كنا نسخر من “تفاهة” شعار “حجابك أغلى من دمي” الذي يشترك فيه حزب الله (بيافطة معلّقة على طريق مطار بيروت الدولي) وجماعة السلف وجماعة الإخوان المسلمين! وكنا مخطئين لأن مغزى الحجاب يتجاوز بكثير “التفاهة” المؤكدة!
وضحكنا وهلّلنا، قبل أشهر، لفيديوهات الشبان والشابات الإيرانيين الذين يُسقطون بضربة بارعة “عمامات” الملات عن رؤوسهم. لكن كثيرين لم يلتقطوا مغزاها!
ما هي “الرسالة” التي وجّهها لنا الإيرانيون، نساءً ورجالاً، منذ اندلاع انتفاضة مهسا أميني؟
كان مقتل “مهسا أميني” في أيلول/سبتمبر 2022 الصاعق الذي فجّر “لحظة ثورية” تعايشت فيها ثلاثة إنتفاضات متزامنة، ومستمرة حتى يومنا.
أولاً، انتفاضة المرأة الإيرانية ضد الحجاب الإجباري تحت شعار “المرأة، الحياة، الحرية” العبقري!
ثانية، انتفاضة إسقاط العمامات عن رؤوس الملات! أي إسقاط ولاية “الفقيه”!
وثالثاً، “إنتفاضة متشددي النظام”،أي “الهجمات الكيمائية” ضد “مدارس البنات”، التي لم يفهم كثيرون مغزاها، والتي كشفت ما لم تكشفه عشرات المقالات والكتاب عن النظام الإيراني: أن نظام ولاية الفقيه هو “نظام شمولي”، مثل النظام النازي والنظام الفاشي والنظام الستاليني، هذا من جهة. وأن التعامل معه ينبغي أن يكون على هذا الأساس!
وكشفت اللحظة الثورية نفسها، من جهة أخرى، أن نظام “ولاية الفقيه” يتميز عن الأنظمة الشمولية الأخرى بمسألتين: أولا، حكم رجال الدين أي “ولاية الفقيه”. وهذا هو مغزى عشرات أو مئات الهجمات ضد “عمامات” رجال دين في شوارع إيران و”إسقاطها” عن رؤوسهم! وثانياً، يتميز نظام ولاية الفقيه بـ”خاصية” استعباد المرأة (أو “استعمار المرأة” أو “سحق المرأة”)! أو إبراز “خضوع المرأة” بـواسطة”الحجاب الإجباري”! (مثلما فرض النظام الشمولي النازي “النجمة الصفراء” الإجبارية على اليهود!)
حكم رجال الدين و”الحجاب الإجباري” (كرمز لـ”خصوع المرأة”) هو ما يميّز “ولاية الفقيه” عن الأنظمة الشمولية الأخرى، وهو ما يميّزها أيضاً عن الأنظمة “شبه الإسلامية” مثل نظام طيب إردوغان الذي يقول مراسلنا التركي أنه (أي إردوغان) “لا يحلم” بفرض الحجاب في تركيا! نظام واحد يشبه نظام ولاية الفقيه، وقد نبّه إلى ذلك الرئيس محمد خاتمي قبل سنوات، وهو نظام الطالبان “السُنّي”!
أما “إنتفاضة” الجناح الأكثر “يمينية” في نظام ولاية الفقيه فتتمثّل في “الهجمات الكيميائية على مدارس البنات” في إيران، وهي ما تزال مستمرة! وأهم “منظّر” لها، وقد يكون “قائدها العملياتي أيضاً (بحكم علاقته بالجهاز العسكري-الأمني، أي بـ”الحرس”) هو آية الله أحمد علم الهدى، وهو بين الخلفاء المحتملين لخامنئي. وهو، أيضاً، والد زوجة الرئيس الإسلامي الحالي آية الله إبراهيم رئيسي!
وقد نشر “الشفاف” تصريحات له “يحذّر” فيها من أن “المسلمين” (أي أمثاله) سيتخلون عن النظام اذا ما تراجع عن فرض الحجاب الإجباري.
إذاً، حكم رجال الدين، أولاً، و”الحجاب الإجباري” ثانياً، هو “خاصيّة نظام ولاية” الفقيه بين الأنظمة الشمولية. أما “التضخّم الأمني والعسكري”، والعدوانية الخارجية، والإعتماد المبالغ على البروباغندا، فهي سمات مشتركة بين الأنظمة الشمولية.
ماذا يعني ذلك؟
نجد الجواب في عنوان مقال فاخر السلطان الذي نشره “الشفاف” قبل أيام، وهو: “الحجاب الإجباري”.. أساس الصراع في إيران.
الحجاب الإجباري يتجاوز “تفاهة الإسلامويين” ويشكل الركن الثاني لنظام ولاية الفقيه! بدون الحجاب الإجباري يتغيّر نظام ولاية الفقيه أو.. يسقط!
ينقل فاخر السلطان في مقاله أن “موسى غني نجاد، وهو دكتور اقتصاد مشهور وأستاذ في جامعة “صنعت شريف” ومن الشخصيات المعروفة بتوجهها الليبرالي إن النظام قادر بسهولة على حل مسألة الحجاب الإجباري وفقا لمبدأ المصلحة، عن طريق التخلي عن فرض ارتدائه انطلاقا من القاعدة الفقهية التي تقول إن مسؤولية حفظ نظام الجمهورية الإسلامية تفوق في أهميتها جميع المسؤوليات الأخرى بما فيها تلك التعبدية كالصلاة والصيام والحج. ويضيف غني نجاد أن النظام لن يُقدم على أي خطوة تراجعية في مسألة الحجاب لسبب بسيط، وهو أنه يعتبر الحجاب خط الدفاع الأخير عن بقاء النظام، وأن هذه المسألة تفوق في أهميتها المسائل الأخرى التي تُعتبر من فروع الدين في المذهب الشيعي.”
وهذا “بيت القصيد”: “الحجاب هو خط الدفاع الأخير عن بقاء النظام”! وهذا ما أدركه آية الله علم الهدى (وصهره ابراهيم رئيسي) وأذنابهما في لبنان والعراق! وهذا “مبرّر” الهجمات الكيميائية على مدارس البنات التي “عجزت استخبارات النظام” (!!) عن كشف القائمين بها!
ما يعني أن النظام قادر على سفك مزيد من الدماء لفرض الحجاب الإجباري بالعنف.. دفاعاً عن بقائه! إلا إذا حالت دون ذلك “ظروف غير ملائمة” مثل اندلاع احتجاجات إقتصادية أو إجتماعية أو إحتجاجات لأقليات قومية-دينية، مثلما يحدث الآن من “البلوش” السنّة! وإلا إذا كان نظام ولاية الفقيه، “بفضل” فساده المستشري فقدَ “العزيمة” الضرورية للدفاع عن نفسه بالإيغال في الدماء!! (قال لينين أن الأنظمة لا تسقط بفضل سخط المحكومين فقط، بل ولعجز الحاكمين عن الدفاع عن أنظمتهم!).
إغراء النموذج الغورباتشوفي”!
هل يتحمّل النظام الإيراني مشروع “غورباتشوف إيراني”؟ الإحتمال موجود! من نوع “هاشمي رفسنجاني” أو “محمد خاتمي” (الذي بدأ النظام بـ”مغازلته” مؤخراً..!)، أو “مير حسين موسوي” أو حتى “روحاني”! ولكن تحقّقه يظل مستبعدا قبل وفاة المرشد خامنئي! ويظل مستبعداً ما لم تتبناه قوى مسلحة، أي “الجيش” أو قسم من “الحرس”!
الصديق فاروق عيتاني وقع في “فخ” الدراسات الإسلامية، وهو ما حاولت التنبيه إليه! والمقصود الباحثين الغربيين في شؤون الإسلام، والمتمركسين السابقين العرب الذين “ارتدّوا” إلى الإسلام وباتوا يُفتون في شؤونه! ويتخصّصون في “تأويل” الآيات! والإسلام، بنظر أولئك وهؤلاء عبارة عن “كتلة هلامية” غامضة واحدة! ويكادون لا يميّزون بين الخميني وبن لادن والقرضاوي وسلمان العودة والسلطان عبد الحميد! ما أردت قولَه أنه ينبغي النظر إلى ظاهرة نظام الخميني، ليس بالإستناد إلى آيات أو أحاديث قرآنية، بل، تحديداً، من خارج الإسلام، أي بالإستناد إلى الدراسات التاريخية حول ظواهر الأنظمة (والأحزاب) “الشمولية”، خصوصاً في أوروبا ثلاثينات القرن الماضي: “الستالينية” (في روسيا، وأحزاب “الكومنترن”)… قراءة المزيد ..
الأساس في الذهنية الاثنى عشرية هو موضوع المرجعية سواء أكانت مرجعية تكوينية كولي الفقية أو مرجعية تقليدية كالشيرازي.
الحجاب يبقى رمزا و زيا يطفو ويخبو استنادا إلى الموضة.
لا قيمة الفتوى في الفكر السني السلفي القديم ( إبن قيم الجوزيه إعلام الموقعين عن رب العالمين)
تركيا من ايام عثمان الاول استخدمت مفهوم شيخ الإسلام وهو مفهوم ديكور
يعبر عن علاقة الدولة بحرية المعتقد. وعدم خضوعها إليها سلطة غير سلطتها.
عميق، مكثف وممتع هذا النص، تسلم ايها الجميل