“تأثير دانينغ كروجر”، أو الانحياز المعرفي لغير المؤهلين
ترجمة د. محمد الهاشمي
في التاسع عشر من ابريل عام ١٩٩٥ قام رجل يُدعى “ماك ارثر ويلر” بسرقة مصرفين في مدينة “بيتسبيرج” في ولاية بنسلفانيا الامريكية. لم يكن يرتدي قناعاً.. بل كان يبتسم ويلوح لكاميرات المراقبة.. ولكن ما فعله لإخفاء هويته هو تلطيخ وجهه بعصير الليمون لأنه سمع بأن عصير الليمون يُستخدم لصنع الحبر غير المرئي.. لذا أفترض انه سيحول وجهه أيضاً إلى غير مرئي.. حتى انه حاول تهدئة وطمأنة إحدى الصرافين في البنك بالقول: لا تخافي، لدي وجه!!! ولكنه غير مرئي الآن!!!
بالطبع، الشرطة قبضت عليه بسرعة وعندما اروه صورته في كاميرا الامن وهو يسرق البنك.. حدّق في مقاطع الفيديو مندهشًا غير مصدق وقال: لقد مسحت وجهي بعصير الليمون الذي يجعله مخفيًا!!
لفت هذا الحادث الغريب أنتباه “دايفيد دانينغ”، وهو طبيب نفسي في جامعة “كورنيل” في ولاية نيويورك.. أاستعان بأحد طلابه المميزين واسمه “جاستن كروجر”، ومعاً اجريا سلسلة من الدراسات والتجارب الميدانية على قطاعات واسعة من البشر في عدة مدن امريكية محاولين ايجاد علاقة بين الكفاءة الفكرية والثقة بالنفس عند الناس.. والنتيجة كانت مذهلة!!
ما وجداه، مراراً وتكراراً، في مجموعة متنوعة من الأشخاص أن الذين يمتلكون معرفة قليلة جداً عن موضوع ما يميلون إلى الادعاء والاعتقاد انهم خبراء في هذا الموضوع.. هذه الظاهرة تسمى “تأثير دانينغ كروجر”.. وهي بأختصار: يعتقد الاشخاص الأقل معرفة آنهم يعرفون الاكثر.. !!
لذلك، عندما ترى شخصًا يُجادل طبيبا او عالما متخصصا حول اهمية اللقاحات وخدعة مرض “الأيدز” و”كذبة كروية الارض” و”امريكا تُفَعّل الزلازل”.. آو أن يتنبأ طلال ابو غزالة بزوال امريكا في سنة ٢٠٢٢، او الدكتور عبدالله النفيسي بانهيار منظومة “دول مجلس التعاون الخليجي” في سنة ٢٠٢٠.. فقط تذكر ان هولاء الناس يعرفون القليل جداً من العلم والمعرفة وهم يتفاخرون بها.. انهم ليسوا مجانين، لكنهم يُعانون من “تأثير دانينغ كروجر”! وهو في الواقع أخطر مرض لانه يؤثر على العقل الجمعي ويجعل آراء الجماعات الكبيرة منحصرة في دائرة ضيقة جداً من المعلومات.
اول مرةً أسمع بتاثير دانينغ كروجر.. فعلًا ينطبق على معظم المحللين والكتاب العرب
مقالة يجب ان تدرس في المدارس