أصحاب الفخامة والجلالة:
بصفتي مواطناً عربياً بسيطاً لم أجد خيراً من العروبة نسباً ومن الحق سراطاً. لذلك ـ آليت على نفسي أن أحييكم تحية الحق والعروبة. آملا أن لا تثير هذه التحية غضبكم.
بعد ترددٍ وحوار طويل مع الذات واسترجاع أحداث الماضي منذ مؤتمر أنشاص وبلودان ـ والمؤتمرات التي عقدتموها عبر ستين عاماً ـ والقرارات التي لم ينفذ منها إلا ما عهدتم به إلى وزراء الداخلية.
وبعد سؤال النفس مرات ومرات عن موقع هموم المواطن العربي في سلم اهتمامكم ـ بدأت كتابة هذه الرسالة علّها أن لا تكون صيحة في واد.
يا أصحاب الفخامة والجلالة:
أزعم إنه لن يغيب عن مؤتمركم القادم إن ملايين المواطنين العرب يعانون الفقر والجوع والحرمان ـ بينما يضم هذا الوطن الذي تحكمون أقطاره خمس كبار أثرياء العالم. وأن ثروات هؤلاء تغادر حدود الوطن إلى المصارف والبنوك الأجنبية بدون أن تعود.
وأظن أنكم تعلمون أن آلاف العلماء العرب النابهين يعيشون في المغترب أو المنفى ـ لا فرق ـ ويعملون في الجامعات ومراكز البحوث الغربية وتعجز أرضهم عن الاحتفاظ بهم وتوظيف طاقاتهم. في الوقت الذي تستقدمون الخبراء الأجانب الذين ربما يكون بعضهم من طلاب أساتذتنا وعلمائنا المهاجرين , وتفضلونهم على أبناء أمكم وأبيكم وتخصصون لهم الرواتب الخيالية. وتحيطونهم بالحفاوة البالغة التي يرضى أبناء الوطن بجزء منها ـ مع موفور الكرامة.
ومن جانبنا نحن المواطنين البسطاء نود أن نذكركم أن آلاف المواطنين العرب يقبعون في معتقلات الرأي الممتدة على أرجاء البلاد العربية ـ بدون أن يرتكبوا جرماً إلا إبداء رأي مخالف. وأن آلاف المفقودين جراء حملات الملاحقة والتعذيب لا يطلب أهلهم منكم إلا أن توعزوا للجهات المعنية لكي تكشف مصيرهم.
ولا نشك بأنكم تعلمون أن مطالب المواطن العربي متواضعة لا تتجاوز ثلاثة مطالب. هي الكرامة الوطنية بما تتضمنه من استرجاع الأراضي العربية المحتلة وحماية الأوطان. وحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان. وتأمين لقمة العيش.
ومع تواضع مطالبنا ـ نرى من حقنا ـ مناشدتكم أن تترفعوا عن الخلافات المذهبية والطائفية , وأن تكون عروبتكم فوق أي اعتبار ـ ومصلحة الوطن والمواطن فوق كل المصالح. وعلى هذا الأساس اسمحوا لنا أن نضع أمامكم المسائل التالية :
1- ما هي الصعوبات التي تمنع إنشاء صندوق نقد عربي توظف فيه الثروات العربية ـ ويعمل على تمويل مشاريع تنمية عربية ويضمن توظيف الإمكانيات المادية والبشرية الكبيرة في أوطاننا التي تواجه المشاكل المتماثلة منفردة. ألم يأت الوقت اللازم لكي نتعاون فيما بيننا في هذا الاتجاه ؟.
2- إلى أي مدى تستطيعون تحقيق الإرادة الواحدة وتوظفون الإمكانيات اللازمة لاسترجاع الأراضي العربية المحتلة ووضع حد للصلف والاستكبار الصهيوني ؟ ؟.
3- أليس من الواجب والممكن وضع حد للفتن والصدامات الداخلية ؟. ومن الواجب والممكن أن تبادروا إلى إجراء مصالحة بين سلطاتكم وشعوبكم ؟
مصالحة تقوم على نبذ القمع والعنف بقناعة. والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإلغاء حالات الطوارئ والأحكام العرفية ـ وكافة القوانين والمحاكم الاستثنائية ـ وإطلاق حرية الرأي والتعبير ـ وحق التجمع والتظاهر السلمي ـ وضمان الحق بالمعارضة السلمية خاصة وإن دروس التاريخ والمجتمعات المعاصرة تبين أن المعارضة هي الشريك الأكثر نزاهة في إدارة شؤون المجتمع والدولة.
4- وهل تضار الحكومات العربية إذا بادرت إلى تشكيل محكمة عربية لحقوق الإنسان ـ تضمن للمواطن العربي الذي تعرض للظلم والاعتداء على حقوقه ـ أن يطلب الانتصاف من جهة قضائية عربية نزيهة ـ يكون لقراراتها قوة ملزمة للجميع.
* * *
نرجو أن تلقى تطلعاتنا بعضا من اهتمامكم ـ وأن ينتهي مؤتمركم إلى قرارات إيجابية تعملون على تحقيقها لأن خير القرارات ما رافقه حسن تطبيق. مؤكدين مرة أخرى ـ أن قوتكم بشعوبكم الصريحة وليس بجوقات المدّاحين المصفقين , وإن احترام العالم لكم يزداد بقدر ما تتعمق الثقة المتبادلة بينكم وبين الشعب , وليس بثقة وزير خارجية هذه الدولة أو تلك.
sliman51@yahoo.com
السويداء – سوريا