في أوائل سنوات هجرتي إلى أمريكا لبيت دعوة محامي محترم في فلوريدا الى منزله الفخم، وبعد وصولي للبيت مع زوجتي عرفني بزوجته واخذني الى بهو واسع امامه سلم دائري وفجأة وجدته ينادي قائلا : “تعالى الى دادي”. توقعت انه ينادي احد اطفاله، ولكني فوجئت بكلب ضخم اصغر من الحمار بقليل ينزل مهرولا على السلم الدائري متجها نحو صديقي المحامي، وقفز عليه يحضنه وكانه والده بالفعل، وبدا انه أطول من المحامي. وانا، طبعا، ركبني الذعر لاني لم اكن استلطف الكلاب بصفة عامة وخاصة هذا الكلب الضخم الذي بدا وكانه حمار (بيستعبط). وفوجئت من قوة الرابط بين صديقي والكلب وكانه ابنه فعلا.
وتدور الأيام واضطر لشراء كلب تحت ضغط ابنتي الصغيرة لان كل صديقاتها لديهم كلاب، وجاء الكب الى بيتنا وجاءت معه مسؤوليات كبيرة من حيث اكله وشربه ونومه وطبيبه وتدريبه وتمشيته مرتين يوميا. ويوما بعد يوم اصبح هذا الكلب جزء من الاسرة، وكان اسمه (كوكي) وتاكدت انه فعلا اصبح جزء من العيلة. واكتشفت ذلك عندما ذهبت مرة وانا راجع من مكتبي لاستلامه من مستشفى الكلاب وتوجهت الى مكتب الاستقبال بالمستشفى وطلبت اخذ كلبي (كوكي) وفوجئت بموظفة الاستقبال تنادي بميكروفون المستشفى :”من فضلكم احضار كوكي البحيري الى مكتب الاستقبال“!! وحمدت ربنا ان ابويا الشيخ البحيري قد مات دون ان يعرف ان لديه حفيدا كلباً اسمه (كوكي البحيري)!
واخذت (كوكي) الى مدرسة تدريب الكلاب لكي يتعلم الادب وإطاعة الأوامر وعدم التسبب في إيذاء نفسه او إيذاء الغير.
واكتشفت فيما بعد بأن للكلاب في أمريكا التسهيلات الاتية:
مستشفيات للكلاب
عيادات الكلاب
مدارس تدريب للكلاب
شركات تامين على صحة الكلاب
فنادق للكلاب
صالونات شعر للكلاب
شامبو خاص للكلاب
أغذية خاصة للكلاب منها أغذية رجيم للكلاب السمينة!
صالونات لقص اظافر الكلاب
سوبر ماركت لكل احتياجات الكباب
العاب مخصوصة للكلاب
مسابقات سنوية لاختيار اجمل الكلاب
محطة تليفزيون خاصة لكي يتفرج عليها الكلاب (ليست لاصحاب الكلاب)
شركات ومكاتب خاصة لتمشية الكلاب مرتين يوميا
جليسة للكلاب تعمل بالساعة مثل جليسة الأطفال
مقابر للكلاب
…
وخلال هذه الأيام الصعبة خلال الحرب على الفلسطينيين من أهالي غزة، صحيح ان “حماس” في يوم ٧ أكتوبر ارتكبت جرائم في حق المدنيين الإسرائيليين من الأطفال والنساء والشيوخ وقتلت بعضهم بطرق بشعة أحيانا واخذت اكثر من مائتي رهينة، ما اثار معظم العالم ضدها وخاصة أمريكا وأوروبا الغربية. وجاء لزيارة المنطقة لأول مرة في تاريخها في أسبوع واحد كل من رؤساء: أمريكا، إنجلترا، فرنسا وألمانيا، وبدات إسرائيل بمساندة أمريكا وأوروبا في شن هجوم كاسح جوا وبرا وبحرا على غزةً وضغطت لترحيل اكثر من مليون فلسطيني من شمال غزة الى جنوبها,. وبالرغم من هذا،ـ استمرت الغارات حنى على جنوب غزة أيضا. وصاحب هذا قطع الكهرباء والوقود وحصار كامل على غزة، وسمحت بدخول عدد لا يذكر من السيارات التي تحمل معونات ومواد طبية وأغذية تشكل واحد بالمائة من احتياجات غزة.
وراح ضحية تلك الحرب حتى الان حوالي ١٥٠٠ إسرائيلي و حوالي ٨٥٠٠ فلسطيني بينهم العديد من الأطفال.
ومع استمرار الحرب والهجمات المتواصلة يزيد سوء معيشة الفلسطينيين بشكل لم نشاهده في الشرق الأوسط من قبل، وخاصة اننا نشاهده الان على الهواء مباشرة.
وانا من هنا أوجه نداء عاجل الى كل حكومات أمريكا وأوروبا الغربية بمحاولة معاملة الفلسطينيين “معاملة الكلاب” بغض النظر عن الحرب الدائرة وقسوتها، فان “معاملة الكلاب” تضمن ببساطة لاهالي غزة الاتي:
وجبة واحدة يوميا
شربة ماء
مكان ينامون فيه
مكان يستحمون فيه
مستشفى تماثل مستشفى الكلاب على الأقل
ادوية
مكان يقضون فيه حاجتهم
مدارس لاطفالهم
عيادات طبية
سوبر ماركت
ناس يعطفون عليهم بدلا من اتهامهم بالإرهاب او إيواء الإرهابيين
مقابر لهم أيضا بدلا من دفنهم في المقابر الجماعية
ولقد اتهم بعض المسؤولين الاسرائيلين بانهم “كلاب” متوحشة، فهل يمكن ان يحظى الفلسطينيون في غزة “بمعاملةً الكلاب“؟
لا يا سيد بحيري لقد أختلط عليك البقر .
هؤلاء أفاعي وليسو كلاب ، الكلاب وفية أما الأفاعي فما أن ترفع
رجلك عن رأسها حتى تحاول لدغك . إنها الغريزة يا سيد بحيري ، الغريزة !
فلنترك الأفاعي تتصارع ، أفاعي حماس ضد أفاعي إسرائيل علَّ العالم يخرج من صراعهما سالماً .