في 27 أبريل 2021 وبمناسبة مرور 5 أعوام على إطلاق «رؤية المملكة 2030» وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لقاء بثته قناة السعودية، عام 2015 بـ«الصعب للغاية».
وقال إن الخط الثاني للوزراء في المملكة من نواب أو وكلاء وزراء كان شبه معدوم، وإن القيادات في الوزارات كانت مفقودة بنسبة عالية، والعمل كان روتينياً للغاية، ولا يوجد عمل استراتيجي لتحقيق أهداف المستقبل.
عندما أطلق سمو الأمير محمد بن سلمان هذا الوصف لم يكن يعاتب أو يحمّل جيلاً دون آخر مسؤولية مركز الدولة الذي كان حسب وصفه ضعيفاً للغاية، بل كان يعلن بداية تغيير مسار المملكة نحو إصلاح حقيقي بسياسة عامة واضحة وداعمة.
في الكويت، لا يزال مشهد 2015 قابعاً في الوزارات والمؤسسات الحكومية بشكل كبير، ليس لقلة الكفاءات بل لاتساع هامش الفراغ الإداري بين القياديين الحكوميين إلى الدرجة التي اتسعت معها مساحة عدم القدرة على اتخاذ القرار بالوكالة.
ومن هذا الواقع لا يمكن بناء مركز دولة قوي يضع سياسات واستراتيجيات ويوائم بين الجهات المختلفة ويعطي لكل قطاع دوره الواضح لتنفيذه، باعتبار أن تحقيق التنمية ليس مسؤولية الوزراء فحسب بل مسؤولية جهاز إداري يشمل قياديين قادرين على ترجمة الرؤية وتحويلها إلى واقع ملموس.
وإذا كانت الحكومة نجحت في الفترة الأخيرة في زيادة جرعة التفاؤل لدى الجميع مواطنين ونواب بأن الفترة المقبلة ستكون أفضل لمركز الدولة، لجهة تحويله إلى مركز قوي نابض بالتنمية، إلا أن المؤشرات الرئيسية لا تزال تفتقد محركاً رئيسياً وهو تسكين الشواغر القيادية.
فمن دون قياديين سيظل مركز الدولة ضعيفاً للغاية، ولا يمكن تحقيق شيء يذكر، حيث لا يمكن تحريك المياه الراكدة في الوزارات والجهات الحكومية ما لم يكن هناك قياديون قادرون على ذلك، لاسيما وأن القيادة بالوكالة لا تؤدي إلا إلى القرارات المهتزّة باعتبار أن وراءها أيدي مرتجفة تخشى المسؤولية وهي موقتة.
حتى الوزراء والحكومة عموماً مهما بلغت درجة كفاءة أعضائها تظل صانعة السياسة التنموية بوضع الخطوط العريضة والاستراتيجية العامة للتطور والتنمية لكن تحقيق تفاصيل هذه الخطط والاستراتجيات يقع على كاهل القياديين في مختلف الجهات، أما استمرار الشواغر بين القياديين الحكوميين فيجعل العمل التنموي عالقاً بالروتين ويكون بعنوان «مشّي حالك»، حيث مع ذلك لا يوجد عمل استراتيجي لتحقيق أهداف المستقبل والتنمية المنشودة من الحكومة في تصحيح المسار وإنجاز المشاريع الإنقاذية التي طال انتظارها كثيراً.
الخلاصة:
لكي تحقق الحكومة أي تنمية حقيقية يجب أن تبني فريقاً في كل الوزارات والجهات الحكومية يساعد الوزراء لإنجاز تطلعات الشعب، باعتبارهم المنصة الرئيسية لإنجاح أي تنمية حقيقية.
أما استمرار فجوة الشواغر على حالها من دون ملء سريع بالكفاءات الوطنية القادرة على ترجمة الاستحقاقات التنموية والمستهدفات العالية للشعب وللدولة فسنكون كمن يغزل غزلاً بإبرة لا يمكن لإنتاجها تغطية الحاجة الواسعة من التنمية المفقودة على كل الأصعدة.