أكاذيبهم وخطبهم الفارغة من أي مضمون، ولن أصفق لأحد، بل سأبقى واقفاً أراقب من بعيد هذا الكرنفال الانتخابي، وستبقى بطاقتي الانتخابية تأبى إلا أن تكون بيضاء نظيفة وخالية من الأختام. وبناء على ذلك لن أنصاع إلى أمر المرشحين الدائم ” انتخبوا “..!
vik9op@gmail.com