إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
“شفاف” – الكويت:
حسب الأنباء المتداولة في الساحات الاجتماعية، كالديوانيات ووسائل التواصل، فإن يوم الأربعاء القادم سيكون يوم الإعلان عن اسم ولي العهد الجديد في الكويت.
وجاء في رسالة رسمية لرئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، أن الأمير الجديد للكويت سمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح سيؤدي القسم “اليمين الدستورية” كأمير للبلاد يوم الأربعاء القادم أمام أعضاء اامجلس.
تقول المادة 4 من الدستور الكويتي: “الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة، بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. وفي حالة عدم التعيين على النحو السابق يزكي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقل من الذرية المذكورة فيبايع المجلس أحدهم ولياً للعهد”.
وتقول المادة 6: “يعين ولي العهد بالطريقة المنصوص عليها في المادة الرابعة من الدستور ولقبه “سمو ولي العهد”، ويشترط في ولي العهد أن يكون رشيدا عاقلا مسلما وابنا شرعيا لأبوين مسلمين، وألا تقل سنه يوم مبايعته عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة”.
وتقول المادة 8: “إذا فقد ولي العهد أحد الشروط الواجب توافرها فيه، أو فقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته، أحال الأمير الأمر إلى مجلس الوزراء وعلى المجلس في حالة التثبت من ذلك عرض الأمر على مجلس الأمة فورا لنظره في جلسة سرية خاصة. فإذا ثبت لمجلس الأمة بصورة قاطعة فقدان الشرط أو القدرة المنوه عنهما. قرر بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم انتقال ممارسة صلاحيات ولي العهد بصفة مؤقتة أو انتقال ولاية العهد بصفة نهائية إلى غيره، وكل ذلك وفقا للشروط والأوضاع المقررة في المادة الرابعة من الدستور”.
وحتى هذه اللحظة لم يتم الكشف عن اسم ولي العهد القادم. لكن الساحة السياسية والاجتماعية في الكويت تتحدث عن أسماء عدة، لعل أبرزها لتقلّد المنصب هو “الشيخ ناصر المحمد”، رئيس الوزراء السابق وأحد الشخصيات المثيرة للجدل، خاصة ما يتعلق بدوره في أزمة “الإيداعات المليونية”، حيث تم اتهامه بتقديم ملايين الدنانير “رشى” إلى بعض النواب لكسب مواقفهم حينما كان رئيسا للوزراء.
كذلك كان لناصر المحمد موقف مثير، أثناء قيام مجموعة من الناشطين الكويتيين الشيعة المحسوبين على جماعة حزب الله الكويت بتنظيم تأبين للقيادي المنتمي لحزب الله لبنان عماد مغنية، المتهم باختطاف طائرة “الجابرية” الكويتية في فترة الحرب العراقية الإيرانية. إذ حدثت أزمة داخلية عميقة في الكويت بسبب التأبين كادت أن تتحول إلى صراع طائفي، إلا أن الشيخ ناصر أعلن في تصريحات صحفية أثناء ذلك بأنه لا توجد لدى السلطات الكويتية دلائل تشير إلى أن مغنية يقف خلف عملية اختطاف “الجابرية”، الأمر الذي خفف كثيرا من وطأة القضية، لكنها وجّهت الاتهامات نحو ناصر المحمد بأنه حابى التيار السياسي الشيعي.
ويبلغ ناصر المحمد من العمر 82 عاما، وشغل قبل تقلده رئاسة الوزراء العديد من المناصب، أبرزها وزير شؤون الديوان الأميري ووزيردولة للشؤون الخارجية ووزيرا للإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل.
ويبرز اسم الشيخ أحمد الفهد وزير الدفاع الحالي كشخصية محتملة لتقلد منصب ولاية العهد. ويُعتبر التنافس والتوتر عنوانين يرسمان صورة العلاقة بين الاثنين راهنا، تنافس حول منصب ولاية العهد بعد توتر ساد بينهما إثر تقديم أحمد الفهد بلاغا إلى النيابة العامة الكويتية يتهم فيه كلا من ناصر المحمد والراحل جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة السابق بـ”التآمر لقلب نظام الحكم” و”التخابر مع دول أجنبية” وارتكاب “جرائم فساد” أخرى. إلا أن المسألة تراجعت “بحفظ” النيابة للبلاغ و”اعتذار” أحمد الفهد. غير أن التوتر لايزال سائدا بين الاثنين. لذا يعتقد بعض المراقبين أنه إذا تم تعيين ناصر المحمد في منصب ولاية العهد فمن الصعوبة بمكان استمرار أحمد الفهد في منصبه في الحكومة.
وبما أن أحمد الفهد يتمتع بنفوذ قوي في الداخل، سواء داخل أسرة الصباح أو في وسط الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي، فإن هذا النفوذ قد يعزز من بروز طموحات هذه الشخصية المثيرة مما قد تقوده إلى قبول منصب ولاية العهد بل التخطيط للوصول إلى أعلى منصب في الدولة.
هذا الطموح خلق انطباعا لدى المراقبين بأن هذه الشخصية لن تكون محل ارتياح عند أصحاب القرار وصانعيه. فمن المفترض ألّا يشكّل صاحب منصب ولاية العهد نوعا من “القلق”، وألّا يلعب “دورا مشاكسا”، وأن تتصالح ثقافته مع “السمع والطاعة”. لذا قد يُفضّل أصحاب القرار وصانعوه شخصية أقرب إلى الطاعة والتصالح واللامشاكسة، شخصية مماثلة لناصر المحمد، إذا تمت المفاضلة بينه وبين أحمد الفهد.
وحسب بعض المراقبين فإن أحمد الفهد هو رهان الجيل الجديد من أسرة الصباح والشخصية القوية التي تستطيع أن “تواجه الوضع السياسي والتنموي المتراجع والتجاسر من أعضاء مجلس الأمة على أفراد كبار في الأسرة”. كذلك هو يمثل “تيارا سياسيا جديدا داخل الأسرة الحاكمة، يتسم بالحزم والتشدد في مواجهة محاولات الإضرار بالنظام القائم في البلاد”.
وتبدو قضية “صندوق الجيش” التي اندلعت في العام 2019 وأطاحت برئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك و8 آخرين وأدخلت العديد منهم السجن، من بين هؤلاء الشيخ خالد الجراح وزير الداخلية السابق، وجسار الجسار وكيل وزارة الدفاع السابق، وفهد الباز الملحق العسكري في لندن، وعلي العساكر الملحق العسكري في البحرين… تبدو هذه القضية هي الحصان الجديد لأحمد الفهد الذي يمارس نفوذه وسلطاته من خلالها لكي يثبت بأنه “مدافع قوي عن النظام ومهاجم شرس ضد الفساد”. وفي آخر جلسة لمجلس الأمة قبل أسبوع أكد الفهد أن قضية صندوق الجيش لم تنته، وأشار إلى قضيتين ترتبطان بالأموال المستخدمة في الصندوق، الأولى تتعلق بصفقة أجهزة تجسس دقيقة، والثانية تتعلق بتوريد مجموعة كبيرة من المشروبات الروحية، ما يعني أن الملف لن يغلق إلا بعد حدوث تطورات قد تفجّر مفاجآت في ملف الفساد هذا.
يتمتع أحمد الفهد “بكاريزما” ملحوظة، وهو معروف بذكائه وقدراته القيادية في الإدارة. كما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع العديد من الشخصيات السياسية والرياضية في العالم. كما يُعرف بنشاطه الخيري، حيث يدعم العديد من الجمعيات الخيرية والإنسانية في الكويت والعالم العربي. وهو يقود “مؤسسة الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح للرعاية الاجتماعية والإنسانية”، التي تقدم خدمات الرعاية الاجتماعية والإنسانية لمختلف الفئات المحتاجة في الكويت.
لذلك، يرى البعض أن أحمد الفهد بات يشكّل لنفسه حاليا خطّا سياسيا جديدا داخل الأسرة وخارجها، وأنّ من شأن ذلك أنْ يعكس طموحه وأن يوضح صورة شخصيته السياسية الراهنة والمستقبلية، خاصة وأنه في الستين من العمر.
أما ناصر المحمد فيبلغ من العمر 82 عاما، ولديه سجل من الملفات السياسية “غير المريحة” والتي قد تعرقل تقلّده منصب ولاية العهد، خاصة وأن هذا المنصب يحتاج إلى موافقة من قِبل نواب مجلس الأمة، فيما كان نواب أعلنوا أكثر من مرة أنهم لن يصوّتوا بالموافقة على شخصية لمنصب ولاية العهد ترتبط به “ملفات فساد”.
وتم تعيين ناصر المحمد رئيسا لمجلس الوزراء لأول مرة عام 2006. ويقول مراقبون إن متاعبه السياسية بدأت منذ بداية تعيينه، حيث واجه ما سمي وقتها بأزمة تعديل الدوائر الإنتخابية. وقدم خمس مرات استقالته من منصبه بسبب خلافات مع مجلس الأمة. كما قام أمير الكويت آنذاك الشيخ صباح الأحمد بحل مجلس الأمة خلال فترة رئاسة ناصر المحمد ثلاث مرات بسبب مشكلات مع الحكومة. وفي 8 مايو 2011، أدت الحكومة الكويتية، وهي السابعة التي يشكلها ناصر المحمد، اليمين الدستورية أمام أمير الكويت، لكنها استقالت مجددا في نوفمبر 2011 تحت ضغط الاحتجاجات ونواب المعارضة.
وحسب تقرير لإذاعة “فرانس 24” نشرته في 28 نوفمبر 2011 قالت فيه إن عشرات الاف الكويتيين نزلوا الى الشوارع بدعوة من المعارضة احتفالا باستقالة حكومة ناصر المحمد وطالبوا بحل مجلس الامة. وقال المنظمون إن تسعين الف شخص شاركوا في التظاهرة، مؤكدين انها الأكبر في تاريخ الكويت.
وفيما لو لم يتم اختيار ناصر المحمد أو أحمد الفهد لمنصب ولي العهد، فهناك بعض الأسماء المرشحة لذلك، كالشيخ محمد صباح السالم وزير الخارجية السابق، والشيخ أحمد النواف رئيس الوزراء الحالي، والشيخ أحمد عبدالله الأحمد وزير المواصلات السابق، والشيخ صباح الخالد رئيس الوزراء السابق. إذن، لننتظر إلى يوم الأربعاء ونرى ماذا سيحدث…