من 790 عضوا مسجلا… حضر المؤتمر 119 عضوا ، فقط لا غير !!
*هيئة حكماء باسم “المرجعية” ( كبار التوراة ؟) تقود الجبهة * الجبهة رفضت بيان رئيس لجنة المراقبة محمد ملحم فوزعه وأعلن استقالته * بيان لجنة المراقبة ( المرفوض ) مخيف في تفاصيله * هل الحزب الشيوعي مطرود ايضا من جبهة الناصرة ؟* لا جديد في موضوعات المؤتمر الا الشعور المؤلم ان الجبهة جسم ميت يتحرك !!*
بألم وكآبة اكتب عن المؤتمر الخامس الذي عقدته جبهة الناصرة الدمقراطية يوم السبت ( 27-1-2007).
بألم لأني ارى حلما وطنيا يتبدد. وحين اتحدث عن جبهة الناصرة ، اقصد ذلك العمل الجبار الذي قام به ، قبل ثلاثة عقود ونصف ، لفيف من المناضلين الوطنيين ، بقيادة الحزب الشيوعي ، لانقاذ الناصرة وشعبها من الاهمال والتخلف البنيوي في البنى التحتية والتعليم بكل مركباته من ابنية وتجهيزات ، ولانقاذ المدينة من الفوضى البلدية التي انعكست سلبا على حياة السكان ومستوى الخدمات المتدني ،وافتقار المدينة العربية الأبرز في البلاد ، الى نوادي ثقافية ورياضية . وغياب تخطيط بنيوي لتطور المدينة ومرافقها الأقتصادية من سياحة ومناطق صناعية وشوارع وحدائق عامة . وانقاذ المدينة من الاهمال السلطوي الذي طال وجعل المدينة اشبه بقرية كبرى تفتقد لكل المركبات المدنية والمدينية الحديثة ، والأهم اعادة الناصرة الى أهلها وشعبها ومكانتها النضالية الطليعية بقيادة الجماهير العربية ، وطرحها كنموذج يحتذى به للجماهير العربية في اسرائيل .
وأقول بكآبة لاني اشاهد تحول هذه القوة السياسية الوطنية التي وحدت الناصرة بكل مركباتها الاجتماعية ، وأحدثت انتفاضة نوعية في الوسط العربي كله ، بل وامتد تأثير انتصارها على ابناء شعبنا في المناطق المحتلة بانتخاب القوى الوطنية الى رئاسة البلديات … تتحول اليوم الى مهزلة بائسة … ونموذجا مأساويا لايبعث على الثقة والأمل .
ربما هي الفرصة الأخيرة التي اطلق فيها صوتي محذرا ومنبها الى انهيار الحلم الذي انجزناه قبل( 31) سنة بأعظم انتصار سياسي واجتماعي للجماهير العربية ، الذي مهد الطريق لتغييرات عميقة في الوسط العربي كله ، مهد الطريق الى صحوة سياسية والتفاف جماهيري حول الطريق الجبهوية ، وحول الناصرة الى القلب النابض للجماهير العربية ، وأطلق فكرة مخيمات العمل التطوعي ، التي تجند لها الآف من الشباب والشيوخ رجالا ونساء من كل البلدات العربية ، ومن اخوتنا في المناطق المحتلة ، الذين جاءوا لملامسة هذا الحلم الوطني والمساهمة في بناء الناصرة وتطويرها لتتجاوز سنوات الاهمال السلطوي الطويلة ..
ماذا نشهد اليوم ؟
لا بد لي من المكاشفة ، مهما كانت مؤلمة ، للذين احبهم رغم القطيعة السياسية والفكرية بيننا. وآمل ان يأخذوا مقالي بروح رفاقية انتقادية بناءة .. رغم الحدة التي تفرض نفسها بمثل هذه المواقف .. والمقصود بها المكاشفة الكاملة بلا رتوش وميكياجات .
قارنوا يا رفاقي القدماء .. ورفاقي في الهم الانساني دائما ، بين مؤتمركم الأخير( الخامس ) وبين المؤتمرات التأسيسية لجبهة الناصرة والمهرجانات شبه اليومية التي التي رافقت التأسيس .. ولمن ذاكرته ضعيفة ، اقول ان مؤتمرات الجبهة كانت تتحول الى مهرجان قومي لكل الجماهير العربية في اسرائيل .. ولم تكن القاعة تتسع ليس لأعضاء المؤتمر فقط ، انما كانت تضيق بالضيوف المتوافدين الى مؤتمرات جبهة الناصرة .
ما هو الواقع اليوم ، وهل يثير مؤتمركم حماس حتى الأعضاء المسجلين في جبهة الناصرة ؟!
لم أختار عنوان مقالي بالصدفة .. واليكم تفاصيل المهزلة :
شارك في المؤتمر( 119) عضوا فقط من أصل ( 790) عضوا مسجلين على الورق. بين المشاركين (13 ) من حارة الروم – منهم ( 5) من بيت رئيس البلدية رامز جرايسي – و (8 ) من البلدة القديمة ، و(1 ) فقط من حي الكروم ، و (5 ) من حي العمال العرب ، و ( 10 ) من حي النمساوي ، و (12) من الجنوبية ( بير الأمير ) و (34 ) من الحي الشرقي .
ليس صعبا ان نستنتج بعد هذه الأرقام أن أكثرية الحضور في المؤتمر هم في الحقيقة من موظفي البلدية .. وهذه الظاهرة ليست جديدة .. وبات معروفا ان جبهة الناصرة يسميها البعض “جبهة موظفي البلدية” .. وليس بالصدفة ان أكثرية اعضاء لجنة المراقبة الجديدة ، التي انتخبت في ” المؤتمر ” هم ايضا موظفو بلدية . وبذلك يمنع صدور بيان لجنة مراقبة في المؤتمر القادم ( اذا ظل ما يستحق المؤتمر ) مثل البيان الذي أصدره رئيس اللجنة السابقة محمد ملحم لهذا المؤتمر ورفضته قيادة جبهة الناصرة لأنه يفضح تفككها وسأتحدث عنه لاحقا .
السؤال الذي لا اعرف جوابا عليه ، هل كان نصاب قانوني لمثل هذا المؤتمر ؟ ام جرى تجاوز دستور الجبهة ولفلفة الطابق ، كما تعودنا في السنوات الأخيرة من مختلف المؤسسات الحزبية في الوسط العربي ؟…
المهم ان الزعامة في مكانها ” الصحيح ” !!
اين الأطر المؤلفة للجبهة ؟!
هذا الموضوع نكرره لأهميته .. ولأنه يشكل العنصر المركزي في كل تنظيم جبهوي أصيل وصحيح . الجبهة ليست تيارا سياسيا حزبيا .. وليست تيارا فكريا يحمل صيغة واحدة متماثلة .الجبهة قوس قزح اجتماعي وسياسي يتحد حول رؤية وأهداف متماثلة لدى مجموعة واسعة من الشرائح الاجتماعية . أمتنع الآن عن الدخول في نقاش حول ما تبقى من تماثل بين الشرائح الاجتماعية المختلفة .. وهل ظل للجبهة في تشكيلتها الباقية حتى اليوم ، ما يربطها بالفكرة الآساسية التي هب شعب الناصرة بكل فئاته الاجتماعية والسياسية لاقامتها ؟
بدأ العمل السياسي لاقامة تجمع جبهوي لاعادة بلدية الناصرة الى أهل الناصرة منذ أوائل السبعينات .. ومن الواضح ان الحزب الشيوعي بقيادة المرحوم غسان حبيب ، المنظم الممتاز والمتابع العنيد للقضايا البلدية ، مع لفيف من الشيوعيين والأكاديميين والتجار والحرفيين كانوا الدينمو الفعال وراء الدفع نحو بناء الأطر المختلفة لأهل الناصرة ، من أجل الضغط على وزارة الداخلية لأقرار اجراء انتخابات بلدية والتخلص ، وقتها … من اللجنة المعينة التي اهملت كل شؤون البلدة، والتي عينت أصلا بعد فشل الادارات البلدية السابقة المتماثلة مع احزاب السلطة على تطوير الناصرة وادراة شؤونها المختلفة . واستطيع الاشارة الى المميزات الاساسية التالية التي ساهمت في بناء الجبهة :
1 – كان الحزب الشيوعي في الناصرة بحق فرعا يتوهج نشاطا وحيوية وشهد اتساع في صفوفه لم يسبق له مثيل ، وكان كاتب المقال ( نبيل عودة ) سكرتيرا للشبيبة الشيوعية في الناصرة ، التي شهدت هي الآخرى نشاطا سياسيا وفنيا وتثقيفيا ، واتساعا في العضوية بحيث اضحي نادي الشبيبة الرحب يضيق عن استيعاب نشاطات الفرع . لذلك انا شاهد من الداخل ، من قلب العمل !!
2 – نجح طليعة الأكاديميين في الناصرة ، بدعم الحزب الشيوعي ، في بناء اطار للأكاديميين ، عرف باسم ” رابطة الجامعيين ابناء الناصرة ” ، ووصل عدد اعضائه الى أكثر من ( 800 ) اكاديمي وأكاديمية .وقام هذا الاطار الرائع بنشاط سياسي واجتماعي وثقافي واسع ومؤثر .. واصبح نموذجا يحتذى به لكل البلدات العربية في اسرائيل .
3 – اقيمت رابطة التجار والحرفيين وضمت أكثر من ( 400 ) تاجر ومستقل .
4 – وبادر الطلاب الجامعيين ابناء الناصرة لاقامة لجنة الطلاب الجامعيين كجسم الى جانب الأجسام الأخرى وضمت ( 215 ) طالبا .
هذه الأطر الأربعة غيرت وجه الناصرة ، وبات الانتصار في اي انتخابات بلدية مسألة محسومة . وبرزت الناصرة في الوسط العربي وفي المناطق الفلسطينية المحتلة ، مثالا للوحدة الوطنية – الاجتماعية التي تضم كل أهل المدينة ، من كل الحارات والطوائف والفئات الاجتماعية . هذا الجو السياسي لفت انظار العالم الواسع .. فتدفقت عشرات وسائل الاعلام المحلية والأجنبية لتغطية انتفاضة الناصرة السياسية – الاجتماعية ، وانتصار الجبهة التاريخي في البلدية .
السؤال الكبير والغائب لا بد ان يطرح .. وها انا أطرحه من جديد :
لماذا بعد أقل من سنة من الأنتخابات المظفرة ، جرى التصدع المرعب ؟ رابطة الجامعيين ابناء الناصرة بدأت تتصدع وتتفكك .. لجنة التجار دخلت في بيات شتوي لم تصحو منه ابدا . والطلاب الجامعيين انفضوا .. والحزب الشيوعي دخل في صراعات عاصفة وتصدعت صفوفة وتقلصت .. .لماذا بعد سنتين من الانتخابات جاء القرار التعيس بالغاء ( أصلا لم يعد ما يستحق الالغاء ) الأطر التي شكلت الجبهة ، وشكلت الصحوة النصراوية الانتفاضية الرائعة … وتحويل الانتساب الى الجبهة الى انتساب شخصي ؟!
هل تلك الأطر الجبارة لم تعد تسوى شيئا ، ليصبح الأنضمام الشخصي أهم من التنظيمات ؟ ألا يستحق الموضوع مراجعة جادة وكشف الأخطاء والتجاوزات المسيئة ؟ هل عند الجبهة الشجاعة الأخلاقية ان تعترف بالأسباب التي نعرفها كلنا وتعرفها كل المدينة ؟!!
تقريركم للمؤتمر يعترف ان الجبهة : ” تراجعت تراجعا حادا بين الطبقات الفقيرة والمسحوقة وبين الشباب “. وبعد الأعلان المتكرر في كل المناسبات ( ربما للتغطية ؟ ) انه تم الغاء الأطر واعتماد العضوية الشخصية ، يقول التقرير : ” ان الجبهة تنظر الى توسيع قاعدة التحالف الحالي لتضم اطرا سياسية واجتماعية ” .
كيف تتوسعون بعد ان طردتم ( او هججتم )الأطر التي اسست الجبهة ؟ واليوم الوضع أكثر مأساويا … حتى مع الحزب الذي اسس الجبهة …
هل يطردون الحزب الشيوعي من جبهة الناصرة ايضا ؟!
لم يعد سرا الصراع بين الحزب الشيوعي والجبهة الدمقراطية القطرية . وفرع الحزب في ااناصرة يواجه نفس الصراع مع جبهة الناصرة .. وهناك قطيعة بين قيادة فرع الحزب وقيادة جبهة الناصرة .. والمؤتمر الأخير شهد تهميش دور الحزب في الناصرة واستبعاد قيادته عن المؤتمر ..
تعترفون في تقريركم ” بالانحسار الحاد ” .. لا مهرجانات ، لا ندوات سياسية ، لا ندوات ثقافية ، لا حياة اجتماعية … وربما ما يحافظ على الجسم الجبهوي .. تدفق موظفي البلدية الى صفوف الجبهة . هل هذا دليل على صحة الجسم الجبهوي ؟ او دليل على التزام سياسي بخط الجبهة ؟ أم دليل على الرغبة في الحفاظ على الوظيفة وضمان التقدم في الوظائف البلدية .. وكنا شهودا على كيفية اختيار الموظفين الكبار في البلدية .ولكن عندما يخرجون للتقاعد … يتبخرون من صفوف الجبهة !!
هذا يذكرني بتدفق الرومانيين ايام شاوشيسكو للانضمام لعضوية الحزب الشيوعي الروماني !!
كان نصف الشعب الروماني اعضاء في حزب شاوشيسكو .. وكانوا اول من انتفضوا ضد شاوشيسكو ونظامه الفاسد!!
لا اريد الحديث عن الصراع على وراثة منصب رئيس البلدية .. رغم انه يسند كل ما ذكرته من حقائق . وأتركه لمناسبة أخرى …
رئيس المراقبة بصق الحصوة ..
رئبس لجنة المراقبة في جبهة الناصرة ، حتى يوم المؤتمر هو المحاسب المعروف محمد ملحم . بالصدفة ليس موظفا في البلدية ، ولا شيء يخاف من خسارته .. اعد محمد ملحم تقريرا للجنة المراقبة لتقديمه للمؤتمر ، أخاف التقرير ” المرجعية ” ( كبار التوراة ) التي تقود الجبهة .. فرفضته . محمد ملحم لم يتنازل قام بتوزيع التقرير مطبوعا على اعضاء المؤتمر وقدم استقالته ، وعاد الى بيته !!
التقرير مذهل … لا يجمل الواقع ولا يخفي الحقائق . يقول التقرير : ” العديد من هيئات الجبهة فوق المراقبة ، وغير ملتزمة حتى بدعوة لجنة المراقبة الى اجتماعاتها “!!
ويكشف ان هناك مجموعة تم اختيارها في الغالب من خارج هيئات الجبهة ، اطلق عليها اسم ” المرجعية” .. هي في الحقيقة المتنفذة التي تقرر كل شيء . ويقول التقرير :” هناك استقطاب بين غالبية الكوادر الجبهوية من جهة ، وبين ” المرجعية ” التي تقود الجبهة من جهة أخرى ”
التقرير مليء بتفاصيل مثيرة ، ليتني استطيع نشره كاملا .. فهو يفضح مثلا اسلوب اتخاذ قرارات مصيرية مثل الأئتلاف مع الحركة الاسلامية دون معرفة هيئات الجبهة .ويتضمن التقرير تفاصيل دقيقة ومثيرة حول المسائل المالية وصرفها والصفقات المثيرة للجدل والشك ، امتنع عن نشرها واوجه المهتمين بالتفاصيل المذهلة لتقرير المحاسب محمد ملحم .. اذ لا اريد ان يفهم القراء اني اكتب من منطلق العداء .. انما من منطلق الألم والكآبة من ضياع حلم لا اظن اننا قادرون في هذه الظروف على انقاذه او تجديده !!
واتناول زاوية اخرى من التقرير .
يقول التقرير ” ” الوضع القائم هو ان رئيس البلدية والكتلة في واد والناس في واد آخر . الجلوس في البرج العاجي وعدم النزول الى الناس في الشارع ، بل عدم القدرة أو عدم السهولة في مقابلة رئيس البلدية – كل هذا ادى الى ابتعادنا عن الناس . شعارنا الباب المفتوح والبلدية الشعبية لم يبق له وجود “!!
الذي اعد تقرير المؤتمر ( رؤوس الأقلام ) واضح انه من أكثر المنتفعين على المستوى الشخصي . وهو يبرهن من حيث لا يعي على نشوفة الشرايين وعمق الأنعزال عن الناس .ربما اعد تقرير المؤتمر بناء على تقارير سبقت انتصار الجبهة ؟؟!! كلمات جوفاء .. بلا مضمون .. شعارات بالية وشعور باليتم .. ومحاولة استجداء ذليلة مضحكة .
ربما يكون هذا المؤتمر رثاء مسبق للنهج المتخبط الذي بدأ فورا بعد الأنتصار التاريخي قبل (31 ) سنة . آمل ان الجماهير الجبهوية قادرة على صيانة المكسب الاساسي .. وانا اعرف ان التصويت لم يعد حماسيا ، انما لصيانة الحلم من الضياع .. ولعدم بروز بديل يمكن الثقة به على مستقبل الناصرة ومكانتها .
ومع ذلك ليعذرني رفاقي الذين احبهم : لا أرى ضوءا في الأفق!!
mostkbel@netvision.net.il
* كاتب، ناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة