فاجأتنا العزيزة بادية فحص (أفضل “أقلام” آل فحص!) بمقالها “ضد” الدكتور فارس سعيد في موقع “درج” تحت عنوان “ليست “حماس” من غيّر اسم مستشفى المعمداني يا دكتور فارس.
ماذا يقول مثقفو إيران وشعبها عن “حماس” وحرب غزة؟
فاجأتنا لأننا توقّعنا منها، بحكم معرفتها باللغة الفارسية وبإيران، ان تقتبس بعضاً من بيان الـ300 مثقف إيراني (من داخل إيران)، الذي صدر قبل 5 أيام، تحت عنوان “بيان 300 ناشط سياسي واجتماعي وثقافي ومدني يدينون جرائم إسرائيل في غزة” وجاء فيه:
“ انتهاك قوانين الحرب من قبل أي مجموعة هو أمر مدان، ونعتبر قتل المدنيين من الجانبين مخالفاً للقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية المبنية على الحفاظ على كرامة الإنسان وحرمة دماء الأبرياء.” ثم “… أن انتهاك القوانين الدولية في الحرب لا يساعد في دفع قضية فلسطين.”
وفي عبارة موجّهة ضد نظام الديكتاتور خامنئي، وضد ّووكلائه، يقول الموقّعون “أيها المواطنون الإيرانيون الأحرار، بغض النظر عن السلوك المتطرف وغير المسؤول والانتهازي للجماعات والحكومات، والذي تسبب للأسف في اللامبالاة والسلبية العامة تجاه القضية الفلسطينية في بلادنا..”
وهذا ما تعرفه العزيزة بادية جيداً!
وتوقعنا من بادية أن تؤكد ما قاله أحمد بخاراي، من جمعية علم الاجتماع الإيرانية (هو، أيضاً، يعيش في إيران)، لموقع “ديدبان إيران” إن “الحروب بالوكالة التي شنتها إيران في السنوات القليلة الماضية” غير مقبولة لدى غالبية الإيرانيين. وأن الإيرانيين الذين عاشوا حرب الثماني سنوات مع العراق يميلون إلى تفضيل السلام.
والأخطر: إن غير الراضين عن موقف الحكومة يميلون إلى دعم إسرائيل على حساب الفلسطينيين
وأن إعراب “الأغلبية في إيران” عن دعمها لإسرائيل هو رد فعل على الأقلية التي تسيء استخدام الموارد الحكومية للإيحاء بأن الإيرانيين راضون عن هجمات حماس على إسرائيل.”
كلام خطير جداً حينما يأتي من إيران التي كان نظامها وراءً عملية “حماس”، تخطيطاً وتمويلاً وتسليحاً، على طريقة “شاء اللبنانيون (أم الغزاويون) أم أبوا”.
“الحزب” و”حماس” جهاز “شرطة” لدى خامنئي، في نظر الإيرانيين
وفاجأتنا العزيزة بادية لأنها تجاهلت ما تعرفه حتماً : أن الإيرانيين، منذ العام 2009، أي منذ 14 عاماً، يتّهمون حزب الله وحماس بالمشاركة في قمع مظاهرات الإنتفاضة الخضراء الإيرانية التي أعقبت تزوير الإنتخابات الرئاسية. (في حينه، طلب السيّد هاني فحص توجيه “التهاني” لرئيس إيران “الشرعي” مير حسين موسوي الذي خسر الإنتخهابات “رسمياً!) بكلام آخر، حزب الله وحماس جزء من “باسيج” خامنئي والحرس الثوري.. وليسوا حركات تحرير. ولعل العزيزة بادية تت=ذكر رسالة الناشط الإيراني “عماد الدين باقي” في حينه التي كانت موجّهة للمرجع الراحل فضل الله.
نعم، هنالك مشكلة خطيرة. أحد أوجهها أن المثقفين الإيرانيين ( تحية للمثقفين “الفُرس”) لم يرفعوا شعار “لا صوت فوق صوت المعركة” الناصري القديم، وحافظوا على حسّهم النقدي (أليس هذا دور “المثقف”؟) وعلى رباطة جأشهم (قبل 10 أيام اغتال “الباسيج” المخرج الإيراني الشهير “داريوش مهرجوئي” وزوجته طعنا قرب طهران) فأدانوا “جرائم إسرائيل في غزة” ولكنهم “يلومون حماس على بدء الحرب الأخيرة، ويدينون الفظائع التي يُزعم أنها ارتكبتها ضد الإسرائيليي
هذه مواقف مثقفين إيرانيين ربما تعرف بادية فحص بعضاً منهم.
ما تقترحه بادية فحص ردّاً على الدكتور فارس سعيد يعادل “الإعلام الحربي” (حزب الله)، أو “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.
تكتب بادية: “ما الخطأ بالتعبئة الإعلامية؟ أليست الدعاية الصهيونية هي العمود الفقري لإسرائيل؟ وما المزعج في تعبئة الرأي العام العالمي ضد القتلة؟ أليس الإعلام نصف المعركة؟ والمعركة في غزّة حالياً توصف بـ”حرب إبادة”، و”تطهير”، و”جرائم حرب”، أفلا ترى أنه من الطبيعي استغلال أيّ تفصيل، أو حتى كذبة لنساعد في وقفها؟”
“كذبة” بالزائد أم بالناقص على مدى 70 عاماً من الأكاذيب، ضاقت بعين الدكتور فارس سعيد؟ إذا كان فارس سعيد قد استهجن “كذبة” إعادة تسمية “المستشفى الأهلي” بـ”المستشفى المعمداني”، فلعلها لم تقرأ “الحقيقة” (وليس “الكذبة”) التي أعلنها زعيم حركة الجهاد الإسلامي من منبر “الجزيرة”: “زياد نخالة”: نحن في الجهاد الإسلامي “سُنّة”، يمكنك أن تكون شيعي او كافر ولكن ليس عندي!“
العزيزة بادية: في عز حرب “لو كنت أعلم”، في تموز//يوليو 2006 لم أقبض “الكذبة” وكتبت ” (قبل 17 سنة:) “في انقلاب حسن انصرالله وحزبه على السلطة الشرعية وميثاق 1943 واتفاق الطائف”. قلت أن هدف حسن نصرالله كان “بيروت” وليس “القدس”. مثلما كان هدف مسيرة “موسوليني” هو “روما”.
وغير عابئة بـ”أكاذيب” 90 بالمئة من مثقفي سوريا في حينه (ندموا بعدها)، كتبت فقيدتنا الرائعة “رزان زيتونة” (من دمشق المحتلة)” مقال “أعدت لي كرامتي” وقالت، ساخرةً، لحسن نصرالله: “اضرب اضرب يا حبيب. كرامتنا الممرغة في الوحل انتشت على صدى جهادك المقدس. كل صاروخ على حيفا بحياة عشرة لبنانيين… كل قذيفة على يافا بحياة عشرين لبناني.. قلع عين الشيطان الذي ليست له عيون، يستحق أكثر. أما ضرب تل أبيب، فلا تخجل بالعد ومتابعة العدَ ..حتى آخر لبناني.”.
لتسمح لنا بادية فحص: كذبة طوفان الأقصى ستكون أسوأ من كذبة النصر الإلهي في 2006. ومن يَعِش يرى.
كلمة أخيرة: زعيم القومية الفلسطينية، ياسرعرفات، رفع غصن الزيتون وصافح شمعون بيريز وإسحق رابين من أجل السلام. العزيزة بادية ما زالت مقتنعة أن في فلسطين ” 6 ملايين سائح” سنطردهم يوماً، هم و200 قنبلة ذرية يملكونها، إلى “بلدانهم” المزعومة. “وان واي تيكيت”، يدفع ثمنها ميشال عون. نحن “عرفاتيون”.
*
“التشبيح الأخلاقي” لا يخيفنا
أخيراً، كلام لا يطال بادية فحص:
هذه ثاني مرة يرد فيها ذِكر الدكتور فارس سعيد، ومن معه، “بالمباشر” في الموقع الذي كتبت فيه بادية مقالها.
في المرة الأولى، كانت المناسبة “كذبة” (وليس “خطأ” أو “سوء فهم”) وردت في مقال “هل إيران دولة احتلال “فارسي”؟” جاء فيه:
“القوى التي تحمل خطاب “مقاومة الاحتلال الإيراني”، سواء كانت لبنانية أو خليجية، لا تملك من النزاهة ما يفيد المهمة ويشجع على الانخراط فيها، فالمكوّن اللبناني ملوث طائفياً ومذهبياً على نحو يحاكي النفوذ الذي أعلنت الحرب عليه.”
ويضيف: “علينا أن نبدأ من حقيقة أن ليس هناك احتلال إيراني في لبنان”. (لماذا “علينا”؟ كيف؟ ما الأسباب؟ هل الشعار “فضفاض” كما قال، لاحقاً، الدكتور سمير جعجع؟)
وينتهي المقال إلى ما يلي:
“النفوذ الإيراني يهدد فعلاً الكيان اللبناني، لكن القوى المستنفرة للتصدي له في لبنان، عدا عجزها عن المواجهة، هبطت بخطاب التصدي إلى مستويات ستتولى تعزيز هذا النفوذ، ذاك أن المواجهة تطرح علينا الاعتقاد بأن فارس سعيد هو أحد فرسان العروبة في مواجهة فارسية حسن نصرالله، وأشرف ريفي أحد أنزه وجوه الاستقلال اللبناني، وقد يضم هذا التحالف مستقبلاً رياض سلامة..”.
هذا “تحليل” أم “تشبيح”؟
الجماعة التي طرحت شعار رفع الإحتلال الإيراني عن لبنان”، أي حوالي 200 ناشط وشخصية لبنانية، هم جماعة “ملوثة طائفياُ ومذهبياً”، و”لا تملك من النزاهة ما يفيد المهمة ويشجع على الانخراط فيها”!
نحن “ملوّثون طائفياً ومذهبياً”! وبعضنا “خليجيون” (كانوا يكتبون في جريدة “الحياة” السويدية؟)
على علمنا، لم يوجّه أحد “استغاثة” لكاتب المقال للإنضمام للمجلس وتعريض نفسه (لا سمح الله) لـ”منغّصات أمنية” من حزب يجيد استخدام كواتم الصوت.
خصوصاً أن الجماعة التي طرحت شعار الإحتلال الإيراني “هبطت بخطاب التصدي إلى مستويات…”!! حلو! كاتب المقال عنده “مشروع تصدي”، “من الرف الفوقاني” .. ما زلنا بانتظاره!
وعلى علمنا، فالسيد أشرف ريفي “جار بناية” مع الكاتب وليس عضواً في المجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان!
“التشبيح الأخلاقي” (أو “الإبتزاز”، حسب البعض) يمكن أن “يمشي” على رياض سلامة وكارلوس غصن وكثيرين. لا يمشي على من هدده حزب الله مراراً، ورفع عليه “دعاوى قانونية” بهدف الإرهاب.
من لا يخيفه حزب كاتم الصوت، لا يتأثر بـ”تشبيح” حاقد.. رخيص!
يبقى أن نعرف إذا كان هذا “الحقد” على شعار “رفع الإحتلال الإيراني عن لبنان” بموجب “أمر مهمة” ما؟ أم مجرّد “تشبيح” رخيص؟
كلام رائع ترفع له القبعة ….