إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
سادت مؤخرا ويشكل ملحوظ مقولة “سمعًا وطاعة”. ويتقولها ويكتبها البعض بكل فخر وحماس. والمقصود بالطبع السمع والطاعة والامتثال لاولي الامر.. بغض النظر، حسب المقولة والتقاليد العفنة، بغض النظر عن سلامة الأوامر وعواقب الطاعة.
قبلها واثناء اختيار سمو ولي العهد، حضرة صاحب السمو الحالي، خرج علينا البعض أيضًا بمقولة ” نبايع “، والتي بنيت عليها في الواقع “السمع والطاعة”.. فالمقولتان تقليد رجعي متخلف عفى عليه الزمن وتجاوزناه ككويتيين من خلال نظامنا الديمقراطي. ففي النظام الديمقراطي ليس هناك سمع ولا طاعة، بل راي وقرار تتخذه الأغلبية ويتم الالتزام به ان لم يتعدَّ او يتناقض والعهد.. اي الدستور. وفي النظام الديمقراطي ينتخب الناس ويكون لهم راي في السلطة وحتى في اختيارها.. لذلك كتبت وقتها نحن “نعيّن” ولا نبايع.. فالمبايعة رضوخ واستسلام.. والتعيين رقابة ومحاسبة وقرار تملكه الأغلبية او على الاقل- كما في نظامنا الدستوري – تمارسه مع السلطة.
السمع والطاعة تقليد رجعي تجاوزته الشعوب الحية.. ولا يوجد الا لدى البدائيين وانظمتهم المتخلفة عن الركب الديمقراطي. والمؤسف ان دعوات المبايعة والسمع والطاعة تطلَق في وقت تتصاعد فيه تطلعات ورغبات الشعوب في تقرير مصيرها واختيار النظام الديمقراطي بديلا عن التفرد والتحكم الشخصي او حتى الجماعي في القرار.
هذه الدعوات، المبايعة والسمع والطاعة، دخيلة على الكويت والكويتيين وتتناقض والنظام الديمقراطي الذي يمارس فيه الشعب السيادة ويشارك في القرار. الكويتيون حتى ايام عنفوان الشيخ مبارك كان لهم رأي ومواقف تتناقض ورغبات او تطلعات الحكم، حيث وقفوا في بعض الأحيان ضد سياسات الحكم واعترضوا على بعض مواقفه. ووصل الأمر الى حد التحدي والصدام حين اصر كل طرف على رأيه.
تتحمل مجاميع التخلف القبلي والديني المسؤولية الأساسية في فرض التخلف والماورائية طوال العقود الاخيرة التي تسيّدت فيها الساحة. وهي المسؤول الاساسي عن انتشار مقولات التخلف والتبعية.. ولكن هذا لا ينفي مسؤولية القوى الوطنية التي مع الاسف تخلت عن ادوارها الوطنية واستسلمت للهجمة التي قادتها السلطة وتحالفها القبلي – الديني. بل انها لم تملك الجرأة على الاعتراض على مقولات التخلف او حتى الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية.