بيروت (رويترز) – قتلت قوات الامن السورية 25 محتجا بالرصاص يوم الخميس وسقط بعضهم في مدن يزورها مراقبو جامعة الدول العربية الذين يحاولون التأكد من التزام الرئيس السوري بشار الاسد بتعهده لانهاء حملة عسكرية لقمع الاحتجاجات المناهضة له.
وتأمل الجامعة العربية أن يضع الاتفاق الذي أبرمته مع الاسد حدا لاراقة دماء مستمرة منذ تسعة أشهر قتل خلالها أكثر من خمسة الاف شخص طبقا لتقديرات الامم المتحدة مما أدى الى فرض عقوبات دولية ضد دمشق وأثار مخاوف من نشوب حرب أهلية.
لكن نشطاء مناهضين للاسد قالوا ان بعثة المراقبة صغيرة للغاية ويرافق ضباط من أمن الدولة أعضاءها وهو ما يجعل كثيرا من المحتحين يخافون الاقتراب منهم. وثارت أيضا شكوك حول رئيس بعثة المراقبين وهو جنرال سوداني تتحدى حكومته قرار محكمة دولية لجرائم الحرب بخصوص اراقة الدماء في اقليم دارفور.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات الامن الموالية للاسد فتحت النار على احتجاجات مناهضة للحكومة في مدن في أنحاء البلاد فأصابت نحو 100 شخص. وقتل ستة أشخاص في مدينة حماة وهي معقل رئيسي للاحتجاجات وقت دخول وفد الجامعة العربية اليها للمرة الاولى.
وقال المرصد الذي مقره بريطانيا ان قوات الامن فتحت النار على مظاهرة في ضاحية دوما بريف دمشق فقتلت أربعة. وبدأ السكان الغاضبون حملة عصيان مدني وأفادت أنباء بأن الالاف توافدوا على ساحة رئيسية للمشاركة في اعتصام.
وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد ان النشطاء دعوا الى عصيان مدني كامل. وأضاف أنه تم اغلاق الطرق والمتاجر وأصيبت الحركة في المدينة بالشلل.
ويتطلع المراقبون الى تففد الاوضاع في مدن درعا وحماة وادلب المضطربة التي تقع في مناطق تشتعل بها الاحتجاجات بامتداد 450 كيلومترا من جنوب سوريا الى شمالها.
لكن نشطاء مناهضين للاسد في المدن الثلاث قالوا انهم لم يشاهدوا مراقبين بعد.
وتقع حمص في قلب الاحتجاجات وكانت بداية مهمة المراقبين العرب فيها مثيرة للجدل عندما قال رئيس البعثة الفريق أول الركن محمد أحمد مصطفى الدابي انه لم ير شيئا “مخيفا” في اولى جولاته في المدينة.
وقال الدابي ان فريقه لا يزال يحتاج الى مزيد من الوقت لتقييم الاوضاع لكن جهاد مقدسي المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية قال ان تصريحات الدابي تعبر عن الصورة الحقيقية للازمة السورية.
وبعثة الجامعة العربية هي أول مشاركة دولية ملحوظة في الازمة السورية والانتفاضة ضد حكم أسرة الاسد المستمر منذ 41 عاما التي استلهمت انتفاضات أطاحت بثلاثة حكام مستبدين هذا العام.
وفي حماة قال نشطاء ان المحتجين خرجوا الى الشوارع في انتظار وفد الجامعة العربية فيما انتشرت قوات الامن بكثافة في المنطقة.
وقال أبو هشام وهو نشط من المعارضة في حماة “يتمنى الناس حقا الوصول اليهم. ليس لدينا مقدرة كبيرة على الوصول الى الفريق. لم يعد الناس يؤمنون بأي شئ الان. الله وحده في عوننا.”
وأظهرت لقطات فيديو صورها نشطاء وبثت اليوم في مواقع الكترونية قناصة على أسطح وقد تعرضوا لهجوم بالنيران فيما يبدو ثم حولوا الكاميرات لتصور محتجين ينقلون مصابا والدم يسيل منه.
ومن المتعذر التحقق من التسجيلات المصورة أو التقارير على الارض. ويحظر على معظم الصحفيين الاجانب العمل في البلاد.
وأظهر تسجيل مصور اخر بتاريخ يوم الخميس حشدا من المحتجين في حماة يشاهدون أعمدة من الدخان الاسود تتصاعد من مبان قريبة فيما هزت المدفعية الثقيلة المنطقة.
ولحماة وقع خاص لدى السوريين المعارضين للاسد حيث قتل فيها ما يصل الى 30 ألف شخص في 1982 عندما اقتحمت قوات الرئيس الراحل حافظ الاسد -والد الرئيس الحالي- المدينة لقمع انتفاضة قام بها اسلاميون.
وقال مصدر في مركز العمليات التابع لبعثة الجامعة العربية في القاهرة ان هناك مشكلة في الاتصالات لكن جدول أعمال المراقبين ما زال قائما.
وقال المصدر لرويترز “اتصلنا بفريقنا… لن تتغير خطة اليوم والمشكلة الوحيدة التي واجهناها اليوم هي تدني الاتصالات الهاتفية.. مما جعل اتصالنا بالمراقبين أضعف. استغرق الوصول اليهم وتحديد مواقعهم وقتا أطول.”
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية ان المراقبين العرب يحصلون على جميع التسهيلات التي يحتاجونها لتقييم الازمة.
وقال نشطاء في ادلب انهم حاولوا الاتصال بوفد الجامعة العربية لكن الحظ لم يحالفهم.
وقال ناشط يدعى مناهل “حصلنا على خمسة أرقام لهواتف لكن الرد الذي جاءنا من اولئك الناس جعلنا نشعر أنهم مؤيدون للنظام. لكن ثلاثة مراقبين اتصلوا بنا ليقولوا انهم يعتزمون زيارتنا سرا.”
ومضى يقول “هم لا يستطيعون أن يحضروا فريقهم وذلك يعني أن الامن سيأتي معهم أيضا.”
واذا لم تتمكن البعثة من تأكيد مصداقيتها بأن تدخل الى كل المناطق دون قيود واذا لم تتمكن من سماع شهادات لا تفرض عليها رقابة فان بعثة الجامعة العربية ربما لا تتمكن من اقناع كل الاطراف بأنها قادرة على القيام بتقييم موضوعي للازمة.
وتقول سوريا انها تحارب ارهابيين مدعومين من الخارج قتلوا اكثر من ألفين من قوات الامن.
وفي حمص ثالث أكبر المدن السورية ومركز المعارضة للاسد ضاق المحتجون بالفعل ذرعا بالمراقبين ووصفوهم بأنهم غير متعاطفين مع المحتجين ومن الصعب العثور عليهم.
وقال تامر في اتصال تليفوني وبصوت عال كي يسمع صوته على هتاف المحتجين المطالبين باسقاط النظام “هذه البعثة كذبة كبيرة. كانوا في حي الخالدية. لم أرهم.
“كنا هنا في المظاهرة.. أين كانوا.”
ومن المتوقع وصول نحو 150 مراقبا الى سوريا في نهاية الاسبوع. لكن النشطاء يقولون ان الحكومة السورية أو مسؤولي الامن المرافقين للمراقبين قد يروعون السكان الراغبين في الادلاء بافادات عن العنف.
وقالوا أيضا انه لا يوجد أيضا ما يكفي من المراقبين لرؤية نطاق الاضطرابات بالكامل في بلد كبير يعيش فيه 23 مليون نسمة.
وأبلغ برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض الصحفيين في القاهرة انه يلقي باللائمة على حكومة الاسد في القيود المفروضة على المراقبين.
وقال غليون ان النظام السوري لم يغير بعد من أسلوبه القائم على “الاكاذيب والحيل”.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية انه اذا فشلت البعثة العربية سيجري استكشاف وسائل دولية أخرى لوقف القتل.
ومنعت روسيا والصين تحركا من قبل مجلس الامن التابع للامم المتحدة ولا ترغب القوى الغربية في الاقدام على عمل عسكري على غرار مثلما فعلت في ليبيا حيث ساعدت مقاتلي المعارضة في الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي بالنظر الي وضع سوريا في قلب شبكة من الصراعات في الشرق الاوسط.