“الشفاف”- بيروت- خاص
في الثالث عشر من شهر حزيران من العام 1978 استفاق اللبنانييون على أخبار مقتل النائب طوني فرنجية وزوجته وابنته وثلاثين شخصا من رجاله في بلدة “إهدن” في شمال لبنان.
مراقبون اعتبروا ان ذلك التاريخ بداية انقسام مسيحي لم تنته فصوله حتى اليوم وما زال آل فرنجيه يستخدمونه بشكل مجتزأ حينا ومتكامل احيانا معلنين تفاضلهم على المسيحيين واللبنانيين بالغفران تارة وبالمسامحة طورا.
وحقيقة الامر ان 13 حزيران كان القشة التي قصمت ظهر بعير الخلافات المسيحية، وكان ذلك اليوم تتويجا لها ونتيجة، وليس سببا.
“الشمال اللبناني لا يتسع للكتائب”، هذا ما قاله الرئيس اللبناني سليمان فرنجية بعد ان شهد الاستقبال الشعبي الحاشد لرئيس حزب الكتائب بيار الجميل في قرى وبلدات زغرتا، استقبالاً وصل الى حد حمل فيه المرحبون الجميل داخل سيارته.
طبعا هذا الامر لم يكن ابدا في خلد الرئيس فرنجية: كتائبيون في جوار زغرتا جريمة لا تغتفر. ولكن اندلاع الحرب الاهلية أخّر عملية النزاع بين آل فرنجية والكتائب التي كانت تتمدد في قرى وبلدات الشمال كالنار في الهشيم. وبعد ان بدا ان الامر سيستتب لقائد ميلشيا الكتائب وقتها الرئيس بشير الجميل، طفح كيل آل فرنجية عندما طالب الجميل الابن آل فرنجية بوضع عائدات الأتاوات من شركات الترابة في شكا شمال لبنان في صندوق المالية المشتركة للاحزاب المسيحية التي كانت تقاتل منظمة التحرير الفلسطينية و”الاحزاب الوطنية المشتركة”. وطبعا، هذا الامر كان كمن يطلب من آل فرنجية التخلي عن الاوكسيجين الذي يتنفسون من خلاله حتى اليوم، فبدأت المشاكل المتنقلة بين انصار الطرفين والتي كان اكثرها دموية قيام عناصر من اتباع آل فرنجية بقتل مسؤول كتائبي في مكتبه في شكا، ويدعى “جود البايع”.
الكتائب اعتبرت ان عليها الرد على قتل البايع وعدم السماح لآل فرنجية باحتكار السيطرة على الشمال المسيحي وإرهاب اهله. فكان، على ذمة الرواة، قرار من المجلس الحربي الكتائبي بتجريد حملة عسكرية على معقل آل فرنجية في اهدن هدفها المعلن اعتقال النائب طوني فرنجية وسوقه الى مبنى المجلس الحربي.
ولكن الهدف غير المعلن، والذي كلف بتنفيذه بعض العناصر، كان قتل فرنجية انتقاما لمقتل جود البايع.
جرد الرئيس الراحل بشير الجميل حملة عسكرية شملت اكثر من الفي مقاتل من جميع الاقسام الكتائبية وتجهوا الى الشمال عابرين باسلحتهم وعتادهم الحواجز السورية وتجمعوا في نقاط متعددة واقتحموا اهدن من اكثر من محور ولدى وصولهم الى منزل النائب فرنجية تعرضوا لاطلاق نار من داخل المنزل وخارجه. فاصيب يومها الطالب في كلية الطب سمير جعجع الذي كان في عداد المشاركين على رأس فرقة من مقاتلي الكتائب ونقل الى مستشفى اوتيل ديو قاب قوسين او ادنى من مفارقة الحياة. واستمرت الاشتباكات ودخل مقاتلو الكتائب منزل فرنجية، وبدل ان يعتقلوه اقدم مكلفةن من بينهم على قتله مع زوجته وابنته.
مقتل فرنجية تسبب بردات فعل عنيفة طالت جميع القرى والبلدات التي شارك أبناؤها في العملية العسكرية. وأمنت القوات السورية الغطاء لمسلحي فرنجية، فسيطر الجيش السوري على قضائي الكورة والبترون ممهدا الطريق لمسلحي فرنجية بعد ان ادبر الكتائبيون. إلا أن خطوطا حمراء رسمت امام الجيش السوري، فانسحب من جرود الكورة والبترون ليستقر في وسطهما فاسحا المجال امام مسلحي فرنجية الجدّ وروبير والاب يوسف يمّين الذي اختار لنفسه لقب “ابو المرده” ليمعنوا قتلا وتدميرا في القرى والبلدات المسيحية.
باكورة دخول السوريين الى الكورة والبترون كانت مجزرة في وادي نهر الجوز ذهب ضحيتها سبعة ابرياء من كفرحي كانوا في طريقهم الى عملهم حيث تعرضوا لكمين مسلح اطلق عليهم وابلا من الرصاص ارداهم جميعا. ومن بعد ذلك بدأت مرحلة التدمير حيث قام انصار فرنجية، وبإشراف سوري، بنسف جميع المقار الحزبية الكتائبية ومنازل المسؤولين الكتائبيين. ومن اشهر عمليات القتل بدم بارد قتل “ابو وليد” من بلدة كفرعبيدا الذي لم تنفع له استجداءات المقربين من فرنجية المرحوم اسطفان عيسي والمحامي جورج ضو فتم انزاله من سيارتهما واعدم وسط الطريق.
والى عمليات القتل كان احتجاز اهالي المسؤولين الكتائبيين خصوصا الذين شاركوا في عملية اهدن والذين وجدوا اسماءهم في سيارة احد المسؤولين الكتائبيين من بلدة عبرين قضاء البترون كان مشاركا في العملية. فتعرف آل فرنجية الى جميع المشاركين بالاسماء والارقام العسكرية، كما انهم دخلوا المستشفيات وراجعوا سجلات الجرحى الذين تم تطبيبهم مجانا اوعلى حساب الكتائب وبدأوا بملاحقات لم تنته فصولها الا قتلا او تدميرا للمنازل او تهجيرا.
سمير جعجع كان احد المشاركين ولم يدخل قصر فرنجية نظرا لاصابته. ويومها، لم يكن مسؤولا في حزب الكتائب، ولا كانت هناك “قوات لبنانية”. كان فردا من بين 2000 شاركوا في العملية.
عمليات الثأر لقتل فرنجية امتدت الى “القاع” في سهل البقاع، وقرى “شموت” و”غلبون” في جبيل و”الدوق” و”حلتا” في جرود البترون، و”البرباره”، وحيث استطاع ال فرنجية سبيلا من دون ان يسلم النائب الكتائبي ادمون رزق من الخطف بدوره لينقل الى زغرتا.
وحتى اليوم لا يُعرَف عدد الذين قتلوا في عمليات آل فرنجية الثأرية في قرى اقضية البترون- الكورة – الزاوية قضاء بشري.
وآل فرنجية يعرفون تمام المعرفة من قتل النائب طوني فرنجية! فهم دفعوا 7000 ليرة لبنانية ثمنا لمسدس فرنجية بعد ان اشتروه من قاتله، وهم يعرفون تمام المعرفة اين توجد ساعة يد النائب فرنجية وفي يد من؟
ويوم زار الوزير ايلي حبيقة منزل الرئيس الراحل سليمان فرنجية في اهدن برفقة وفد سوري سأله فرنجية “هل دخلت هذا المكان من قبل؟”، فكان جواب حبيقة “كلا، فخامة الرئيس”، عندها سمح له بالدخول.
وهل هناك ابلغ من موقف الرئيس الراحل للدلالة على الدور الذي إضطلع به حبيقة في قتل فرنجية؟ إلا أنه كان بحكم المغلوب على امره بوجود مسؤولين سوريين يرافقون حبيقة. ومع ذلك، قام الحلف بينهما ليمتد لاحقا الى حلف بين حبيقه والنائب سليمان فرنجية الحفيد من دون ان ترف جفنه على والديه.
ومع ان حزب الكتائب هو من اتخذ قرار تجريد حملة عسكرية على اهدن، فإن فرنجيه مضى قدما في مصالحة مع الكتائب مبقيا على تسعير حملته على القوات اللبنانية وقائدها سمير جعجع!
ومنذ 13 حزيران 1978 وآل فرنجية يحمّلون سمير جعجع مسؤولية مقتل النائب فرنجية، متناسين كل من شارك في العملية والاهم متجاهلين اعداد القتلى الذين أسقطوهم ثأرا والمنازل التي هدموها واعداد الذين هجّروهم، وبعضهم لم يعد الى اليوم.
*
في العام 2002:
سليمان فرنجية: علاقتي الشخصية بلحود مقطوعة والسيّد فتح ملف مجزرة إهدن للإساءة إلي مسيحياً
بيروت: «الشرق الأوسط»
رأى وزير الصحة اللبناني سليمان فرنجية ان الهدف من اعادة فتح ملف مجزرة اهدن التي حصلت في 13 يونيو (حزيران) 1976 وقضى فيها والده وعدد من انصاره ومحازبيه هو للاساءة اليه مسيحياً او زغرتاوياً. واتهم المدير العام للامن العام اللواء الركن جميل السيد بفتح هذا الملف، مشيراً الى ان العلاقة الشخصية مقطوعة بينه (اي فرنجية) وبين رئيس الجمهورية العماد اميل لحود. وقال ان لحود «يستمع كثيراً الى ما يعطيه اياه المدير العام للأمن العام. ونحن ليس لنا وصول لاعطاء رأينا».
زار الوزير فرنجية امس البطريرك الماروني نصر الله صفير يرافقه مستشاره جوزيف عريجي. وسئل عقب اللقاء اذا كان البحث قد تناول موضوع فتح ملف مجزرة اهدن وهل لديه اتجاه الى طي هذا الملف، فأجاب: «اللقاء كان مخصصاً لهذه الغاية. وكنت مسافراً خلال اليومين الماضيين، فزار الاستاذ عريجي غبطته ووضعه في الاجواء. نحن لم نطالب بفتح هذا الملف. وعندما قال الرئيس فرنجية (اي جده الرئيس السابق سليمان فرنجية: عفا الله عما مضى كنا نقصد ما نقول. وما حصل منذ يومين هو موجود في الدولة منذ عشر سنوات. وانا لي نفوذ في الدولة ولو كنت اريد فتح هذا الملف لكنت فتحته منذ عشر سنوات. لماذا افتحه اليوم؟ وأنا اتصور ان الذي فتح الملف اليوم يفتح اساءة الينا، وليس بغرض الحفاظ على حقنا، بل القصد هو احراج سليمان فرنجية، مسيحياً او زغرتاوياً. وانا اقول لهم: خيّطوا بغير مسلة، في هاتين الجهتين لان الزغرتاويين يعرفون جيداً ماذا يجري. واليوم عناصر المخابرات يدورون في زغرتا صباحاً ويسألون اهالي الشهداء: ماذا ستفعلون بهذا الملف؟ وما رأيكم به؟ ويجب ان تتحركوا. واتصور انهم يقولون لهم ما هو المطلوب. ونحن قلنا: عفا الله عما مضى ولسنا مع فتح هذا الملف وفتح جروح قديمة كلنا تخطيناها ونريد ان نتطلع الى المستقبل».
وسئل فرنجية: من برأيك يريد فتح هذا الملف؟ فأجاب: «من برأيك يضعنا في رأسه منذ فترة ودائما يجعلنا لا نرتاح. وكل شهر لديهم قصة. وانا ذكرته في المقابلة في احدى الوسائل المرئية».
وعما اذا كان يتهم الاجهزة، قال فرنجية: «اتصور انه ليس وزير البيئة الذي يفتح الملفات. الذي يفتح هكذا ملف معروف، وهو جميل السيد. والمشكلة انه عندما يكون الخصم أخرق لا تعرف من تواجهه، اما اذا كان غير ذلك فتعرف من تواجه».
وسئل عما اذا كان يعتبر ان فتح الملف هو «لحشره» (اي احراجه) مسيحياً، قال: «انا لا اريد ولا اقبل يوما ان اكون مرجعية مسيحية. لدي خط سياسي يتفق مع المسيحيين حيناً ويختلف معهم حيناً آخر. وهنا لا اتحدث مسيحياً، اي اقصد المسيحيين الذين هم في الخط السياسي الآخر كـ«القوات اللبنانية» والعونيين. وخلافي معهم سياسي. ولا يعني فتح ملفات شخصية عمرها 30 سنة للدخول في صراع كتائبي ـ كتائبي بين الرئيس امين الجميل وكريم بقرادوني لكي نقوي كريم بقرادوني على الرئيس الجميل ونفتح ملفات. انا ضد هذا الامر».
وسئل ايضاً: ما هي بعض الاهداف لفتح هذه الملفات؟ فأجاب: «هي لحشر سليمان فرنجية سياسيا أو مسيحيا. وتعني ان سليمان فرنجية لم يتخط الماضي ويفتح ملفات او حشره زغرتاوياً وان سليمان فرنجية يتاجر بدماء الشهداء. وبالهدفين يروحوا يخيّطوا بغير مسلة. ثانياً، ان كريم بقرادوني، وهذه هي الآخرة التي وصلنا اليها ومع احترامي له ان يكون هو المرجع الصالح للوصول الى حل موضوع اهدن. وحتى الرئيس الجميّل ليس مؤهلاً ايضاً. ونحن الوحيدون الذين قلنا اننا تخطينا هذا الموضوع ولا نريد احداً ان يطالبنا ويعطينا نصائح بهذا الموضوع».
وقيل له: اين سليمان فرنجية من رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة والموالاة والمعارضة؟ فأجاب: «انا في موقعي لم اتغير. ما قلته منذ عشر سنوات لا يزال هو هو. انا مع رئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية في الموقع السياسي. ولدي علاقة سياسية شخصية مع الرئيس الحريري وسياسية مع الرئيس لحود، اي انا انتمي الى خط الرئيس لحود ونحن في خندق واحد، انما العلاقة الشخصية انقطعت. قد يكون الامر عائداً لحق علي او عليه. وهو يستمع كثيراً لما يعطيه اياه جميل السيد. ونحن ليس لنا وصول لاعطاء رأينا».
وسئل فرنجية اذا كان قد طلب موعداً لمقابلة رئيس الجمهورية، فأجاب: «كلا، لم اطلب موعداً».
وسئل هل يعتبر ان فتح ملف قضية اهدن يتعلق بموقفه السياسي في مجلس الوزراء والقضايا الاخرى المطروحة؟ قال: «اياً يكن الامر والذي لا يعجبه لا يسمع والذي يعجبه يسمع هذا هو موقفي. واعتبر ان معركة رئاسة الجمهورية لم تبدأ بالنسبة الي، اما لغيري فلا اعرف، وانا اتصور انه من الخطأ ان يكون ممنوعاً على البعض ان يتحدث وان المشكلة دائما تقع على الموارنة، وكأنه ممنوع ان يكون الانسان مارونياً ويفكر برئاسة الجمهورية، اذا كانت المشكلة معي فما هي المشكلة مع جان عبيد ومع الآخرين؟».
وسئل هل هو مرشح لرئاسة الجمهورية، قال: «انا امارس السياسة على الساحة اللبنانية، وكل شخص يفكر بأمر قبل او يخطو. وكل شيء بأوانه لرئاسة الجمهورية مواصفات ومن تنطبق عليه هذه المواصفات يكون هو المرشح».
ثم سئل عما اذا كانت القيادة السورية راضية عما يجري بين حلفائهم في لبنان؟ فقال: «البعض يعتقد ان لدى السوريين «ريموت كونترول» يحركون من يريدون، هذا خطأ، فالسوريون هم بَشَر والذي يجهلهم يعتقد ان اللعبة في ايديهم. وهم لهم رأيهم ونحن لنا رأينا. وبالنتيجة فإن اللعبة تجري على الساحة اللبنانية. والسوريون غير راضين عما يجري».
ثم سئل عما اذا كان السوريون قد حاولوا مصالحته مع رئيس الجمهورية؟ قال: «هم يتمنون ان اتصالح مع رئىس الجمهورية، انا ليست لدي مشكلة سياسية مع رئيس الجمهورية بل مشكلة شخصية. وفي النتيجة لا يمكن لاحد ان يجبر الآخر على ان يكون صديقه. انا معه في خندق سياسي والى جانبه».
وعن حزب «الكتائب» قال فرنجية: «ان حزب الكتائب يناشدنا دائما انهاء هذا الموضوع. ونقول لهم ان يخرجوا هذا الموضوع من التجارة السياسية لانه شخصي وهو الذي احدث اول انقسام بين المسيحيين، وهو اول ضربة في صميم الساحة المسيحية. ليدع حزب الكتائب هذا الامر، وخصوصاً كريم بقرادوني. ونحن قلنا عفا الله عما مضى ولا يجرب احد ان يتاجر به، خصوصاً كريم بقرادوني، وليسمح لنا بها. واليوم قرأت في الصحف انهم يطلبون اسقاط حق. نحن ليس لدينا حق لانه ليس لدينا ادعاء شخصي، ولا يمكننا ان نعطي اسقاط حق طالما ان الامر كذلك. وما باستطاعتنا ان نعطيه هو كلامنا الشفهي. وليس لدينا اي شيء قانوني نعطيه. وهذا الموضوع تخطيناه. ولا يجرب احد لاغراض شخصية وانتخابية وسياسية ان يحرك فيه. الكتائب تحاول الاستفادة من الامر سياسياً. وانا اقول لا احد يجرب ان يحرك هذا الامر لاغراض شخصية وانتخابية. الجميع دفع الثمن في هذا الموضوع. واكثر الناس الذين دفعوا الثمن هم حزب الكتائب مما اوصل الكتائب الى ما هي عليه. وعليهم الا يلعبوا بهذا الموضوع».
وفي الاطار نفسه، طالب رئيس حزب «الكتائب» كريم بقرادوني بعد لقائه البطريرك صفير امس بـ «قفل ملف مجزرة اهدن نهائياً» معتبراً «ان هذا الملف هو جرح وتحريكه هو بمثابة تحريك سكين في الجرح». وافاد انه بحث مع البطريرك في ملف اهدن كله وليس في موضوع موقوفي بلدتي كفر عبيدا وكور فقط. ثم قال: «انطلاقاً من هنا نحن نؤكد ان رئيس الجمهورية ابدى اهتماماً كبيراً في موضوع الموقوفين وان الوزير فرنجية لديه موقف شريف اعلنه اكثر من مرة ومحتواه العفو عما مضى يعني العفو في هذا الملف، ونحن نطالب باغلاق الملف ككل ملفات الحرب، وباعلان العفو عنها».
وعن اتهامه بأنه زجّ مقام رئاسة الجمهورية في الشؤون القضائية قال بقرادوني: «نحن نتعاطى السياسة وتدخّلنا في هذه المسألة ولنا موقف سياسي يتعلق بهذا الملف. نحن لا نتدخل في القضاء بل نحترمه ونعتبر اكثر من ذلك ان الملفات السياسية في طرح سياسي يجب ان يتناوله، والطرح السياسي يجب ان يقوم حالياً على ان هذه الملفات في حاجة الى اغلاق، فالقضاء يقوم بواجبه كقانون ونحن نقوم بواجبنا كسياسيين، وسوف نقوم بواجباتنا كحزب. وعندما تتم ملاحقة اي رفيق في الحزب سوف نقوم بالواجبات.
وعن اتهامه باستغلال ما جرى في كفرعبيدا سياسياً، قال بقرادوني: « ان الحاسدين وسيئي النية كثر، واذا توقفنا عندهم لا نقوم بأي عمل، ولو لم نقم بأي عمل لقالوا اننا قاصرون، وعندما نقوم بواجباتنا يقولون اننا متدخلون، نحن لسنا قاصرين».
ثم سئل: هناك كلام انكم تسعون لفتح ملف الرئيس الجميل قبيل انتخابات المتن الفرعية؟ فأجاب: «ان فتح ملفات الرئيس الجميل لا يعنينا بل يعنيه هو، بينما اتهاماته تعنينا، ونعتبر ان التجني المستمر على حزب الكتائب من قبله هو خطأ مستديم، نأمل ان يتراجع عنه، ونحن نمد اليه يدنا بكل قلب مفتوح ونقول: اذا تراجع الرئيس الجميل عن خطئه واذا اعترف بالشرعية الكتائبية فالكتائب مفتوحة له قلباً وعقلاً وحزباً».
سليمان فرنجية: علاقتي الشخصية بلحود مقطوعة والسيّد فتح ملف مجزرة إهدن للإساءة إلي مسيحياً
بيروت: «الشرق الأوسط»
رأى وزير الصحة اللبناني سليمان فرنجية ان الهدف من اعادة فتح ملف مجزرة اهدن التي حصلت في 13 يونيو (حزيران) 1976 وقضى فيها والده وعدد من انصاره ومحازبيه هو للاساءة اليه مسيحياً او زغرتاوياً. واتهم المدير العام للامن العام اللواء الركن جميل السيد بفتح هذا الملف، مشيراً الى ان العلاقة الشخصية مقطوعة بينه (اي فرنجية) وبين رئيس الجمهورية العماد اميل لحود. وقال ان لحود «يستمع كثيراً الى ما يعطيه اياه المدير العام للأمن العام. ونحن ليس لنا وصول لاعطاء رأينا».
زار الوزير فرنجية امس البطريرك الماروني نصر الله صفير يرافقه مستشاره جوزيف عريجي. وسئل عقب اللقاء اذا كان البحث قد تناول موضوع فتح ملف مجزرة اهدن وهل لديه اتجاه الى طي هذا الملف، فأجاب: «اللقاء كان مخصصاً لهذه الغاية. وكنت مسافراً خلال اليومين الماضيين، فزار الاستاذ عريجي غبطته ووضعه في الاجواء. نحن لم نطالب بفتح هذا الملف. وعندما قال الرئيس فرنجية (اي جده الرئيس السابق سليمان فرنجية: عفا الله عما مضى كنا نقصد ما نقول. وما حصل منذ يومين هو موجود في الدولة منذ عشر سنوات. وانا لي نفوذ في الدولة ولو كنت اريد فتح هذا الملف لكنت فتحته منذ عشر سنوات. لماذا افتحه اليوم؟ وأنا اتصور ان الذي فتح الملف اليوم يفتح اساءة الينا، وليس بغرض الحفاظ على حقنا، بل القصد هو احراج سليمان فرنجية، مسيحياً او زغرتاوياً. وانا اقول لهم: خيّطوا بغير مسلة، في هاتين الجهتين لان الزغرتاويين يعرفون جيداً ماذا يجري. واليوم عناصر المخابرات يدورون في زغرتا صباحاً ويسألون اهالي الشهداء: ماذا ستفعلون بهذا الملف؟ وما رأيكم به؟ ويجب ان تتحركوا. واتصور انهم يقولون لهم ما هو المطلوب. ونحن قلنا: عفا الله عما مضى ولسنا مع فتح هذا الملف وفتح جروح قديمة كلنا تخطيناها ونريد ان نتطلع الى المستقبل».
وسئل فرنجية: من برأيك يريد فتح هذا الملف؟ فأجاب: «من برأيك يضعنا في رأسه منذ فترة ودائما يجعلنا لا نرتاح. وكل شهر لديهم قصة. وانا ذكرته في المقابلة في احدى الوسائل المرئية».
وعما اذا كان يتهم الاجهزة، قال فرنجية: «اتصور انه ليس وزير البيئة الذي يفتح الملفات. الذي يفتح هكذا ملف معروف، وهو جميل السيد. والمشكلة انه عندما يكون الخصم أخرق لا تعرف من تواجهه، اما اذا كان غير ذلك فتعرف من تواجه».
وسئل عما اذا كان يعتبر ان فتح الملف هو «لحشره» (اي احراجه) مسيحياً، قال: «انا لا اريد ولا اقبل يوما ان اكون مرجعية مسيحية. لدي خط سياسي يتفق مع المسيحيين حيناً ويختلف معهم حيناً آخر. وهنا لا اتحدث مسيحياً، اي اقصد المسيحيين الذين هم في الخط السياسي الآخر كـ«القوات اللبنانية» والعونيين. وخلافي معهم سياسي. ولا يعني فتح ملفات شخصية عمرها 30 سنة للدخول في صراع كتائبي ـ كتائبي بين الرئيس امين الجميل وكريم بقرادوني لكي نقوي كريم بقرادوني على الرئيس الجميل ونفتح ملفات. انا ضد هذا الامر».
وسئل ايضاً: ما هي بعض الاهداف لفتح هذه الملفات؟ فأجاب: «هي لحشر سليمان فرنجية سياسيا أو مسيحيا. وتعني ان سليمان فرنجية لم يتخط الماضي ويفتح ملفات او حشره زغرتاوياً وان سليمان فرنجية يتاجر بدماء الشهداء. وبالهدفين يروحوا يخيّطوا بغير مسلة. ثانياً، ان كريم بقرادوني، وهذه هي الآخرة التي وصلنا اليها ومع احترامي له ان يكون هو المرجع الصالح للوصول الى حل موضوع اهدن. وحتى الرئيس الجميّل ليس مؤهلاً ايضاً. ونحن الوحيدون الذين قلنا اننا تخطينا هذا الموضوع ولا نريد احداً ان يطالبنا ويعطينا نصائح بهذا الموضوع».
وقيل له: اين سليمان فرنجية من رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة والموالاة والمعارضة؟ فأجاب: «انا في موقعي لم اتغير. ما قلته منذ عشر سنوات لا يزال هو هو. انا مع رئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية في الموقع السياسي. ولدي علاقة سياسية شخصية مع الرئيس الحريري وسياسية مع الرئيس لحود، اي انا انتمي الى خط الرئيس لحود ونحن في خندق واحد، انما العلاقة الشخصية انقطعت. قد يكون الامر عائداً لحق علي او عليه. وهو يستمع كثيراً لما يعطيه اياه جميل السيد. ونحن ليس لنا وصول لاعطاء رأينا».
وسئل فرنجية اذا كان قد طلب موعداً لمقابلة رئيس الجمهورية، فأجاب: «كلا، لم اطلب موعداً».
وسئل هل يعتبر ان فتح ملف قضية اهدن يتعلق بموقفه السياسي في مجلس الوزراء والقضايا الاخرى المطروحة؟ قال: «اياً يكن الامر والذي لا يعجبه لا يسمع والذي يعجبه يسمع هذا هو موقفي. واعتبر ان معركة رئاسة الجمهورية لم تبدأ بالنسبة الي، اما لغيري فلا اعرف، وانا اتصور انه من الخطأ ان يكون ممنوعاً على البعض ان يتحدث وان المشكلة دائما تقع على الموارنة، وكأنه ممنوع ان يكون الانسان مارونياً ويفكر برئاسة الجمهورية، اذا كانت المشكلة معي فما هي المشكلة مع جان عبيد ومع الآخرين؟».
وسئل هل هو مرشح لرئاسة الجمهورية، قال: «انا امارس السياسة على الساحة اللبنانية، وكل شخص يفكر بأمر قبل او يخطو. وكل شيء بأوانه لرئاسة الجمهورية مواصفات ومن تنطبق عليه هذه المواصفات يكون هو المرشح».
ثم سئل عما اذا كانت القيادة السورية راضية عما يجري بين حلفائهم في لبنان؟ فقال: «البعض يعتقد ان لدى السوريين «ريموت كونترول» يحركون من يريدون، هذا خطأ، فالسوريون هم بَشَر والذي يجهلهم يعتقد ان اللعبة في ايديهم. وهم لهم رأيهم ونحن لنا رأينا. وبالنتيجة فإن اللعبة تجري على الساحة اللبنانية. والسوريون غير راضين عما يجري».
ثم سئل عما اذا كان السوريون قد حاولوا مصالحته مع رئيس الجمهورية؟ قال: «هم يتمنون ان اتصالح مع رئىس الجمهورية، انا ليست لدي مشكلة سياسية مع رئيس الجمهورية بل مشكلة شخصية. وفي النتيجة لا يمكن لاحد ان يجبر الآخر على ان يكون صديقه. انا معه في خندق سياسي والى جانبه».
وعن حزب «الكتائب» قال فرنجية: «ان حزب الكتائب يناشدنا دائما انهاء هذا الموضوع. ونقول لهم ان يخرجوا هذا الموضوع من التجارة السياسية لانه شخصي وهو الذي احدث اول انقسام بين المسيحيين، وهو اول ضربة في صميم الساحة المسيحية. ليدع حزب الكتائب هذا الامر، وخصوصاً كريم بقرادوني. ونحن قلنا عفا الله عما مضى ولا يجرب احد ان يتاجر به، خصوصاً كريم بقرادوني، وليسمح لنا بها. واليوم قرأت في الصحف انهم يطلبون اسقاط حق. نحن ليس لدينا حق لانه ليس لدينا ادعاء شخصي، ولا يمكننا ان نعطي اسقاط حق طالما ان الامر كذلك. وما باستطاعتنا ان نعطيه هو كلامنا الشفهي. وليس لدينا اي شيء قانوني نعطيه. وهذا الموضوع تخطيناه. ولا يجرب احد لاغراض شخصية وانتخابية وسياسية ان يحرك فيه. الكتائب تحاول الاستفادة من الامر سياسياً. وانا اقول لا احد يجرب ان يحرك هذا الامر لاغراض شخصية وانتخابية. الجميع دفع الثمن في هذا الموضوع. واكثر الناس الذين دفعوا الثمن هم حزب الكتائب مما اوصل الكتائب الى ما هي عليه. وعليهم الا يلعبوا بهذا الموضوع».
وفي الاطار نفسه، طالب رئيس حزب «الكتائب» كريم بقرادوني بعد لقائه البطريرك صفير امس بـ «قفل ملف مجزرة اهدن نهائياً» معتبراً «ان هذا الملف هو جرح وتحريكه هو بمثابة تحريك سكين في الجرح». وافاد انه بحث مع البطريرك في ملف اهدن كله وليس في موضوع موقوفي بلدتي كفر عبيدا وكور فقط. ثم قال: «انطلاقاً من هنا نحن نؤكد ان رئيس الجمهورية ابدى اهتماماً كبيراً في موضوع الموقوفين وان الوزير فرنجية لديه موقف شريف اعلنه اكثر من مرة ومحتواه العفو عما مضى يعني العفو في هذا الملف، ونحن نطالب باغلاق الملف ككل ملفات الحرب، وباعلان العفو عنها».
وعن اتهامه بأنه زجّ مقام رئاسة الجمهورية في الشؤون القضائية قال بقرادوني: «نحن نتعاطى السياسة وتدخّلنا في هذه المسألة ولنا موقف سياسي يتعلق بهذا الملف. نحن لا نتدخل في القضاء بل نحترمه ونعتبر اكثر من ذلك ان الملفات السياسية في طرح سياسي يجب ان يتناوله، والطرح السياسي يجب ان يقوم حالياً على ان هذه الملفات في حاجة الى اغلاق، فالقضاء يقوم بواجبه كقانون ونحن نقوم بواجبنا كسياسيين، وسوف نقوم بواجباتنا كحزب. وعندما تتم ملاحقة اي رفيق في الحزب سوف نقوم بالواجبات.
وعن اتهامه باستغلال ما جرى في كفرعبيدا سياسياً، قال بقرادوني: « ان الحاسدين وسيئي النية كثر، واذا توقفنا عندهم لا نقوم بأي عمل، ولو لم نقم بأي عمل لقالوا اننا قاصرون، وعندما نقوم بواجباتنا يقولون اننا متدخلون، نحن لسنا قاصرين».
ثم سئل: هناك كلام انكم تسعون لفتح ملف الرئيس الجميل قبيل انتخابات المتن الفرعية؟ فأجاب: «ان فتح ملفات الرئيس الجميل لا يعنينا بل يعنيه هو، بينما اتهاماته تعنينا، ونعتبر ان التجني المستمر على حزب الكتائب من قبله هو خطأ مستديم، نأمل ان يتراجع عنه، ونحن نمد اليه يدنا بكل قلب مفتوح ونقول: اذا تراجع الرئيس الجميل عن خطئه واذا اعترف بالشرعية الكتائبية فالكتائب مفتوحة له قلباً وعقلاً وحزباً».