لم نكن نتوقع أن تدفع الحكومة الإسلامية في طهران مبلغ 150 مليون دولار إلى إسماعيل هنية دون أن تدفع وراءه بعناصر جديدة للتدخل في الشؤون الفلسطينية.
أمس (2 فبراير) قامت فتح باقتحام الجامعة الإسلامية في غزة ووجدت من بين كميات الأسلحة المخزونة داخل الحرم الجامعي 7 إيرانيين. ماذا يفعل الإيرانيون في غزة؟ وكيف تسللوا إلى القطاع؟ وماذا كانوا يعدّون لمضاعفة المأزق الداخلي الذي نشأ في جميع الأراضي الفلسطينية منذ شكلت حماس حكومتها؟
منذ أشهر يبذل التحالف الإيراني السوري جهوداً شرسة لقلب موازين القوى داخل الأراضي الفلسطينية، وتعرف العاصمتان أن تحقيق هذا سوف يغيير كل الأوضاع ويعرقل الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها العرب واللجنة الرباعية الدولية لإحياء عملية السلام، دون الموافقة على إقحام وفرض دور إيراني سوري على هذه الجهود.
أمس أيضاً كشف وزير خارجية فرنسا عن سياسات إيران عندما نقل عن رئيس الجمهورية أحمدي نجاد أثناء لقائه به في سبتمبر (ايلول) 2005 قوله: «علينا ان نتمنى أن تعم الفوضى بأي ثمن.. لنرى عظمة الله»
إذن، إشاعة الفوضى هي السياسية الرسمية لإيران، وقد شهدت المنطقة العربية الكثير من هذه الفوضى في لبنان والعراق، والآن جاء دور الأراضي الفلسطينية! ومن تجاربهما في لبنان تعتبر طهران ودمشق صواريخ الكاتيوشا من أهم عناصر إشاعة الفوضى في الدول المحاذية لإسرائيل (طبعاً باستثناء سوريا) وإذا نجحت العاصمتان في إيصال الكاتيوشيا الإيرانية إلى غزة فسوف يدخل إلى الصراع بين حماس والسلطة عامل تهديد جديد للأمن الداخلي الفلسطيني، ولجهود العرب الخاصة بإعادة تنشيط عملية السلام، إذ سيكون مفتاح الهدوء والفوضى بيد حماس وحدها، حيث يمكن لصاروخ واحد يطلق من غزة على الأراضي الإسرائيلية استدراج حكومة إسرائيل للرد بقصف غزة وتدمير المنازل فتعم الفوضى السياسية والاجتماعية جميع الأراضي الفلسطينية وتترك أثرها الكبير على المنطقة العربية.
منذ خروج خاتمي وتولي أحمدي نجاد رئاسة الجمهورية الإسلامية، أصبحت إيران عامل تدمير خطير في المنطقة العربية، فهي كل ما لمست بيدها قضية من قضايا العرب المهمة تحولت القضية ضد العرب، من لبنان إلى العراق، والآن فلسطين!
ويغيّر الإيرانيون تكتيكاتهم بمراوغة سريعة، لكن استراتيجيتهم لا تتغير أبداً، فهم يبدون في لقاءاتهم مع المملكة السعودية رغبة بريئة في التعاون لتخفيف أزمات المنطقة التي يقفون وراء خلقها، لكنهم عملياً يتحركون تحت الظلام لتغذية أسباب الفوضى بدعم الموالين بالأموال والسلاح والخبراء والتحريض الأيديولوجي الكثيف، ولم يعودوا يكتفون بما أجّجوه في لبنان والعراق من فتن وتوترات طائفية وحروب وقتل، بل ظلوا يدورون حول قيادة حماس المقيمة في دمشق سنتين كاملتين إلى أن نجحوا في استخدامها لنقل الفوضى، بكل سذاجة، إلى الساحة الفلسطينية! ولم تكشف الأيام بعد الجهود السرية الباقية التي تقوم بها إيران مع جماعات وحركات إسلامية أصولية في دول عربية أخرى لنقل الفوضى إليها! لأن الفوضى، بنظر إيران، مهمة مقدسة للكشف عن عظمة الله. بينما يجلس النظام السوري على المائدة الإيرانية المهوسة بالفوضى، يلتقط ما يسقط منها من الفتات يدعم بها وجوده المترهل في السلطة.
أما قيادات حماس، الذين قال عنهم أمير قطر لشمعون بيريتز: “إنهم يقولون في اجتماعاتهم الحزبية غير ما يعلنونه أمام الناس” فهم عملياً ليسوا ضد المفاوضات ولا ضد الاتفاق مع الإسرائيليين، إنما يريدون اتفاقاً يضعون عليه أسماءهم وليس اسم رئيس السلطة الفلسطينية، ويمكنهم الوصول إلى هدف كهذا من خلال طريق مباشر وسليم ولا يتطلب سفك الدماء، إلاّ أن دخولهم في تحالف استراتيجي أكبر من حجمهم وقدراتهم (التحالف الإيراني السوري) جعلهم أداة صغيرة بين أجهزة سياسية ومخابراتية ودبلوماسية ضخمة لا يمكنهم أن يلعبوا فيها غير دور جانبي. أي دور المنفذ، والمذعن، لما ترسمه تلك الأجهزة من مخططات إقليمية كبيرة.
وعلى ضوء هذه السياسات الإيرانية المكشوفة، تحدّد دور حماس في هذه المرحلة على إبقاء الأوضاع متوترة في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، لمنع رئيس السلطة الفلسطينية من الحصول على تعهدات مهمة حول الدولة المقترحة، قبل أن تنهي دمشق مفاوضاتها مع إسرائيل، وتحقق طهران تنازلات مناسبة من مفاوضاتها مع المملكة العربية السعودية والغرب حول دور إقليمي في الشرق الأوسط! وهذا ما نعنيه بالسذاجة التي جعلت قادة حماس يتخبطون في مواقفهم وسياساتهم حيال القضية الفلسطينية!
وحتى لو أراد المتابع للأحداث الوقوف على حياد تام إزاء ما يجري اليوم من اقتتال في غزة، فإن للحقيقة صوتها الخاص الذي يؤكد أن الفلسطينيين لم يشهدوا اقتتالاً في غزة ولا في الضفة الغربية طوال عشر سنوات من حكم السلطة الفلسطينية، إلى أن وصلت حماس إلى الحكومة في الانتخابات، حيث قتل حوالي 650 فلسطيني خلال الأشهر التسعة الماضية، بعضهم في الغارات الإسرائيلية، والقسم الآخر في الاشتباكات التي نشبت بين حماس والأمن الوطني في غزة، وهذا يشير إلى خطورة ورداءة التحالفات التي عقدها قادة حماس في الخارج!
* كاتب وروائي عراقي يقيم في إنكلترا
كل شيء يلمسه الإيرانيون يصبح ضد العربمع إشادتي بتحليلك ومحاولتك الحيادية إلا أنك نسيت أمرين أولا : أن المقاومة الفلسطينية لم تجد من يقف معها فمن الطبيعي أن ترضخ لإيران وثانيا : أن الفوضى بعد تولي حماس السلطة ليس مصدره حماس بل هو من الذين لم يتركوا حماس تعمل فشرارة كل اقتتال كانت تبدأ من الذين يعرقلون طريق حماس في الحكم لكي تفشل ثم يرجعون هم لأدوارهم القديمة والواقع يقول أن حماس رغم اعتقال كوادرها والوشاية بهم من قبل السلطة بعد أوسلو لم تشارك أبدا في نزيف الدم وحينما أصبحت هي السلطة جن جنون فتح وأثاروا الكثير من المشاكل والعراقيل… قراءة المزيد ..